د. عباس علي رضا(*)
تعتبر أمراض الإسهال الحاد إحدى الأسباب الرئيسية لوفاة
ومرض الأطفال دون الخمس سنوات في البلدان النامية والسبب الرئيسي للوفاة هو الجفاف
الناتج عن خسارة سوائل الجسم.
* تعريف الاسهال
التبرز أكثر من أربع مرات يومياً ببراز سائل يحتوي على كمية ماء وأملاح أكثر بكثير
من الحالة الطبيعية (ماء، أملاح، سكر، حموض عضوية) وتصحبه أحياناً مادة مخاطية، دم
أو قيح.
* أسباب الاسهال
أ - عدوى الأمعاء بالجراثيم (فيروسات أو بكتيريا) وقد يبدأ فجأة ويستمر عدة أيام
ومنها فيروس روتا (Rotavirus)، الابشريكيا القولونية (E. coli)، الشيجيلا (Shigella)،
الكوليرا السالمونيلا (Salmonela)، التيفوئيد، التهاب الكبد الفيروسي أ (HepatiT
A).
ب - سوء التغذية أو الديدان أو الطفيليات التي تُصيب الأمعاء ويكون هذا النوع من
الإسهال عادةً مزمناً، وقد يختلف من يوم إلى يوم ويستمر أسابيع أو أشهر، لذلك
فالإسهال مرض شائع عند الأطفال وخاصة الرضع الذين يستعملون زجاجات الإرضاع،
فاستعمال الزجاجة للإرضاع يزيد حوالي 30 مرة إمكانية إصابة الطفل بالإسهال. وذلك
عائد إلى عدم تنظيف وتعقيم الزجاجات جيداً. كما أن الإسهال منتشر عند الرضع بعد عمر
ستة أشهر لأسباب عدة أهمها وضع أشياء ملوثة في أفواههم. كما أنه في هذا العمر
يُعطَى الطفل أغذية غير حليب أمه قد تكون ملوثة أو محضرة بطريقة غير سليمة وإذا ترك
الطعام وقتاً طويلاً قبل إعطائه للطفل تتولد فيه جراثيم مسببة للعدوى أو قد ينقلها
إليه الذباب أو الحشرات الأخرى.
* العوارض
في أغلب الأحيان تترافق مع الإسهال حالة تقيؤ واستفراغ مع ارتفاع في درجات الحرارة
أثناء حالة الإسهال تعجز الأمعاء عن العمل بشكل طبيعي فتخرج كمية أكبر من المعتاد
من الماء والأملاح في البراز، ويؤدي ذلك إلى التجفاف. وكلما زاد الإسهال زادت كمية
الماء والأملاح التي يفقدها الطفل وزادت حالته سوءاً. ودرجات التجفاف تختلف بمقدار
فقدان ماء الجسم بالنسبة إلى وزن الطفل.
- تجفاف خفيف أقل من 5% من وزن الطفل (فقدان الوزن).
- تجفاف معتدل (وسط) 5% إلى 10% من وزن الطفل.
- تجفاف شديد. أكثر من 10% (وهذا النوع خطر على حياة الطفل).
والتجفاف هو أصعب عوارض الإسهال ويسبب بمضاعفات خطيرة في أغلب الأحيان.
* معالجة الإسهالات الحادة
يمكن اعتبار الإسهالات الحادة عند الرضع والأطفال نوعاً من ردة الفعل الفيزيولوجية
كحماية الجهاز الهضمي من الجراثيم المؤذية، مما يخفف من المضاعفات المرضية، لذلك
يجب أن يكون علاج الإسهالات الحادة فيزيولوجياً أكثر منه دوائياً. فالوقاية والعلاج
المبكر للتجفاف الحاد بالسوائل عن طريق الفم أفضل طريقة للمعالجة الناجحة للإسهالات
الحادة التي تتوقف تلقائياً. ويقتصر استعمال أدوية الإسهال على بعض الحالات
المعدودة كاستعمال مضادات الجراثيم في بعض حالات الإسهال الناتجة عن جراثيم محددة
ومعروفة من قبل الطبيب، والطبيب هو المخول وصف هذه الأدوية فقط وليس الأم (كما هو
شائعٌ خطأً). الهدف من استعمال السوائل هو التخفيف من فقدان الماء والأملاح في
البراز وذلك لمنع الأخطار الناتجة عن التجفاف أو منع حدوثه إذا أمكن.
* شراب معالجة الإسهالات
يمكن تحضير شراب معالجة الاسهال بطريقتين:
1 - استعمال المحاليل الطبية الجاهزة (وهي الأفضل).
2 - استعمال المحاليل المتوفرة في المنزل وهو يحضر على الشكل التالي:
ليتر ماء معقم أي ما يعادل 5 أكواب ماء كبيرة سعة 200 ملل، 8 ملاعق صغيرة من السكر
(سعة 5 ملل) ويجب التأكد من أن محتويات الملعقة ممسوحة ومستوية والتخلص من السكر
الفائض (في المعلقة) بسكين نظيف، (يمكن إبدال السكر بالعسل والكميات ذاتها) ملعقة
صغيرة ممسوحة ومستوية من الملح. يضاف إلى الشراب قليلٌ من عصير الليمون أو البرتقال
أو الشاي أو اليانسون (لكي يتقبله الطفل) يجب التأكد من المقادير جيداً لأن زيادة
الملح أو السكر قد تؤدي إلى زيادة الإسهال. ولذا نحن ننصح بالمحاليل الجاهزة. يمكن
إعطاء شراب معالجة الإسهال بالكوب أو الملعقة، ويعطي الطفل جرعات صغيرة 5 ملل في
الدقيقة الواحدة، غالباً ما يحدث الإسهال والتقيؤ معاً، عندئذ يعطى الطفل ملعقة
صغيرة إلى ملعقتين (5 - 10 ملل) من الشراب كل 5 - 10 دقائق لتعطى السوائل وقتاً
كافياً كي تمر من المعدة إلى الأمعاء قبل وصول الجرعة الثانية، وكذلك يجب الاستمرار
في التغذية (عن طريق الثدي أو الطعام). ويجب التشديد على أهمية التغذية أثناء
الإسهال، فأهم حقيقة هو أنه لا يجوز تجويع الطفل المصاب بالاسهال لأن التجويع يسبب
سوء تغذية مما يزيد التجفاف. ويجعل الطفل ضعيفاً بدرجة لا يستطيع معها مقاومة
الاسهال.
ويمكن للأم أن تقوم بتجريع الطفل شراب معالجة الاسهال بعد
كل براز على النحو التالي (حسب عمر الطفل):
- أقل من 6 أشهر: ربع فنجان كبير من الشراب (شراب معالجة الاسهال) (50 ملل).
- 6 أشهر إلى عام: نصف فنجان كبير من الشراب (100 ملل).
- أكثر من عام: فنجان كبير من الشراب (200) ملل.
إذا ساءت حالة الطفل وازدادت علامات التجفاف (جفاف الفم عطش شديد) جفاف العينين
وتغورهما، جلد ناشف متمغط شحة في البول، والطفل الذي لا يستطيع الشراب يرسل إلى
المستشفى ليصار إلى علاجه عن طريق الحقن في الوريد.
(*) اخصائي في طب الأطفال