نور روح الله | يوم القدس: يوم الإسلام* إلى قرّاء القرآن: كيف تؤثّرون في المستمعين؟* أخلاقنا | ذكر الله: أن تراه يراك*  مفاتيح الحياة | الصدقات نظامٌ إسلاميٌّ فريد(2)* آداب وسنن| من آداب العيد  فقه الولي | من أحكام العدول في الصلاة مـن علامــات الظهــور: النفس الزكيّة واليمانيّ* تسابيح جراح | بالصلاة شفاء جراحي صحة وحياة | الرّبو والحساسيّة الصّدريّة تاريخ الشيعة| شيعة طرابلس في مواجهة الصَّليبيّين

أول الكلام: وأَجْرِ لِلنَّاسِ عَلَى يَدِيَ الْخَيْرَ

الشيخ بسّام محمّد حسين

 


من مظاهر الحياة الاجتماعيّة حاجة الناس بعضهم إلى بعض، كي تنتظم أمور معاشهم، وتستمرّ حياتهم من خلال تسخير بعضهم لبعض، وقد قال تعالى في هذا المجال: ﴿أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا وَرَحْمَةُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ﴾ (الزخرف: 32).

ومن هنا، لم يكن بإمكان الإنسان في هذه النشأة الدنيويّة الاستغناء عن الخلق، وقد جاء في بعض الروايات أنّ رجلاً قال بحضرة الإمام زين العابدين عليه السلام: "اللهمّ أغنني عن خلقك"، فقال عليه السلام: "ليس هكذا، إنّما الناس بالناس، ولكن قل: اللهمّ أغنني عن شرار خلقك"(1).

ولا شكّ في أنّ الدين الذي يمثّل سلوكاً خاصّاً للإنسان في الحياة الدنيا، ويتضمّن صلاح الدنيا بما يوافق الكمال الأخرويّ، والحياة الدائمة الحقيقيّة عند الله سبحانه(2)، لا يمكنه أن يغفل هذا البُعد الذي يحتاج إليه الإنسان في مسيره التكامليّ؛ ولذلك، نرى أنّ من الأصول الثابتة في سيرة النبيّ وأهل بيته عليهم السلام خدمة الناس وقضاء حوائجهم، حيث كانوا يقومون بهذا العمل سرّاً وجهاراً، وليلاً ونهاراً.

وليس ذلك إلّا لعلمهم بأثر جريان الخير على أيديهم، وتوسّطهم في إفاضة الخيرات على العباد، وفضل ذلك وأجره ودوره الكبير في تكامل الإنسان وترقيته في مدارج الكمال، على صعيد الحياتَين الدنيويّة والأخرويّة.
ولذا، نلاحظ الآيات الكثيرة كيف شملت خدمة الناس وقضاء حوائجهم بتعابير رائعة، مثل: الإحسان، وفعل الخيرات، والبركة، وأن يقرض الله قرضاً حسناً، وما ينفع الناس، إلى غير ذلك من عناوين يجدها القارئ للكتاب الكريم.

وأمّا في الأدعية والروايات، فقد ورد عن النبيّ وآله عليهم السلام الكثير من ذلك:
فعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "من قضى لمؤمن حاجة قضى الله له حوائج كثيرة"(3).
وعن الإمام الحسين بن عليّ عليهما السلام أنّه قال: "اعلموا أنّ حوائج الناس إليكم من نعم الله عليكم، فلا تملّوا النعم فتتحوّل إلى غيركم"(4).
وعن معمر بن خلّاد أنّه قال: سمعت أبا الحسن عليه السلام يقول: "إنّ لله عباداً في الأرض يسعون في حوائج الناس، هم الآمنون يوم القيامة"(5).
وفي الصلوات الواردة في أعمال شهر شعبان: "وارزقني مواساة من قتّرت عليه من رزقك بما وسّعت عليَّ من فضلك"(6).

وأعظم حوائجنا التي نسأل الله تعالى أن يقضيها لنا هي فرج إمام زماننا عجل الله تعالى فرجه الشريف الذي به فرجنا، وبه تُقضى حوائجنا كلّها. ففي دعاء الافتتاح: "اللهمّ المم به شعثنا، واشعب به صدعنا، وارتق به فتقنا، وكثِّر به قلّتنا، وأعزز به ذلّتنا، وأغنِ به عائلنا، واقضِ به عن مُغرمنا، واجبر به فقرنا، وسدَّ به خَلّتنا، ويسّر به عسرنا...". إلهي آمين.


1- تحف العقول، ابن شعبة الحراني، ص278.
2- الميزان في تفسير القرآن، الطباطبائي، ج2، ص 132.
3- الوسائل، الحر العاملي، ج16، ص344.
4- مستدرك الوسائل، المحدّث النوري، ج12، ص369.
5- الوسائل، (م، س)، ج16، ص366.
6- مفاتيح الجنان، عباس القمي، أعمال شهر شعبان العامة.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع