نور روح الله | يوم القدس: يوم الإسلام* إلى قرّاء القرآن: كيف تؤثّرون في المستمعين؟* أخلاقنا | ذكر الله: أن تراه يراك*  مفاتيح الحياة | الصدقات نظامٌ إسلاميٌّ فريد(2)* آداب وسنن| من آداب العيد  فقه الولي | من أحكام العدول في الصلاة مـن علامــات الظهــور: النفس الزكيّة واليمانيّ* تسابيح جراح | بالصلاة شفاء جراحي صحة وحياة | الرّبو والحساسيّة الصّدريّة تاريخ الشيعة| شيعة طرابلس في مواجهة الصَّليبيّين

مشاركات القراء: متى ترفرف أرواحـنــا بالـفـرح؟

الشيخ علي حسين حمادي

 



جئنا في المولدِ نبتهلُ ... والكونُ سرورْ
عن شمسكِ جندٌ ما ذُهلوا ... والقلبُ حضورْ


عندما كتبتُ هذه الكلمات، كنت أعتقدُ -وما زلتُ- أنّ الكونَ كلّه بأفلاكه، وكواكبه، وآفاقه يفرح لولادة هؤلاء العظماء.. السماء تفرح، وكذلك الأرض.. هما يفرحان بوعيهما الخاص (قالتا أتينا طائعين).
ولكن أين فرح الإنسان في هذه المنظومة؟! المخلوق الأكثر شعوراً وإدراكاً في عالم الناسوت.. ولكنّه الظلوم الجهول.. أليس قد انحرف عن صراط السعادة؟
لننظر إلى مهرجانات كرة القدم استعراضٌ يكاد يبهر العيون والألباب فوق مستطيلٍ أخضر، جذب أنظار العالم إليه. كيف يفرح "المعجبون" إذا صادفوا لاعبَهم المفضّل أو فنّانهم المشهور؟!
فرحٌ هستيريٌّ يدلّ على تعطّش القلوب إلى النموذج والمثال.. ولكن قلّما يشخّصونه تشخيصاً صحيحاً نابعاً من الفطرة، والوجدان، وحكم العقل. غلبهم اللعب، ولكن أظهروا الفرح والزينة.
وحكّمْنا العقل، ولكن بهتت شعائرنا.

* فرحٌ مختلف
تطلُّ ذكرى ولادة إمامٍ نؤمن أنّه بيننا.. يأكل، ويشرب، ويمشي في الأسواق.. ولكنّه يخطّط، ويسدّد، ويوجّه، ويُلهم، ويشارك، ويبيّن، ويحكم، ويقود. لذا، فهي مناسبة لفرحٍ مختلف، لفرحٍ يولد قضيّة، ويلتزم مبدأ، ويدفع إلى سلوك خاصّ، ورقيّ نوعيّ... فكيف يكون هذا الفرح؟!
فهل من رسمٍ تبدعه ريشةٌ نهلَت من ألوان الأمل والحياة؟ أو منحوتةٍ شكّلتها آلةٌ برّدَ حرارتَها عرقُ فنّان؟!
هل بنشيدٍ صعدَت نبضاتُ القلوب على سلّم ترتيله إلى طبقات العشق.. وهامت الأرواح؟
أو خشبةٍ نعتليها إلى مسرح العالم لنري الدنيا ملكوت الحبّ حتّى يهتدوا ويكونوا من الموقنين؟!
هل من طعامٍ خاصٍ مميّز، تعدُّه أمٌّ واعيةٌ ربّت أولادها على الحلال، وعلّمتهم أنّ مذاق الطعام أشهى على موائد الإمام.. وفي حبّه؟

* فرح يسكن بيوتنا
هل من زينة للبيت أو للحيّ يتشارك الجيران سعادة وضعها على الشرفات وفي الأزقّة؟ هل تتطاير البالونات الملوّنة في أيدي الأطفال الصغار، لتملأ سماءهم بابتسامات الأمل؟! وقد تحتشد الأفراح والمناسبات السعيدة في هذا اليوم، لا للصدفة، ولكن لأنّ كثيرين جعلوا هذا اليوم موعداً لأفراحهم.
قد تأتي حروف "مهديّ" حين يشكّلها تجمّع الحشود الموالية في ساحة العاصمة الكبيرة، لعلّ الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف ينظر من إحدى الشرفات فيشهد مقدار الشوق.

*المهديّ عنوان رسائل وصحف
هل ستتكدّس الرسائل، والدراسات، والأطروحات التي يكتبها الجامعيّون في مؤتمراتهم السنويّة في الخامس عشر من شعبان؟ أساتذة وطلبة يهدون ما توصّلوا إليه من علوم ومعارف إلى اليد التي ستمسح يوماً على رؤوسهم، فيشعّ نور المعرفة الحقّة.

وقد ينشغل رؤوساء تحرير صحفٍ ومجلات وهم يزيّنون الأغلفة والصفحات الرئيسيّة بعناوين القضيّة الكبرى وصرخات المستضعفين التي تناشد الإمام والنداء: عجّل ...

وعن حبّ العمّال والفلّاحين الذين يزرعون الشجر والنخيل في تراب الأرض، كما فعل نبيّ الله نوحٌ وأصحابه، وانتظروا موعد جني الثمار وبناء السفينة.. مرّت مئات السنين وبقي معه فقط من امتحن الله قلبه للإيمان بالغيب والانتظار.. والله يحبُّ المنتظرين.

* الأجمل.. عهد نجدّده
لكنّ الأجمل، عهدٌ وميثاقٌ نجدّده للفقيه في قسَمٍ عالميٍّ كموجةٍ هادرةٍ تجوب أقطار الأرض.. "إنّا معك.. معك في موكبِ الانتظار.. نمهّدُ القلوب بحبّك وولايتكَ حتى تُبدّل الأرضُ غير الأرض.. ونسير في هديك نحو الفجر المشهود واليوم الموعود.. حين تشرق الأرض بنور ربّها ونقول معك: لبّيك يا بن فاطمة".
ولا ألهَتنا فيفا المونديال.. وشجرةٌ شُبّهت لنا.. وبِدَعٌ وأوهام.. نعم، سنعود إلى صراط السعادة الحقيقي، ونفرح بالإمام.
كنتُ على وشك أن أنهي مقالي هذا.. فشغّل أحدُهم جهاز التلفاز.. كانت إحدى القنوات تعرض نوعاً من الطيور الغريبة.. إنّها طيورٌ سحريّة من عجيب خلق الله، تتبدّل ألوانُها عندما تشعر بالسعادة.. تُزيّن أعشاشها، بل حتّى لها ألحانٌ خاصّة تزقزقها ربّما فقط في يومٍ واحد في السنة.

وضعتُ القلمَ جانباً ورحتُ أتفكّر.. هل سترفرفُ أرواحُنا بالفرح؟ وهل نعزفُ من أوتار القلوب؟ متى نزيّنُ حياتنا وحياة المحيطين بنا؟ متى نصبحُ مثل تلك الطيور؟ متى ننتقلُ إلى عالم السحر والجمال؟
هل سترانا ونحن نليق بالاحتفال بعظيم مولدك... ونراكَ؟

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع