السيد هاشم صفي الدين
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد الخلق أبي القاسم محمد وعلى آله الطاهرين. حيث اقتضت المشيئة الإلهية غيبة الإمام المهدي عجل الله فرجه الشريف في إطار علة خاصة وحكمة مقدرة كان من الطبيعي أن يرد في الذهن تساؤل حول الآثار التي تترتب على هذا القضاء الإلهي من الناحية الشرعية والوظيفة المفترض اتباعها إذ أن الحدث ليس عادياً من جهة تعلق الإرادة الإلهية بغياب إمام معصوم تقع على عاتقه مسؤولية إمامة الأمة وهداية البشرية وحمل وصية الأنبياء والأولياء عليهم السلام، وفي هذا المجال يأتي الحديث عن التكليف الذي ينبغي اعتمداه في ظروف من هذا النوع خارجة عن المسار الطبيعي المألوف إذ المفهوم من روايات النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم في مقام بيان دور الإمام المعصوم ووظيفة الأمة هو الرجوع في كل المسائل إلى الولي والقائد والهادي فما هو الحال في ظرف غيبته وما هو الدور الذي يجب أن تضطلع به الأمة والذين يجب أن يمارسه المكلف الفرد، والإيضاح الأمر يفترض بنا أن نصل إلى فهم صحيح للغيبة كي نتمكن من تحديد صائب للتكليف وتحولاته على ضوء ذلك.
إن مراجعة بسيطة وسريعة للروايات التي تحدثت عن مفهوم الغيبة تعطينا أنها نظرت إلى أمرين لا على سبيل الحصر:
الأمر الأول: هو الدور الخاص المفترض بالتخطيط الإلهي لخاتم الأوصياء والأئمة عليهم السلام لجهة إقامة العدل الشامل وملء الأرض قسطاً وعدلاً بعد أن ملئت ظلماً وجوراً فهنا واقع الأمة والبشرية عموماً من جهة، وبيان البديل الإلهي وهو إزاحة هذا الظلم العام والتغيير بحسب المقتضى الإلهي والضرورة الإنسانية، وهذا شأن لن نتعرض له الآن لكن الواضح أن هذه الوظيفة لا يمكن أن يقوم بها إلا الحجة المنتظر عجل الله فرجه الشريف فتكون الغيبة من باب الضرورة التي تهيء لهذا الدور العظيم.
الأمر الثاني: هو حال الناس والأمة ومنهم الموالون والمعتقدون وإن كانت أحوالهم مختلفة بحسب تصنيفاتهم لكنهم إجمالاً لا يفتقدون العنصر الأساسي والضروري في القيام بمهمة التغيير الشاملة التي يفترض أن تنسجم مع الحد الأدنى المطلوب لتلبية الواجب الذي يفرض واقعاً بحجم مهمة الإمام عجل الله فرجه الشريف، وفي هذا إشارة واضحة إلى حالة الضياع والانحراف والبعد عن قيم الإسلام التي وجدت بأسباب متعددة تاريخية وواقعية وما شاكل... وما يهمنا في هذا الأمر إن كنا ندعي أننا من الموالين والمعتقدين بالغيبة وبضرورة تبعية الإمام المعصوم البحث عن التكليف في هذا الظرف الممتد إلى زماننا ولا نعلم متى ينتهي هنا أيضاً لا بد من تسليط الضوء على ما يلي:
1 - أحكام لا تتغير:
لا شك في أن التوصيف لهذا الموقع المذكور في بعض الروايات أو المنتزع من خلال مراقبة الواقع الذي يعيش لا يمكن أن يمس أحكاماً إلهية جاءت في القرآن الكريم وعلى لسان الرسول الأكرم والأئمة عليهم السلام إذ أن موضوعها هو الاعتقاد على أي حال وهذا ما تفرضه طبيعة الالتزام بالإسلام كدين وشريعة نعتقد أن أحكامها خالدة وناجزة وصالحة لكل الأمم على امتداد العصور وهذا يشمل العبادات والمعاملات والأحكام السياسية والقضائية وكل ما يمس حياة الإنسان ولا يمكن أن نتصور بحال من الأحوال أن هذه الأحكام مقيدة أو منتهية في طرف غيبة الإمام عجل الله فرجه الشريف.
وليس هناك أي إشارة من الأدلة والروايات على تقييد هذه الأحكام بل العكس هو الصحيح فإن لسان كل هذه الأحكام حال توجهها للأمة وللأفراد فيه إطلاق وهذا أمر بديهي، نعم، ما ربما يتوهمه البعض والذي أوجد التباساً عند البعض هو تصور أن بعض الأحكام المتعلقة بشؤون الأمة وإدارتها أو غير ذلك مختصة بالإمام المعصوم عليه السلام وبالتالي في حال غيبته تبقى معلقة إلى وقت حضوره وظهروه وهذا الالتباس أوجد عند هذا البضع داعياً للتخلي عن القيام ببعض الواجبات أو تركها معتمدين في ذلك على هذا الفهم، وربما استند هؤلاء إلى نمط من الروايات تجعل الإمامة والقيادة والريادة للدين للمعصوم وبالتالي فهي مقيدة بظرف حضوره غير آبهين بالآثار واللوازم التي يمكن أن تنشأ عن هذا الالتزام والتي قد تؤدي إلى انحراف الأمة وابتعادها عن سائر الأحكام الشرعية وأقلها هو جمود الأمة والمجتمع الإسلامي عن الحركة والفاعلية وعن التصدي للفساد والمنكر بأبعاده الاجتماعية والسياسية والتي تولد مع الأيام بعداً عن أحكام الدين عموماً وهذا ما أثبتته أيضاف التجارب.
وأكثر ما يوجب العجب هنا أن البعض يظهر اتباع مسلك الاحتياط في التصدي لهذه الشؤون إذ قد يكون اعتداء على قمام الإمامة في وقت لا يتوقفون ليحتاطوا فيما سيؤدي إليه هذا المسلك من خراب وضياع للأمة وضعف يولد آلاف التساؤلات التي قد تحصل إلى حد التشكيك بسائر أحكام الشريعة فهل أن هذا الأمر لا يلحظه الشارع المقدس فكيف الحال إذا وجدنا أن هناك عدداً من الروايات حددت المرجعية للأمة وقيادتها في حال الغيبة وهي صريحة وواضحة كما ورد عن نفس الإمام عجل الله فرجه الشريف في التوقيع المعروف والمشهور: وأما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة أحاديثنا فإنهم حجتي عليكم وأنا حجة الله.
وربما استند البعض إلى رواية كل راية تخرج قبل قيام قائمكم فهي راية ضلال... فكيف تصلح هذه الرواية أن تقيد المطلقات الواضحة والمتواترة بشمولية الأحكام وعدم جواز تعطيلها مع حدوث مفسدة هائلة من تعطيلها بل ربما أوجب ذلك ولو من باب التلازم تعطيل أغلب الأحكام مع العلم بأن فهم أية رواية لا يمكن أن يفصل عن ظرفه لتحديد المراد وهذا ما أشار إليه الإمام الخميني قدس سره في مقام معالجة هذا النمط من الروايات.
على كل حال ذكر العلماء ما يكفي لإيضاح هذه الفكرة والذي نريد أن نصل إليه هو أن الغيبة لا تتنافى أبداً مع نفوذ سائر أحكام الشريعة المقدسة وهي تكاليف لا ينبغي نسيانها بل يجب قبل أي شيء العمل على فهمها والالتزام بها والعمل على تطبيقها بدءاً من مقتضيات الالتزام الفردي العبادي مروراً بسائر المعاملات التي تهم شؤون الناس وحياتهم الاجتماعية وصولاً إلى ضرورة السعي لإقامة حكم الله في الأرض وإقامة العدل الإلهي وتحكيم تعاليم الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم في شتى شؤون الحياة.
2 - أحكام خاصة:
في نفس الوقت الذي تبقى فيه سائر الأحكام على حالها وعمومها لا بد أن نلحظ مسلكاً خاصاً لمن يعتقد بالإمام الحجة عجل الله فرجه الشريف وبالغيبة وهذا المسلك يفرض نمطاً في الاعتقاد والتعلق والممارسة نفهمه من خلال أمور:
أ - التولي
إن غيبة الإمام عجل الله فرجه الشريف لظروف خاصة لا ينبغي أن تجعلنا نذهل أو نغفل عن ضرورة التعلق القلبي والعملي وما يستتبعه ذلك من علاقة خاصة بالإمام المعصوم فهو الإمام الذي يجب أن نواليه ونجبه ونتعلق به بل ربما ساقنا غيابه إلى مزيد من التعلق الوجداني والذي يولد شوقاً خاصاً نابعاً من الظروف السيئة المحيطة ومن خلال الترقب للدور الخاص الذي سيقوم به الإمام عجل الله فرجه الشريف، وما يجب الالتفات إليه في هذا المضمار هو التميز بين الغيبة والوجود، فالغيبة لا تعني أبداً أنه غير موجود أو أننا لا نستفيد من محضر وجود الإمام المبارك عجل الله فرجه الشريف.
وقد أشارت الروايات إلى أن وجوده كالشمس إذا حجبتها الغيوم وواضح أن ضرورة الشمس وفوائدها على البشرية عموماً ليست مرتبطة أبداً بالرؤية والانكشاف وهي على حالها من جهة الضرورة التكوينية، فكذلك الإمام عجل الله فرجه الشريف الذي نعتقد أن وجوده ضروري، فالأرض لن تخلو من حج إما ظاهرة أو مستورة غائبة. ناهيك عن الروايات التي تدعو المؤمن إلى محبة وموالاة إمام زمانه ومعرفته وغير خفي ما لهذا الحضور القلبي والتعلق الوجداني من أثر هائل على حياة الفرد وإحساسه الدائم بأنه محاط بهذا النور الإلهي والرعاية واللطف من وجود إمام الزمان خاصة إذا التقينا إلى أن سلام الله عليه مطلع على أعمالنا وأوضاعنا يشاركنا الأحزان والأفراح والهموم وهذا بحد نفسه مورد أمل وانبعاث قدرة وحيوية مؤثرة في حياة الإنسان المؤمن ولعل ما ورد من استحباب الدعاء بتعجيل الفرج والمواظبة على أعمال خاصة كدعاء العهد صبيحة كل يوم جمعة وما شاكل من أعمال كأنه أريد لها أن تبقي حالة التعلق هذه حية وتؤسس لنمط مخاطبة ومحادثة معه عجل الله فرجه الشريف بشكل دائم كأن تقول له أشهد أنك تسمع كلامي وترى مكاني وما شابه ذلك، وهذا ما لاحظناه في المأثور من سيرة علمائنا الأبرار طوال فترة الغيبة والتوسل به سلام الله عليه وطلب العون لقضاء الحوائج الدنيوية والأخروية والإعانة لنصرة الحق ومواجهة الظلم حتى وصل منهم إلى درجة التشرف بلقائه عجل الله فرجه الشريف كما هو المروي والمعروف والثابت عن الشيخ المفيد عجل الله فرجه الشريف والسيد بحر العلوم الذين واجهوا صعوبات شتى في سبيل تثبيت أصول المذهب والوقوف بوجه الفساد والانحراف.
والتاريخ يشهد كم كان لهذا النمط من التعاطي من أثر إيجابي هائل على قوة المحبين والموالين وإحساسهم الدائم بمصدر أمل فاعل وقوى فضلاً عن الآثار الفعلية والعملية المترتبة في المجال العلمي والفقهي أو في المجال العملي حتى وصل الأمر بالفقهاء أن ذكروا أن الإجماع المدّعى من بعض العلماء دون أن تكون لهذه الدعوى مبررات كافية بحسب الظاهر، يفسَّر على أن هذا العالم قد تشرف بلقائه عليه السلام وسمع منه الحكم لكنه لم يجد سبيلاً لذكر ذلك سوى استخدام عبارة الإجماع.. أو كما ينقل عن السيد بحر العلوم حينما سئل في حلقة الدرس من البعض من رواية مضمونها أنه من ادعى الرؤية فكذبوه، قال للسائل نعم هذه الرواية موجودة ثم التفت إلى من بجنبه وقال له: هل أقول إني رأيته وضممته وشممته... إلى ما هنالك من قصص نجد أن السياق التاريخي للغيبة أسس لطريقة تعامل تبعد الشيعة عن الجفاء والإحساس بالغربة عن إمام زمانهم عجل الله فرجه الشريف وكأن في ذلك تأكيداً على ضرورة إحياء هذا العيش الواقعي والحي لما له من آثار إيجابية وحاضرة في تحصين المجتمع والفرد المواليين، وهذا المفهوم بنفسه يفرض علينا أن لا نتعاطى بجمود وجفاء تجاه هذه الحقيقة، بل نسعى دائماً لكسر طوق الحجب من خلال الإيمان والإخلاص والاعتقاد السليم الذي أفنى علماؤنا أعمارهم الشريفة في سبيل حفظه وحمايته لأبناء أمتهم.
ب - الانتظار:
جاء في بعض الروايات الحث على تجسيد مفهوم الانتظار للفرج والذي يعني أن يبقى الموالي ف حالة ترقب واستعداد دائمين إذ أن الروايات في جانب آخر أشارت إلى أن وقت الظهور غير معلوم وقرنته بعلامات عامة خاصة وتركت أمر تطبيقها إلى الناس مما يولد مفهوم التوقع المتحفز فإمكانية الظهور في أي زمن وهذا المفهوم بنفسه يعطي لفكرة الظهور حيوية تنعكس على خلق مفهوم عملي للانتظار من حيث الاستعداد النفسي والإيماني والتأهب للملاقاة مع ما يقتضيه هذا الأمر من سعي دؤوب ومستمر للحفاظ على منهج الإصلاح والتقدم والتطور بدءاً من الفرد في صلاته العبادية والإيمانية مروراً بالسعي لتهيئة الظروف الملائمة وتسريع عجلة الظهور من ناحية المساهمة في تسريع المقدمات اللازمة، وأظن أن هذه الفكرة لو أنها أعطيت حقها لكانت كفيلة لوحدها بإيجاد مناخ دافع وحافز كبير للإصلاح، وما ينبغي الإشارة إليه هنا هو أن المحب والموالي الذي ينتظر عليه أن يلتفت إلى الشخص الذي ينتظره والدور الذي سيقوم به إذ أن انتظار أي شيء بحسبه، فإذا كنت تنتظر ظهور الإمام المعصوم الذي سيملأ الأرض قسطاً وعدلاً يعني أن الانشغال بمقدمات الانتظار يستوجب عملية كبيرة ليكون المؤمن في حال الملاقاة على قدر من الاستعداد يخوله أن يكون في عداد اللائقين، الأخرى أنه إن قيل لنا إننا سنلاقي إنساناً عظيماً ذا شأن ممن هم معروفون في حياتنا سوف نبذل كل وسعنا في سبيل تحصيل اللياقة الخاصة بهذا الشخص العظيم فكيف الحال إذا كان المنتظر هو إمام معصوم الذي تلهج الألسن بذكره والدعاء له بالفرج وتخفق القلوب لمجرد الحديث عنه، فإن التكليف حينئذ يفترض بنا أن ندقق في أعمالنا كل يوم ولية لنفحص صدقنا في العهد الذي قطعناه وفي التهيؤ لملاقاة إمام الزمان عجل الله فرجه الشريف، أما كيف يحصل ذلك، فهذا شأن خاص أيضاً سار عليه العلماء الأبرار عبر التاريخ ليكونوا في موقع المنتظر الصادق والحقيقي.
ج -التمهيد:
إن الغيبة تفرض وظيفة إضافية تضاف إلى اللا التولي والانتظار وهي وظيفة السعي لتمهيد الأجواء والظروف المساعدة على تعجيل الظهور حيث أن المفهوم من الروايات ضرورة وجود أنصار وأتباع يقومون بدور التوطئة للمهمة الكبرى التي سيقوم بها الإمام عجل الله فرجه الشريف وهذا شرط موضوعي لا بد من تحققه وفيه دعوة صريحة وواضحة لسعي لتحقيق هذا الشرط والإشارة في الروايات إلى رايات الحق التي ترفع من قبيل راية الخراساني وراية اليماني مضافاً إلى توصيف لواقع معين في بلد أو منطقة كلها تشكل بمجموعها العوامل التي تتضافر وتحوي ف يداخلها العناصر التي تكون مهيأة إيمانياً وعملياً وجهادياً للقيام بمهمة العون والمساعدة في عملية ملء الأرض قسطاً وعدلاً، ومن المنطقي جداً أنه من دون وجود هذه العوامل فإن الظهور لن يتم وهذا المعنى بنفسه يوجه الأفراد والمجتمع للسعي الجاد في سبيل الوصول إلى درجة عالية من الإيمان والتسليم لتكون جاهزة وحاضرة في خدمة المشروع الإلهي المهدوي إذ أن الإمام عليه السلام سيعمل على حصول أجواء ممهدة تجعل أمر التغيير حاجة طبيعية ومنسجمة في أذهان وعقول وحياة الناس، والواضح في هذا المجال أن الوظيفة الكبرى للإمام حينما تكون إزالة الباطل والفساد واجتثاث جذوره بالسيف والقتال وإقامة العدل الشامل ستحتاج حتماً هذه الوظيفة رجالاً يكونون بمستوى ولياقة تحمل هذه المسؤولية وهؤلاء الأشخاص لا يصلون إلى هذا المستوى دفعة واحدة بل لا بد أن تتراكم عندهم حالات إيمانية ونصرة للحق وقدرة على البذل والتضحية في سبيل هذا الهدف الإلهي المقدس والهائل، يعني يفترض أن يمروا بمراحل اختبارية يمتحنون فيها ليمتازوا ويشكلوا في قدراتهم الرعية التي يعتمد عليها في هذا المضمار، وأن نفس الروايات التي تتحدث عن وجود أصحاب الإمام في مختلف أنحاء العالم هم كعدد أصحاب بدر تشكل دافعاً وحافزاً للرقي والوصول إلى هذه الدرجة واللياقة وأن من يريد أن يقاتل تحت راية الحجة عجل الله فرجه الشريف لينشر العدل في كل الربوع عليه أن يكون ممن تجاوزوا مراحل شتى خولتهم القيام بهذا الدور، أما الذي لا يقوى على مواجهة الباطل في مراحله العادية ولا يقوى على الصبر والتحمل والوقوف بوجه الفساد في حياته العادية فكيف سيقوى على حمل مشروع الوقوف بوجه الباطل في كل العالم...
لا شك في أن هذه العقيدة تدعونا دائماً للنظر في مسارنا الحياتي والعملي ومدى استعدادنا وجهوزيتنا للقيام بوظيفة التمهيد هذه، مضافاً إلى ما ذكرنا فإن دوراً على مستوى الرأي العام يفترض أن يهيأ الناس إلى درجة المناداة بالحل والمخرج من الظلم العام الذي يشملها، وهنا تبرز وظيفة أخرى وهي التركيز الثقافي والروحي نحو المخلص وأن الإمام الحجة عجل الله فرجه الشريف هو الذي بإمكانه أن يخرج الناس من ظلمات الكفر والجهل والظلم إلى نور الإيمان والعلم والعدل وهذه الوظيفة تحتاج إلى جهود جبارة على المستوى الفكري والإعلامي والروحي لسوق الأمة نحو الخيار الإلهي المدخر والحل الأمثل.
في الخلاصة إن الذي نفهمه من روايات التمهيد والتوطئة أنها تدعوا إلى ربط الأعمال والغايات والأهداف بدور التمهيد وهو دور عظيم جداً يعكس روحية خاصة في الأداء يفترض أن تعمم وأن تصبح ثقافة الأجيال التي تتربى على فكرة التمهيد للحجة عجل الله فرجه الشريف وهذه الفكرة أيضاً تضمن صلاح الأفراد والمجتمع وصهر الطاقات في المشروع الرسالي بعيداً عن الحسابات الخاصة والمؤقتة.