نور روح الله | يوم القدس: يوم الإسلام* إلى قرّاء القرآن: كيف تؤثّرون في المستمعين؟* أخلاقنا | ذكر الله: أن تراه يراك*  مفاتيح الحياة | الصدقات نظامٌ إسلاميٌّ فريد(2)* آداب وسنن| من آداب العيد  فقه الولي | من أحكام العدول في الصلاة مـن علامــات الظهــور: النفس الزكيّة واليمانيّ* تسابيح جراح | بالصلاة شفاء جراحي صحة وحياة | الرّبو والحساسيّة الصّدريّة تاريخ الشيعة| شيعة طرابلس في مواجهة الصَّليبيّين

فقه الولي: من أحكام الوصيّة


الشيخ علي معروف حجازي


قال تعالى: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِن تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ﴾ (البقرة: 180). الوصيّة هي تمليك عين أو منفعة تبرّعاً أو تسليطاً على تصرّف، بعد الوفاة. فهي العهد المتعلّق بأمور راجعة إلى ما بعد الموت، وهي على نحويْن:
أ- تمليكيّة: كأنْ يوصي بشيء من تركته لشخص.
ب- عهديّة: كأنْ يوصي بما يتعلّق بتجهيزه أو باستئجار شخص للحجّ أو الصوم أو الصلاة أو الزيارات له.


1- وجوب الوصيّة:
إذا كان عند الشخص ودائع وأمانات للآخرين، أو كان عليه حقوق للناس من الودائع والبضائع وما شابه ذلك، أو عليه حقوق لله تعالى كقضاء الصلاة والصوم، ولم يتمكّن من أدائها حال حياته، فيجب عليه الإيصاء بها. وإذا لم يكن عنده أو عليه ذلك فلا يجب الإيصاء.
نعم، إذا كان يعلم أو يطمئنّ بأنّ الورثة سيؤدّون ما عليه فعندها لا يجب الإيصاء.

2- شروط الموصي: يشترط في الموصي ستّة أمور:

الأوّل: البلوغ؛ فلا تصحّ الوصيّة من غير البالغ إلّا وصيّة من بلغ عشراً، فتصحّ وصيّته إذا كانت في وجوه البرّ والمعروف.
الثاني: العقل؛ لو أوصى حال عقله ثمّ جنّ تصحّ وصيّته.
الثالث: الاختيار وعدم الإكراه.
الرابع: الرُّشد؛ فلا تصحّ الوصيّة من السفيه بأمواله، وتصحّ بما عداها. والسفيه هو من لا يحسن التصرّف في ماله، ويمكن خداعه بسهولة.
الخامس: أنْ لا يكون ممّن أعلن القاضي الشرعيّ إفلاسه، فلا تصحّ وصيّته في ماله المحجور عليه، وتصحّ في غيرها.
السادس: أنْ لا يقتل نفسه (أيّ أنْ لا ينتحر)، فمن قتل نفسه لا تُقبل وصيّته التي وقعت بعد فعل القتل وقبل الموت في أمواله. أمّا لو قتل نفسه خطأ فتُقبل وصيّته. ولو أوصى قبل أن يفعل بنفسه شيئاً، وبعد الوصيّة قتل نفسه فتُقبل وصيّته.

3- الواجبات الماليّة:
يجب إخراج الواجبات الماليّة - كالخمس والزكاة والكفّارات والمهر والحجّ الواجب والديون...- من أصل التركة، مهما بلغت، سواء أوصى بها أو لا.

4- الوصيّة من الثلث:
بعد إخراج الواجبات الماليّة تنفذ الوصيّة بغيرها من الثلث، فالصلاة والصوم والوصيّة بالمستحبّات وتمليك أشخاص ممّا يملك الموصي يُخرج من الثلث فقط، فإذا كفى الثلث كان به. ولكن إذا أخرج الثلث وبقي بعض الموصى به لم يُنفّذ؛ لعدم كفاية الثلث، ففي الزائد على الثلث لا يجوز التنفيذ إلّا إذا أجاز الورثة، فإذا أجازوا صحّت الوصيّة، بشرط أن يكون الورثة بالغين عاقلين راشدين، فإذا كان بينهم صغير أو مجنون أو سفيه فيُعطى حصّته كاملة من الثلثين، ولا يجوز إخراج ما زاد على الثلث من حصّته. نعم، يمكن للوليّ الشرعيّ على الصغير إجازة ما زاد على الثلث مع مراعاة مصلحة وغبطة الصغير.

5- إجازة الورثة قبل الموت:
يكفي في إجازة الورثة وقوعها قبل الموت، كما تصحّ لو وقعت بعد الموت. ولو أجاز الورثة لم يكن لهم حقّ الردّ بعد ذلك، فالردّ بعد الإجازة لا أثر له.

6 - إجازة بعض الورثة:
لو أجاز بعض الورثة الزيادة على الثلث نفذت الوصيّة في حقّ المجيز من حصّته، ولا تنفذ من حصّة غيره.

7- الوصيّة بالمال للصرف في مراسم الحداد:
تجوز الوصيّة بالمال للصرف في مراسم الحداد على الموصي، وليس لذلك حدّ خاصّ شرعاً ما دام لم يتجاوز الثلث.

8- الوصيّة لوهب عضو:
تصحّ الوصيّة بإعطاء بعض أعضاء جسده بعد وفاته للمستشفى أو إلى شخص آخر، بشرط أن تكون الأعضاء ممّا لا يُعدّ فصلها عن جسد الميّت هتكاً له، ولا مانع من تنفيذ الوصيّة في مثل ذلك.

9- شروط الوصيّة العهديّة: يشترط في الوصيّة العهديّة (غير التمليكيّة) أمور، منها:

الأوّل: أنْ يكون ما أوصى به عملاً عقلائيّاً، فلا تصحّ الوصيّة بما كان سفهاً وعبثاً.
الثاني: أن يكون عملاً جائزاً شرعاً، فلا يصحّ على المحرّم، كالإيصاء بصرفه في معونة الظلمة، ونسخ كتب الضلال، ونحو ذلك.

10- شروط الوصيّ:
الوصيّ وهو الموصَى إليه، وهو من يعيّنه الموصي لتنفيذ وصاياه، ويشترط فيه أربعة أمور: الأوّل: البلوغ. الثاني: العقل. الثالث: الإسلام. الرابع: الوثاقة.

11- الوصيّ أمين:
الوصيّ أمين، فلا يضمن التلف إلّا مع التعدّي والتفريط. ولكن إذا ثبتت خيانته للحاكم الشرعيّ يعزله الحاكم أو يضمّ إليه أميناً.

12- الرجوع عن الوصيّة:
الوصيّة غير لازمة من طرف الموصي، بل هي جائزة، فيجوز للموصي الرجوع عن بعض الوصيّة أو عنها كلّها، ويجوز له تبديل الموصى به أو الوصيّ أو الموصَى له وغير ذلك، ويكون الصحيح المعتبَر شرعاً الوصيّة المتأخّرة. ولو عَدَلَ الموصي في حياته عن الوصيّة وعزل الوصيّ، وكتب وصيّة أخرى وعيّن لها وصيّاً آخر، وقد أعلم الوصيّ الأوّل بذلك، لم يكن للأوّل المعزول أن يعمل بالوصيّة الأولى، ولا يكون تصرّفه نافذاً إلّا إذا أجازَ الوصيّ الثاني تصرّفه.

13- العمل بالوصيّة:
يجب العمل بالوصيّة كما أوصى بها الميّت، ولا يجوز للوصيّ إهمالها ولو في بعضها، فلو صرف المال أو بعضه في غير مورد الوصيّة كان ضامناً للميّت من ماله الخاص، بأن ينفّذ الوصيّة كما هي من ماله الخاص.
 

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع