نور روح الله | يوم القدس: يوم الإسلام* إلى قرّاء القرآن: كيف تؤثّرون في المستمعين؟* أخلاقنا | ذكر الله: أن تراه يراك*  مفاتيح الحياة | الصدقات نظامٌ إسلاميٌّ فريد(2)* آداب وسنن| من آداب العيد  فقه الولي | من أحكام العدول في الصلاة مـن علامــات الظهــور: النفس الزكيّة واليمانيّ* تسابيح جراح | بالصلاة شفاء جراحي صحة وحياة | الرّبو والحساسيّة الصّدريّة تاريخ الشيعة| شيعة طرابلس في مواجهة الصَّليبيّين

قراءة في كتاب: أسرار الحج من المحجّة البيضاء


إعداد: محمود دبوق


الكتاب: أسرار الحج من المحجّة البيضاء
الناشر: دار المرتضى

"من مات ولم يحجّ حجّة الإسلام ولم يمنعه من ذلك حاجة تجحف به أو مرضٌ لا يطيق فيه الحجّ أو سلطان يمنعه منه فليمت يهودياً أو نصرانياً" تظهر من خلال حديث الإمام الصادق عليه السلام أهمية هذه الشعيرة العظيمة من شعائر الإسلام، فإن الحج من بين أركان الإسلام ومبانيه عبادة العمر وختام الأمر وتمام الإسلام، وكمال الدين فيه، ونحن ما يعنينا من هذا الكتاب القيم هو فصوله التي تُعنى بأعمال هذه العبادة وفضائلها إلى آدابها الدقيقة وأعمالها الباطنة تاركين للقارئ الكريم ما يلي هذه الفصول من ملحق أعمال الحج للاستفادة منها بعونه تعالى.

*فضائل الحج والبيت ومكّة
قال تعالى ﴿وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِر(الحج 27). قال قتادة: "لما أمر الله عز وجل إبراهيم عليه السلام أن يؤذن في الناس بالحج نادى يا أيها الناس إن لله بيتاً فحجّوه فأسمع الله نداءه كل من يريد الله أن يحجّ من ذريته إلى يوم القيامة". يبتدئ الكتاب الحديث حول فضيلة الحج، ففضيلة الحج قد رفع الإسلام من شأنها إلى مرتبة عظيمة، وجملة الأحاديث الواردة في ذلك تشير إلى عدّة فضائل تستحق التوقّف عندها ومنها أن الذي لا يزور الجبار جل جلاله إلى بيته في كل خمس سنوات فهو محروم، ومنها قضاء الحوائج وأن المتخلف عنها فما ذلك إلا بذنب اقترفه وما يعفو الله أكثر، وأن الحجّ والعمرة ينفيان الفقر، وفي الصحيح: "الحاجّ ثلاثة أصناف: صنف يعتق من النار، وصنف يخرج من ذنوبه كهيئة يوم ولدته أمّه، وصنف يحفظ في أهله وماله وهو أدنى ما يرجع به الحاجّ". وهناك فضائل أخرى، ومنها فضيلة البيت ومكّة، وفي ذلك روى سعيد بن عبد الله الأعرج عن أبي عبد الله عليه السلام قال:" أحبّ الأرض إلى الله عز وجل مكّة، ما تربة أحبّ إلى الله عزّ وجلّ من تربتها، ولا حجر أحبّ إلى الله عزّ وجلّ من حجرها، ولا شجرة أحبّ إلى الله عزّ وجلّ من شجرها، ولا جبال أحبّ إلى الله عزّ وجلّ من جبالها، ولا ماء أحبّ إلى الله عزّ وجلّ من مائها". كما روي في الكعبة المشرفة "أن من نظر إلى الكعبة لم يزل يكتب له حسنة ويمحى عنه سيئة حتى يصرف بصره". وقال الإمام الصادق عليه السلام: "إن لله تبارك وتعالى حول الكعبة عشرين ومائة رحمة منها ستون للطائفين، وأربعون للمصليّن، وعشرون للناظرين".

*كراهة المقام بمكّة
قال أبو حامد: "كره الخائفون المحتاطون من العلماء المقام بمكّة لمعان ثلاثة: أحدها خوف التبرّم والأنس بالبيت، فإن ذلك ربما يؤثر في تسكين حرقة القلب في الاحترام، والثاني تهييج الشوق بالمفارقة لتنبعث داعية العودة، فإن الله جعل البيت مثابة للناس أي يتوبون ويعودون إليه مرة بعد أخرى ولا يقضون منه وطراً، وقال بعضهم: لئن تكون في بلد وقلبك مشتاق إلى مكة متعلّق بهذا البيت خيرٌ لك من أن تكون فيه وأنت متبرمٌ بالمقام وقلبك في بلد آخر، الثالث الخوف من ركوب الخطايا والذنوب بها فإن ذلك مخطر وبالحري أن يورث مقت الله لشرف الموضع...".

* فضيلة المدينة
بعد حديث أبي حامد ننتقل إلى الحدث عن فضيلة المدينة وسائر البلاد حيث يقول رسول الله صلى الله عليه وآله: "صلاة في مسجدي هذا خيرٌ من ألف صلاة في سواه إلا المسجد الحرام" وكذلك "كل عمل بالمدينة بألف وبعد مدينته الأرض المقدسة فإن الصلاة فيها بخمسمائة..." وعنه صلى الله عليه وآله لمّا دخل إلى المدينة قال: "اللهم حبّب إلينا المدينة كما حبّبت إلينا مكّة أو أشدّ وبارك في صاعها ومدّها وانقل حمّاها ووباها إلى الجحفة".

* ترتيب الأعمال الظاهرة
يطلعنا الكتاب على شروط وجوب الحجّ وصحته وواجباته وأركانه ومحظوراته وأنواعه، حيث يذكر شرطَي صحة الحج وهما: الوقت والإسلام ويفصّل في ذلك العديد من الأمور الفقهية، ثم إلى واجباته وهي سبعة عشر، ومحظوراته وهي سبعة، وأنواعه أيضاً وهي ثلاثة: التمتع والقرآن والإفراد. ننتقل لتفصيل ترتيب الأعمال الظاهرة من أوّل السفر إلى الرجوع في عشر جمل:

الأولى: في السنن من أول الخروج إلى الإحرام، وتشمل ثمانية أمور في المال ورفيق الحجّ، وصلاة ركعتين إذا همّ بالخروج من الدار وعند بابه، وعند الركوب للراحلة وكذلك عند النزول ولا ينزل حتى يحمى النهار ويكون أكثر سيره في الليل، وأيضاً في الحراسة.
الثانية: في آداب الإحرام من الميقات وهي ستة: الغسل، ولبس ثياب الإحرام، عقيب فريضة والدعاء بعدها، والتلبية بعد أن يمضي قليلاً وأن يكثر منها ويكرّرها.
الثالثة: في آداب دخول الحرم إلى الطواف، وهي ستة أيضاً تراجع في محلها.
الرابعة: في الطواف، ويجب أن يراعي فيه شروط الصلاة: من طهارة الحدث، والخبث في الثوب والبدن، والمطاف، وستر العورة، وأن يكون مختوناً، وأمور أخرى...
الخامسة: في السعي فإذا فرغ من الطواف وتوابعه أتى زمزم، فإن قدر أن يشرب من مائه قبل أن يخرج إلى الصفا فليفعل ويقول حين يشرب: "اللهم اجعله علما ًنافعاً، ورزقاً واسعاً، وشفاءاً من كل داء وسقم، إنك قادر يا ربّ العالمين".
السادسة: في الوقوف بعرفات وما قبله.
السابعة: في الإفاضة من عرفات إلى المشعر الحرام، والوقوف به. قال في الفقيه: فإذا غربت الشمس يوم عرفة فامشِ وعليك السكينة والوقار وأفض بالاستغفار فإن الله عزّ وجلّ يقول ﴿ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ (البقرة 199)
الثامنة: في الإفاضة من المشعر الحرام إلى منى وقضاء مناسكها.
التاسعة: في النفر من منى وفيها آداب وأمور عديدة تراجع في الكتاب.
العاشرة: في زيارة المدينة وآدابها وزيارة أهل البيت عليهم السلام. وقد روي في الفقيه عن هشام بن المثنّى عن سدير عن أبي جعفر عليه السلام قال له: "ابدؤوا بمكّة واختموا بنا".

* دقائق الآداب والأعمال الباطنة
يعدّد الكتاب دقائق الآداب التي تعنى بمسألة الحجّ وهي عشرة، ويطل على كل واحدة منها، وهي من الأهميّة ما يمكّن الحاج المقبل على إحياء هذه الفريضة من فهم الكثير من الأمور التي تضفي رونقاً خاصاً على أعماله ونيته، توجهه وإخلاصه، وهذه الآداب هي: أن تكون النفقة في البداية حلالاً، وأن لا يعاون أعداء الله بتسليم المكس ولهذا الأمر تفاصيل في موقعها، ثم التوسيع في الزاد وطيب النفس بالبذل والإنفاق في غير تغيير وإسراف، وترك الرفث والفسوق والجدال، والحجّ ماشياً، ومنها اجتناب زي المترفين والمتكبرين، وأن يكون الحاج رثّ الهيئة أشعهاً أغبر، وأن يرفق بالدابة، وأن يتقرب بإراقة دم وإن لم يكن واجباً، ويجتهد أن يكون من سمين النعم ونفيسه كذلك أن يكون الحاج طيّب النفس بما أنفقه من نفقة وهدي وبما أصابه من خسران ومصيبة في مال وبدن إن أصابه ذلك. وبما يخصّ بيان الأعمال الباطنة من خلال بيان أهمية الإخلاص في النية وطريق الاعتبار بالمشاهد الشريفة وكيفية الإفتكار فيها والتذكر لأسرارها ومعانيها من أول الحجّ إلى أخره يتناول الكتاب العناصر أو الأمور التي تساعد على فهم المطالب المذكورة وأولها الفهم ويتوالى بعده الشوق والعزم، ثم قطع العلائق، والزاد، وتليه الراحلة، وشراء ثوب الإحرام، ثم الخروج، وبعده دخول البادية إلى الميقات، ليصل إلى الإحرام، ودخول مكة، ووقوع البصر على البيت، ليأتي دور الطواف، والتعلق بأستار الكعبة، ثم السعي، والوقوف بعرفة، ورمي الجمار، وذبح الهدي، وزيارة المدينة، ليقف الأمر عند زيارة الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله فيزوره الحاج ميتاً كما يزوره حياً ولا يقرب قبره إلا كما يقرب من شخصه الكريم، رزقنا الله وإياكم. يقع الكتاب في ما يقرب من مئتين وست وعشرين صفحة من القطع الوسط وهو جديرٌ بالقراءة وأن يكون رفيقاً لكل حاج ومعتمر بغية الإفادة من المعاني الواردة فيه.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع