نور روح الله | يوم القدس: يوم الإسلام* إلى قرّاء القرآن: كيف تؤثّرون في المستمعين؟* أخلاقنا | ذكر الله: أن تراه يراك*  مفاتيح الحياة | الصدقات نظامٌ إسلاميٌّ فريد(2)* آداب وسنن| من آداب العيد  فقه الولي | من أحكام العدول في الصلاة مـن علامــات الظهــور: النفس الزكيّة واليمانيّ* تسابيح جراح | بالصلاة شفاء جراحي صحة وحياة | الرّبو والحساسيّة الصّدريّة تاريخ الشيعة| شيعة طرابلس في مواجهة الصَّليبيّين

مكتبة الوعد الصادق: إصدارات تواكب الانتصار

عدي الموسوي‏

 



لا يخفى على المتابع أن حرب تموز عام 2006 والتي شنّها العدو الصهيوني على شعب لبنان ومقاومته قد شكّلت محطّة بارزة في دنيا الكتاب وإصداراته، حيث رفدت أحداثها وتداعياتها الأقلام بمادة غزيرة، كانت نتيجتها عشرات العناوين التي صدرت خلال الشهور الأخيرة، فيما يتوقع صدور المزيد في الأسابيع والأشهر المقبلة. في الصفحات التالية وعلى امتداد جزئين سنسلّط الضوء على نماذج من هذه الإصدارات التي تنوّعت أساليبها وتعددت مناهجها في رؤيتها لهذا المفصل التاريخي وبما اشتمل عليه من صمود وانتصار للبنان ومقاومته، وفشل وهزيمة عسكرية ومعنوية للكيان الصهيوني وآلته العسكرية، وقوتها الردعية. وهنا القسم الأوّل:

* الكتب التوثيقية:
لم تمض عدة أسابيع على انتهاء حرب تموز 2006 حتى كانت مئات الصفحات قد سطّرت تسابق الوقت لتصدر في مؤلّفات وكتب، فكانت النتيجة عدداً من العناوين لما يمكن أن يسمّى بالكتب التوثيقية والتي تبرز منها على سبيل المثال لا الحصر عناوين: النصر المخضّب (المركز العربي للمعلومات بيروت)، الوعد الصادق لمحمّد حسين بزّي (دار الأمير بيروت)، العدوان الإسرائيلي على لبنان لمازن يوسف صبّاغ (دار مي دمشق)، الخائبون للسيد سامي خضرا (فوكاس أدفايس بيروت)، الحرب السادسة للدكتور محمّد قبيسي (دار الهادي بيروت).

في هذه الكتب نلمس جهداً توثيقيّاً لتسجيل يوميّات العدوان والصمود والانتصار كلٌّ وفق منهجية خاصّة. فلئن كان كتاب النصر المخضّب قد اعتمد على أرشيف ومواد صحيفة السفير اللبنانية من خلال الخلفية المؤسساتية الواحدة التي ما بين مركز الإصدار والصحيفة، فإن الكتاب في النهاية اعتمد في كثير من موادّه على الاختصار فيما يتعلّق بسرد الوقائع، في حين قدّم مختارات لعدد من المقالات التي كتبت إبّان الحرب وبعدها، وهو ما أدّى إلى محدوديّة في مصادر التوثيق. من جانب آخر، فإنّ كتابي الوعد الصادق والعدوان الإسرائيلي تميّزا بتعدد مصادر المعلومات والتوثيق، هذا فضلاً عن إفرادهما مساحة واسعة لمقالات تحليلية كتبت بعد الحرب بأسابيع، إضافة إلى إبراز مساحة واسعة للإبداع الأدبي والفني الذي اتخذ من الحرب وتداعيات انتصار المقاومة مادة أساسية لها، وهو ما ميّز هذين الكتابين.

أمّا كتاب الخائبون فجاء ليقدّم مادة توثيقية سردية مختصرة، في حين كان التركيز على الصور الفوتوغرافية للحرب بكل مناحيها، مقدّماً أكثر من مئتين وخمسين صورة، تبدأ من مشاهد الدمار والعدوان لتصل إلى مشاهد الخيبة والهزيمة من خلال دموع وولولات جنود العدو الصهيوني. أمّا كتاب الحرب السادسة، فهو وإن قدّمه مؤلفه الدكتور محمّد قبيسي على أساس أنّه كتاب توثيقي، فإن منهجيته لم تأت واضحة، وإن بدت موادّه منسّقة بحسب المواضيع لا التسلسل الزمني الذي درجت عليه المؤلفات التوثيقية. من هنا، فإن تعدد الرؤى التي صاغت الكتب الأربعة آنفة الذكر، واختلاف مصادر موادّها، واختلاف أولويات كتّابها، تجعل منها مصادر توثيقية مهمّة تكمّل بعضها بعضاً، حيث إنّها في أحيان عديدة تتقاطع في موادها، وفي أحيان كثيرة يتميّز واحدها عن الآخر. مع الأخذ بنظر الاعتبار أنّها ليست كتباً تحليلية، حيث إن منهجية التحليل الموضوعي تقتضي في أغلب الأحيان البعد الزماني عن الحدث للتوصّل إلى رؤية أكثر دقة وأبعد عن الانفعال العاطفي الآني. هذا فضلاً عن أن بعض هذه الكتب ورغم جهدها التوثيقي قد أغفلت الدقة في تبيان مصادرها وتواريخها، ناهيك عن مصادر الصور الفوتوغرافية، حيث نعتقد أنّها من أساسيات العمل التوثيقي.

* الكتاب صدىً لشبكة الإنترنت:
يعد كتاب: حرب كسر الإرادة (الدار العربية للعلوم ناشرون) نموذجاً فريداً في هذا المجال، حيث إنّه يقدّم مادته من خلال مقولة أساسية، وهي: أن الحرب الإسرائيلية صيف 2006 المتزامنة والممتدة من قطاع غزة بفلسطين وصولاً إلى لبنان هي حرب الغرض منها هو كسر إرادة المقاومة وروح الممانعة لدى الشعوب المقاوِمة، وذلك عبر إدراج هذا العدوان في سياقاته الإقليمية والدولية الأوسع والأشمل. والجدير ذكره هنا، أن هذا الكتاب اعتمد في تجميع مادّته على ما ورد ضمن شبكة إسلام أون لاين نت من مقالات وموضوعات وتحليلات عالجت هذه القضية بتشعّباتها وتحاليلها وتداعياتها. غير أن الملاحظ هنا، أن هذه المقالات قد وردت مع إغفال أسماء كاتبيها أو محرريها مع الاكتفاء أحياناً بذكر صفة كاتب المقال، وهو ما يفقد الكتاب جزءاً من مصداقيته. ولكن هذا الكتاب (حرب كسر الإرادة) يعد في النهاية تجربة فريدة قد تؤسس لنوع من التكامل ما بين التقنيّات المعلوماتية وبين عالم النشر الورقي.

* حرب تموّز بين المذكّرات والتوثيق:
في بعض الكتب التي تناولت حرب تمّوز 2006 سنجد أننا نقف أمام نمط جديد من الكتب يجمع ما بين المذكّرات اليومية الشخصية والتوثيق، حيث يبرز هنا كتابان: حزب اللَّه يجر عربة التاريخ للشيخ جعفر عتريسي (دار الصفوة بيروت)، وكتاب: الحرب السادسة للدكتور محمّد قبيسي (دار الهادي بيروت). تحدثنا عن الكتاب الثاني أما في الكتاب الأول: حزب الله يجر عربة التاريخ فسنجد أننا أمام جهد كبير كُتب الجزء الأكبر منه في الضاحية الجنوبية لمدينة بيروت خلال الحرب، مشتملاً على حشد كبير للمعلومات والملاحظات المكثّفة، دون غياب البعد الشخصي والوجداني المكثّف بدوره، وخصوصاً خلال لحظات مفصلية كتلك التي واجه فيها المؤلف شبح الموت فيما الطائرات الصهيونية تدمّر أحد المجمّعات الثقافية على بعد أمتار من منزله. وهكذا يتجلّى المزج بين الوجداني الإنساني والتوثيقي التحليلي، إضافة إلى عشرات الهوامش التي تعمل على تحقيق إضاءات وإضافات ربما كانت غير ممكنة أو حتى غير معروفة خلال فترة وقوع الحدث، إذ يبدو أن الكاتب آثر الإبقاء على ما كتبه خلال الحرب على شكله الأصلي بكل دفقه المعلوماتي والوجداني، وهو ما نزعم أنّه يشكّل نوعاً من المسودة التي كان يمكن لكاتبها أن يتخذ منها الأساس لكتاب يراعي فيه التشذيب والاختصار.

* تأصيل الثقافة العسكرية:
رغم الكم الكبير للكتب التي تناولت حرب تمّوز وانتصار المقاومة الإسلامية فيها أمام آلة الدمار الصهيونية، فإنَّنا لا نكاد نقع على دراسة علمية للأسلحة التي استخدمت في هذه الحرب، من هنا تأتي أهمية كتاب: رعب السلاح لعبّاس النابلسي (دار إيوان بيروت). ولئن كنّا نتمنّى أن يتصدّى لهذا العمل أولو الاختصاص في هذا المجال، فإن المجهود الذي بذله الكاتب يدل على حرصه على تأصيل الثقافة العسكرية بشكل ميسّر لجميع المهتمّين بالموضوع، محاولاً تجنّب المصطلحات المتخصصة، دون أن يغفل تقديم البيانات الدقيقة في مواصفات وميزات الأسلحة المختلفة. ولكن تجدر الإشارة هنا إلى أنَّ بعض صفحات الكتاب تطالعنا بجداول للأسلحة الإسرائيلية وردت كاملة باللغة الإنكليزية فحسب ما يجعلنا نعزو الأمر إلى صعوبات تنفيذية وفنية. في حين بذل المؤلف جهداً ملحوظاً في توفير وتصميم رسوم توضيحية لم يتمكّن من الحصول عليها من مصادرها المفترضة، على سبيل المثال آلية عمل صاروخ كورنيت وكيفية اختراقه لدروع الدبابات.

* أدبيات النهوض والانتصار:
ما من شكّ في أنّ أحد أبرز مفردات الصمود والتصدي للعدوان تجلّت من خلال الإطلالات الإعلامية لأمين عام حزب الله سماحة السيد حسن نصر الله، وما كانت تتضمّنها من حرب دعائية ونفسية شهد بنجاحها وتميّزها العدو قبل الصديق. من هنا يأتي كتاب: الخطاب عند السيّد حسن نصر اللَّه للدكتور أحمد ماجد (منشورات معهد المعارف الحكمية بيروت) ليشكّل بحسب علمنا أوّل دراسة تحليلية لهذا الخطاب من حيث بنيته الشكلية، مضامينه، نظامه، ومرجعيّاته المختلفة. ولئن كانت المواد موضوع الدراسة لا تقتصر على خطابات السيد حسن نصر الله خلال حرب تمّوز بل تتعدّاها إلى مجالات زمنية ومكانية أخرى، فإنّها في النهاية تسلّط الضوء على مسيرة تطوّر ونضوج هذا الخطاب وصولاً إلى حرب تموّز وما شكّله من علامة فارقة في أدبيات النهوض والمقاومة والتأسيس لمنهج سياسي ممانع بمختلف ابعاده السياسية والروحية والقيمية.
 

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع