مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

المحطات الفضائية: السمّ المخفي


إعداد: الأستاذ حسن ركين


لقد عمَّت ظاهرة الستالايت وانتشرت في مجتمعاتنا الداخلية في جميع المدن والقرى والأحياء، وهذا يدعو إلى الشك في كونها صدفة أم مدبَّرة، خاصة في ظل الترويج السريع لها والاستيراد الوفير لمعداتها من الخارج. هذا إذا أحسنا الظن بأصحاب محطات الاشتراك، وأما الواقع الموجود فإنه ينذر بالكثير من السلبيات، من ضياع الهوية الثقافية، وحالة التفكك الأُسري، والتفكك الأخلاقي، وغيره الكثير الكثير من الآفات والمشاكل التي تتسلل ببطء إلى مجتمعاتنا كداء خبيث ما يلبث أن يفتك بالجميع.

إننا وانطلاقاً من مسؤوليتنا الشرعية، وشعوراً منا بوجوب الاستطلاع عن مكامن الخطر النافذ إلى ثغور أمتنا، ارتأينا أن نجري استطلاعاً للرأي يتبين من خلاله مدى تأثر الناس بهذه الظاهرة، ونفوذها إلى عقول ونفوس الطبقات المختلفة من أبناء هذا المجتمع، علَّنا بذلك نصل إل تشخيص الداء، ومن ثم نستبين طرق العلاج، فتنقذ بذلك أمتنا من خطر الضياع والغرق في متاهات الضلال.
وهكذا، فقد أجرينا مسحاً شمل أحياء وشوارع في مختلف القرى والبلدات اللبنانية، بالإضافة إلى المدن الرئيسية. وكم كانت الدهشة كبيرة، حينما وصلنا في نهاية المسح إلى أرقام تدعو إلى القلق من المستقبل المجهول، على فتية وفتيات، ونساء ورجال، انكبّوا على مشاهدة الغث والسمين مما يبث على شاشات التلفزة العلمية والقنوات الفضائية التي تبثها هذه المحطات، من دون رقيب أو وازع، كل همهم التسلية وتمضية الوقت، مع أن المفترض التعويل عليهم- خصوصاً جيل الشباب- في معارك قادمة أقلها وأدناها معركة التطبيع مع العدو الصهيوني.

وإليك المناطق التي شملها المسح:
بيروت، طرابلس، صيدا، زحلة، الضاحية الجنوبية، النبطية، الكورة، البترون، الشوف، عاليه، بحمدون، بعلبك، الهرمل، صور، جبيل، الزهراني.
بالإضافة إلى 213 قرية وبلدة وحياً في مختلف أراضي الوطن.
ولا ننسى أن جزءاً مهماً من التحقيق جرى في وسائل النقل العامة (الاوتوبيس) على امتداد الساحل من أقصى الشمال إلى مدينة صور.وقد بلغ عدد الدين سألناهم 2200 شخص.
أما عن الاستمارة ونوعية الأسئلة فتمحورت حول نوعية المحطات التي يشاهدونها. سألنا الكبار والصغار، والشبان والفتيات، لم نترك فرصة إلاَّ واستغليناها في سبيل وضع صورة ملامسة للواقع.
فانطلقت الأسئلة عن أفضل قناة، أفضل برنامج، نوعية البرامج، أوقات المشاهدة، اقتراحات بشأن المحطات المحلية.
وظهرت النتائج على الشكل التالي: 25% يفضلون المنوعات (فيديو كليب- حفلات- برامج ترفيهية- مسابقات).
22% يحضرون الأفلام الأجنبية.
10% يشاهدون البرامج الرياضية.
8% يفضلون الأفلام العربية.
8% يتابعون المسلسلات العربية.
7% يرتاحون للبرامج الحوارية والبث المباشر(الاجتماعية والسياسية).
6% يستفيدون من البرامج الوثائقية.
5% لا يملّون من البرامج السياسية.
3% يتابعون نشرات الأخبار (الجزءة، MBC, ANN
2% يهتمون بالمسلسلات الأجنبية.
2% يحضرون البرامج الدينية.
1% يحبون البرامج العلمية (المناهج). أما بخصوص نوعية البرامج التي يفضلها الجمهور اللبناني فقد جاءت حسب الترتيب التالي:
1- الأفلام الأجنبية.
2- الأفلام العربية.
3- الفيديو كليب.
4- البرامج الرياضية.
5- البرامج السياسية.
6- الأفلام الوثائقية والاكتشافات العلمية.
7- البرامج الدينية والمناهج التعليمية.

والمفارقة الكبرى كانت عندما قايسنا بين ما يهم المشاهد بالدرجة الأولى وما يهمه بالدرجة الأخيرة، حيث الاهتمام بالأفلام الغربية وما تحتويه من شماهد الإثارة والعنف والقتل والمغامرة اللاهادفة إلا إلى سلب عقول الشباب وحرفهم نحو التغلب والانحلال والعنف والقتل... ومن ناحية أخرى إهمال البرامج التربوية والدينية والمناهج التعليمية، حيث أتت في المرتبة الأخيرة.
ولعلَّ ذلك يعود لعدة اعتبارات أهمها انعدام الثقة بالنفس وبما يمكن أن تقدمه على الصعيدين التربوي والتعليمي، وبالمقابل الثقة المطلقة بالآخر (المتمثل بالإنسان الغربي) وأخذ كل ما يقدمه كمسلّمات غير قابلة للردّ أو التشكيك.

نقول: أن التقنية الحديثة وشبكات الاتصال التي وصلت أقصى العالم بأقصاه هي من الأمور الهامة جداً على صعيد الانفتاح المعرفي والتطورات العلمية، وتيسير أمور الإنسان في هذا العالم.
والعولمة بوسائل الاتصال والعلم ونشر المعارف قبولة لدينا بل نشجع عليها.
إلاَّ أن المطلوب في هذا المجال النظر إلى الثقافات الأخرى كبحر عميق يحوي الجيد والرديء من المبادئ والنظريات والأفكار. فنأخذ بالجيد ونذر الرديء، لا أن نستبدل تراثنا الأصيل الكامل المتكامل بما يرد علينا منها.

فإننا نرفض أن تمسخ هويتنا الثقافية والمعرفية والحضارية مقابل الزحف المعلوماتي، ونرفض التنازل عن تراثنا مقابل أنم يقبلونا في المنظومة الجديدة لهذا العالم. كما نرفض أن يكون العالم أشبه بقرية صغيرة تترأسها أميركا والدول المستكبرة ليفرضوا على شعوبها ما شاؤوا من القيم والمعايير التي تخدم مصالحهم لا غير.

وبالتالي، فإن لنا أفكارنا ومبادئنا وشخصيتنا النابعة من إسلامنا، ذلك الدين المتين، الشامل لكل تفاصيل الحياة، والذي يتكفل الجلول لكل المشاكل والمعضلات القائمة إذ "ما من واقعة إلاَّ ولله فيها حكم".
وعليه، فإننا لم نتوخ من خلال هذه الدراسة والتحقيق منع المحطات الفضائية، أو الدعوة إلى تركها ونبذها بالجملة، إنما الهدف من ذلك هو لفت النظر والتنبيه إلى المشاكل والسلبيات الكثيرة التي قد تتسبب عنها في ظل غياب الرقابة الذاتية للنفس- بعد غياب الرقابة العامة- والرعاية من قِبَل الأهل للأطفال والناشئة الدائبين على مشاهدة ما يحلو وما لا يحلو من البرامج التي تعرضها هذه المحطات.

ولا ننسى النتائج المؤسفة التي سبقتها هذه الظاهرة، حيث أنتجت عصابات للسرقة وجرائم الاغتصاب والاحتيال، وفلتاناً أخلاقياً في أجواء الشباب والشابات.
وجولة واحدة في مجتمعاتنا وعلى صحفنا اليومية تكفي لمعرفة الوضع المزري الذي وصلت إليه هذه المجتمعات على هذا الصعيد.
ومن هنا نوجه دعوة لكل من دخلت تلك الظاهرة إلى بيته، إلى توخي الحذر من كل ما قد تسببه من سلبيات ومشاكل، والاستفادة قدر الإمكان، من البرامج التي تساهم في تربية الفرد وصنع الإنسان وتنمية العقل البشري وتطويره، وتقريبه من ربه.
فهل من مجيب!!!

* لقطات أثناء التحقيق
ـ الكثير من محبي الأفلام الأجنبية يعرفون كل ما يعرض بالإضافة إلى مواعيد العرض ونوعية الأفلام التي تعرض كل يوم وكل ساعة.
ـ بعض محبي الأفلام الأجنبية، يحاولون أن ينسقوا أعمالهم الصباحية بحيث لا تتعارض مع سهراتهم إلى ساعات الفجر الأولى ووصل بهم الأمر إلى حد الإدمان على مشاهدة الأفلام.
ـ لاحظنا أن بعض محبي برامج الرياضة يعرفون جميع فرق كرة القدم في العالم، وتفاصيل حياة اللاعبين، ويؤيدون فريقاً أجنبياً ضد فريق آخر.
ـ أكثر الفرق الرياضية التي يحبون مشاهدتها (باير ميونخ- مانشتر- جوفنتوس- مدريد..).
ـ متابعو المسلسلات، يعرفون كل الممثلين ويتنبؤون بما سيحصل في الحلقات المقبلة.
هذه النتيجة على مستوى الكبار، أما على مستوى الأحداث والصغار فإنهم يحبون قنوات أفلام الكرتون والرسوم المتحركة والرياضة، ويحضرون أحياناً مع أهاليهم أفلاماً عربية وأجنبية من دون أي مانع ورادع.

 

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع