تجمعهم قضية واحدة استرخصوا من أجلها كل التضحيات وعشقوا لها الموت والشهادة.. هي الإسلام المحمدي الأصيل وهم رأس الحربة في الدفاع عنه والذود عن حياضه.
إنهم مجاهدو المقاومة الإسلامية الذين افترشوا الأرض فراشاً، واتخذوا من صخورها وسادة، يصبحون ويمسون يروحون ويجيئون في وعرها وسهلها وجبلها متربصين بشر أعداء الله والإنسانية القتل والهوان.. ويستشهدون.
نادتهم قدس الأقداس وهي قبلة المسلمين الأولى وقد دنستها حثالات اليهود والصهاينة وشذاذ الآفاق، وسمعوا نداء روح الله "يا للمسلمين" فاخترق قلوبهم قبل الأسماع وهبوا لله ملبين النداء يلقنون الصهاينة الغزاة الدروس والعبر، إنهم أبناء الإمام الخميني قدس سره ومحبوه والملتزمون بخطه ونهجه.
هم المجهولون مهما كانت آثارهم لامعة، فلا أحد يعرف قدرهم إلا أن يكون في حضرتهم ويعيش معهم، يأكل كما يأكلون، ويتعب كما يتعبون، ويسهر كما يسهرون، وينام كما ينامون، ويقاسي معهم البرد والحر وكل الصعاب.
رجال هم وأي رجال بل أي ملائكة هم... أردنا أن نتحسس أحاسيسهم ونتعرف على شعورهم وهم يرمقون القدس السليبة من بعيد في أجواء شهر الله المبارك واليوم العالمي للقدس الذي أعلنه الإمام الخميني قدس سره في آخر جمعة من شهر رمضان المبارك فأفادونا من هدي قلوبهم المستضيئة بنور الجهاد والحق والولاية، وكان هذا الحوار:
* ماذا يعني لك يوم القدس؟
يوم القدس هو يوم غلبة الحق وانهزام الباطل، هو (جاء الحق وزهق الباطل) هو يوم (إذا جاء نصر الله والفتح) هو يوم (كتب الله لأغلبن أنا ورسلي) هو يوم (كلمة الله هي العليا)هو يوم (ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون) هو يوم (من يتول الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون) مفاهيم الإسلام المحمدي الأصيل يستبطنها هنا اليوم، خلافة الإنسان في الأرض، السير إلى الله والجهاد في سبيله، عزة المؤمن بطاعته لله تبارك وتعالى وجهاده في سبيله. في يوم القدس يجتمع جلال الإيمان وهيبة الجهاد مع جمال الإيمان ورأفة الجهاد، عندما أتذكر يوم القدس يملأ كياني مشهدان:
الأول مشهد العزة التي أعطاها الله تبارك وتعالى للمؤمن وكل الآيات والأحاديث الشريفة التي تظهرها.
والثاني مشهد الإمام الخميني رضوان الله تعالى عليه- الذي أحيا الدين الحنيف وأخرج مفاهيمه من عالم النسيان والغفلة إلى عالم الذكر واليقظة ومهَّد لدولة الحق العالمية، اختصر كل ما يريد إيصاله إلينا بإعلانه هذا اليوم "يوم القدس" هذه المشاهد ممزوجة بمشاعر النصر الإلهي الذي لا بد آتٍ على أيدي أبناء أمة حزب الله.
* ما هو شعورك عندما تتذكر القدس في الأسر والمسلمون فيها محكومون للصهاينة؟
إن هذه الذكرى تسبر بي أغوار الزمن ويتراءى لي مسلسل الصراع بين الحق والباطل منذ بداية الخلق، بما حمل من معاناة للمؤمنين وتحمل المصاعب والبأساء والضراء في سبيل الله والعقيدة. وأتوقف ملياً أمام جولة كربلاء حيث تجلى في أصحاب الحق كل الصبر والأسى والمعاناة والعز والجهاد مقابل الظلم والجور والاضطهاد والذل والخنوع المستحكم في أصحاب الباطل، متغذياً منها بمشاعر الغضب والانتقام والأخذ بالثأر من أعداء الدين ومشاعر الحب والرحمة والرأفة للمؤمنين وخدمة خلق الله وعياله، فأصل إلى مجاهدي أبناء أمة حزب الله الذين أخلصوا دينهم فأخلصوا للقدس وأهلها وكانت عاشوراء زادهم في مسيرتهم الجهادية لتحريرها وأرى في الأفق القريب الجولة الأخيرة من مسلسل الصراع، يستعيد فيه المؤمنون قدسهم بنصر مؤزر ويحكمون الأرض كلها بالحق والعدل في الدولة العالمية لصاحب العصر والزمان أرواحنا له الفداء.
* ما هي وصيتك لأخوتك المجاهدين في هذا اليوم؟
تقصد ما هي وصية المجاهدين إلينا في هذا اليوم، لأن المجاهد يوصي ولا يوصى، فالمجاهد هو الواعي والمدرك والحكيم بينما غيره هو القاصر والجاهل. المجاهد يوصينا بجهاده وإيمانه وسيره إلى الله تعالى بأن لا نعبد إلا الله ولا نركز إلاَّ إليه ولا نعمل إلاَّ في سبيله ولا نفتش إلاَّ عن رضاه وأن تكون الآخرة ورضا الله تبارك وتعالى مبلغ همنا والطريق الأقرب الذي لا شك يوصلنا إلى مبتغانا هو الجهاد في حياة الدين وعز المؤمنين وبه انتصار الحق وزوال الباطل. يوصينا بأن نكون في غاية الشدة مع أعداء الدين وأنه كلما زادت التضحيات اقترب النصر وتحقق الوعد الإلهي، والنصر قادم لا محالة فلنجاهد بكل ما أوتينا لنكون جزءاً من هذا النصر وإلاَّ أتى الله بقوم آخرين يحققون وعده.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته