أذكار | أذكار لطلب الرزق مع الإمام الخامنئي | سيّدة قمّ المقدّسة نور روح الله | الجهاد مذهب التشيّع‏* كيـف تولّى المهديّ عجل الله تعالى فرجه الإمامة صغيراً؟* أخلاقنا | الصلاة: ميعاد الذاكرين* مفاتيح الحياة | التسوّل طوق المذلَّة* الإمام الصادق عليه السلام يُبطل كيد الملحدين تسابيح جراح | بجراحي واسيتُ الأكبر عليه السلام  تربية | أطفال الحرب: صدمات وعلاج اعرف عدوك | ظاهرة الانتحار في الجيش الأميركيّ

أمراء الجنة: الشهيد السعيد أسعد محمد شبشول


أحمد سعيد نعمة


عندما اقرأ وصية مربية لشهيد فإنّني أشعر بالحقارة والضعة. الإمام الخميني قدس سره

وُلِد الشهيد أسعد محمد شبشول في بيروت سنة 1971 م في منزل والديه في الشياح شارع عبد الكريم الخليل، حي الجامع سابقاً.
عاش طفولته في داخل المنطقة، وكان لديه الروح المرحة والحنان والعطف منذ صغره، وكان محباً للناس وخدوماً لهم.
درس في مرحلته الابتدائية حتّى الخامس ابتدائي في مدرسة داخل المنطقة، ولم يتسنَ له المتابعة وذلك بسبب مرض والده الذي أجلسه في المنزل ما جعل الشهيد مع أخيه يعملان من أجل الصرف على والديه وأخوته وباقي الاحتياجات المنزلية.

وللشهيد أسعد أخ واحد أكبر منه وأربع أخوات بنات، وكلّهم متزوجون.
كان الشهيد منذ صغره ملتزم بالدين الإسلامي بشكل كلي، وكان يحثّ أخوته على ذلك ما جعل أخته تتحجب وتلتزم الصلاة، ومن مميزاته قيامه بالواجبات الاجتماعية على أتم وجه.
وبعد وفاة والده قام بتخيير نفسه وأخاه إمّا أن يقدّم نفسه إلى المقاومة أو أخاه ليك يبقى أحدهما لإعالة والدته بعد الاستشهاد، وكان هذا التخيير كافياً للاختلاف في الرأي، إلاّ أنّ الشهيد أصر على أن يكون هو الفائز بعد أن قال لأخيه: أنت لا تستطيع المشي كثيراً والركض وصعود الجبال لأنّ في رجلك سيخ فضة بسب الحادث السابق.
وهكذا التحق الشهيد أسعد في المقاومة الإسلامية، وكان حتى أثناء تطوعه في الجهاد لا ينسى أمه دائماً، حيث كان يقوم بواجباته تماماً تجاه والدته وأخوته.
عاش الشهيد حياة الأمة الإسلامية وهمّ التبليغ وهداية الناس، طريق الحق والجهاد والمقاومة الإسلامية، وكان همّه الوحيد إيصال الناس إلى خطّ الولاية لأهل البيت عليهم السلام والتي هي عبر خط الإمام الخميني قدس سره الممتدة إلى الإمام الخامنئي.

وجعل هذا الهمّ على عاتقه دوماً وفي المجالس والأماكن كافة، وكان لعمله هذا ثمار جيدة مع بعض الناس منهم بنات عديله الصغار (6 سنوات و 9 سنوات) الأمر الذي دعاهن إلى الحجاب في هذا السن.
وقد شارك الشهيد في عدّة دورات ثقافية في مستويات جيدة، وكان حريصاً على حضور بعض المحاضرات والندوات وجلسات الحوار والنقاش المختلفة، الأمر الذي جعل للشهيد قدرة جيدة في المحاورات لإقناع الناس بالدين المحمدي الأصيل وحب أهل البيت عليهم السلام وخط المقاومة الإسلامية.
أمّا حياته العبادية مع الله سبحانه وتعالى فهي حقاً محطة كبرى، حيث كان يقوم بجميع الواجبات على أكمل وجه، إضافة إلى التزامه بالكثير من المستحبات، وكان معروفاً بقراءة القرآن والدعاء في كلّ الأيام والليالي دون استثناء، ولم يكن ينسى أبداً زيارة مولانا الإمام الحسين عليه السلام وطلب الشهادة في سبيل الله بين يدي أهل البيت عليه السلام وصاحب العصر عجل الله فرجه الشريف والولي الفقيه، وكانت أخته (زهرة) تستيقظ في معظم الليالي على صوت صلاته أو دعائه أو قراءته للقرآن.
وكان له دعاؤه المعهود بعد كلّ صلاة أو في آخر سجود له "اللهم بحق الحسين عليه السلام أشفِ صدر الحسين عليه السلام بظهور صاحب الأمر عجل الله فرجه الشريف وطلب الشهادة وتبييض الوجه عند الزهراء عليها السلام.

أما روحيته العالية فكانت من سماته البارزة بين معارفه، ومن دلائلها القاطعة التحاقه في سرايا الاستشهاديين، وكثيراً ما كان يطلب الشهادة في سبيل الله حتّى عندما يذهب لزيارة أخوته الشهداء في روضة الشهيدين كان يتفقد المكان هل لا زال لديه مكان للدفن بينهم ويستعجل ذلك حباً بالالتحاق بالذين سبقوه على درب أبي عبد الله الحسين عليه السلام.

وتروي أخته (أم علي) أنّه ذات يوم جاء إلى منزلها بعد عودته من إحدى العمليات الجهادية وكان الشوك قد أكل جسده الطاهر، فبدأ الشهيد بسحبهم بالإبرة حتّى أدمى جسده حينها أخذت أخته بالبكاء.
وكان الشهيد قد كتب وصيته قبل يومين من استشهاده وكان يمهّد لموضوع استشهاده أهل وزوجته وكلّ من يلقاه وأنّها ربما تكون قريبة وقد سجّل شريط كاسيت للغاية ذاتها.

وتقول أخته أم علي (زهرة) أنّه أفاق ذات ليلة عندها من ليالي شهر رمضان المبارك وهو يقول أنّه شاهد في المنام أنّه استشهد وأنّ هذه الأيام هي عاشوراء وأنّه يغسل ويكفن، وأثناء ذلك أخذ أحدهم يقرؤه الزيارة وعندما وصل إلى "السلام عليك يا مولاي يا ابا عبد الله" جلس الشهيد على المغتسل وانحنى وسلّم على الحسين عليه السلام ثمّ تمدّد إلى المغتسل، وكان شهادته المباركة حقاً في عاشوراء وتفسيراً لما رآه الشهيد في منامه.
وكما تقول زوجته أنّه كان يحدّثها طوال الشهر الأخير بالشهادة والصبر والوصية بالولد، وأنّه إذا جاء المولود ذكراً فسميه (محمد الهادي: وإذا كانت أنثى فسميها(نور) وسجّل الوصية أمامها وكأنه يعلم ويشعر بقرب شهادته.
وهكذا التحق الشهيد بأخوته الشهداء الذين سبقوه وكانت ملحمته البطولية على مشارف علي الطاهر خاتمة عمليات المظفرة فسلام عليه يوم ولد ويوم استشهد ويوم يبعث حياً.

* من وصية الشهيد أسعد شبشول:
بسم الله الرحمن الرحيم
 ﴿إِنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللّهِ فَاسْتَبْشِرُواْ بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾. صدق الله العظيم...

وصيتي الأولى والأهم:
إلى أخوتي وأحبت مجاهدي المقاومة الإسلامية أوصيكم أن تحافظوا على خطّ الشهداء الذين نالوا القسيمة الإلهية إلى الجنة وإلى لقاء سيد الشهداء أبي عبد الله الحسين وإلى لقاء الله والرسول وجميع الصالحين وهو بالمضي بخط المقاومة الإسلامية لدحر كلّ الطغاة والكفار وجميع أعداء الله وأعداء الإنسانية والإنسان وهم اليهود. أخوتي أحب أن أقول لكم ولكل من يملك الضمير والحمية والدفاع عن أغراض المسلمين وعن المقدسات المغتصبة إذا أراد أن يوسوس الشيطان لا سمح الله في أذهانكم. أن تفكروا يوماً من الأيام أن تتخلوا عن هذا الخط لو أنّ لأيّ أحد منا أباً وأختاً وقريباً في معتقلات الصهاينة كيف يكون إحساسك في هذا الوضع.

فلذلك، يجب أن نفكر بأنّ كلّ آباء الجنوب وهم آباؤنا وكلّ الأخوات والأمهات هن أخواتنا وأمهاتنا حتّى نكون حقاً مؤمنين حسينيين ومجاهدين وشهداء على الناس يوم القيامة عندما نصل إلى هذه المرحلة نكون بإذن الله تعالى كما أراد أبو عبد الله الحسين عليه السلام. وأيضاً أريد أن ألقي الحجة على كلّ الذين يعيشون في واقعنا أي الواقع الإسلامي أي في الجنوب وإلى الذين يتكلمون على المجاهدين بأنّهم أناس يذهبون إلى الموت أقول لكم أنّكم أخطأتم إذا ظننتم بأنّ من يُقتل في سبيل الله هو ميت والدليل على ذلك قوله تعالى  ﴿وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُون﴾َ .
أقول لكم هذا في قوله تعالى: ﴿فَذَكِّرْ إِن نَّفَعَتِ الذِّكْرَى﴾ إنّنا ارتضينا المضي في هذا الخط والقتل في سبيل الله أنّ لنا الجنّة فهنيئاً لنا جنتنا وهنيئاً لكلّ من يتذكر. ونقول لكم هنيئاً لكم دنياكم وهنيئاً لنا آخرتنا.

* من يبارك هذه الأرض
من حمرة دمك تلون الشفق على الأفق لتبقى الشاهد والمنذر أنّك رحلت، غربت شمس هذا اليوم، توارى النور وعمرت الظلمة البطاح والأودية.
قليلة كانت أيامك بيننا وأقل منها كلمتك مثل كوكب سحر أفلت، هكذا تضمحل الأثمار وكالفيء تزول الأيام. من يستطيع أن يبسط ساعات عمره أمام عينيه؟ هو شهيد بسطت جناحك في الشمس فصار ظلاً على الأرض يحمي بين دفتيه كلّ الذين هربوا من فتنة الموت.
لم ترضَ أن تكون عبداً تعساً متصاغراً فالحياة تفتش عن الحياة في أجسام الذين لا يخافون القبور.
جسدك قيثارة نثفك، وحدك الذي تستطيع أن تخرج منها أنفاساً فتانة.
من يبارك هذه الأرض؟ أنت أنت الذي دست على التراب فأصبح تبراً.
أنت الذي دست على الأشواك فحولتها زهراً.
من أكمامها يفوح العبير ومن عبقه تزكم أنوف الجبابرة والظلمة. الأرض والأشواك تبتهج بملامسة أقدامكم والرياح تتوق إلى مداعبة بنادقكم.
من يبارك هذه الأرض، أسعد
لولاك والذين رشفوا من معين الشهادة لما حولنا نظرنا نحو الشمس كي لا نرى ظلّ أجسادنا بين الجماجم.
أمام عرش الحرية الذي صنعته تفرح الأشجار بمداعبة النسيم وفي فضائه تسكب الأزهار عطر أنفاسها.
أسعد،
أنت القوة الصامتة المستترة في أعماقنا التي تظهر فينا شديد العزم.
أنت الجفن الذي نحفظ به العين،
أنت السنديانة المغطاة ببراعم التفاح الجميلة.
أسعد،
إنّ في صدري ألوفاً من قبور المحبين الذين حنطتهم الدموع.
لن أجعل ذكراك كورقة خريف سقطت فكفنها التراب.
عندما يجمعنا شفق الذكرى مرة أخرى حينئذٍ نتكلم معاً.


 

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع