نور روح الله | يوم القدس: يوم الإسلام* إلى قرّاء القرآن: كيف تؤثّرون في المستمعين؟* أخلاقنا | ذكر الله: أن تراه يراك*  مفاتيح الحياة | الصدقات نظامٌ إسلاميٌّ فريد(2)* آداب وسنن| من آداب العيد  فقه الولي | من أحكام العدول في الصلاة مـن علامــات الظهــور: النفس الزكيّة واليمانيّ* تسابيح جراح | بالصلاة شفاء جراحي صحة وحياة | الرّبو والحساسيّة الصّدريّة تاريخ الشيعة| شيعة طرابلس في مواجهة الصَّليبيّين

قضايا معاصرة: المعالجة القانونية لقضية الإرهاب‏

أحمد الدروبي(*)

 



بالنسبة لتعريف الإرهاب في القانون الدولي نجد أن هيئة الأُمم المتحدة منذ تأسيسها حتى وقت متأخر قد استبعدت من نطاق أعمالها وضع تعريف محدد لظاهرة الإرهاب بسبب التدخلات السياسية من الدول الكبرى، التي رأت أن تترك لمزاجيتها تعريف الإرهاب ووضع حدوده، لذلك نجد أن الجمعية العامة قد اكتفت بوضع اتفاقيات لمكافحة بعض الأعمال الإرهابية ونتائجها مثل اتفاقية مونتريال الموقعة عام 1981 لمكافحة الاعتداء على الطائرات المدنية، واتفاقية نيويورك الموقعة عام 1979 لمناهضة أخذ الرهائن.

وقد انبثقت عن هيئة الأمم المتحدة لجنة خاصة لدراسة الإرهاب، اجتمعت بدورها في آب 1973، حيث اتفقت على إنشاء ثلاث لجان فرعية: الأولى تختص بتعريف الإرهاب، والثانية بدراسة أسبابه والثالثة في سبل مكافحته. أما البارز فهو صدور تعريف عن اللجنة المختصة بتعريف الإرهاب في العام 1980، حيث جاء في المادة الأولى: "إن جريمة الإرهاب الدولي هي أي عمل عنف خطير أو التهديد به يصدر عن فرد سواء كان يعمل بمفرده أو بالاشتراك مع أفراد آخرين ويوجه ضد الأشخاص أو المنظمات أو الأمكنة وأنظمة النقل أو المواصلات أو ضد أفراد الجمهور العام بقصد تهديد هؤلاء الأشخاص، أو التسبب بجرح أو موت هؤلاء الأشخاص أو تعطيل فعاليات هذه المنظمات الدولية، أو التسبب في إلحاق الخسارة أو الضرر أو الأذى بهذه الممتلكات، أو بالعبث بأنظمة النقل والمواصلات، بهدف تقويض علاقات الصداقة بين الدول، أو بين مواطني الدول المختلفة، أو ابتزاز تنازلات من الدول". كذلك أصدرت الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان المبرمة في العام 1977 لائحة بالأعمال الإرهابية، حيث اعتبرت أن أي عمل عنفي من قبيلها يعتبر عملاً إرهابياً. كما اعتبرت الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب لعام 1998 الإرهاب جريمة تنتهك الحريات العامة والخاصة وبالتالي ينبغي مُكافحتها.

وأما بالنسبة لتعريف الإرهاب في القانون الداخلي، فنجد أنه في فرنسا مثلاً عرَّف القانون رقم 1020/ 86 لعام 1986 الإرهاب بأنه: "خرق للقانون يُقدم عليه فرد من الأفراد أو تنظيم جماعي يهدف إلى إثارة اضطراب خطير في النظام العام عن طريق التهديد بالترهيب". وأما القانون اللبناني فقد عرَّف جريمة الإرهاب الداخلي على أنها: "كل عمل يرمي إلى إيجاد حالة ذعر بواسطة الأدوات المتفجرة والأسلحة الحربية والمواد الملتهبة والمنتجات السامة أو الجرثومية والعوامل الوبائية التي من شأنها أن تحدث خطراً عاماً". كما اعتبر ذلك القانون أن تلك الجريمة هي من الجرائم الواقعة على أمن الدولة الداخلي وبالتالي فهي تخضع للصلاحية العسكرية وهي على نوعين: جريمة المؤامرة لارتكابها وجريمة الإقدام على عمل إرهابي وهي تتميز عن تلك التي تُرتكب بدافع سياسي. كما صدر في لبنان عدة قوانين تُعاقب على ارتكاب أعمال إرهابية، مثل المادتين (517-514) المتعلقتين بجريمة حرمان الحرية الشخصية، والقانون رقم 531 لعام 1996، الذي عدل بعض مواد قانون العقوبات لجعلها تتوافق مع الاتفاقيات الدولية، وتشدد في العقوبات التي تتناول بعض الجرائم لا سيما تلك المتعلقة بالتعرض لسلامة الملاحة البحرية والجوية والاستيلاء بصورة غير مشروعة على السفن أو الطائرات أو إلحاق الضرر بها أو بِرُكابها. وأما بالنسبة لماهية الأسباب الحقيقية التي تؤدي إلى ارتكاب الإرهاب سواء من قِبل بعض الدول أو من قبل بعض الجماعات الإرهابية، فتتلخص في الأسباب التالية: تحقيق السيطرة الاستعمارية أي سيطرة دولة على دولة أخرى، وممارسة التمييز العنصري، والتدخل الأجنبي في الشؤون الداخلية لدولة أخرى لإخضاعها لسياسة معينة أو لسحق إرادة شعبها أو للحصول على امتيازات في استغلال مواردها بشكلٍ يتعارض مع مصالحها الحيوية وسياساتها السيادية، وأخيراً بسبب غياب الشرعية الدولية وهشاشة دور المنظمات الدولية وهيئة الأمم المتحدة في مكافحة الإرهاب.

والإرهاب يتميز بالخصائص والمعايير التالية:
1- ممارسة العنف غير المشروع أو التهديد به بهدف تحقيق السيطرة وإثارة حالةٍ من الرعب والفزع.
2- ممارسة العنف بشكل منظم أي القيام بعدة عمليات إرهابية تؤدي إلى خلق حالة من الرعب والخوف والفزع.
3- عنصر المفاجأة وعشوائية الضحية: حيث إن كل إنسان مُعرض لأن يكون ضحية العمليات الإرهابية التي تحدث فجأة دون سابق إنذار.
4- الهدف السياسي والأيديولوجي للإرهاب: والذي يتمثل في إرغام دولة أو جماعة سياسية محددة على اتخاذ أو الامتناع عن اتخاذ قرار معين لتحقيق الغاية والهدف الأيديولوجي للدولة أو للمنظمة أو الجماعة الإرهابية.
5- للإرهاب طابع عالمي: أي أن الإرهاب غير مختص بدولة محددة، أو جنسية محددة أو دين، أو بفئة أو منظمة معينة، ولا بحدود مكان محدد أو زمان محدد، ففي كل زمان ومكان يحتمل وجود إرهابي.

وأما بالنسبة لأشكال وأساليب الإرهاب، فإنه يمكن التعرف عليها من خلال إجراء التصنيفات التالية للإرهاب:
1- تصنيف الإرهاب من حيث القائمون به:
أ- إرهاب الأفراد: وهو أن يقوم فردٌ ما بارتكاب عمل إرهابي أو أن يقع عمل إرهابي ما على فرد بذاته مثل اغتيال رجل سياسي أو ديني وهذا النوع من الإرهاب يتأثر بالأيديولوجيات المختلفة.
ب- إرهاب الجماعات والمنظمات: وهي مجموعات الأفراد الذين تجمعهم رابطة معينة أو غاية مشتركة وتسعى من خلال العمليات الإرهابية لإبراز قضيتها للرأي العام وتحقيق أهداف معينة في مكان وزمان محددين، ويكون نشاطها إما داخل الدولة الواحدة وإما خارج حدودها.
ج- إرهاب الدولة: وهو عبارة عن أعمال العنف التي تقوم بها الدولة ضد أفراد أو جماعات أو دولة أو دول أخرى بقصد الانتقام ودون أي مبرر قانوني أو بهدف تحويل صفة الإرهاب عنها، وهو أيضاً يتضمن ذلك الإرهاب الذي ترعاه الدولة وتتكفله ولو قام به أفراد أو مجموعات من دولة أخرى.

2- تصنيف الإرهاب من حيث طبيعة العمليات الإرهابية وأساليبها:
أ- الإرهاب المادي: وهو عبارة عن تلك العمليات المادية التي تقع مباشرة على الضحايا بأشكال مختلفة مثل: اختطاف الطائرات وتغيير مسارها بالقوة، واحتجاز الرهائن (من دبلوماسيين أو مدنيين)، والاغتيالات بمختلف أشكالها، وتخريب المنشآت وتدميرها وتعطيل العمل فيها، ومن إرسال المتفجرات أو المواد الكيميائية (مثل الجرثومة الخبيثة) عبر الطرود البريدية، ومن استعمال المواد الكيميائية لتلويث المياه والهواء ومياه البحر ونشر الغاز في أماكن عامة، وغيرها من وسائل الإرهاب الحديثة.
ب- الإرهاب المعنوي والنفسي والفكري (أو الإرهاب الإعلامي): وهو عبارة عن وسيلة من وسائل الحرب النفسية والتي هي مظهر جديد من مظاهر الصراع والتحدي في هذا العصر وهي تشمل كل أشكال الهجوم السياسي والاقتصادي والدبلوماسي والأيديولوجي والثقافي المعلن أو الخفي والموجه عبر الدعاية الإرهابية، واستهداف الروح المعنوية للأفراد والجماعات المنظمة في الدولة بما فيها جميع السكان والقوات المسلحة.

3- تصنيف الإرهاب من حيث الجغرافيا:
أ- الإرهاب الداخلي أو المحلي: وهو الذي تكون كل عناصره محلية، حيث إن العناصر الإرهابية تتشكل داخل الدولة الواحدة، وتمويلها داخلي، وينحصر نشاطها داخل إقليم الدولة وينصب نشاطها على منشآت وأحداث الدولة بالذات، سواء كانت رسمية تابعة للدولة أو خاصة تابعة للمواطنين.
ب- الإرهاب الدولي: وهو الذي تمتد عناصره لتشمل أكثر من دولة، من حيث تشكل العناصر وتمويلها وأهدافها ونشاطاتها وأطراف العملية الإرهابية (الإرهابي الضحية الطرف الثالث الغير).

(*) ماجستير في القانون العام.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع