نور روح الله | يوم القدس: يوم الإسلام* إلى قرّاء القرآن: كيف تؤثّرون في المستمعين؟* أخلاقنا | ذكر الله: أن تراه يراك*  مفاتيح الحياة | الصدقات نظامٌ إسلاميٌّ فريد(2)* آداب وسنن| من آداب العيد  فقه الولي | من أحكام العدول في الصلاة مـن علامــات الظهــور: النفس الزكيّة واليمانيّ* تسابيح جراح | بالصلاة شفاء جراحي صحة وحياة | الرّبو والحساسيّة الصّدريّة تاريخ الشيعة| شيعة طرابلس في مواجهة الصَّليبيّين

تربية الطفل‏: غياب الأم‏

سكنة حجازي



﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ ... (التحريم: 6) "الجنة تحت أقدام الأمهات" الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله. الأم ذلك الصمَّام الذي يغذّي الطفل وينمّي مشاعره وأحاسيسه، وأيضاً ذكاءه بحبها وحنانها ورعايتها منذ ولادته...

ففي سنيّه الثلاث الأولى يحتاج إلى حاجات بيولوجية من طعام وشراب ونظافة وأخرى من رعاية وحضن دافى‏ء إلى شعور بالأمان والحب وهذا كل ما يفهمه في مرحلته هذه. لينتقل إلى مراحل الوعي ويطلب الجوانب الأخرى من طلبات مختلفة: (قبلة وعناق، ونصح وارشاد...). فإذا ما حُرم الطفل من إحدى هذه الحاجات أحدث ذلك نقصاً لا بد من انعكاسه خللاً في شخصيته. فقد يفقد الثقة بنفسه وبالآخرين فيعيش الكره لنفسه ولهم، وربما عانى القلق والاضطراب بل الضياع أيضاً.

هذا في الحياة داخل الأسرة المتكاملة بكل عناصرها وأعضائها! فكيف إذا لم يتم الوفاق بين الأبوين ويصلان إلى طريق مسدود ويكون الطلاق هو الحل الوحيد ويقضي الشرع باحتضان الأب لأولاده بعيداً عن الأم؟ وقد تجري الرياح بما لا تشتهي السفن فتموت الأم ويفقد الأولاد هذا الصمَّام كلياً وهذا الملجأ بل هذا النبع المتدفق الذي يغذي حياتهم ويثبت أقدامهم في مواجهة مشاق الحياة: فكيف السبيل لتخفيف هذا العب‏ء عن كاهل هؤلاء الأطفال؟ ومن المعني بهذا الدور؟ وهل يمكن أن يستغني الطفل عن رعاية المرأة؟ وما هو دور كل من الأب والأم البديلين؟ وما هو دور المجتمع؟

مرّ، في عدد سابق، الآثار التي يتركها الطلاق على الأولاد إذا ما نشب الخلاف واشتدّ الشجار بين الوالدين أمام الأطفال من اختلال في شخصية الطفل وضعف في الشخصية وغيرها من آثار واختلافها بحسب المراحل العمرية وجنس الأطفال (إناث وذكور). وذكرنا أهمية إبعاد الطفل عن المشاكل وحل الخلافات ضمن الحدود الشرعية والآداب الخلقية العامة (... ولا تنسوا الفضل بينكم)، وضرورة الانتباه للملاحظات التي نذكر، بالابتعاد عن الملاحظات السلبية (من سخرية، احتقار...)، وإبعاده عن الحقد والضغينة وذكر عيوب الطرف الآخر أو إهانته...

الدكتورة مريم سليم أفادتنا بالإجابات على التساؤلات التي طرحناها:

أولاً: إن الطفل في مرحلته الأولى لا يعرف من الأم سوى ما تقدمه له من عناية وإشباع حاجاته البيولوجية وغيرها لذا فإن أي شخص يقدم له هذه الحاجات وبالتالي يشبعه، يأخذ دور الأم حتى الخادمة التي تكون في البيت، وهذا واقع ملحوظ في مجتمعنا اليوم وهنا وجَّهت الدكتورة ملاحظة لا بد من الانتباه لها وهي عدم إيلاء الخادمة دور الأم مع الطفل خاصة وأن الأطفال يعيشون الصدمة عند مغادرتها المنزل أو استبدالها بواحدة أخرى.

ثانياً: الطفل في مرحلته الثانية من سبع سنوات وما فوق يبدأ بالبحث عن أمه البيولوجية (الأصيلة) لإشباع حاجاته النفسية وهنا يأتي دور الأم البديل والأب بتوفير الحاجات النفسية من أمان ومحبة وعطاء واهتمام بما يشعر الطفل بأنه محبوب ومرغوب وأنه محل احترام وتقدير مع عدم قطع علاقته بأمه إذا ما كانت لا زالت موجودة (مطلقة)، ومراعاة مشاعره بعدم ذكرها بالسوء بل ذكرها بأعمالها الحسنة... أما إذا كانت متوفاة فيجب إقامة الصلة مع الآخرين خصوصاً أهل الأم (الجد والجدة) التواصل والزيارات، والحديث عنها وسرد ذكرياتها الماضية: أعمالها، أقوالها... قصصها حركتها إلخ... (ملاحظة: من الخطأ أن يمحى ذكر الأم المتوفاة خوفاً على الأولاد لأن ذلك يشعرهم إما بالسوء أو الكبت الذي سيترك أثراً سلبياً أكبر، بل إن إخراج دفائن النفس يريحها وينفس كرباتها).

ثالثاً: في المرحلة الثالثة يفتش الولد عن الانتماء (إلى الأم أو الأب) فنحن نلاحظ عند الأبناء المتبنين فعلاً على الرغم من أن الاهتمام والرعاية وتلبية الحاجات تكون على أوسع نطاق إلا أنهم يبدأون البحث عن والديهم الأصليين لأن الانتماء حاجة فطرية. لذا من الضروري ربط الولد بوالدته وتعريفه بها بالصورة، التسجيل، وغيرها من أنواع التعريف بها. أما من ناحية المجتمع فعليه أن يراعي مشاعر الطفل فلا يذكر الأم بأي سوء، ومن جهة أخرى عدم تمجيدها لدرجة المثالية التي لا يمكن إدراكها. كي تستطيع الفتاة، بشكل خاص، التي هي بها، وأيضاً عدم ذم (زوجة الأب والأم البديل) خصوصاً الأقارب رحمة بالأولاد ورأفة بهم، وهذا أمر مهم ويؤثر كثيراً في توجيه الأطفال وتعاملهم مع المجتمع ومع الأم الثانية وبالتالي في أنفسهم.

ملاحظة مهمة: إن اليتيم (من الأب أو الأم) بحاجة إلى الأمور المادية ولكنه أحوج إلى إشباع الروح والجوانب المعنوية من هنا نرى حث الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وأهل بيته الأطهار عليهم أفضل الصلاة والسلام على رعاية اليتيم داخل الأسرة ليكون أسوة بغيره من الأطفال، ولم يتم إنشاء أية مؤسسة رعائية عامة التي هي عادة غربية أثبت أنها لا تغني عن الأسرة. ومن جهة الأم البديل فلو كانت أماً يمكنها أن تأخذ دورها بالإحسان إلى الأولاد مهما كانت العقبات التي يمكن أن تواجهها في المرحلة الأولى من الانضمام إلى الأسرة كما لو كانت مربية داخل مؤسسة أو عالمة في أي مكان فهي تصبر وتتحمل لأن هناك أجراً معيناً، وفي هذا المقام فإن الأجر من الرب الكريم والحب للَّه ورسوله وأهل بيته الأكرمين عليهم أفضل الصلوات والسلام أجمعين. ثم إنه سيكون لها أولاد وستعيش الأمومة فيمكن أن تبذلها مع أطفال زوجها لتعرف نعمة الأمومة الحقة ولذَّة العطاء وفرحته التي لا توازيها لذَّة أو فرحة أخرى.

* ابتهال الطفل‏
أمي!
يا قلباً باعثاً لأكسير الوجود! أمي ها أنذا بعدك
يا حضناً واقياً من نوائب الدهر الكنود! ألملم جراحاتي المبعثرة
يا عرقاً نابضاً بالأمل الموعود! أنتظر غيمة حب ماطرة
يا نسمة عليلة تدغدغ أحلام الوعود! في أم تعيد أحلامي المتكسّرة

يا وتراً يغني ألحان العهود! تجمع فُتات آمالٍ مندثرة
يا غرساً إلهياً في جنة الخلود! في آفاق روحي المنكسرة
يا عهداً وثيقاً من وصايا المعبود! فهل تكونينها يا أمي المستبشرة
يا نبعاً معطاءً متدفقاً بلا حدود! يا زوجة أبي المستترة؟!!

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع