نور روح الله | يوم القدس: يوم الإسلام* إلى قرّاء القرآن: كيف تؤثّرون في المستمعين؟* أخلاقنا | ذكر الله: أن تراه يراك*  مفاتيح الحياة | الصدقات نظامٌ إسلاميٌّ فريد(2)* آداب وسنن| من آداب العيد  فقه الولي | من أحكام العدول في الصلاة مـن علامــات الظهــور: النفس الزكيّة واليمانيّ* تسابيح جراح | بالصلاة شفاء جراحي صحة وحياة | الرّبو والحساسيّة الصّدريّة تاريخ الشيعة| شيعة طرابلس في مواجهة الصَّليبيّين

أدب الأنبياء: نبي الله هود عليه السلام


 ﴿إِن نَّقُولُ إِلاَّ اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوَءٍ قَالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللّهِ وَاشْهَدُواْ أَنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ  *  مِن دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لاَ تُنظِرُونِ  * إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللّهِ رَبِّي وَرَبِّكُم مَّا مِن دَآبَّةٍ إِلاَّ هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ  (هود/54 ـ 56).
خطاب النبي هود عليه السلام ليس خطاباً مباشراً لله تعالى كما مرّ مع الأنبياء السابقين وإنما هو في معرض الدعوة إلى الله تبارك وتعالى ودعوة قومه لتوحيد الله وترك الأصنام.
فههنا مع ما يظهر من شدة صبره على تحمل مشاق الدعوة وسعة صدره وعدم غلظته فيه أيضاً شدة حرصه على أداء التكليف مع توكله على الله تعالى ومعرفة استغلال هذا التوكل لمصلحة الدعوة. وقد اتهمه قومه بالمسّ والجنون فأجابهم:  ﴿إِن نَّقُولُ إِلاَّ اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوَءٍ قَالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللّهِ وَاشْهَدُواْ أَنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ فهو:

أولاً: يشهد الله تعالى في تبرِّيه ليكون إشهاداً على حقيقته خالصاً من أي نفاق أو رياء ـ والعياذ بالله ـ فهو المؤمن بوحدانية الله قولاً وعملاً إيماناً خالصاً لا يشوبه أدنى شك أو ريبة وإيمانه هذا راسخ لا تزعزعه التهديدات أو التحديات والإرهاب النفسي أو المادي الذي يمارس عليه.

ثانياً: أشهد القوم على براءته من شركهم ليُظهر عجزهم وعجز آلهتهم المزعومة عن الانتقام الذي يتوعدونه به، فهو الواثق من عقيدته والعالم بقدرة ربه الذي يدفع عنه كل كيد ويجعل كيد الكافرين في ضلال.

ثالثاً: أظهر البراءة من شركهم فهو وإن كان يؤمن بوحدانية الله تعالى إلا أنه عليه أن يعلن ذلك للملأ ومن ثم ينكر المنكر بقلبه ولسانه حتى يكون قد أدّى التكليف على الوجه الدقيق والصحيح. بعد ذلك بيّن حقيقة توكله على الله تعالى وعلى أي مبدأ يقوم:

لقد أظهر عجزهم عن النيل منه أو حتى مسّه بأي سوء فها هو بينهم سليماً لا يستطيعون النيل منه. ثمّ بيّن أنهم إن كانوا قادرين على ما يزعمون فهو لا يخافهم ولا يهاب قوتهم مهما بلغت لأنه توكّل على رب الأرباب ومدبّر الأمور جميعاً ومعبوده الحقيقي الذي له السلطة الكاملة والقدرة المطلقة.

والنبي هود (عليه السلام) يعلم ويدرك كل الإدراك أن سُنّة الله في خلقه واحدة لا تتغير ولا تتبدل فتدبيره للأمور على ما يقوم على منهاج العدل والحكمة إذ أنه لا بد يحق الحق ويبطل الباطل فهو المالك ذو السلطنة عليّ وعليكم وعلى كل دابة  ﴿إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللّهِ رَبِّي وَرَبِّكُم مَّا مِن دَآبَّةٍ إِلاَّ هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ إذاً سوف ينصر دينه ويحفظ نبيه من شرهم (ويحفظ كل داعية إلى الدين الحق من كل شر وكيد).
وقد ظهر يقين النبي هود (عليه السلام) بربه وإرجاعه الأمر إلى الله تعالى في موقف آخر مع قومه بعدما استكبر قومه وعتوا في أنفسهم ظناً منهم أنه يدعو لنفسه وأنه يريد التسلط عليهم بغير الحق وأنه غير قادر على تنفيذ الوعد الإلهي فتحدوه فجهلهم وطلبوا إنزال العذاب الموعود به إنكان من الصادقين كما يقول  ﴿قَالُوا أَجِئْتَنَا لِتَأْفِكَنَا عَنْ آلِهَتِنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ * قَالَ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِندَ اللَّهِ وَأُبَلِّغُكُم مَّا أُرْسِلْتُ بِهِ وَلَكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ (الأحقاف/22 ـ 23).
نرى هود (عليه السلام) أنه لم ينس أن القدرة بيد الله تعالى لمزاجه أو لطلبه فبين حقيقة الأمر التي يجهلها هؤلاء القوم الجاهلين.
إذ إن الله تعالى لم يخبره عن تاريخ نزول العذاب بهؤلاء القوم فهو لا علم له بالغيب لأن الغيب له  ﴿عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا (الجن/26).
فهو مأمور بإبلاغ رسالة الله تعالى، رسالة التوحيد والإسلام، ولا يعلم متى وكيف وأين سيكون العذاب؟

فأما العذاب الذي أُمرت بإنذاركم به فلا علم لي به ولا قدرة لي إلا بمشيئة الله تعالى لأن الأمر يرجع إليه وحده ولا يمكن أن أقرر ما ليس من شأني أو من صلاحياتي وما لم يكلفني الله تعالى عناء حمله.
إذاً فالصبر والتوكل والقيام بالتكليف على أكمل وجه إضافة إلى الإقرار بجهل ما اختص الله به نفسه وعدم العلم بالغيب هذه من صفات الداعية لله تعالى مع ما يمكن أن يحمله من صفات أخرى ضرورية للقيام بواجبه على الوجه الذي أراده الله تعالى منه.
جعلنا الله ممن يعرفونه حق معرفته ويعبدونه حق عبادته ويقومون بتكليفهم على الوجه الذي أراده إنه هو السميع العليم.


 

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع