نور روح الله | يوم القدس: يوم الإسلام* إلى قرّاء القرآن: كيف تؤثّرون في المستمعين؟* أخلاقنا | ذكر الله: أن تراه يراك*  مفاتيح الحياة | الصدقات نظامٌ إسلاميٌّ فريد(2)* آداب وسنن| من آداب العيد  فقه الولي | من أحكام العدول في الصلاة مـن علامــات الظهــور: النفس الزكيّة واليمانيّ* تسابيح جراح | بالصلاة شفاء جراحي صحة وحياة | الرّبو والحساسيّة الصّدريّة تاريخ الشيعة| شيعة طرابلس في مواجهة الصَّليبيّين

الدنيا والشيطان والسقوط الأخلاقي



إن من أخطر الأمراض الّتي تصيب الإنسان، ويعدّ الأمّ للعديد من الأمراض الأخرى هو حبّ الدّنيا. ومن هنا كان على من عزم على تهذيب نفسه أن يتخلّص من هذا المرض القاتل ويزيل حبّ الدّنيا وزخارفها و.. من قلبه ، لأنّ تزكية النّفس لا تجتمع مع حبّ الدّنيا، فساحة الشّيطان ووساوسه هو هذه الدّنيا ، وجمال الدنيا نفسها ووسوسة الشّيطان عاملان مهمان لتحطيم القيم الأخلاقيّة عندما يجتمعان وهوى النّفس، ففي هذه الحلقة سنستعرض قليلاً عن الدّنيا والشّيطان العاملين الآخرين المؤثّرين على القيم الأخلاقيّة.

*الدّنيا المذمومة:
إن الدنيا التي نعبر عنها بالعامل الكلي في السقوط الأخلاقي هي الدنيا المذمومة. وهنا يجب أن نعرف أي دنيا هي الدنيا التي ذمتها الروايات، لأن الإنسان هو ابن هذه الدنيا ،وهو يحيا فيها ويأكل ويتناسل فيها. وقد ورد عن رسول الله صلى الله عليه وآله " العبادة سبعون جزءاً فهل المذموم هو ما نراه أمامنا من المأكل والملبس والمسكن... أم هو شيء آخر؟ الذي يستفاد من القرآن الكريم وروايات المعصومين عليه السلام أن المذموم من الدنيا هو الاستغراق فيها والتعلق بها بحيث تصبح عائقاً أمام حركة الإنسان نحو الله، وه ما عبّرت عنه الروايات بـ"حب الدنيا" الذي لا يعني مجرد الاستفادة من الأمور الدنيوية بل أن يرتبط القلب بهذه الأمور وتصبح له علقة شديدة بها. فقد ورد عن أمير المؤمنين عليه السلام "إياك وحب الدنيا فإنها أصل كل خطيئة ومعدن كل بلية".

* حقيقة الدنيا:
يعتقد الإسلام بوجود عالمين: عالم الدنيا الذي نحيا فيه وعالم الآخرة الذي نصير إليه، وعالم الدنيا ليس إلاّ مجرد ممّر للآخرة، إنها المكان الذي نبني فيه آخرتنا ونحدد فيه مصيرنا في الآخرة، ولهذا من درك حقيقة الدنيا هذه فإنه لن يركن إليها بل سيعمل للتزود منها إلى دار البقاء. يقول أمير المؤمنين عليه السلام: " فإن الدنيا لم تخلق لكم دان مقام، بل خلقت لكم مجازاً لتزودوا منها الأعمال إلى دار القرار..." .

* الدنيا وهوى النفس:
حتى الآن أصبح واضحاً أن الدنيا المذمومة ما هي وما المقصود منها وما عيبها، فالسؤال الذي يطرح نفسه هنا أنه هل أن حب الدنيا شيء آخر غير هوى النفس؟ وهل أن حب الدنيا والدنيا تعتبر وحدها مانعاً أساسياً أم إنها مع هوى النفس تشكل مانعاً؟ يمكن القول هنا أن حب الدنيا وهوى النفس هما حقيقتان كاملتان ولكن مرتبطتان ببعضهما البعض، بمعنى أن الدنيا هي موضوع هوى النفس، فيتضح أنهما ليسا عاملين مستقلين عن بعضهما البعض فلا ينفكان. فهذه الطلبات والميول الموجودة عند الإنسان لها ميادينها، فهناك ميول توصل إلى الآخرة عبر الدنيا وهناك ميول توصل إلى جهنم كذلك عبر الدنيا، فالدنيا هي ميدان هوى النفس فالذي تتعلق ميوله ورغباته بزخارف الدنيا وبهارجها وجمالها ويعتبرها الهدف الأصلي والأساس سوف يلقى الله مذموماً مدحوراً.والذي تتعلق ميوله ورغباته بالدنيا على أنها آية من آيات اله والموصلة إلى الله تعالى فسوف يلقى الله بقلب سليم ومطمئن.


* الشيطان ودوره الفاعل في سقوط القيم الأخلاقية:
يقول تعالى في كتابه المجيد ﴿يَا بَنِي آَدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ الأعراف/27 إن للشيطان دوراً فاعلاً في سقوط القيم الأخلاقية، فالذي يتضح من خلال هذه الآية الكريمة أن العدو الذي أسقط آدم وحواء من الجنة هو إبليس اللعين حيث استطاع باحتياله ووسوسته أن يقنع آدم وحواء بما أراد، فكيف بالإنسان العادي الذي يقف على حافة الإيمان؟ فإن انهياره أمام الشيطان سيكون سهلاً جداً، فإبليس يمتلك من القدرات في تزيين الأعمال السيئة ما لا يستهان بها، فالحكمة الإلهية اقتضت أن يبقى إبليس ويجمع معه كل أصحاب النفوس الضعيفة والمغرورة والمتكبرة.

* أعمال الشيطان:
إن الأعمال التي يقوم بها الشيطان جاءت في القرآن تحت عناوين متعددة. حيث لا بد لكل إنسان أن يطلع عليها ويستفيد من ذلك للحذر من مخاطر الشيطان الرجيم. حيث يمكن القول إن عمدة أعماله هي: الوسوسة.  يقول تعالى: ﴿ فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آَدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلَى  طه 120 . والسورة التي تدل على وسوسة الشيطان لعموم الناس : ﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ مَلِكِ النَّاسِ إِلَهِ النَّاسِ مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ. أما السؤال الذي يطرح هنا هو كيف أن هذه الوسوسة تحصل عند الإنسان؟ أو بمعنى كيف يستطيع هذا الشيطان أن يوسوس في أذهان الناس؟ والجواب على هذا السؤال يمكن الرد عليه من خلال طرق متعددة منها:

أ‌- تزيين الأعمال السيئة: فالشيطان يصور لنا الأعمال السيئة على أنها حسنة. ولا يكتفي بذلك بل يعمل مراراً على أن يكرر هذا العمل ليصبح أمراً ميسراً بل واجباً. يقول تعالى:  ﴿تَاللَّهِ لَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَهُوَ وَلِيُّهُمُ الْيَوْمَ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ  النحل/63 وفي آية أخرى:  ﴿وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ النحل 24 .

ب-عبر الوعود الكاذبة في حال قاموا بهذا العمل:  يقول تعالى:﴿يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًاالنساء 120.

ج- إخافة الإنسان، فمن أعمال الشيطان انه يقوم على إخافة الإنسان من مستقبله انه في حال قام بهذا العمل سوف يندم ويخسر ويفتقر و... حيث يقول تعالى: ﴿الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَالبقرة/268. وبذلك يمتنع الإنسان عن المبادرة إلى أعمال الخير الاجتماعية والأخلاقية.

* الشيطان إلى قرار الإنسان عبر الأهواء والميول النفسية حيث انه يسعى جاهداً إلى تزيين الأعمال وإخافة الإنسان والوسوسة إلى قلب المعادلات فيجعل الحسن قبيحاً والقبيح حسناً، ويأتي غدا يوم القيامة ساخراً من الإنسان الذي يكون قد وقع في فخه، حيث يقول تعالى:  ﴿وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ إبراهيم/ 22

* أسئلة حول الدرس

1- أيّ علاقة مع الدنيا تؤدي إلى السقوط الأخلاقي؟
2- ما هي العلاقة ما بين الدنيا وهوى النفس؟
3- ما هو دور الشيطان في سقوط القيم الأخلاقية؟
4- ما هي الطرق التي يستعملها الشيطان لإسقاط الإنسان؟

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع