نور روح الله | يوم القدس: يوم الإسلام* إلى قرّاء القرآن: كيف تؤثّرون في المستمعين؟* أخلاقنا | ذكر الله: أن تراه يراك*  مفاتيح الحياة | الصدقات نظامٌ إسلاميٌّ فريد(2)* آداب وسنن| من آداب العيد  فقه الولي | من أحكام العدول في الصلاة مـن علامــات الظهــور: النفس الزكيّة واليمانيّ* تسابيح جراح | بالصلاة شفاء جراحي صحة وحياة | الرّبو والحساسيّة الصّدريّة تاريخ الشيعة| شيعة طرابلس في مواجهة الصَّليبيّين

كتب أمير المؤمنين علي عليه السلام..نهج البلاغة

* نهج البلاغة لنتعلم كيف نحيا
معرفة "نهج البلاغة"
إن كتاب "نهج البلاغة" القيّم والفريد يضم مجموعة من خطب الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام وكلماته النيرة التي دوّنها وأعدها الشريف الرضي في ثلاثة أبواب على النحو الآتي:
الباب الأول: الخطب ويضم 239 خطبة له عليه السلام.
الباب الثاني: رسائل الإمام عليه السلام إلى الأصدقاء والأعداء، ومجموعها 79 رسالة.
الباب الثالث: الكلمات القصار "قصار الحكم" وهي (480) حكمة تتعلق بالشؤون السياسية والاجتماعية والعسكرية المهمة للدولة الإسلامية.

ويمكننا أن نحصر فترة إلقاء الإمام عليه السلام لخطبه وحكمه القصار بالمراحل الآتية:
أ- الفترة التي سبقت خلافته وتوليه الحكم.
ب- خلال فترة خلافته التي دامت خمسة أعوام.
أما الرسائل فهي تختص بفترة خلافته عليه السلام.

* اسم "نهج البلاغة":
لا شك أن مواضيع "نهج البلاغة" القيّمة ألقيت أثناء تجسد المجتمع الإسلامي عملياً خلال خلافة الإمام عليه السلام. لذا فما دامت الحياة الاجتماعية قائمة، فإن "نهج البلاغة" سيبقى حياً يقدم الحلول الواضحة النيّرة لينقذ البشرية من كل أشكال الضلال والضياع. ومع أن الشريف الرضي رحمة اللَّه عليه سمّى مجموع الخطب والرسائل والكلمات القصار باسم "نهج البلاغة" فإن استعراضاً قصيراً للمعارف السامية الكامنة فيه يدلنا على أن هذا الكتاب يمكن وصفه بأسماء قيّمة أخرى مثل: نهج السعادة، نهج الخطابة، نهج السياسة، نهج الحياة، نهج الحكومة، نهج الفلاح. لقد نظر مؤلف "نهج البلاغة" إلى أحاديث الإمام عليه السلام من ناحية الفن البلاغي، إلاّ أنه بإمكان الباحثين ملاحظة جوانبها الأخرى ومعرفة الأبعاد القيّمة لها واستخراجها. لكي يلبوا حاجات المجتمع العملية والفكرية والسياسية، وهي أبعاد لا ترتبط بعصر معين، ولا تختص بجيل دون غيره، ولا بمجتمع معين، بل هي قابلة لأن ينتفع بها دوماً جميع المجتمعات البشرية. كيف حفظت أقوال الإمام عليه السلام ودُونت؟ للإجابة عن هذا السؤال لا بد من مراجعة تاريخ صدر الإسلام وطرق حفظ المؤلفات الثقافية في الماضي الذي كان يعتمد في تلك الأزمنة على قوة الذاكرة وتدوين الكتّاب المهرة. ففي الفترة التي سبقت حُكم الإمام عليه السلام كان أبناؤه وبعض أصحابه يقومون بتدوين أقواله وحفظها. أما في فترة حكمه عليه السلام فقد برزت إمكانات ووسائل كثيرة نذكر منها:

1- وجود ستة آلاف من أصحاب الإمام عليه السلام كانوا يواظبون على سماع أحاديث الإمام وحفظها ونشرها(1).

2- كانت جماعة من "الكتّاب" المقتدرين والمهرة تستمع إلى أحاديث الإمام وتدونها(2) وتنشرها مثل زيد بن وهب وغيره الذين جمعوا خطب الإمام عليه السلام في كتاب باسم خطب أمير المؤمنين، ونشروه وهذا يعني أن أقوال الإمام عليه السلام دونت قبل الشريف الرضي رحمه اللَّه بمئات السنين(3).

3- كان عدد من "الحُفّاظ" يعملون على حفظ أحاديث الإمام حيثما ألقاها ونقلها إلى المجتمع.

4- كانت كل رسائل الإمام تحفظ في مركز الخلافة ولدى الولاة والموظفين. وللإمام علي عليه السلام مئات الخطب وعشرات الرسائل وآلاف الحِكم. ومما يبعث على الأسى أن الجزء الأعظم منها قد تلف أو فقد في الحروب التي وقعت بين المسلمين أو بمؤامرات المستعمرين، أو بنيران التعصب والتجرؤ لدى بعض الفرق الجاهلة. فقد دوّنت في "نهج البلاغة" (239) خطبة بينما كتب المؤرخ الشهير المسعودي الذي عاش قبل الشريف الرضي بمائة عام أن الناس حفظوا أكثر من أربعمائة وثمانين خطبة للإمام علي عليه السلام(4).

لقد واجهت عملية جمع أقوال الإمام علي عليه السلام مشاكل منها:
1- كان الشيعة يخفون الكتب الروائية والآثار العلوية خوفاً.
2- كانوا في كثير من الأحيان يدفنون المؤلفات تحت تلال من التراب.
3- كان الشيعة لا يتجرأون على الحديث عن هذه الأمور.
4- كان كثير من حفّاظ أقوال الإمام عليه السلام ينكرون ذلك.
5- كان علماء الشيعة يلجأون إلى التستر والتخفي لكي يحافظوا على أرواحهم.
استمرت غربة الشيعة السياسية وهجرة علماء الإسلام المؤلمة حتى القرن الرابع الهجري. حيث طرأت تحولات كبيرة على البلدان الإسلامية، فمارس الشيعة وضعاً سياسياً جديداً، وأمسك علماؤهم بالحكم والسلطة وأسست الحوزات العلمية الدينية، ما أتاح للشريف الرضي فرصة تدوين "نهج البلاغة". فقد ولد الشريف الرضي عام 359ه وانتهى تأليف "نهج البلاغة" وتدوينه عام (400هـ).

* روائع "نهج البلاغة":
يقول الأديب المسيحي الأستاذ أمين نخلة أن من شاء أن يعالج أمراضه النفسية فليطلع على ما قاله الإمام علي عليه السلام في "نهج البلاغة" ليتعلم تحت أنوار هذا الكتاب القيم كيف يحيا(5). ويقول الأستاذ حسين نائل المرصفي، أستاذ البلاغة في كلية دار العلوم بمصر، والأستاذ في الأزهر الشريف، عن "نهج البلاغة": "نهج البلاغة" كتاب جعله اللَّه تعالى دليلاً ناصعاً على أن الإمام علي عليه السلام خير شاهد على أنه النور القرآني الهادي وحكمته وعلمه وهدايته وإعجازه وفصاحته المتجلية في هذا الكتاب السماوي(6).


 (1) إتقان المقال، ص‏192.
(2) رجال ابن داود، ص‏7 3.
(3) إتقان المقال، ص‏192. البيان والتبيين، ج‏1، ص‏83.
(4) مروج الذهب، للمسعودي، ج‏20.
(5) مصادر نهج البلاغة، للسيد عبد الزهراء، ص‏100.
(6) المصدر نفسه، ص‏61.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع