جمعية الهيئة الصحية الإسلامية
يتكون الجسم البشري بنسبة 60% من الماء عند الكهل، وهو دائماً يحافظ على هذه النسبة في حالة الصحة، بالرغم من فقدانه المستمر للماء سواء بالتبخر عن طريق الجلد بما يفرزه عرقاً، أو بالتبخر من الرئة بواسطة التنفس، أو بإفراز وإفراغ البول والغائط، ولا بد من الاستعاضة عما يفقده الجسم من الماء بكمية معادلة تدخل إليه بطريق تناول السوائل والغذاء.
وجسم الطفل الصغير يحتوي على نسبة أعلى من الماء تصل إلى حدود 80% ولذا فإن خسارة الماء عند الصغير سواء بالإسهالات الحادة أو الاستفراغ، والتجفف الحاصل نتيجة ذلك يعتبر خطراً على الحياة عند الطفل نظراً لصغر جسمه، ويجب أن تعوض الخسارة فوراً.
أما عند الكهول فإن أبسط النظريات الفيزيولوجية التي تفسر الهرم هي نضوب الماء من خلايا الجسم وبالتالي حدوث التجفف والنشفان وانعدام المرونة في الأنسجة جميعها وعلى رأسها أنسجة الدماغ والأوعية والغضاريف والعظام، وبالتالي سهولة أصابتها بالأمراض نظراً لهشاشتها وصعوبة إجراء المداخلات الجراحية عليها.
ومن المعلوم أن الجسم يشعر بمضاعفات مرضية شديدة إذ فقد نسبة 10% من مائه وتتوقف الحياة فيه إذا بلغ النقص 40%، ولعلنا نستقرىء في ذلك الحكمة من الآية الكريمة التي تربط حياة الجسم وحيويته بالماء (وجعلنا من الماء كل شيء حي). ولقد جهز الخالق جسم الإنسان بمركز عصبي يقع في دماغه ينظم له ميزانية دخول وخروج الماء، وسبيله إلى ذلك الشعور بالعطش عندما يفتقد الجسم المزيد من الماء بزيادة نسبة الملح في أنسجته أو بازدياد ما يفقده من الماء بالطرق الآنفة الذكر..
وإن التعرق هو إحدى وسائل تعديل الجسم لحرارته الداخلية، فالجسم يتعرق ليلطف ويخفف من حرارته وليحافظ على درجة مثلى لقيامه بوظائفه الحيوية مهما اختلفت درجة الحرارة في الخارج، وعلى هذا فقد تصل كمية العرق عند الإنسان في البلاد الحارة إلى عدة ليترات يومياً ومن الطبيعي إذاً أن تزداد نسبة حاجة الجسم إلى شرب الماء عندئذٍ للتعويض عما افتقده، كما تزداد هذه الحاجة في فصل الصيف في البلدان المعتدلة كبلادنا لذا فمن المنطقي والمطلوب أن يزوّد الجسم بحاجته إلى الماء في هذه الفصول وينبغي على الأمهات أن يعطين أطفالهن الرضع كميات إضافية من الماء نظراً لحاجة أجسامهم ولأنهم لا يستطيعون التعبير عن عطشهم.
هذا ولا ننسى أن الحاجة للشرب تزداد عند تناول كمية كبيرة من الأملاح وكذلك عند مرضى السكري الكثيري التبوّل.
ويعتبر الجلد والنسيج الدهني خزان الماء الرئيسي في الجسم، وعلى هذا فإن الأدوية المستعملة لتخفيف الوزن ومكافحة السمنة يقتصر مفعولها على طرح الماء الزائد المخزون في هذه الأنسجة بالبول، غير أن هذه لا تلبث أن تستعيد ما فقدته من الماء بعد التوقف عن استعمال الدواء بوقت قصير كما أن عجز الكلى وقصورها وكذلك قصورات الكبد والقلب يؤدي إلى تجمع السوائل في أنحاء معينة من الجسم وتشكل الوذمات خصوصاً في الأطراف السفلية.
* مع الطعام نشرب أم لا نشرب:
رغم أن شرب الماء حاجة فيزيولوجية، لا غنى للجسم عنها بحيث أكدت التجارب إمكانية بقاء الإنسان فترات طويلة في حالة صبام عن الطعام فيما هو لا يقوى على البقاء دون تناول الماء ليوم واحد إلاَّ أن الكثير من الناس لا يحسنون اختيار التوقيت المناسب لإرواء أجسادهم من الظمأ، فهل عادة شرب الماء أثناء تناول الطعام هي عبارة عن عادة تعودها المرء أم حاجة، فالحقيقة أنها عادة أكثر منها حاجة حيث تحتوي الأطعمة عادة على كميات من الماء تكفي حاجة الجسم ولكن اعتاد البعض على الشرب أثناء تناول الطعام ليسهل عليهم ابتلاع اللقمة، على أن شرب كمية قليلة من الماء مع الطعام ليس فيه أي ضرر بينما شرب كميات كبيرة كما يحصل للبعض (بعد كل لقمة شربة) يؤدي لإشباع اللقمة بالرطوبة والحؤول دون تشربها باللعاب الذي يعتبر أولى عمليات الهضم كما أن الماء الكثير يؤدي إلى الإساءة لعملية الهضم بتخفيف كثافة حامض الكلور في المعدة الضروري لهضم البروتينات وبذلك تجبر المعدة على إفراز المزيد من العصارة لإتمام عملية الهضم، كما أن الماء يزيد من تمدد المعدة وهبطها، لذا على المصابين بالسمنة الاقتصاد في تناول السوائل لأن الدهن المتراكم في السمنة كما ذكرنا يمتص الماء ويزيد في انتفاخ الجسم. وعلى كل حال يجب الحفاظ على فيزيولوجية الجسم بالاستجابة للشعور بالعطش بالشرب على أن لا يكون هذا نتيجة إفراط في تناول ملح الطعام الذي يزيد كثافة الدم والسوائل في الجسم.