نور روح الله | يوم القدس: يوم الإسلام* إلى قرّاء القرآن: كيف تؤثّرون في المستمعين؟* أخلاقنا | ذكر الله: أن تراه يراك*  مفاتيح الحياة | الصدقات نظامٌ إسلاميٌّ فريد(2)* آداب وسنن| من آداب العيد  فقه الولي | من أحكام العدول في الصلاة مـن علامــات الظهــور: النفس الزكيّة واليمانيّ* تسابيح جراح | بالصلاة شفاء جراحي صحة وحياة | الرّبو والحساسيّة الصّدريّة تاريخ الشيعة| شيعة طرابلس في مواجهة الصَّليبيّين

شؤون المرأة: دور المرأة في الحرب‏

هدى مرمر

 



نظر الإسلام إلى المرأة على قدم المساواة مع الرجل وخاطبها في القرآن الكريم كما خاطب الرجل تماماً وكلّفها بمثل ما كلف به الرجل ولم يفرّق بينهما في الواجبات والأجر ﴿...أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ (آل عمران: 195) وبالتالي إذا كان من وجود لأحكام خاصة لكل منهما فهي موجودة لكي تتناسب مع طبيعتهما وخصوصياتهما. فإذا لاحظنا الخطاب القرآني لكل منهما نراه يطلب من كليهما أداء مهمات ووظائف عظيمة في المجتمع أهمها:

* مهمة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
﴿َالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ (التوبة: 71)، فبعضهم أولياء بعض يشكلون مجتمعاً واحداً وجبهة واحدة ضد المنكر والفساد والظلم الذي يعد من أكبر المنكرات الواجب مكافحتها. إذاً هم يتحملون مسؤولية التصدي لأعداء اللَّه.

* وظيفة الخلافة
﴿... إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً (البقرة: 30) وهي تشملهما معاً كعنصر إنساني، فالرجل مستخلف والمرأة مستخلفة، وبالتالي فإعمار الأرض وإقامة العدل ودفع الظلم والتسلط والجور وتطبيق المشروع الإلهي وتحقيق أهدافه هي من مسؤولية المرأة كما هي من مسؤولية ومهمة الرجل. من هنا يمكن أن تطرح تساؤلات من قبيل: إذا كانت المرأة مكلّفة كالرجل وتقع عليها مسؤولية دفع الظلم والعدوان من ضمن المسؤوليات والتكاليف المطلوبة منها، فما هو تكليفها ودورها أو أدوارها التي يمكن أن تقوم بها في حالة وقوع الحرب والدفاع عن المجتمع في وجه المعتدين؟ هل يمكن أن يكون للمرأة مشاركة فاعلة في هذا المجال أم أنّ موقفها موقف المتفرج حتى تضع الحرب أوزارها، والمنتظر لما ستسفر عنه الأحداث؟ في الإجابة، لا بد في البداية من القول أن الشارع المقدس اعتبر أنّه إذا وقع أيّ اعتداء على المجتمع يحتّم على كل مكلف الدفاع عنه بأية وسيلة بلا قيد وشرط(1) لأنّ قضية الجهاد الدفاعي هي مسألة عامة وهي مختلفة عن قضية الجهاد الابتدائي الذي له شروطه ويشمل أشخاصاً معينين ويختص بفئة معينة(2). ||

وفيما يتعلق بدور المرأة هنا يقول الإمام الخميني قدس سره: "إذا ما حدث في وقت ما هجوم ضد البلاد الإسلامية فإنّ على الجميع نساء ورجالاً أن يهبوّا للدفاع. إنّ أمر الدفاع لا يقتصر على الرجل دون المرأة أو على فئة دون أخرى بل يجب على الجميع التحرك والدفاع عن البلاد"(3). إذن للمرأة دور في قضية الجهاد الدفاعي وهذا الدور ليس جديداً في قاموس المرأة المسلمة على وجه الخصوص، إذ أنّها على مرّ التاريخ الإسلامي كان لها أدوار جليلة وعظيمة أثناء الحروب والغزوات من بث روح الجهاد والحميّة في نفوس المقاتلين والمجاهدين ودفعهم إلى سوح الوغى، إلى حثّها الرجال على القتال أو حتى مشاركتهم الفعلية فيه (كما يروى عن نسيبة بنت كعب المازنية في غزوة أحد وصفية بنت عبد المطلب يوم الخندق وأم وهب في معركة كربلاء وغيرهن الكثير من النماذج النسائية المجاهدة) إلى مداواة الجرحى والمرضى وتهيئة الطعام وسقاية العطشى إلى المشاركة في تنظيف السلاح ونقله... وغير ذلك من المشاركة المشرّفة.

من هنا يمكن لنا أن نقدّر الأدوار التي يمكن أن تقوم بها المرأة إلى جانب الدور الجهادي المباشر في التصدي، الأمر الذي يرجع للقيادة الشرعية تكليفها به أن دعت إليه الحاجة وبقدر استطاعتها وقدراتها، إضافة إلى إمكانية لعبها دوراً هاماً جداً يتمثل في نقل المعلومات والسلاح وما يحتاج إليه المجاهدون في أعمالهم الجهادية...

1- الدور التعبوي: ويتمثل في بث الشجاعة والعزيمة والحماس في المجتمع والتصدي لروح التخاذل والاستسلام، ولعلّ أكثر ما يبرز في هذا الجانب دفع المرأة زوجها وإخوتها وبنيها إلى ساحة الجهاد والاستشهاد دون أن تشكّل عائقاً أو مؤخراً أو مثبطاً للعزائم، وهذا له تأثير كبير على نفس المجاهد واندفاعه وعلى المحيط أيضاً، كما أنّ تقبّلها وافتخارها بشهادته يرفع من الروح المعنوية في المجتمع ويدفع الآخرين للاحتذاء بها، إضافة إلى تواجدها في الأماكن التي تتطلب منها حضوراً قوياً كالتجمعات والتظاهرات الداعمة للخط الجهادي والذي من شأنه أن يُولِّد حالة من الالتفاف (أقله الالتفاف الشعبي) حول خيار المقاومة.

2- الدور الاجتماعي: ولعله من أوسع المجالات التي تستطيع المرأة أن تتحرك فيه وتنجح به بما تملكه من تأثير كبير في الجانب المعنوي والعاطفي ولما يتطلبه هذا الدور من:
أ - مؤازرة ومؤاساة لعوائل الشهداء والجرحى والأسرى ورعايتهم والاهتمام بأوضاعهم وإشاعة أجواء التضحية والصبر والثبات على المواقف لديهم للسير على خطى الشهداء والمجاهدين.
ب- تفقد عوائل المجاهدين حيث أنّ المجاهد نتيجة انشغاله بشؤون الحرب تكون عائلته أحوج لمن يتعاهدها ويتفقدها، وتكون حركة المرأة باتجاه هذه العائلة أنجح لتكون أقرب إلى زوجة المجاهد ومعرفة متطلباتها فضلاً عن أهمية العامل المعنوي الذي من الممكن أن تقوم به في هذا المجال والذي يلعب دوراً كبيراً بتقبل وضع المجاهد والثبات على نهجه.
ج- الاهتمام بالمهجرين والنازحين من المناطق التي تتعرض للقصف إلى مناطق أخرى أكثر أمناً، وهذا الأمر يمكن أن تساهم به المرأة من خلال حضورها ومتابعتها اليومية لأوضاعهم حيث أنّ ظروف الإقامة المؤقتة عادة تحتاج للكثير من العناية الصحية والبيئية وتأمين الحاجيات الضرورية من مأكل وملبس ومشرب... الخ.

3- الدور الصحي والبيئي: ويبرز من خلال تقديم الإسعافات الأولية للجرحى والمصابين من جهة، ومعالجة المعوقين والمرضى من جهة أخرى إضافة إلى تأمين الأدوية والطبابة والتركيز على موضوع الوقاية من الأمراض وهذا المجال ربما يكون من أكبر المجالات التي تحتاج إلى وجود المرأة أثناء الحرب، نظراً لاحتمال وقوع الإصابات أو تفشي الأمراض...، كما يمكن للمرأة أن تقوم بالتوعية على أمور النظافة لمنع الوقوع بالأمراض خصوصاً في أماكن النزوح التي ربما لا تتوفر فيها أجواء بيئية وصحية ملائمة.

4- الدور التربوي: ولعل هذا الدور يسبق الفعل الجهادي إذ أن المرأة حينما تربي أبناءها تربية جهادية رسالية تكون قد شاركت بشرف الجهاد لأنها ستشكّل الحافز الأول لدفعهم إلى الجهاد.

5- الدور الإعلامي: كلنا يدرك الدور الإعلامي الكبير في تعبئة الرأي العام وتوعيته إضافة إلى نقل الحقائق وما يجري على أرض الواقع، والمرأة يمكنها أن تبث الوعي تجاه مخططات العدو وأهدافه ومؤامراته وأن ترفع من الروح المعنوية والجهادية وتشيع أجواء الالتفاف حول المقاومة ودعمها في المجتمع وبالتالي إيجاد حالة تصدي فعلية للعدو بشكل عام مع عدم إغفال أهمية التأثير النفسي المحبط لمعنويات العدو الذي يمكن أن تقوم به في عملها الإعلامي.

6- الدور التثقيفي: ويمكن أن تبدأ به المرأة من منزلها ومحيطها ومن خلال الزيارات واللقاءات والمحاضرات والندوات المختلفة على كافة الصعد (الثقافية، التربوية، السياسية، الاجتماعية، وقضايا البيئة والصحة...)، الأمر الذي يساهم في الوصول إلى الأهداف التي تحقق التماسك داخل المجتمع وتعالج المشاكل المرافقة للحرب. من خلال ما مرّ يتضح لنا أهمية الدور الذي تضطَّلع به المرأة في كلّ الظروف وخاصة في فترة الحرب، ويكتسب هذا الدور أهمية أكبر كلما قامت به المرأة بشكل جماعي أي من خلال جمعيات ومؤسسات وهيئات نسائية حيث تتضافر كلّ الجهود والطاقات للقيام بهذا الدور الكبير، ولا يخفى أن هذا الحضور القوي للمرأة سيعني حضور الرجل أيضاً والصغير والكبير، والشاب والشيخ وكل المجتمع ليشكلوا بأجمعهم أرضية التمهيد لظهور صاحب العصر والزمان عجل الله فرجه الذي سيملأ الأرض قسطاً وعدلاً بعدما ملئت ظلماً وجوراً .


(*) مديرة معهد سيِّدة نساء العالمين مجمَّع القائم عجل الله فرجه
(1) تحرير الوسيلة للإمام الخميني قدس سره، فصل في الدفاع، ج‏1.
(2) الإمام الخميني قدس سره، مكانة المرأة في الإسلام، ص‏248.
(3) المصدر السابق، ص‏248.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع