نور روح الله | يوم القدس: يوم الإسلام* إلى قرّاء القرآن: كيف تؤثّرون في المستمعين؟* أخلاقنا | ذكر الله: أن تراه يراك*  مفاتيح الحياة | الصدقات نظامٌ إسلاميٌّ فريد(2)* آداب وسنن| من آداب العيد  فقه الولي | من أحكام العدول في الصلاة مـن علامــات الظهــور: النفس الزكيّة واليمانيّ* تسابيح جراح | بالصلاة شفاء جراحي صحة وحياة | الرّبو والحساسيّة الصّدريّة تاريخ الشيعة| شيعة طرابلس في مواجهة الصَّليبيّين

أول الكلام: من أوصـاف القرآن


الشيخ بسّام محمد حسين

من خطبة لأمير المؤمنين عليه السلام أنّه قال: "وعَلَيْكُمْ بِكِتَابِ اللَّه، فَإِنَّه الْحَبْلُ الْمَتِينُ، والنُّورُ الْمُبِينُ، والشِّفَاءُ النَّافِعُ، والرِّيُّ النَّاقِعُ، والْعِصْمَةُ لِلْمُتَمَسِّكِ، والنَّجَاةُ لِلْمُتَعَلِّقِ، لَا يَعْوَجُّ فَيُقَامَ، ولَا يَزِيغُ فَيُسْتَعْتَبَ، ولَا تُخْلِقُه كَثْرَةُ الرَّدِّ ووُلُوجُ السَّمْعِ، مَنْ قَالَ بِه صَدَقَ، ومَنْ عَمِلَ بِه سَبَقَ"(1). فقد ذكر الإمام عليه السلام في هذه الكلمات الموجزة، اثنتي عشرة صفة، تُظهر بعضاً من عَظمة هذا الكتاب الإلهي:


1- كتاب الله:
أولى هذه الصفات التي تتفرّع عنها بقيّة الصفات؛ أنّه كتاب الله، نزل من عنده سبحانه، ولم يكن لأحد من البشر دور فيه، حتى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فإنّه كان يتلوه عن الله تعالى ويُنذر به، وهذا ما جعله كتاباً إعجازيّاً يتحدَّى بسوَره الجنّ والإنس أنْ يأتوا بمثله.

2- الحبل المتين:
الحبل سبب من أسباب النجاة، ولكنّه قد يفقد صفة المتانة ويُخشى من التمسّك به، لكنّ القرآن الكريم سبب متين للنجاة من الهلكة والضلال، لا يُخشى أن ينقطع بصاحبه.

3- النور المبين:
خاصيّة النور هي الإضاءة، فالنور مضيء بذاته، ويُشرق بضوئه على كلّ مَن حوله، وكلّما كان هذا النور جليّاً واضحاً مبيناً، كلّما كان الاهتداء به أسرع، واللّجوء إليه أقرب، والسير به أنفع وأجدى، وهكذا هو القرآن، فقد قال سبحانه في وصفه: ﴿وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا﴾ (النساء: 174).

4- الشِّفاء النافع:
الشفاء يكون من المرض، وأمراض القلوب كأمراض البدن في كونها انحرافاً عن الحالة الطبيعيّة، والقلوب تنحرف عندما تخرج عن حالتها الفطريّة التي فطر الله تعالى الناس عليها، من سلامة الاعتقاد والخلق والدوافع والنوازع، فعندما يُبتلى هذا القلب بالزيغ أو الانحراف فلن يجدي في شفائه إلّا القرآن. قال تعالى: ﴿وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآَنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ﴾ (الإسراء: 82).

5- الرِّيُّ الناقع:
كالماء الذي يروي العطشان ويقطع غليل عطشه، فالقرآن يروي عطش القلوب المتعطّشة للمعرفة والقرب من الله سبحانه.

6- العصمة للمتمسِّك:
مَن أراد أن يتمسّك بسبب يُنجيه، عليه أن يختار من الأسباب ما يتحلّى بالمِنعة ويكون ملجأً ومعتصماً لصاحبه، والقرآن ملاذٌ لمن التجأ إليه، يشعر معه بالأمن وأنّه في حصن منيع.

7- النَّجاة للمتعلِّق:
وحيث كان المتمسّك بالقرآن في منعة وتحصّن، وقد تعلّق بالكتاب كما يتعلّق المشرف على الغرق بالحبل المتين، فإنّ النجاة ستكون من نصيبه لا محالة.

8- لا يَعوَجُّ فيُقَام:
إشارة إلى أنّ هدايته لا انحراف فيها بحيث تحتاج إلى تقويم، بل هي هداية وصراط الله المستقيم. قال تعالى: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا﴾ (الكهف: 1).

9- ولا يَزيغُ فيُستَعتَب:
تعاليم الكتاب وهدايته واضحة، لا تذهب بمن يهتدي بها ولا تميل به في غير الطريق.

10- لا تُخلقه كثرة الردّ وولوج السَّمع:
فالقرآن يبقى جديداً على مرّ الزمان، فكثرة القراءة والتلاوة، لا تجعله خَلِقَاً، وهذا من خصائصه؛ لكونه كلام الله تعالى، فإنّ أي كلام إذا كثرت تلاوته مجَّته الأسماع واستُهجن، إلّا القرآن فإنّه لا يزداد مع كثرة التلاوة إلّا حُسناً ومحبّةً في القلوب(2).

11- مَن قال به صَدَق:
لأنّه الحق الذي ﴿لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ﴾ (فصلت: 42)، وهو كلام الله تعالى، ومَن أصدق من الله قيلاً؟

12- ومَن عَمِل به سَبَق: بمعنى الفوز، فإنّه ﴿يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ (المائدة: 16).

يبقى أنّه لا يمكن الوصول إلى هذه الهداية القرآنيّة إلّا بالرجوع إلى القرآن الناطق (العترة الطاهرة)، كما أوصانا النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
والحمد لله رب العالمين.


1- نهج البلاغة، الخطبة رقم: 156.
2- شرح نهج البلاغة، ابن ميثم البحراني، ج3، ص264.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع