أذكار | أذكار لطلب الرزق مع الإمام الخامنئي | سيّدة قمّ المقدّسة نور روح الله | الجهاد مذهب التشيّع‏* كيـف تولّى المهديّ عجل الله تعالى فرجه الإمامة صغيراً؟* أخلاقنا | الصلاة: ميعاد الذاكرين* مفاتيح الحياة | التسوّل طوق المذلَّة* الإمام الصادق عليه السلام يُبطل كيد الملحدين تسابيح جراح | بجراحي واسيتُ الأكبر عليه السلام  تربية | أطفال الحرب: صدمات وعلاج اعرف عدوك | ظاهرة الانتحار في الجيش الأميركيّ

الإمام الحسين عليه السلام سيرة وموقف


* الولادة الميمونة
لم يكن قد مضى عام واحد على ولادة الإمام المجتبى - الحسن بن علي عليهما السلام - حتى انشعب شعبان الخير للعام الثالث من الهجرة بولادة أبي الأحرار وقائد مسيرة الثائرين والشهداء الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام. وقد نقل في المرويات أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وسلم، هو الذي سماه حسيناً، وقال بحقه الكثير من الروايات الشريفة التي تشهد بفضله وتدل على مكانته العظيمة، منها ما أعلن فيه تنصيبه إماماً على المسلمين بشكل واضح وقاطع لا يقبل الشك والجدل حيث قال صلى الله عليه وآله وسلم وسلم: "الحسن والحسين إمامان قاما أو قعدا" وقوله صلى الله عليه وآله وسلم وسلم: "حسين مني وأنا من حسين أحب الله من أحب حسينا"، فحرف من هذا لا يشير في حقيقته إلى صلة القرابة بين النبي الأكرم والحسين السبط - وإن كان هذا أحد المعاني المستوحاة بلا ريب - وإنما إلى الوحدة في المقام المعنوي والموقعية في الأمة التي تتمثل بدور الإمامة والهداية والإرشاد لأفرادها، إذ يستحيل على الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وسلم أن يقيم شأناً للقرابة والعائلية بعيداً عن الموازين الإلهية التي تعطي لكل إنسان شأنه ومقامه، وهو الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى.

* الإمام الحسين عليه السلام سيرة وموقف
إن عدم نهوض الحسين عليه السلام بشكل علني ومباشر ضد معاوية هو خفاء شخصية معاوية لدى الرأي العام الإسلامي.
نشأ أبو عبد الله عليه السلام في أحضان النبوة منذ أول عمره، حيث تربى في حجر الطهر والنبوة ونهل من وحي العلم الإلهي، وشبّت فيه صفات الشهامة والرجولة والشجاعة والأدب وسائر المكارم، وأضحى قدوة يحتذى على صغر سننه، وقد شاهد الحسين عليه السلام وعاصر

تجربة جده صلى الله عليه وآله وسلم وسلم بكل آلامها ومراراتها ورأى بأم العين ما حصل من غصبٍ لحق والده وظلمٍ لوالدته الزهراء "عليها السلام" في نفسها وإرثها فشكل ذلك عنده فهماً للموقف ودفعاً لمواصلة الجهاد لحفظ الدين الخالد من كل أعدائه.

* الأمويون والإسلام
منذ بداية الدعوة المحمدية كان البيت الأموي الجهة التي لم تألُ جهداً لمنع هذه الرسالة من الانتشار، والتي حالت دون وصول الجهود التي بذلها النبي صلى الله عليه وآله وسلم وسلم إلى النتيجة المرجوة. فكان إن شكل هذا البيت وأركانه مشروعاً سعى للقضاء على الدين الوليد، ورغب في الحفاظ على موقعيته الجاهلية التي كانت له. ولنيل غرضه هذا، قام بمختلف الأعمال القبيحة والمذمومة، ولم تخل مرحلة من مراحل التاريخ الإسلامي من أثرٍ سيء أو وصمة عار منهم تجاه الدين المحمدي ورجالاته العظام وإن اختلف الأسلوب شدة ضعفاً أو خفاءً وعلانية.


وكانت قمة خطورة هذا المشروع في أقصاء البيت العلوي عن منصبه الإلهي، منصب الإمامة والولاية على المسلمين. وجاء هذا الحدث مؤشراً على بدء الصراع العلني بين الإسلام الأصيل والإسلام المنحرف، الذي سعى أربابه لتحويله إلى منهج تتربى على أساسه الأمة مقابل قيم الإسلام التي أرسى دعائمها النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم. وعليه، فإن جوهر الصراع الذي بدأ في عهد علي عليه السلام واستمر في عهد الأئمة "عليهم السلام" كان حول استمرارية هذا الدين وبقائه سليماً معافى من الإصابة بأي تحريف.

* بين معاوية ويزيد

على الرغم من الصراع الطويل والمرير بين أمير المؤمنين واصل الشجرة الخبيثة معاوية، الذي تميز بالشدة والعنف، إلا أن شخصية معاوية استطاعت أن تغش الكثيرين بسماتٍ كاذبة لم تتوفر أصلاً فيها، ولم يستطع علي برصيده العظيم من خدمة الإسلام والوقوف مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم وسلم في كل المواقف العصبة، الاستفادة منه كثيراً في استقطاب الأمة، نتيجة لتردي وضعها الفكري والسياسي.
وشيئاً فشيئاً قويت أركان النظام الأموي،

 إلا أن علياً كاد أن يستأصله لولا تلك الشهادة المفاجئة التي رزقها، وخرج معاوية منتصراً من تلك المرحلة من الصراع. ولما جاء الحسن عليه السلام لم تكن جولته بأفضل من جولة أبيه حيث نال من الأمة خذلاناً أكبر وميلاً واضحاً إلى الدعة، وأضحى معاوية لديها شخصية مقبولة ترغب بحقن الدماء وحفظ الأنفس. واستطاع الأخير أن يفرض الصلح كخيار للإمام الحسن عليه السلام ويدخل العراق ويذل أهله.

السبب في كل هذه النتائج، أن الصراع آنذاك لم يكن في ظاهره صراع الحق والباطل، أو صراع الإسلام والشرك، بل كان صراع الإسلام المحمدي والنفاق، وهو ما أعمى بصيرة الكثيرين والسبب كما ذكرنا شخصية معاوية التي كانت في العلن شخصية مصلية تؤم الجمعة والجماعة ومستعدة للعمل بكتاب الله وبسنة نبيّه... وهذا ما فسر عدم نهوض الحسين عليه السلام بشكل علني ومباشر ضد معاوية وحاجته عليه السلام للوقت ليفتضح أمره الخبيث بالرغم من أنه قد عاصره لمدة عشر سنوات.

ومع وفاة معاوية سنة 60 هـ، تسارعت الأحداث باتجاه منحدرٍ خطير، تمثل بوصول الطاغية الكافر يزيد بن معاوية إلى سدة الخلافة وبهذا يكون قد تسلم آنذاك حكم المسلمين ومنصب هدايتهم وولاية أمرهم شخص فاسق، شارب للخمر، قاتل للنفس المحترمة، ظالم لخلق الله وعياله، وإذا كان حال معاوية غير ظاهر للعيان، فإن يزيداً كان معروفاً بصفاته هذه بشكل لا يخفى على أحد، ولا أقل على رجالات الأمة وأهل حلها وعقدها، لذا فإنه لم يعد بالإمكان السكوت على مثل تلك الحال حيث أصبحت الرسالة الإلهية الخاتمة مرشحة للضياع الكلي والتحريف التام.

* عرض سريع للأحداث

استشهد الإمام الحسن عليه السلام سنة 50 للهجرة متأثراً بسم دسته له زوجته جعدة بنت الأشعث بعد أن أوقع بها معاوية في شباكه ووعدها بمبلغ من المال وبتزويجها من ولده يزيد. وبشهادته تسلّم الحسين عليه السلام الإمامة التي دامت به حوالي عشر سنوات كان معظمها في خلافة معاوية والجزء الأخير منها "الأشهر الأخيرة" في خلافة يزيد اللعين، الذي طلب البيعة من الإمام عليه السلام فرفضها.

 وذلك أن البيعة تجعله عليه السلام شريكاً من الناحية الشرعية والتاريخية في كل جرم أو انحراف سيقترفه هذا النظام وقبل ذلك كله سيتحول موقفه إلى موقف مشرع لسابقة وصول شخص بمثل سمات يزيد إلى حكم المسلمين. ومن ناحية أخرى كان الإمام عليه السلام ملزماً من الناحية الرعية بتلبية دعوة أهل الكوفة له للثورة، وذلك بعد أن أكد له ابن عمه مسلم بن عقيل صدقهم، فقامت بذلك الحجة عليه التي لا سبيل للتفلت منها. إضافة إلى ذلك هناك مبدأ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والذي حتم عليه الخروج لتغيير وإصلاح الأوضاع وذلك بمعزل عن عاملي البيعة ودعوة أهل الكوفة له. فخرج ثائراً مجاهداً في سبيل حفظ الرسالة التي أصبحت الضحية الوحيدة في ساحة الحياة آنذاك. واستشهد في كربلاء مع ثلة من أصحابه.

* وقفة في كربلاء

يلزم في النهاية أن نشير إلى أن الإمام الحسين عليه السلام قد فرض عليه خياران أحدهما أمرّ من الآخر: السلة أو الذلة ولو سنحت الفرصة أمامه لوضع تخطيط مناسب للمواجهة، لما واجه بسبعين ذلك الجحفل الذي ماله عدد. إلا أن واقع الأمر فرض القتال فكان أن سطَّر الحسين عليه السلام وأصحابه أروع صور البطولة والتفاني تحققاً بالعبودية لله تعالى وحده، وحققوا نموذجاً خالداً على مدى التاريخ عن موقف الإسلام والمجاهدين من الظلم والطواغيت. ولا ننسى أن نشير إلى فضل الإمام الحسن عليه السلام في كل هذا حيث كان لصبره ومظلوميته أعظم الأثر في تمهيد الطريق للثورة، والتي كان يفترض به أن يشعلها كنتيجة حتمية لصلحه، فسلام عليهما إمامان قاما أو قعدا.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع