نور روح الله | يوم القدس: يوم الإسلام* إلى قرّاء القرآن: كيف تؤثّرون في المستمعين؟* أخلاقنا | ذكر الله: أن تراه يراك*  مفاتيح الحياة | الصدقات نظامٌ إسلاميٌّ فريد(2)* آداب وسنن| من آداب العيد  فقه الولي | من أحكام العدول في الصلاة مـن علامــات الظهــور: النفس الزكيّة واليمانيّ* تسابيح جراح | بالصلاة شفاء جراحي صحة وحياة | الرّبو والحساسيّة الصّدريّة تاريخ الشيعة| شيعة طرابلس في مواجهة الصَّليبيّين

شعر: الريحانة الزاكية

عباس فتوني‏


وتُشرقُ شمسُ العشرينَ من شهرِ جُمادَى الآخرة، تُرسِلُ أشعَّتَها الذَّهبيَّة، على قِمَمِ الجبالِ والسُّهول والأودية؛ وقافلةُ البُشرى تَطوي الفيافي نحوَ مكَّة؛ وكأنّ‏ الأرضَ تَفتَحُ ذِراعَيها للسرِّ المكنون؛ ونسيمُ الصَّباح يَفوحُ على أرجاءِ الكون؛ إذْ أزهرَ مولدُ الصِّدِّيقةِ المباركة، سيّدةِ النِّساء، حبيبةِ قلبِ خاتمِ الأنبياء، فاطمة الزَّهراء، عليها وعلى أئمتِنا العِظام، أزكى الصَّلاةِ والسَّلام.

زهراءُ قد غمَرَ الوجودَ ضياها

والكونُ أُفعِمَ مِن عبيرِ شذاها

وملائِكُ الرَّحمَنِ في عَليائِها

صَلَّتْ على خيرِ البريَّةِ طَهَ‏

شَمسُ الرِّسالةِ زَفَّتْ لِلْمَلا البُشْرى‏

والنَّورُ أَضفى على قلبِ الثَّرى البِشْرا

والوَحيُ هلَّلَ، والأملاكُ في طَرَبٍ‏

قامتْ تُهنِّى‏ءُ أحلامَ الورَى تَتْرى‏

والنُّجْمُ من شُعلةِ الأنوارِ غائرةً

ثُمّ‏َ الغيومُ حياءً أخْفتِ البَدْرا

والطَّيْرُ أَمْطرَ لَحْنَ الشَّوقِ سَلسلَه‏

وانْسابَ يُجْري على إِيقاعِهِ النَّهْرا

والوردُ فَتَّحَ أَكمامَ الشَّذا جَذَلاً

والرِّيحُ سابحة تَستَنْشِقُ العِطْرا

والعينُ تختالُ في الافاقِ حائرةً

تُسائلُ الشُّهبَ كيْما تَكْشِفَ السِّرَّا

وإذْ بصوتِ ملاكِ البِشْرِ مُخترِق‏

حُجْبَ المَسامعِ يشْدو في العُلى جَهْرا

لا غَرْوَ إنْ تَرقُصِ الأفلاكُ زاهيَةً

فاليومَ ضاءتْ ثُرَيَّا فاطِمَ الزَّهْرا

هَلَّتْ مشعشِعة أحداقُ فاطمةٍ

فالكونُ مُؤتَلِق بالطَّلعةِ الغَرَّا

أللَّهُ أنعمَنا، باليُمْنِ أَكرَمَنا

إِزاءَ نِعمتِهِ نُزْجِي له شُكْرا

مَرْحَى بِرَيحانةِ المُختارِ بِضْعتِهِ‏

في عيدِ مولدِها طابتْ لنا الذِّكْرَى‏

بَتولُ، طاهرة، زَهراءُ، زاكيَة

عَذْراءُ، راضِيَة، إِنْسِيَّة، حَوْرا

يَجثو البَهاءُ على أَعتابِها خَجَلاً

لَفّ‏َ المَدَى حُسْنُها، فاقَ السَّنا سِحْرا

يَبْرَى الجَديدانِ والدُّنيا بِرُمَّتِها

ونُورُها سَرْمَد هيهاتَ أنْ يُبْرَى‏

طُوبى لها فُطِمتْ عن كُلّ‏ِ شائبةٍ

تَجَلْبَبَتْ ثوبَ هَدْيٍ وارْتَدتْ طُهْرا

أللَّهُ توَّجَها فضلاً ومأثرةً

حتَّى تَسامتْ على كلّ‏ِ النِّسا قَدْرا

زَهراءُ أَنتِ مَلاذُ العُمْرِ مَلْجَؤُهُ‏

مِنَ البَلاءِ فهاكِ الرُّوحَ والعُمْرَا

زهراءُ أنتِ نَمِيرُ الخُلْق صَفوتُه‏

بلْ كوثَر نَستقي منْ حوضِه النَّشْرا

أُسُ القداسةِ منْ كفَّيك مُنبجس‏

أُولَى دعائمِه أنْ عانقَ الخِدْرا

إستلهمَتْ منكِ حُورُ العينِ نَضْرَتَها

ومنْ عَفافكِ زانَتْ جِيدَها دُرَّا

تَفيضُ كالأُمّ‏ِ تَحناناً على جبلٍ‏

نِعْمَ الكريمةُ بنْت حاكتِ البَحرا

زَهراءُ أُمّ‏ُ أبيها رحمةً مَطَرتْ‏

أذابتِ الهَمّ‏َ والإعياءَ والضُّرَّا

ثَجَّتْ عواطفُها، بَرَّتْ بِوالدِها

فانْكبّ‏َ يَغمرُها صَفْوَ الهوَى غَمْرا

يا لَلرَّسَولِ حباهُ اللَّهُ مكرُمةً

زَهراءَ أغنَتْه عن زَهْرِ الرُّبى طُرَّا

رَعْياً لها بِوَصِيّ‏ِ المُصْطَفَى اقْترنَتْ‏

أَغْنَى الأَنامِ تُقى، لمْ يُدْرِكِ الفَقْرا

ما كانَ غَيْرُ عَلِيّ‏ٍ  كُفْ‏ءَ فاطِمَةٍ

وأَنهرُ الخُلْدِ أَسْدَاهَا لها مَهرا

المؤمنونَ انْتَشَوْا، والقاسطونَ ثَوَوْا

والأنبياءُ احتَفَوْا في عرسِها دَهْرا

من مُقلتَيها مصابيحُ الدُّجى انْبَثقتْ‏

ومن نَداها أطلَّتْ زينبُ الكُبرى‏

أبناؤُها الغُرُّ نُورُ اللَّهِ ايَتُه‏

لولاهمُ لارتْوَتْ سُوحُ الدُّنى كُفْرا

إمامُنا الحسن الزاكي سما فكرا

ضو الحسين صدى الحرية الحمرا

زين العباد عليّ نبع أدعية

وباقر العلم من أعماقه بقرا

وصادق القول للألباب مدرسة

وكاظم الغيظ موسى لازم الصبرا

وقرَّةُ العينِ مولانا الرِّضا عَلَمّ‏

كافي الخلائق أَهْمَتْ كفُّهُ بِرَّا

ثُمّ‏َ الجوادُ غزِيرُ العِلمِ معجزة

والنَّاصحُ العالِمُ الهادي عَلا ذِكْرا

والعسكرِيّ‏ُ بسامُرَّاءَ مَفخرة

وصاحبُ الأمرِ أضحى للهُدَى ذُخْرا

مَحضُ الوَلاءِ لالِ المصطفى أَبداً

أَئمَّةِ الخَلق في الأُولَى وفي الأُخرى‏

يا صاحبَ العصرِ في عَيْنَيْكَ أُغنية

ألحانُها في انشراحٍ تَعزِفُ البِشْرا

أَثْلِجْ إماميَ بالإقدامِ أفئدةً

مِن جَورِ أعدائِها قدْ أُصْلِيَتْ حَرَّا

وطَهّرِ الأرضَ مِن أرجاسِ مُؤتَفِكٍ‏

واسْتَأْصلِ الشَّرَّ واسْتَبْدِلْ به خَيْرا

أليومَ حَنجَرةُ الأشعارِ قد نطقتْ‏

بالمكرُماتِ بلَحنٍ يَشْرحُ الصَّدرا

تَسعى على ضِفَّةِ الميلادِ صادحةً

والرَّجعُ يَلثِمُ منْ وجهِ السَّما ثَغْرا

لولا البتولُ حروفُ الشِّعرِ ما زَهَرَتْ‏

ولا القوافي اسْتحالتْ دُونَها تِبْرا

ولا اليراعُ هَفا من فَرطِ فرحتِهِ‏

يَخُطُّ سَطرا يُناغي نُسْغُه سَطرا

قد صُغْتُ من لُؤْلؤِ الحوراءِ قافيةً

ورُحْتُ أَنسجُ منْ أطيافِها شِعْرا

وفي محافلِها غَنَّيْتُ رائعةً

لَعلَّني في هواها أَجتنِي أَجْرا

ألعيدُ مزدهر، والطَّرفُ منبهر

والثَّغرُ مُنكسِر، يُبدِي لها عُذْرا

أزكى الصلاةِ إلى الزَّهراءِ أُرسلُها

وأَنثرُ العِشْقَ في أكنافِها نَثرا

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع