نور روح الله | يوم القدس: يوم الإسلام* إلى قرّاء القرآن: كيف تؤثّرون في المستمعين؟* أخلاقنا | ذكر الله: أن تراه يراك*  مفاتيح الحياة | الصدقات نظامٌ إسلاميٌّ فريد(2)* آداب وسنن| من آداب العيد  فقه الولي | من أحكام العدول في الصلاة مـن علامــات الظهــور: النفس الزكيّة واليمانيّ* تسابيح جراح | بالصلاة شفاء جراحي صحة وحياة | الرّبو والحساسيّة الصّدريّة تاريخ الشيعة| شيعة طرابلس في مواجهة الصَّليبيّين

تحقيق: المقامات المشرفة في دمشق

إعداد: عصام البستاني



بعد إطفاء نار الحرب في كربلاء ونشوة ظفر الدناءة والحقارة التي عاشها عبيد الله بن أبيه زياد البوّال، أرسل إلى يزيد بن معاوية يخبره بقتل الحسين عليه السلام وأصحابه وسبي نسائه فلما وصل إليه الخبر المشؤوم طلب من ابن زياد حمل رأس الحسين عليه السلام ابن سيّد المرسلين والأسرى إلى الشام فأعطى ابن زياد الأوامر إلى زجر بن قيس وأبي بردة بن عوف الأزدي وطارق بن ظبيان في جماعة من أراذل أهل الكوفة أن يحملوا رأس ابن المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم ورؤوس الشهداء الأبرار هدية إلى حاكم الجور والعدوان حفيد "هند" آكلة الأكباد يزيد وسرّح في أثرهم علي بن الحسين عليه السلام مغلول اليدين إلى عنقه بالسلاسل ومعه عياله وعماته وكل الأسارى على حالٍ تقشعر منها الأبدان ويعجز عن وصفها اللسان وترتعد لها فرائض الإنسان ويجعجع بهم شمر بن ذي الجوشن ومحفر بن ثعلبة العائدي وشبث بن ربعي وعمرو بن الحجّاج وجماعة من أهل الغدر والرياء وأمرهم أن يلحقوا بالرؤوس ويشهروهم في كل البلاد التي يمرّون بها، ساروا بهم كما يُسار بسبايا الكفار ضرباً وشتماً وإهانة…

 سارة قافلة السبايا سوقاً على عجف النياق بين أنّة وعنّة وألم وبكاء وصرخة من الضرب المبرح إلى أن نزلوا بهم في مكان بالطريق فوضعوا رأس الحسين عليه السلام على صخرة هناك فسقطت منه قطرة دم بقي أثرها سنوات فكانت تغلي وتفور كلّ سنة يوم عاشوراء فيجتمع الناس ويقيمون مآتم العزاء على سيد الشهداء عليه السلام. وفي خلافة عبد الملك بن مروان نقل الحجر ولم يُرَ له أثر بعد ذلك الحين لكن بعض الناس بنى هناك قبّة سمّوها النقطة ويوجد في بساتين مدينة "حماه" مسجد يُقال له مسجد الحسين عليه السلام أو مسجد النقطة وفي أثر الدم على الحجر الذي وضع عليه رأس الحسين عليه السلام يوم ساروا به إلى الشام. ولما اقتربوا من عاصمة الخلافة الأموية الحاكمة يومذاك "دمشق" اقتربت أم كلثوم من الشمر وقالت له: لي إليك حاجة! قال ما هي؟ قالت: إذا دخلت بنا البلد فاحملنا في درب قليل النظارة، وأن يُخرجوا الرؤوس من بين المحامل وينحونا عنها فقد خزينا من كثرة النظر إلينا ونحن في هذه الحال…

فأمر اللعين في جواب سؤالها أن تجعل الرؤوس على الرماح في أوساط المحامل بغياً وكفراٍ وسلك بهم الطريق بين النظارة حتى وصلوا باب الساعات "أحد أبواب مدينة دمشق" سابقاً وذلك في أول يوم من شهر صفر وأوقفوهم على درج المسجد حيث يقام السبي وخرج الناس بالدفوف والأبواق وهم لا يدرون بالذي حصل ومن هم السبايا والأسرى فدنا سهل بن سعد الساعدي من سكينة ابنة الحسين عليه السلام وقال من أي السبايا أنتم؟ قالت: نحن سبايا آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم فبكى وقال: ألك حاجة؟ قالت له ادفع لحامل الرأس شيئاً فيبعده عن النساء لينشغل الناس بالنظر إليه ليبعدوا النظر عن النساء ففعل…
وعندما جاؤوا بالسبايا والرؤوس على أطراف الرماح وأشرفوا على ربى جيرون نعب غراب وكان يزيد جالساً في منظرة مشرفة فأنشد هذه الأبيات الشاهدة عليه يوم الحساب:

تلك الرؤوس على شفا جيرونِ

لما بدت الحمول وأشرقت

فقد اقتضيت من الرسول ديوني

نعب الغراب فقلت قل أو لا تقل

وقبل أن يدخلوا الرؤوس والسبايا إلى مجلس الطاغية يزيد أتوهم بالحبال فربقوهم بها وكان الحبل في عنق الإمام زين العابدين إلى زينب عليه السلام وأم كلثوم وباقي بنات الرسول صلى الله عليه وآله وسلم فكلما تباطؤوا بالمشي يضربونهم ضرباً مبرحاً حتى وقفوا بين يديه وهو على سريره ووضع رأس سبط النبي بين يديه وجعل ينظر إليهم وأثر الشماتة بين عينيه…
ليست من رواية مؤثّقة تؤكد مكان دفن السبايا وإن وجدنا لهن مقامات مشرّفة في دولٍ كثيرة ولا ندري أهي إرادة إلهية أم هو العشق والوله في قلوب المحبين الذين بنوا مقامات في الأماكن التي وردها هؤلاء الأطهار للتبرك والتقرب بهم إلى الله… وفي دمشق العاصمة السورية وعاصمة الخلافة الأموية آنذاك كثرت هذه المقامات وانتشرت وأهمها مقام السيدة زينب عليه السلام ومقام السيدة رقية عليه السلام ومقام رأس الإمام الحسين عليه السلام وإن كان هناك مقامات أخرى في الشمال السوري، وهذا إن دلّ على شيء فإنما يدل على الرحلة العصيبة التي قطعتها حرائم الرسول حيث مات منهم من مات إثر الإعياء أو المرض والإرهاق وكثرة الضرب والسير أو اللوعة والحسرة….

وينتحي مقام السيدة زينب عليه السلام عن باقي المقامات وحسب إحدى الروايات أنّ السيدة زينب عليه السلام قد فرّت في إحدى الليالي هرباً من يزيد وزبانيته حين وصلت إلى "المكان الموجود فيه المقام الآن" وكانت تكثر فيه الأشجار والغياض سمعت حركة أقدام فظنّت أن الطغاة يلحقون بها فرمت بنفسها في ساقية ماء قريبة وكان أنّ صاحب البستان يسقي أرضه فشعر بأنّ المياه قد خفّت فأتى ليتفحصها وضرب برفشه فإذا به يشج رأس العقيلة التي أنّت وتألمت فارتعدت فرائص صاحب البستان الذي سألها من تكون فعرّفته بحسبها ونسبها وإذا به من محبي آل محمّد فاعتذر إلى الله وطلب العفو فعفت ووهب لها كلّ أملاكه وقيل أنّها دفنت في تلك الأرض التي تبركت بها وكان خادما لها طيلة حياته واعتمدنا هذه الرواية حيث لم يرد ذكر العقيلة بشكل واضح أثناء العودة إلى المدينة والعبور بكربلاء…

حيث تطل على العاصمة السورية دمشق تطالعك مآذن عالية وقبة مذهبة ومقام جليل هو مقام الحوراء زينب عليه السلام حيث سميت المنطقة باسمها ويقوم المقام على أرض شاسعة بني على مراحل عديدة وحصلت فيه تغييرات كثيرة أهمّها ما حصل بعد انتصار الثورة الإسلامية في إيران وتوافد أبنائها إلى سوريا ولبنان حيث ازداد الاهتمام بالمشاهد المشرفة فأضافوا على المقام المآذن وحسّنوا الدار ودورات المياه وأقيمت حسينية كبرى وزخرف المقام بأروع الزخارف والزجاجيات والفضيات والثريات والسجّاد وأماكن لذبح النذور حيث أنّ مقامها المشرّف من أهم المقامات الموجودة في المنطقة يقصدها المؤمنون في كلّ حيث للزيارة وإيفاء النذور والتبرك ومن أهم الأيام حيث يعج المقام بالزوار من كلّ الأقطار وخاصّة لبنان أيام عاشوراء وبالخصوص العاشر من محرم وأيام الأربعين حيث يفد إليها آلاف المحبين ليقدموا لها العزاء ويواسوها بمصابها الجلل.

وفي ناحية أخرى حيث كان قصر الإمارة لبني أمية وبالقرب أو في المسجد الأموي الكبير تجد مقامات للسيدة رقية عليه السلام ورأس الإمام الحسين عليه السلام والسيدة أم كلثوم عليه السلام … والسيدة سكينة وأيضاً هناك مقام تكريماً لشهداء كربلاء وفي الجامع الأموي أيضاً مقام لنبي الله يحيى عليه السلام…

أما رأس الإمام الحسين عليه السلام فقد قُدم لرأس الكفر هدية محمولة على الرماح من أرض الشقاق والنفاق إلى بلاد الشامات وهو يدّعي الإسلام وينصّب نفسه خليفة يتحكم برقاب العباد قدم الرأس بطست من ذهب وأخذ اللعين ينكث ثغره الطاهر بقضيب الخيزران ويقول يوم بيومٍ بدر وكان أبو برزة الأسلمي موجوداً فقال: ويحك يا يزيد أتنكث ثغر الحسين بالقضيب وهو ابن فاطمة الزهراء عليه السلام؟ أشهد أنّي رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يرشف ثناياه وثنايا الحسن عليه السلام ويقول أنتما سيدا شباب أهل الجنة قتل الله قاتلكما ولعنه وأعد له جهنم وساءت مصيرا فغضب يزيد من كلامه وأمر بسجنه وكان أكثر أهل الشام العقلاء يلومونه وهو يتنصل من دم الحسين وأصحابه، وقال مخاطباً علي بن الحسين عليه السلام مبرراً نفسه يا بن الحسين أبوك قطع رحمي جهل حقي ونازعني سلطاني فصنع الله بكم ما قد رأيت.

أجابه الإمام: رأيت ما قضاه الله عزّ وجلّ قبل أن يخلق السموات والأرض قال يزيد ما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم، قال ابن الحسين: ما هذه نزلت فينا إنما نزل فينا الآية الكريمة:  ﴿مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ  لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ …
وذكر ان يزيد أمر برأس الحسين عليه السلام فنصب على باب مسجد دمشق الذي كان مجاوراً لقصره فترة من الزمن وأخذت باقي الرؤوس للشهداء الستة عشر والتي علقت بدورها أياماً على أبواب دمشق – أخذت إلى مقبرة دمشق في باب الصغير حيث أُقيم عليها فيما بعد بنيان ومشهد يُزار حتى اليوم مع مقامات السبايا….
وقد اختلف المؤرخون حول مدفن رأس الحسين عليه السلام وكان لهم في ذلك أقوال وروايات متعدّدة، الأول: أنّه عند أبيه أمير المؤمنين بالنجف الأشرف إلى جهة رأسه الشريف.
وقد وردت هذه الأخبار مسنودة في "الكافي والتهذيب".

الثاني: أنّه مدفون مع جسده الشريف حيث ردّه الإمام علي بن الحسين عليه السلام وذكر "ابن نما" أنّه أُعيد إلى الجسر بعد أن طيف به في البلاد وجفن معه، وقال سبط ابن الجوزي في "مذكرة الخواص" أشهر الأقوال أن يزيد ردّه إلى المدينة مع السبايا ثمّ ردّ إلى الجسد بكربلاء فدفن معه …

 الثالث: أنّه مدفون بظهر الكوفة دون قبر أمير المؤمنين عليه السلام. الرابع: أنّ يزيد أرسله إلى عمر بن سعيد ابن العاص بالمدينة المنورة فدفن عند أمّه فاطمة الزهراء عليه السلام.
الخامس أنّه بدمشق قال ابن الجوزي: حكى ابن أبي الدنيا فقال: وجد رأس الحسين عليه السلام في خزانة يزيد بدمشق فكفّنوه ودفنوه بباب الفراديس وكذا ذكر البلاذري في تاريخه والواقدي أيضاً… ويروى أن سليمان بن عبد الملك قال: وجدت رأس الحسين عليه السلام في خزانة يزيد فكسوته خمسة أثواب من الديباج وصلّيت عليه في جماعة من أصحابي وقبرته. قيل أنّه بمصر نقله الخلفاء الفاطميون من باب الفراديس إلى عسقلان بفلسطين ثمّ نقلوه إلى القاهرة وله فيها مشهد عظيم يزار.

لكن الأمر الثابت هو أنّ هناك عدداً من المقامات والمشاهد التي بنيت تعظيماً وتكريماً للحسين عليه السلام استناداً إلى الروايات المتقدمة حول موضع دفن الرأس الشريف. أعظمها في كربلاء المقدّسة فوق الضريح الذي يضمّ الجسد الشريف ثمّ في القاهرة بمصر ثمّ في عسقلان بفلسطين ثمّ في الرقّة ودمشق في سوريا وهناك مشاهد بنيت ولا تزال قائمة لمجرد مرور الرأس الشريف ووضعه في أماكنها كمسجد النقطة في حلب ومسجد الحسين عليه السلام في عمّان بالأردن.

* مقام الرأس الشريف بدمشق:
اندثر الأمويون واندثر معهم ملكهم وجبروتهم وحتى آثارهم العمرانية الباقية التي يزورها الناس لا يُذكرون فيها بخير ولا تحمد لهم سيرة، في حين أن أهل البيت احتلوا قلوب الناس وارتفعت مشاهدهم المكرمة على انقاض الطغاة من بني أمية.
هذا ما يشاهده الزائر لمقام رأس الحسين عليه السلام في دمشق فلقد ارتفع المقام مكان قصر يزيد بن معاوية الذي اندثرت معالمه وآثاره وهو الآن يعج دائماً بالمحبين والموالين.
يقع هذا المقام في محيط باب الفراديس الملاصق للجامع الأموي وذلك في الجهة الشمالية الشرقية منه وهو يطل على صحن الجامع ومدخله الوحيد يقع على هذا الصحن وقد طال هذا المقام شيء من التعظيم والتحسين أيام حكم الفاطميين في القرن الخامس الهجري وقد عُمل على تحسينه وتوسيعه واستحداث القفص في السنوات الماضية.

وبعد أن تمرّ خلال المسجد على مقام النبي يحيى عليه السلام وعند نهاية المسجد في الجهة الشرقية إلى الباب الذي يفضي إلى صحن المسجد حيث يطلّ عليك مدخل مقام الرأس الشريف الذي توجد في أعلاه رخامة مكتوب عليها هذا مشهد فيه مرقد رأس سيدنا الإمام أبي عبد الله الحسين رضي الله عنه، والقاعة الأولى في المشهد قاعة تسمى مشهد الإمام علي عليه السلام ولهذه التسمية روايات… ويبلغ طول القاعة حوالي 14 متراً وعرضها حوالي أربعة أمتار وهي ذات سقف وجدران مزينة بالنقوش والآيات القرآنية والأحاديث الشريفة المكتوبة بخط عربي جميل وهذه القاعة يسميها الناس أيضاً بسجن السبايا عندما كنُ في قصره… وأول ما يطالعك في هذه القاعة حجرة صغيرة قائمة على جانبها الشرقي وهي مصانة بجدران من الرخام الملوّن والزجاج وتمثّل المكان الذي كان يصلّي فيه الإمام علي بن الحسين عليه السلام عندما كان في أسر يزيد وإلى جانب هذه الحجرة تقع كوّة في الحائط تقع حوالي المتر عن الأرض وهي ذات شكل مربّع طول ضلعه حوالي 40 سنتم وهي محاطة بغلاف من الفضة منقوش عليه نقوش جميلة ويذكر أن رأس الحسين عليه السلام كان قد وضع في هذا المكان ثلاثة أيام قبل أن ينقل إلى الحجرة المجاورة التي تفضي إليها هذه الكوة. وقريباً من هذه الكوّة يوجد الباب الذي يؤدي إلى الغرفة التي تضمّ مدفن الرأس الشريف…

وحسب العارفين بذلك هي غرفة مربّعة أضلاعها حوالي الخمسة أمتار تعلوها قبة مزدانة ومنقّشة بالزخارف والآيات وجدران الغرفة من الرخام الأبيض المزيّن بالنقوش الظاهرة وقد نقشت بأحرف بارزة مذهبة أسماء النبي صلى الله عليه وآله وسلم والصديقة الزهراء عليه السلام والأئمة الاثني عشر عليه السلام وفي زاويتها الغربية الشمالية يقع القفص الذي يُظن أن رأس الحسين عليه السلام مدفون داخله أو أنّه وضع في مكانه.

* مقام السيدة رقيّة عليه السلام:
هي ابنة صغيرة للإمام الحسين عليه السلام لم تتجاوز الأربع سنوات حسب الروايات كانت في عِداد السبايا اللاتي استقدمهن يزيد إلى الشام وهنّ حوالي العشرين ما عدا الأطفال…
بعد أن أذن للسبايا بالدخول إلى مجلس يزيد جُعلت إقامتهن في خربة قريبة من قصره تقع شمال شرق المسجد الأمور عند باب الفراديس (العمارة) لا تحمي من حرّ ولا برد فبتن فيها عدّة أسابيع ينحن فيها على الشهداء وفي هذه الخربة توفيت كريمة الحسين عليه السلام السيدة رقية عليه السلام وذكرت الروايات أنّ رقية قامت ليلة من منامها وهي تقول أين أبي الحسين عليه السلام؟ فإنّي رأيته الساعة في المنام مضطرباً اضطراباً شديداً فلما سمعتها النسوة بكين ونُحْنَ وتجدّدت الأحزان فانتبه يزيد من نومه وسأل عن الخبر فعرفوا الواقعة وقصوها عليه فأمر بأن يذهبوا برأس أبيها الحسين عليه السلام إليها فلما أتوا به وجعلوه في حجرها قالت ما هذا؟ قالوا رأس أبيك فلما رأته مقطوع الوتين فزعت وأكبّت عليه واحتضنته وظلت تبكي حتّى شهقت شهقة أودت بحياته فدفنوها في الخربة حيث مرقدها المشرّف قائم الآن.

• المقام
توالت العمارات على قبر السيدة رقية وكانت تتجدّد مع السنين ومن تلك العمارات التي أُقيمت سنة 1280 هـ وسبيها كرامة جلية للسيدة رقية يعرفها كلّ أهل الشام.
وأقيمت على الضريح عمارة ثانية سنة 1323 هـ من قبل الميرزا على أصغر خان وزير الصدارة في إيران وجدّدت واجهة المقام سنة 1334 هـ وقد أهدى مجمع بني الزهراء في طهران لها قفصاً فضياً رائعاً ظلّ موجوداً فوق الضريح حتّى العام الماضي.

• المقام الحالي
بعد أن ضاق المقام السابق بالزائرين تشكلت في بداية السبعينات لجنة من محبي أهل البيت عليه السلام من إيران للعمل على توسعة المقام وتعميره وبالفعل بدأت اللجنة بعد أن جمعت الأموال اللازمة بشراء البيوت والمحلات المجاورة ثم عمدت إلى إزالتها للتوسعة وكان المقام الحالي بسعته ورونقه وبهائه آية في فن العمارة والتزيين والنقش.
البناء القديم، لم تكن تتجاوز مساحته الـ200 م2 حيث يضيق بالزوار، أمّا الأرض التي يقوم عليها المقام اليوم مع توابعه بلغت مساحتها 3845 م2 وشغل البناء منها ما مساحته 2890 م2.

أمّا أقسام البناء الجديد فهي:
1- المقام الذي يضمّ الضريح والقفص وتعلوه قبة واسعة ترتفع 14 متراً وهي مزيّنة من الداخل بمقرنصات من قطع المرايا وآيات القرآن المكتوبة بأحرف من الذهب البارز، أما الجدران والسقف فقد بنيت على الطراز الإسلامي العريق وكسيت جميعها بقطع المرايا المتلألئة من فوق والمرمر الثمين من تحت وزينت بلوحات جدارية ثابتة من الكاشاني البديع. أما القفص الحديث الذي وضع فوق القفص القديم فقد صنع في إيران من تبرعات المؤمنين وبمادرة من السيد أحمد الفهري، هو آية في فن الصنع والتزيين مصنوع من الفضة ومتوّج بتاج مغطى بالذهب وعلى جوانبه الأربعة قصيدة كتبت بأحرف بارزة مذهبة للشاعر السيد مصطفى جمال الدين ومنها:
 

ينبيك كيف دم الشهادة يخلد

في الشام في مثوى أمية مرقد

وشموخ دولتها لديها يسجد

صرح من الإيمان زهو أمية

حتى حجارة ركنه تتوقد

رقدت به بنت الحسين فأوشكت

جثث الضحايا مجداً وتشيّد

كانت سبية دولة تبنى على


2- المصلى القائم جنب المقام.
3- المسجد المتصل بالمقام أيضاً وهو مبنى بطراز جميل ومختلف وتقام فيه حالياً جماعة وتُحيا فيه المناسبات الإسلامية.
4- الباحة المشكوفة وتحيط بها أروقة.
5- قسم الخدمات والإدارة والمكتبة وصالات الاستقبال.
وتقوم فوق المداخل الأربعة والمصليات والأروقة الداخلية 14 قبة صغيرة وترتفع على المدخل مئذنة جميلة يبلغ ارتفاعها 32 متراً وعلمنا أن هناك مشاريع مستقبلية للمقام.

 

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع