أذكار | أذكار لطلب الرزق مع الإمام الخامنئي | سيّدة قمّ المقدّسة نور روح الله | الجهاد مذهب التشيّع‏* كيـف تولّى المهديّ عجل الله تعالى فرجه الإمامة صغيراً؟* أخلاقنا | الصلاة: ميعاد الذاكرين* مفاتيح الحياة | التسوّل طوق المذلَّة* الإمام الصادق عليه السلام يُبطل كيد الملحدين تسابيح جراح | بجراحي واسيتُ الأكبر عليه السلام  تربية | أطفال الحرب: صدمات وعلاج اعرف عدوك | ظاهرة الانتحار في الجيش الأميركيّ

دور المسجد في مسيرة الإسلام


"أسبوع المسجد" .. الجمعة الأخيرة من شهر شعبان

شكل المسجد على مر التاريخ قاعدة أساسية لانطلاق الإنسان المسلم في الحياة من أجل إصلاح الناس وبناء المجتمع والحاضرة، والمسجد كان ولا يزال عنواناً للتحول ومصدراً للقرار في كل المفاصل التاريخية والروحية للأمة الإسلامية.

وقيمة المسجد الكبرى عند اللّه تعالى تستمد من كون المساجد بيوت اللّه في الأرض، فعن الصادق عليه السلام : "مكتوب في التوراة أن بيوتي في الأرض المساجد، فطوبى لمن تطهر في بيته ثم زارني وحق على المزور أن يكرم الزائر"(1). وتزامن تأسيس المسجد مع الخطوات الأولى لتأسيس المجتمع والدولة في الإسلام، فكان مسجد الرسول الأعظم نقطة مركزية استوعبت كل النشاطات والعلاقات العملية والعبادية في كل ما يتعلق بالمسيرة الإسلامية بقيادة رسول الله‏ صلى الله عليه وآله. ولليوم، لا يزال المسجد مركزاً للتفاعل بين المؤمنين وإطاراً تخرج منه كل القرارات الحية التي تترجم وحدة أبناء الأمة في الثورة والبناء، فمنه انطلقت كل الحركات الإسلامية القرآنية، ومنه تتابع الثورة الإسلامية المظفرة مسيرتها التي اختطها الإمام الخميني العظيم قدس سره.

* دوافع بناء المسجد الرسالي‏
يحث اللّه تعالى عباده في كتابه المجيد على بناء المساجد وإعمارها وإعطائها الحيوية المطلوبة بالعبادة والذكر والاهتمام بشؤون الجماعة. ولعل العنصر الأهم الذي ينبغي توفره لبناء المسجد الرسالي يتلخص في التقوى والإخلاص التي تعتبر من أسمى مراتب السعادة. قال اللّه تعالى في سورة الأعراف: ﴿وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّين.

* دور المسجد التربوي في مسيرة الأمة
جعل المسجد لبناء الشخصية الإسلامية الرسالية التي تؤدي إلى منعة الأمة ووحدتها وصلابتها ففي دخول المسلم للمسجد يستلهم من اللّه ومن قوة الإيمان به عزيمة راسخة ورؤية واضحة لإصلاح النفس والأمة، وفي بيت اللّه يفكر العبد بنواقصه وفي بناء أمته وفي الفساد المنتشر في الأرض وينطلق من أجوائه للعمل. وتميز الأحاديث والنصوص الشريفة فضل المسجد وتحث على المكوث فيه ما أمكن وذلك نظراً للأجواء الروحية العالية التي لا تتهيأ إلا في رحاب اللّه وفي بيته. فعن الإمام الصادق عليه السلام : "عليكم بإتيان المسجد، فإنها بيوت اللّه في الأرض، ومن أتاها متطهراً طهره اللّه من ذنوبه وكتب من زواره، فأكثروا فيها من الصلاة والدعاء، وصلوا في المساجد في بقاع مختلفة، فإن كل بقعة تشهد للمصلي عليها يوم القيامة"(2). ويصف أمير المؤمنين عليه السلام المكوث في المسجد بأنه أفضل من المكوث في الجنة لما في ذلك من إحراز لرضا اللّه تعالى فيقول عليه السلام "الجلسة في الجامع خير لي من الجلسة في الجنة، فإن الجنة فيها رضى نفسي والجامع فيه رضى ربي"(3). تقوية روح الجماعة بين المؤمنين: ودخول المسجد لا يكون بهدف إيجاد علاقة بيننا وبين اللّه تعالى فقط، وإنما بهدف إيجاد العلاقة مع اللّه، ثم وعبر تلك العلاقة إيجاد علاقة أخرى بيننا وبين الذين يرتبطون باللّه. وفي ذلك يقول رسول الله‏ صلى الله عليه وآله : "ألا من مشى إلى مسجد يطلب فيه الجماعة، كان له بكل خطوة سبعون ألف حسنة، ويرفع له من الدرجات مثل ذلك، فإن مات وهو على ذلك، وكَّل اللّه عزّ وجلّ به سبعين ألف ملك يعودونه في قبره، ويبشرونه، يؤنسونه في وحدته، ويستغفرون له حتى يبعث"(4).

وقد شدد الإسلام كثيراً على صلاة المؤمنين جماعة في المسجد، واعتبر أن لا صلاة حقيقية لجار المسجد إلاّ في المسجد، وإن قبلت صلاة المصلي في بيته شرعاً، إلاّ أنها تكاد تخلو من الثواب الإلهي، فيما أثاب اللّه تعالى صلاة الجماعة وجعلها سبيلاً عظيماً من سبل الحسنات والمغفرة عند اللّه، وفي ذلك قال الإمام الصادق عليه السلام : "صلاة الرجل في منزله جماعة تعدل أربعاً وعشرين صلاة وصلاة الرجل جماعة في المسجد تعدل ثمانياً وأربعين صلاة مضاعفة في المسجد، وأن الركعة في المسجد الحرام ألف ركعة في سواه من المساجد وأن الصلاة في المسجد فرداً بأربع وعشرين صلاة والصلاة في منزلك فرداً هباء منثوراً لا يصعد منه إلى اللّه ومن صلى في بيته جماعة رغبة عن المساجد فلا صلاة له ولا لمن صلى معه إلاّ من علة تمنع من المسجد". ويشكو المسجد من يهجره خصوصاً إذا كان من جيرانه فيقول الصادق عليه السلام : "شكت المساجد إلى اللّه تعالى الذين لا يشهدونها من جيرانها، فأوحى اللّه إليها وعزتي وجلالي لا قبلت لهم صلاة واحدة، ولا أظهرن لهم في الناس عدالة ولا نالتهم رحمتي، ولا جاوروني في جنتي"(5).

التحصيل الشرعي: وفي المسجد تقام حلقات العلم والتوجيه الجادة التي تربط المجاهد المسلم بدينه وبربه. يقول أمير المؤمنين عليه السلام : "من اختلف إلى المسجد أصاب إحدى الثمان: أخاً مستفاداً في اللّه أو علماً مستطرفاً أو آية محكمة أو يسمع كلمة تدلّ على هدى أو رحمة منتظرة أو كلمة ترده عن ردى أو يترك ذنباً خشية أو حياء"(6). عيش المناسبات الإسلامية: والمسجد هو المكان الطبيعي الذي يلتقي فيه المؤمنون ليعيشوا مناسباتهم الإسلامية العظيمة، فتراهم يحتفلون بالمناسبات والأحداث الإسلامية الهامة وموالد وشهادات المعصومين الأطهار. وعُمَّار المساجد الحقيقيون هم أصحاب الألوية يوم القيامة السابقون وهم من المبشرين بالجنة الذين قال عنهم رسول الله صلى الله عليه وآله : "طوبى لأصحاب الألوية يوم القيامة يحملونها فيسبقوا الناس إلى الجنة، ألا وهم السابقون إلى المساجد بالأسحار وغيرها"(7).

دور المسجد في الحركة الرسالية المعاصرة:
ويقول الإمام الخميني قائد المسيرة الإسلامية المظفرة قدس سره: "مساجدكم حصونكم فاملأوا هذه الحصون". فكما ذكرنا سابقاً، يؤمن المسجد التواصل مع الأمة بكافة الوجوه والأشكال. واستعانت الثورة الإسلامية بالمساجد فكانت إدارة البلاد منها، وفيها تشكّلت لجان ثورية تدير شؤون الأمة وتحافظ على أمن الناس.


(1) ثواب الأعمال، الصدوق، الأعلمي، ص‏52.
(2) ثواب الأعمال، علي دخيل، ص‏124.
(3) بحار الأنوار، المجلسي، ج‏80، ص‏362.
(4) ثواب الأعمال، علي دخيل، ص‏125.
(5) وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج‏3، ص‏479.
(6) نفس المصدر، ص‏480.
(7) تنبيه الخواطر، ورام، ج‏2، ص‏55.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع