أذكار | أذكار لطلب الرزق مع الإمام الخامنئي | سيّدة قمّ المقدّسة نور روح الله | الجهاد مذهب التشيّع‏* كيـف تولّى المهديّ عجل الله تعالى فرجه الإمامة صغيراً؟* أخلاقنا | الصلاة: ميعاد الذاكرين* مفاتيح الحياة | التسوّل طوق المذلَّة* الإمام الصادق عليه السلام يُبطل كيد الملحدين تسابيح جراح | بجراحي واسيتُ الأكبر عليه السلام  تربية | أطفال الحرب: صدمات وعلاج اعرف عدوك | ظاهرة الانتحار في الجيش الأميركيّ

الإرهاق النفسي والتوتر الحاد للأعصاب

فاطمة السيد قاسم



ما هو الرابط بين هاتين الظاهرتين وكيف يمكننا تفسيره؟
أولاً: يتجلى التدهور النفسي أو الإرهاق النفسي بجملة من الأعراض أهمها: الإحساس بالتعب والإعياء، والشعور بالاضطراب والتوتر العصبي، وشدة الحساسية لأيّ منبه مهما بلغ من ضآلة الشدة وظهور علامات الذهول والانبهار والتربّص بشيء ولو كان تافهاً ليصبّ عليه الغضب والعنف.

وقبل أن نلقي الضوء على ما نعالجه حول الإرهاق النفسي والتوتر الحاد للأعصاب. لا بدّ للقارئ أن يعرف الإنذارات التي تكون بمثابة أعراض مبكرة تحتّم انفعالاته، وتهدئة أعصابه، وأهمّ هذه الأعراض المنذرة بالإرهاق stress:
- إحساس بالإرهاق الزائد متمثل بالصداع شبه المتواصل، مع خول في القوى وإحساس في حرارة البدن.
- النعاس والميل إلى النوم بكثرة.
- التردد في كلّ شيء، أو النقيض تماماً، الحسم في كلّ شيء بدون تفكير أو منطق (تصرف غير سليم).
- كثرة الأخطاء المرتكبة.
- شدة رد الفعل على المهيجات الضعيفة، وهذا ما يعرف "بالعصاب" حيث يفعل الإنسان ما كانت تربيته تمنعه عنه.
- تزايد في دقات القلب، وارتفاع في ضغط الدم.
- تقلصات أو اعتصارات معدية مؤلمة بعمق.

الباحثون المعاصرون اليوم يعتقدون أنّ السبب في الذهول والإنهيار الناتجين عن استمرار الإجهاد قد يكونا نتيجة مواجهة أحداث وعلاقات بيئية غير مألوفة وغير متوقعة، أو عند مجابهة كارثة، كأن يعود الشخص ليرى ما كان بالأمس بيته أو مأواه قد أصبح مجرد أنقاض. وأيضاً من بعض الظروف البيئية المتغيرة التي تساعد على إحداث الإجهاد والتوتر قد تكون:
- الإصابات البكتيرية والفيروسية.
- التعرّض للبرودة أو للحرارة لفترات طويلة.
- مجابهة الحوادث والمصائب، والإفلاس والحزن، والإحساس بالكراهية من الآخرين.
- ضغوط العمل والحياة أو الفشل فيهما.
- الصدمات العاطفية، القهر، الزحام، الضجيج ... إلخ.
- نوعية الغذاء وخاصّة السكر والدهون والكحول، التي تشكل صحن التوتر العصبي والإجهاد. ففي كتاب صدر في فرنسا مؤخراً بعنوان الإرهاق: الإجهاد stress ورد فيه تحذير تجاه بعض الأغذية لا لأنّها سامة بل لأنّها تؤدي إلى الإجهاد أو الإرهاق فالإفراط في تناول المنبهات كالقهوة والشوكولا والسكر الأبيض والدهن يؤدي إلى تهيئة التوتر الداخلي في البدن.
في الحقيقة أي شيء يضطرنا إلى مواجهة المجهول يمكن أن يثير رد الفعل "الإرهاق".

فطالما حياة الإنسان الحالية يخيم عليها التوتر والإجهاد هو علة عديد من الأمراض التي قد يكون بعضها خطراً على الحياة. ففي تفسير توصلت إليه بعض عادات الطب في الدانمرك أن 65% من أمراض الروماتيزم وشلل العمود الفقري مرتبط ارتباطاً وثيقاً بعوارض الإرهاق النفسي والتوتر الحاد للأعصاب، وكذلك يؤكد العلم الحديث ضرورة الربط بين النفس والجسد والتركيز على التفاعل بينهما. فتولد طب حديث يدرس الظواهر النفسية الجسدية يهدف إلى توضيح العلاقة الوثيقة القائمة بين الأزمات النفسية مثل الإرهاق العصبي من جهة وبين آلام المفاصل وأوجاع العمود الفقري والإصابة بالإنقراض Disque من جهة ثانية

ما هو الرابط بين هاتين الظاهرتين وكيف يمكننا تفسيره؟
ينطلق علم الظواهر النفسية الجسدية "البسيكوسوماتيك" من نظرية "المناعة الطبيعية" immincte maturelle وتتلخص هذه النظرية في أنّ الجسم يفرز مقادير معينة من البروتينات السامة التي تهدم خلايا البدن وتضر بعمل أنسجته، علماً بأنّ هذه الأنسجة تدخل في تركيب أغشية المفاصل وأوتار العضلات وأمام تكاثر البروتينات السامة، يفرز البدن مادة مضادة لمقاومتها...

فإذا كان مزاج الإنسان طبيعياً، فإنّ المادة المضادة أي anticorps تهزم المادة السامة مولدة الضد antigeme. وتقوي من مناعة البدن، أمّا إذا كان المزاج متعكراً، فإنّ المادة السامة تتغلب على المادة المضادة، وتترسب في أغشية المفاصل مسبّبة بعض الالتهابات، ومن هنا تبدأ أولى أعراض المرض، ثمّ يأخذ بالإستشراء على قدر المادة السامة المفرزة. ولقد أكدت التجارب: أنّ أمراض الروماتيزم تحدث إثر الأزمات النفسية القوية، حيث يتضاعف إفراز مادة "مولد الضد" السامة فيتأثر كلّ من العمود الفقري، والعضلات مباشرةً، ويخيل عندئذٍ للمريض، أنّ إصابته جسدية فقط، بينما الواقع، هو أنّ العارض الجسدي هو نتيجة طبيعية لتدهور الحالات النفسية الناشئة عن الكآبة والإرهاق اليومي المتواصل.

ويقول البروفوسور الدانماركي "كليفن": إنّ مريضاً أصيب فجأة بنوع من الشلل في يده ولسانه، ولدى الكشف عليه، تبين أنّه غير مصاب بأي مرض عضوي، لكنّه يعاني من صراعات نفسية حادة ومزمنة، سببها المضايقات التي تستهدفه في عمله مع رئيسه وزملائه، ويتابع قائلا: "إنّ أمراض الروماتيزم تصيب الأذكياء أكثر من الأشخاص العاديين ذلك لأنّ هذه الفئة من الناس تعيش صراعاً دائماً مع نفسها ومع الآخرين، وأنّها شديدة الحساسية لمظاهر الظلم والتعسّف والفوضى والرشوة، والإجرام فتقع فريسة سهلة لأمراض المفاصل الناتجة عن الشروخ النفسية وليس عن الخلل العضوي".

ثمّ يقول: "ولا يسعنا الفصل بين الأمراض العضوية، والصراعات النفسية، فالإنسان يؤلف وحدة مترابطة متداخلة، وانطلاقاً من هذه الوحدة، تحدث الذبحة الصدرية بكلّ أعراضها مع ما يرافقها من آلام حادة في الصدر، وضيق النفس، أو تحدث قرحة المعدة، أو تتضخّم الأمعاء الغليظة، أو يلتهب القولون، لذا يجب التكامل والتنسيق بين الطب الجسدي والتحليل النفس من أجل حل المشاكل النفسية التي ترتدي طابعاً مرضياً.


 

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع