نور روح الله | يوم القدس: يوم الإسلام* إلى قرّاء القرآن: كيف تؤثّرون في المستمعين؟* أخلاقنا | ذكر الله: أن تراه يراك*  مفاتيح الحياة | الصدقات نظامٌ إسلاميٌّ فريد(2)* آداب وسنن| من آداب العيد  فقه الولي | من أحكام العدول في الصلاة مـن علامــات الظهــور: النفس الزكيّة واليمانيّ* تسابيح جراح | بالصلاة شفاء جراحي صحة وحياة | الرّبو والحساسيّة الصّدريّة تاريخ الشيعة| شيعة طرابلس في مواجهة الصَّليبيّين

آداب ومستحبات: تحية الإسلام


السيد سامي خضرا


"الإسلام" اسم دين الله تبارك وتعالى، والإسلام يعني السلام والأمان بين المخلوقين، وتحية الإسلام المباركة التي نكررها في اليوم والليلة أو نسمعها عشرات المرات هي "السلام عليكم" أي إعطاء الأمن والطمأنينة للآخرين. ويُعرف المُسلم في شتى أنحاء المعمورة بهذا الشعار... كما يُعرف المتدينون عن غيرهم في بلادنا بإلقائهم لتحية الإسلام "السلام عليكم". وتحية أهل الجنة أيضاً "السلام عليكم".... قال الله عز وجل في سورة مريم:
﴿لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا إِلَّا سَلَامًا وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيًّا (62)، وقال تبارك وتعـالـى: ﴿وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلَامًا (الفرقان: 75).

* إستحباب إفشاء السلام:
وفي سياق إفشاء عادة السلام بين عباد الله، جعل الله تبارك وتعالى ردَّ التحية واجباً، وإن لم يكن بالأفضل وزيادة، فعلى الأقل بما يساوي. قال الله عز وجل في سورة النساء ﴿وَإِذَا حُيِّيْتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا (86).

* السلام الواجب:
بل جعل الله جل جلاله ردّ التحية فرضاً واجباً، حتى لو كان المرء في الصلاة الفريضة. ويوضح عليه السلام أن إفشاء السلام هو بأن لا نبخل بالسلام على أحد من المسلمين. ولا شك أن الوجه البشوش الذي يلقى الناس بالنظرة الهادئة والحب والحنان والسلام... صاحبه متواضع ومحبوب بين الخلق. وهذا ما نراه في واقعنا فيمن يسلم على كل من يلقى.

* السلام على النفس:
من جملة آداب السلوك في الإسلام،أن يسلـّم الإنسان عند دخوله المنزل حتى ولو لم يلق أحداً فيه... فإنّ ذلك يزيد في البركة والرزق والخير، كما في بعض النصوص... ولتكن نيته السلام على نفسه، قال عز وجل في سورة النور: ﴿فَإِذَا دَخَلْتُم بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِّنْ عِندِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً (61) أو على الملكين اللذين معه. ورد عن مولانا الإمام الباقر عليه السلام قوله: "إذا دخل رجل منكم بيته، فإن كان فيه أحد يسلم عليهم، وإن لم يكن فيه أحد، فليقل: السلام علينا من عند ربنا، يقول الله: تحية من عند الله مباركة طيبة"(1). وفي بعض الأخبار: يقول عندما لا يجد أحداً في البيت: "السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، يقصد به الملكين اللذين عليه شهود"(2).

* البخيل بالسلام:
ولا شك أن الذي يبخل على الناس بالسلام، فهو على غير ذلك أبخل وأضن، بما هو أهم، حيث ورد عن رسول الله صلى الله عليه وآله: "وإنّ أبخل الناس من بخل بالسلام". وعن الإمام الصادق عليه السلام: "البخيل من بخل بالسلام".

* وللسلام آداب أخرى:
1 - الردّ بالأفضل على أن لا يتعدى الردّ حداً معيناً، حيث روي أن رجلاً ردّ سلام الإمام الصادق عليه السلام بقوله: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ومغفرته ورضوانه. فقال عليه السلام: "لا تجاوزوا بنا قول الملائكة لأبينا إبراهيم عليه السلام، رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت، إنه حميد مجيد"(3). فالمستحب في الزيادة أن نقول: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته... لا أكثر.  ولا يخفى على اللبيب ما في ذلك من حكمة، حيث إذا لم تكن هناك حدود معينة للزيادة، فذلك سيؤثر على أعمال الناس ومشاغلهم. ولك يا أخي القارئ أن تتصور لو أن ردّ السلام تتضّمنه عشر صفات مثلاً في كل مرة، فتتعطَّل سُنَّة الحياة، وشؤون الناس.

2 - ومن الأدب الردّ بصيغة الجماعة، ولو كان المسلم واحداً، ولعل ذلك من باب التبجيل والتعظيم والاحترام. إذ ورد عن الإمام الصادق عليه السلام: "ثلاثة يُردّ عليهم الدعاء جماعة، وإن كانوا واحداً، الرجل يعطس فيُقال: يرحمكم الله، فإنّ معه غيره، والرجل يسلّم على الرجل، فيقول: السلام عليكم، والرجل يدعو للرجل فيقول: عافاكم الله"(4). ومن الأدب أن يسلّم الراكب على الماشي، وكأنه التفاتة إلى تواضعه وهو يركب المركب الجميل أو تربيته نفسه على عدم العلو والتفاخر، حيث علّق كلّ من الإمام الخميني قدس سره والسيد الكلبيكاني على ذلك بأنه آكدية للاستحباب، ويكفي في الرد من الجماعة الاقتصار على واحد منهم إذا قصدوا جميعاً. روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله: "ليسلم الراكب على الماشي، وإذا سلّم من القوم واحد أجزأ عنهم"(5).

* ترك السلام على بعض الناس:
ومن الأدب كما ورد في بعض النصوص ترك السلام على بعض الأصناف من الناس... ولعلّ ذلك لكونهم من أهل المنكر، فيكون ترك السلام عليهم نوعاً من الموعظة والنهي عن المنكر، أو في بعض الحالات المحرجة... ومن هذه الأصناف: من كان في الحمام، أو ماشياً في جنازة... فالأول في حالة قد تكون محرجة أو مخجلة له، والثاني حتى يبقى مستغرقاً في خشوعه واتعاظه. ونهى رسول الله صلى الله عليه وآله عن أن يسلـّم على السكران في حال سكره، وعلى من يعمل التماثيل، وعلى من يلعب بورق اللعب، وعلى أصحاب الشطرنج ، وعلى آكل الربا، والفاسق والمعلن بفسقه. وواضح أن نهيه هذا صلى الله عليه وآله نوع من الإعراض عن هؤلاء، أو نهي لهم عن المنكر. ونفس النهي ورد في الشاعر الذي يقذف المحصنات، وعلى المتفكهين بسبّ الأمهات، والعياذ بالله. ومن الأدب الذي يذكر في باب التعليم عادة استحباب التوديع بالسلام أيضاً، وبذلك يكون اللقاء تسليماً، والوداع كذلك. روي عن النبي قوله: "إذا قام الرجل من مجلسه، فليودّع إخوانه بالسلام، فإن أفاضوا في خير كان شريكهم، وإن أفاضوا في باطل، كان عليهم دونه"(6).


(1) وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج12، ص18.
(2) بحار الأنوار، العلامة المجلسي، 73، ص3.
(3) معاني الأخبار، الشيخ الصدوق، ص283.
(4) الحدائق الناضرة، المحقق البحراني، ج9، ص67.
(5) ذخيرة المعاد، المحقق السبزواري، ج1، ص365.
(6) بحار الأنوار، العلامة المجلسي، ج73، ص9.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع