نور روح الله | يوم القدس: يوم الإسلام* إلى قرّاء القرآن: كيف تؤثّرون في المستمعين؟* أخلاقنا | ذكر الله: أن تراه يراك*  مفاتيح الحياة | الصدقات نظامٌ إسلاميٌّ فريد(2)* آداب وسنن| من آداب العيد  فقه الولي | من أحكام العدول في الصلاة مـن علامــات الظهــور: النفس الزكيّة واليمانيّ* تسابيح جراح | بالصلاة شفاء جراحي صحة وحياة | الرّبو والحساسيّة الصّدريّة تاريخ الشيعة| شيعة طرابلس في مواجهة الصَّليبيّين

اعرف عدوك‏: أعمدة إسرائيل السبعة(2): الإرهاب‏

حسن زعرور

 



"ماذا لو قتلنا من العرب مليوناً؟ إثنين، ثلاثة، ستة ملايين؟ ماذا سيحدث؟ سيكتب التاريخ عنّا صفحتين فقط مجللتين بالسواد، ولكن ثمن ذلك سيكون عظيماً. الذي سيحدث أنه بالرغم من الجرائم التي نرتكبها سنجد الكثيرين يتمسّحون بنا، من موسكو إلى بكين إلى واشنطن وكل العالم، ويتوددون إلينا، ويخطبون ودنا بالرغم من الدماء التي تلطخ أيدينا"(1). هذه الحقيقة على عريها ووحشيتها هي صورة صادقة عن معدن الإرهاب الإسرائيلي، المتأصل في الذات الإسرائيلية، والمتوارث بين أجيالها، والذي يعتبر جوهر القومية الإسرائيلية ووجودها واستمراريتها، وأساس بقاء الدولة العبرية على التراب الفلسطيني.

*عيون التاريخ‏
"الذئب والحمل لن يعيشا معاً إلا في آخر الزمان، وحتى يحين ذلك الوقت فإنني أفضل أن أكون ذئباً"(2). هذه العقيدة العدوانية الفوقية متأصلة في الكينونة الإسرائيلية. فكم أبلغتنا التوراة التي حرّفوها عن فخرها بتلك الوحشية وعن وعن... وكيف أن يشوع ذبح أطفال ونساء وشيوخ الشعوب الأخرى، وكيف أحرق أريحا وعشرات القرى الآمنة الأخرى(3) وساعد على إبادة الأطفال والنساء لأنهم غير إسرائيليين. عندما قام الإسرائيلي باركوخبا (132 135م) بثورته ذبح أنصاره الآلاف من العائلات الرومانية والجنود، وجعلوا من أمعائهم أربطة لأثوابهم يتزينون بها. والمسيحيون الأولون كثير منهم أحرقوا أحياء، وآلاف الأمثلة التاريخية الأخرى، وكلها تدل على أن الارهاب متجذر في الشخصية الإسرائيلية، يدلنا على ذلك قول موشيه دايان "حتى بعد القتل والمجازر الأكثر دموية، لا شي‏ء يمنعكم عن النوم بهدوء كما ينام الطفل"(4). الإرهاب الإسرائيلي الحديث‏ تقول أغنية إسرائيلية: "بالدم والنار تنهض جودا بالدم والنار تبقى جودا"

رغم كل الإغراءات فشلت الصهيونية في دفع الهجرة اليهودية نحو فلسطين. وللخروج من هذا المأزق كان لا بد من حرب، وفي أيلول 1933 صرّح بن غوريون "لقد عادت علينا الحرب العالمية الأولى بوعد بلفور وستعطينا الثانية دولة يهودية"(5) وذلك قبل خمس سنوات من قيام الحرب العالمية الثانية. إنطلقت المنظمات الإسرائيلية للعمل على محورين محور اتجاه الأفراد والدول الأجنبية المعنية بالقضية الفلسطينية، ومحور آخر يهدف إلى تهجير العرب من فلسطين لتحقيق مقولة "أرض بلا شعب لشعب بلا أرض"(6). في البدء وبسبب محدودية القدرة العسكرية والتعبوية لهذه المنظمات، إتخذت العمليات الإرهابية شكلاً عشوائياً في إنتقاء الأهداف، من منطلق حكمة إسرائيلية تقول "إن كمية الدم المسفوك هي الإختيار الوحيد للفعل التاريخي، وليس مهماً جوهر هذا الدم". وعليه تم قتل عشرات الأبرياء من العمال والنساء والأطفال لكتابة التاريخ الإسرائيلي. عام 1938 تطور الفكر الارهابي والعمليات "نحن الإسرائيليين... همنّا تكنيس أرض إسرائيل من الروح الإسلامية"(7).

وعمليات التكنيس الارهابية تجلّت في زرع العبوات الناسفة بين المدنيين، في أسواق الخضار وباحات المساجد وأماكن تجمّع العمال، وخلال أشهر قليلة سقط 170 شهيداً وخمسماية جريح. لم يكن الإسرائيليون قادرين على مواجهة العرب، ووجد بن غوريون الحل ب"القيام بمذابح لترويع العرب وإحلال الفوضى والهزيمة بين صفوفهم"(8). وقد توالت المجازر التي تجسد فيها الارهاب الصهيوني بأبشع صوره. ففي دير ياسين ذُبح الشيوخ وبُقرت بطون الحوامل ومزق الأطفال إرباً وبعضهم أمام أمهاتهم، جردت النساء من الحلي والثياب وأُخذن عرايا في عربات مكشوفة ليعرضن في شوارع القدس(9) وليقتلن بعد ذلك بوحشية بحسب مندوب الصليب الأحمر الدولي الطبيب السويسري جاك دورينيه. ويؤكد المؤرخ ارنولد توينبي "أن الصهاينة عاملوا عرب فلسطين بكل وحشية"(10). بعدها مباشرة جرت مجازر في العديد من القرى مما دفع الفلسطينيين للفرار من قراهم بعدما تخلت عن حمايتهم القوات البريطانية بالاتفاق مع الإسرائيليين وانهارت خطوط المقاومة الفلسطينية تباعاً، سقطت طبريا ثم حيفا ثم يافا وبعدها كامل التراب الفلسطيني.

* تطوير العمليات الإرهابية
عقب فشل عملية بغداد، وفضيحة لافون في مصر وضعت الدولة العبرية أسس استراتيجية جديدة لمنظومة عملها الإرهابي هي:
1 - الإرهاب المنظم‏
البند أ: العمليات السرية، وتشمل عمليات اغتيال لا يتم الإعلان عنها وقد يكتشف بعضها بطريق الصدفة.
ب - العمليات المعلنة: وتهدف لرفع معنويات الشعب الإسرائيلي وخلق هالة عن الإسرائيلي السوبر.

2 -الإرهاب الفوضوي‏
يعد الإرهاب الفوضوي الأكثر فائدة للدولة العبرية وأشدها إيذاءاً للدول والمجتمعات المعادية لها، وهو يشتمل على إثارة النعرات الطائفية والمذهبية والعرقية والقبلية والسياسية واستثمار الحوافز الخلافية لإبعاد إسرائيل عن أولوية الصراع. وتستغل فيها الدولة العبرية منظمات إنسانية وحقوقية وخدماتية ومنظمات خيرية ومنظمات تحررية موالية أو معادية لها على حدٍّ سواء، يسارية أو يمينية لا فرق، على غرار المنظمات القائمة في أفغانستان أو العراق حالياً.

3 - قاعدة الطرف الثالث‏
تحت حجة مواجهة الإرهاب الذي اختلقته إسرائيل في الأساس وصولاً لهذه الغاية يتولى مكتب "تسوريخ يديعوت هاسوفوت" ومنظمة "لاب" في وزارة الدفاع الإسرائيلية، التنسيق مع الأجهزة الأمنية العربية والغربية. تتولى الأنظمة الأمنية العربية تزويد "لاب" بآلاف الوثائق التي لديها عن "الإرهابيين العرب" أمثال أعضاء منظمتي الجهاد الإسلامي وحماس الفلسطينيين وحزب اللَّه اللبناني، كما تقوم أجهزة المخابرات الغربية الأميركية والفرنسية والايطالية والألمانية والانكليزية والأوسترالية بالتنسيق الكامل وتبادل الوثائق والمعلومات عن العرب في تلك البلدان مع المنظمة المذكورة، كما تقوم الأجهزة الأمنية العربية والغربية كل في نطاقه بعمليات خاصة (الطرف الثالث) بالتنسيق مع "لاب" تشمل مطاردة واعتقال عناصر "اللائحة الحمراء" التي يصدرها مكتب تسوريخ "إن قيامنا بدفع طرف آخر ليتولى تنفيذ العمليات الإرهابية عنا براعة منا نلعب بها"(11)، وما يخيف فعلاً أن كثيرين لا يحسنون قراءة التاريخ، وإن قرأوا يهتمون بالحدث اليومي وما يزرع في عقولهم عن براءة الذئب الإسرائيلي!


(1) عاموس عوز، كتاب "حبّ متأخر" (أهافا مئوحيرت).
(2) شبطاي طيفت، كتاب "مكشوفون في برج دبابة" (حسونيم بتسريح)، ص‏149.
(3) سفر يشوع، الإصحاح 6 وما بعده.
(4) جاك بينودي، كتاب تساحال، ص‏92، شركة المطبوعات الشرقية.
(5) إيفان دونيف، كتاب "الصهيونية بلا قناع"، ص‏51، دار الفارابي.
(6) ليف عامي شلومو، كتاب "في النضال والثورة" (بمأفاك أو فميرد)، ص‏79.
(7) يعكوف شافنيت نقلاً عن جابوتنسكي، كتاب "الصهيونية والمسألة العربية"، ص‏74.
(8) جريدة النهار، بيروت، العدد 3962، تاريخ 5 آب 1948، الصفحة الأولى.
(9) تأليف نادي كتاب الساعة الهندي، كتاب "فلسطين مشكلة ماثلة"، ترجمة محمد جديد، دمشق، ص‏14 15.
(10) أرنولد توينبي، كتاب "فلسطين جريمة ودفاع"، ص‏12، دار العلم للملايين.
(11) جاك تيلور، كتاب "أوراق الموساد المفقودة"، ص‏72، دار نادر.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع