نور روح الله | يوم القدس: يوم الإسلام* إلى قرّاء القرآن: كيف تؤثّرون في المستمعين؟* أخلاقنا | ذكر الله: أن تراه يراك*  مفاتيح الحياة | الصدقات نظامٌ إسلاميٌّ فريد(2)* آداب وسنن| من آداب العيد  فقه الولي | من أحكام العدول في الصلاة مـن علامــات الظهــور: النفس الزكيّة واليمانيّ* تسابيح جراح | بالصلاة شفاء جراحي صحة وحياة | الرّبو والحساسيّة الصّدريّة تاريخ الشيعة| شيعة طرابلس في مواجهة الصَّليبيّين

شهيد الدفاع عن المقدسات علي حسين شمص (كمال)


نسرين إدريس قازان


اسم الأم:
فوزية شمص
محل وتاريخ الولادة: الهرمل 26/1/1980
الوضع العائلي: متأهل
رقم السجل: 97
تاريخ الاستشهاد: 22/6/2013 دفاعاً عن المقدسات

انشغل الجميع في تحضيرات عقد القران، بين مستقبل وموزّعٍ للضيافة، إلّا ذلك الطفل الصغير الذي انشغل بلفت نظر عالم الدين الذي سيعقد القران. كان يقترب منه تارة ويبتعد عنه أخرى، حتى أمسك به السيد وقرّبه بلطف منه وسأله: "ما اسمك؟"، أجاب
الطفل بلكنة يغلبُ عليها الحياء: "علوشي"، فداعب السيد شعره وقربه منه أكثر ضاحكاً: "اسمك علوشي؟". رد الصبي: "اسمي علي ولكن أمي تدلّلني فتناديني علوشي"، قبّل السيد جبهة الطفل وقال له: "اطلب من أمك ألا تناديك إلا بـ "علي"، فليس
هناك في الدنيا أجمل من هذا الاسم".. ومنذ تلك اللحظة، لم يقبل علي بنداء الدلال، بل بتلك الحروف الثلاثة التي اختصرت الوجود. ولم تبارح وصيّة السيد خياله، خاصةً بعد ما صار هذا السيدُ بعد فترة وجيزة أميناً عاماً لحزب الله، فزادت فرحته، وقد حظي
من السيد حسن نصر الله حفظه الله بوصية خاصة وإن كانت عابرة..

*حَسَنُ خَلقٍ وخُلق
مع تنفّس ذات صباحٍ من شهر كانون الثاني، والبردُ القارس قد أيبس الأغصان، أزهر علي في بيتٍ يعبق بالدفء في مدينة الهرمل.. كان جميل الوجه، واسع العينين يكادُ رمشاهما يلامسان حاجبيه، وفيهما بريقُ ذكاءٍ وجاذبية، جعلت والديه يخافان عليه من
عين حاسد، وتحيّرت أمه بحُسنه.
علي، الذي عاش حسرة استشهاد السيد عباس الموسوي قدس سره، بكل كيانه، ظلّت صورة التشييع الذي شارك فيه تلوح في خاطره كل حين، وربما كان ذلك اليوم، لشدّة تأثره به، يوماً مفصلياً في حياته، وإن كان لا يزال في الثانية عشرة من عمره آنذاك، فهو قلّب
أيامه متفكّراً في سطوره ساعياً لتحصيل كل ما يمكّنه من النجاح في الدنيا لينجح في الآخرة.

*تعلّم من الأرض العطاء
في أسرة مكوّنة من سبعة أخوة وأخوات عاش حياته في مدينة الهرمل، ومنذ صغره كان ما إن يعود من مدرسته حتى يوافي والده في الحقل ليساعده في العناية بالزرع، مصدر رزقهم. وكان يجتهد في ذلك. فتعلّم أن نفس المرء كالأرض، إن أردت منها الجني الوفير عليك بالحراثة والسقاية والتشذيب، فعمل على ذلك تارةً بما تعلّمه من البيئة المحيطة، وأخرى بالبحث عن منابع العلم الأصيلة.
في الخامسة من عمره، كان دأبه كدأب الأطفال، يقف بالقرب من أمه ليؤدي الصلاة، وحينما كبر صارت أمه تستيقظُ ليلاً لتلمحه يصلي منقطعاً إلى الله في خلوة حرص على أن لا يقطعها عليه أحد.

*من جنود المقاومة
لقد وضع علي هدفاً لحياته، وكان في ذلك صلب الإرادة، متكيّفاً مع الظروف، لا يأسف على ما فاته، ولا يفرح بما أتاه. واجتهد في دراسته، فلم تمنعه الظروف الصعبة من ذلك. وإلى جانب الدراسة التحق بصفوف الكشافة ليكون برعماً، ويتدرّج إلى قائدٍ
يهتم في زرع الأخلاق الحميدة في نفوس الفتية. والذكريات الجميلة معه كثيرة، فقد كان يصطحبُ الفِتية معه إلى المنزل ليطيل الجلوس معهم، يعلّمهم من تعامله الحسن ومنطق حديثه فتعلّقوا به وأنسوا. وعندما صار علي شاباً في السادسة عشرة من عمره التحق بصفوف التعبئة ليخضع للدورات الثقافيّة والعسكريّة المتناسبة مع عمره والتي تؤهله ليكون لاحقاً من جنود المقاومة.
عندما أنهى علي دراسته الثانوية، وكان شديد الذكاء في مادة الرياضيات، التحق بالجامعة لدراسة هذه المادة، ولكنه، لم ينجح في السنة الأولى لظلمٍ حصل معه، فغضب غضباً شديداً، وحزن كثيراً، عندها اقترحت عليه أمه الالتحاق بخدمة العلم، ليرتاح من أجواء الدراسة، ويقضي ما عليه من واجب وطني، ولكنها لم تكن تعلم أن نصيحتها ستُحمل على محمل الجدّ. فقد التحق علي بصفوف الخدمة خلال أقل من أسبوعين، وقضى السنة بين مركز الخدمة تارة وبين مساعدة الطلاب الذين يتحضّرون للامتحانات الرسمية تارةً أخرى.

*العمل ثم الدراسة
وما إن أنهى خدمة العلم حتى التحق بالجامعة في اختصاص هندسة التقنيات الطبية، إلى جانب عمله السري في المقاومة الإسلامية. وقد شارك في العديد من المهمات الجهادية. كذلك شارك في حرب تموز عام 2006، إلا أن أحداً لم يعرف طبيعة عمله، الذي
كان سبب تأخره في الدراسة، وقد كان يتحضّر للتخرج قبيل استشهاده بفترة.
بين بيروت والهرمل طوى علي أيامه بهدوء ورويّة. الشاب الأنيق، الكريم النفس، لم يسعَ ليمتلك إلّا ما يقرّبه إلى الله، وحرص على أن يُؤثر كل من حوله على نفسه، قريباً كان أم غريباً..
لم تغيّر ظروف الحياة الصعبة من حبّ علي للأرض، بل بقي على تلك العلاقة الوطيدة معها، وكانت الشمس لا تشرق على وجهه في القرية إلّا وهو جالسٌ بين الزهور متأمّلاً متفكّراً.

*ولبّى نداء الحسين عليه السلام
كان علي يحضّر نفسه للانتقال إلى بيته الزوجي، عندما بدأت معركة الدفاع عن المقدسات تلوح في الأفق، وكيف لعلي أن يتأخر عن تلبية نداء هو صدىً لنداء الإمام الحسين عليه السلام يوم العاشر: ألا من ناصر ينصرنا؟
وكان إذا ما عاد من عمله تابع تجهيز بيته والتحضير لزواجه، فقد كان عرسه يوم فرحة والديه، التي لم ينغّصها سوى اضطرار عليّ للسكن في بيروت بعيداً عنهم..
وبعد انقضاء أيام قليلة من زواجه زار عليّ والديه ثم توجّه إلى عمله. وبعد انقضاء ثلاثة أيام صدّ ورفيقه الشهيد مهدي سباط هجوماً عنيفاً من التكفيريين الذين كان عددهم بالعشرات، ولم تسقُط البندقية من يد علي إلا لمّا نفد منه الرصاص بعد استشهاد
مهدي على أثر قذيفة سقطت بالقرب منه..
بماءٍ من عطر الياسمين الذي يعشقه علي كان يكتبُ قصائدَ تبوح بما يعتمر في صفاء نفسه.. وبدمٍ نقيّ كتب الولاء لمن يحمل اسمه؛ "علي هو أجمل اسم في الوجود".. هكذا قال له السيد حسن نصر الله حفظه الله في صغره، فكتب الوفاء له في شبابه..

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع