أذكار | أذكار لطلب الرزق مع الإمام الخامنئي | سيّدة قمّ المقدّسة نور روح الله | الجهاد مذهب التشيّع‏* كيـف تولّى المهديّ عجل الله تعالى فرجه الإمامة صغيراً؟* أخلاقنا | الصلاة: ميعاد الذاكرين* مفاتيح الحياة | التسوّل طوق المذلَّة* الإمام الصادق عليه السلام يُبطل كيد الملحدين تسابيح جراح | بجراحي واسيتُ الأكبر عليه السلام  تربية | أطفال الحرب: صدمات وعلاج اعرف عدوك | ظاهرة الانتحار في الجيش الأميركيّ

اعرف عدوك‏: أعمدة إسرائيل السبعة(4): الموساد(*)

حسن زعرور

 



عندما أنشئ الموساد غيَّب القيمون عليه الحقائق عن أعين الشعب العبري، ومساوئه عن عيون الآخرين، وتحوّل "الوتد الرئيس الذي تقوم عليه الدولة العبرية" إلى هالة أسطورية نتيجة الإعلام المضلِل والمضلَّل. غُيبت جرائمه الوحشية، واستغلاله للجنس والنساء، وعمليات الرشوة والفساد والإفساد لكثير من قادة الأنظمة والدول والأحزاب، ناهيك عن عمليات الخطف والقتل والاغتيال التي طال معظمها أبرياء كثراً في العالمين العربي والغربي.

* أوراق التاريخ‏
لم يكن الغدر والخيانة غريبين على بني إسرائيل. أيام الرومان عملوا جواسيس لجحافلهم الزاحفة نحو الشرق مقابل الفضة، ومع العرب كانوا عيوناً لهم في زحفهم نحو الأندلس. عملوا مع نابليون ضد الانكليز، ومع الانكليز ضد نابليون. كانوا عيون كاترينا وقياصرة روسيا في أوروبا، وبنفس الوقت كانوا مخلب اليزابيت ينهشون جسد الدولة الروسية. السيئ وضده، ما هَمّ؟ المهم الثمن ومن يدفع. في عام 1920 وعقب احتلال بريطانيا لفلسطين أنشأ الإسرائيليون منظمة الهاغاناه العسكرية والتي بدورها أقامت جهاز "شاي" للتجسس على حلفائهم الانكليز. وزعت "شاي" موظفيها في كل مكان، داخل المعسكرات البريطانية، المقاهي العربية، مكاتب البريد والهاتف للتجسس على الزعماء العرب. في عام 1937 أقامت "شاي" علاقة مع جهاز الأمن النازي (س.س)، ونجحت في إحدى مراحل عملها بجمع غولدا مائير رئيسة أحد فروعها العربية مع الملك عبد اللَّه في الأردن. في أوائل عام 1949 أُعيد تنظيم "شاي" وأصبحت تتألف من أحد عشر قسماً مخابراتياً وضمت: استخبارات إستماع، أمناً ميدانياً، مراقبة عسكرية، مراكز أبحاث لجمع المعلومات، شبكات تغلغل في الدول العربية، شبكات تغلغل في الدول الموالية لإسرائيل، قسم تقنيات وتجهيزات للعمليات، قسم الملحقين العسكريين الإسرائيليين في الخارج، شبكات جمع المعلومات، جناح العمليات الخاصة (المستارفيم). أما الموساد فقد ظهر للوجود بدءاً من عام 1951 كما أقيمت الشين بيت (شعبة الأمن العام) في نفس التوقيت أيضاً.

* شهرة الموساد المختلقة
إبان الحرب العالمية الثانية أقام البريطانيون داخل وحداتهم العسكرية "الفيلق اليهودي" وهذا أتاح لأجهزة المخابرات الإسرائيلية اكتساب الخبرة والدعم من المخابرات البريطانية طيلة سنوات الحرب والتنسيق معها. استعمل الموساد الإسرائيلي منذ نشأته المال والنساء بإسراف لشراء ضمائر كثيرين وتجنيدهم. وشكلت عملية اختطاف "إيخمان" من الأرجنتين عام 1962 باكورة الوهم المفتعل حول قدرات الموساد الخيالية، ثم أتت قصة إيلي كوهين المضخمة عن عمد، ولوتس مروض الخيول في مصر ودور الإثنين في تحطيم الطائرات المصرية والسورية في حرب 1967 لتعطي الموساد الإسرائيلي صورة غير واقعية ومختلقة. إن اختطاف إيخمان والذي هو قرصنة دولية، وسرقة زوارق شيربورغ من فرنسا(1) وسرقة خرائط طائرات الميراج وسرقة سفينة اليورانيوم (عملية بلومبات) عام 1968، وتدمير المفاعل النووي العراقي، واغتيال القادة الفلسطينيين في بيروت وتونس كلها أعمال وحشية ولا إنسانية وقرصنة فاضحة لولا أن الاعلام وقادة الدول المؤيدين لإسرائيل تبنوّها، ولو أن دولة أخرى فعلت ذلك لَوُصمت بالعار وبكل النعوت الاستهلاكية السيئة.

* إخفاقات وفضائح‏
رغم التدريبات المكثفة التي تلقاها العاملون في جهاز الموساد على أيدي المخابرات البريطانية (ام اي‏5) قبل قيام الدولة العبرية، فإن هذا الجهاز مُنيَ بعدة إخفاقات وفضائح منها: فضيحة لافون التي وقعت في مصر عام 1954 والتي قامت فيها شبكة ليفي (ناتاسون ايلي كوهين روبرت داسا)(2) بوضع عبوات ناسفة في مصالح أميركية وغربية بهدف الإيقاع بينها وبين عبد الناصر وانكشاف ذلك مما أدى لاستقالة لافون رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك، ولم ينقذ الدولة العبرية من مأزقها سوى العدوان الثلاثي على مصر عام 1956، كذلك الفشل الذريع الذي كاد يطيح بوجود الدولة العبرية عام 1973 وفشل الموساد الإسرائيلي في توقع قيام مصر وسوريا بالهجوم على إسرائيل رغم محاولات التبرير اللاحقة لإنقاذ ماء الوجه(3)، أضف إلى ذلك فشل "عملية بغداد" وقيام مجموعة من الموساد عام 1951 بنسف كنس ومنازل ومتاجر يهودية بهدف إخافة يهود العراق وترحيلهم إلى إسرائيل، وعملية ليلهامر (تموز 1973) في النروج التي اغتيل فيها النادل المغربي البري‏ء أحمد بوشيكي بعدما أخطأت الموساد بينه وبين علي حسن سلامة والتي اعتقل فيها مايك هراري قائد جهاز الموساد في أوروبا وخمسة من مساعديه وأحدث ذلك فضيحة مدوية لإسرائيل بسبب هذا الخطأ الشنيع للموساد، وعملية الطريق الساحلي (نيسان 1954) بين عسقلان وتل أبيب التي صفّى فيها الجيش الإسرائيلي أمام عدسات المصورين أربعة جرحى من المقاومة الفلسطينية بعد استسلامهم (جمال قبلان محمد بركة مجدي أبو جمعة صبحي أبو جمعة)(4) وعجزت الموساد عن لملمة الفضيحة، والمحاولة الفاشلة لاغتيال خالد مشعل في الأردن... الخ.

* موساد اليوم‏
أدى صلح بعض الأنظمة العربية مع إسرائيل إلى قيام تحالف أمني غير معلن بين الموساد والأجهزة الأمنية لتلك الدول. ويشتمل التحالف على تقديم المعلومات الأمنية وتبادل الخدمات والخبرات وتسهيل تحرك الشبكات الإسرائيلية وتأمين حمايتها والتنسيق المتكامل في العمليات المشتركة. أضف إلى ذلك أن بعض أو معظم قادة ومسؤولي الفروع الأمنية في الموساد تولوا بعد نهاية خدمتهم الميدانية إدارة شركات وبنوك ومؤسسات أمنية وخدماتية تمتد فروعها في عمق العالم العربي وذلك أتاح لهؤلاء المسؤولين بناء شبكات واسعة من العلاقات العامة السياسية والاقتصادية والأمنية في تلك الدول. ويقدم هؤلاء كمّاً هائلاً من المعلومات للموساد الإسرائيلي إضافة إلى فرض التبعية التعاملية والولاء إنطلاقاً من المصالح المشتركة. هذا التغلغل يسهم تدريجياً في تفكيك حوافز العداء لإسرائيل وهو ما لم يكن الموساد قادراً عليه لولا معاهدات الصلح تلك. كما أن جهاز الموساد يتولى السيطرة والإشراف على مجموعات كبرى من الإعلاميات العربية والغربية ويحدّد لها المسار الإعلامي اليومي تبعاً لحاجته الأمنية والسياسية من بلدانها وصولاً إلى تدجين العقل العربي بالكامل في مراحل لاحقة وهو أمر تعمل عليه الدولة العبرية بكل قدراتها وأعوانها والتابعين الدائرين في فلك هيمنتها.


 (*) هذه هي الحلقة الرابعة من السلسلة التي كان قد بدأها الكاتب المرحوم حسن زعرور والتي كانت ستستمر إلى الحلقة السابعة وبوفاة الكاتب ستتوقف السلسلة عند هذه الحلقة.
(1) ايريش فولات، عين داوود، ص‏126، مكتبة مدبولي.
(2) دنيس ايزنبرغ وآخرون، الموساد، ص‏57، دار الجيل للنشر.
(3) يشعيا بن فورات وآخرون، كتاب المفدال، مؤسسة الدراسات الفلسطينية.
(4) ايان بلاك، بني موريس، الحروب السرية للاستخبارات الإسرائيلية، ص‏346.

 

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع