أذكار | أذكار لطلب الرزق مع الإمام الخامنئي | سيّدة قمّ المقدّسة نور روح الله | الجهاد مذهب التشيّع‏* كيـف تولّى المهديّ عجل الله تعالى فرجه الإمامة صغيراً؟* أخلاقنا | الصلاة: ميعاد الذاكرين* مفاتيح الحياة | التسوّل طوق المذلَّة* الإمام الصادق عليه السلام يُبطل كيد الملحدين تسابيح جراح | بجراحي واسيتُ الأكبر عليه السلام  تربية | أطفال الحرب: صدمات وعلاج اعرف عدوك | ظاهرة الانتحار في الجيش الأميركيّ

مشاركات القراء: الصبر رأس الإيمان‏

مريم حمود

 



الإنسان مخلوق ضعيف فقير محتاج، أرسل اللّه له الأنبياء والرسل لإرشاده وإصلاحه ليتخلص من عذاب جهنم، ووهب له العقل ليرشده إلى الحسن باتباعه، والقبيح بالابتعاد عنه، وإذا لم تنفع هذه الوسائل في تنبيهه، فإنه تعالى ينبهه بوسائل أخرى وعن طرق أخرى بالابتلاءات، بالمصائب، بالفقر وغيرها. إزاء هذه الشدائد والابتلاءات وهب له الصبر، لا بل حثّ اللّه سبحانه وتعالى على الصبر لأهميته، يكمن ذلك في إرادته سبحانه لعبده المؤمن ليكون قوياً صلباً أقوى من المصائب والشدائد التي قد تصيبه... يقول عزّ وجل: ﴿وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (لقمان: 17). ويقول تعالى: ﴿فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلَا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ (الأحقاف: 35).

* تعريف الصبر:
للصبر تعاريف عديدة:

قال المحقق العارف الأنصاري: "الصبر: حبس النفس على جزع كامن عن الشكوى"(1). وأشار الشيخ الكاشاني إلى أن: "المراد بالشكوى ، الشكاية إلى غير الحق؛ لأن الشكوى إلى اللّه في باب الصبر محمودة"(2). كما اشتكى النبي أيوب عند الحق سبحانه قائلاً: (إني مسني الشيطان بنصب وعذاب) (ص: 41). ومع ذلك مدحه اللّه تعالى بقوله: (إنا وجدناه صابراً نعم العبد إنه أواب) (ص: 44). وبناءاً على ذلك، فإن الصبر هو الامتناع عن إظهار الجزع والشكوى، أي الشكوى إلى المخلوق، وأما الشكوى عند الحق المتعالي وإظهار الجزع والفزع أمام قدسيته فلا يتنافى مع الصبر. وقال محقق الطائفة نصير الدين الطوسي قدس سره في تعريفه للصبر: "إنه كف النفس عن الجزع عند حلول مكروه"(3).

* تفسير الصبر:
عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: "يا جبرائيل فما تفسير الصبر؟ قال: تصبر في الضرّاء كما تصبر في السرّاء وفي الفاقة كما تصبر في العافية، فلا يشكو حاله عند الحق بما يصيبه من البلاء"(4).

* درجات الصبر:
للصبر درجات يختلف الأجر والثواب بحسب الدرجة كما في الرواية عن مولى المتقين الإمام علي عليه السلام، قال رسول اللّه صلى الله عليه وآله: "الصبر ثلاثة: صبر عند المصيبة، وصبر على الطاعة، وصبر عن المعصية. فمن صبر على المصيبة حتى يردها بحسن عزائها كتب اللّه له ثلاثمائة درجة ما بين الدرجة إلى الدرجة كما بين السماء والأرض، ومن صبر على الطاعة كتب اللّه له ستمائة درجة ما بين الدرجة إلى الدرجة كما بين تخوم الأرض إلى العرش، ومن صبر عن المعصية كتب اللّه له تسعمائة درجة ما بين الدرجة إلى الدرجة كما بين تخوم الأرض إلى منتهى العرش"(5).

* علامة الصابر:
علامة الصابر ثلاث. فعن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: "علامة الصابر ثلاث: أولها أن لا يكسل والثانية أن لا يضجر، والثالثة أن لا يشكو من ربه عز وجل لأنه إذا كسل فقد ضيع الحق، وإذا ضجر لم يؤدِ الشكر وإذا شكا من ربه عز وجل عصاه"(6).

* مدح الصبر:
لم يكتف اللَّه عزَّ وجلَّ بالحثّ على الصبر بل أشاد أيضاً بجلالة الصابرين، وباركهم في كتابه الكريم: ﴿قُلْ يَا عِبَادِ الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ (الزمر: 10). ورد في الأحاديث الشريفة عن أهل بيت العصمة عليه السلام ثناء بليغ على الصبر. عن الإمام الصادق عليه السلام، أنه قال: "الصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد فإذا ذهب الرأس ذهب الجسد وكذلك إذا ذهب الصبر ذهب الإيمان"(7). وفي نهج البلاغة، عن أمير المؤمنين عليه السلام، قوله: "لا يعدم الصبور الظفر وإن طال به الزمان"(8).

*فوائد الصبر:
الصبر يهون المصائب ويخفف الصعاب ويقوي إرادة الإنسان وعزمه، ويمنعه من الاضطراب والقلق. كما أن لكل درجة من درجات الصبر فائدة خاصة: فالصبر على المعصية يبعث على تقوى النفس، والصبر على الطاعة يسبب الاستئناس بالحق عزّ وجل، والصبر على البلايا يوجب الرضا بالقضاء الإلهي. عن الإمام علي عليه السلام أنه قال: "بالصبر يتوقع الفرج ومن يدمن قرع الباب يلج"(9). كما أن للصبر ثواباً جزيلاً في الآخرة وقد ورد في الحديث الشريف: "من ابتلي من المؤمنين ببلاء فصبر عليه كان له مثل أجر ألف شهيد".


(1) شرح منازل السائرين، الشيخ عبد الرزاق الكاشاني ص‏195 196.
(2) المرجع السابق، ص 195 196.
(3) أوصاف الأشراف، الفصل الخامس، الباب الثالث، ص‏108.
(4) البحار، ج‏77، ص‏120.
(5) أصول الكافي ج‏2، كتاب الكفر والإيمان، باب الصبر، ح‏15.
(6) البحار، ج‏68 ، ص‏86.
(7) أصول الكافي، ج‏2، كتاب الكفر والإيمان، باب الصبر ح‏2.
(8) قصار الحكم ح رقم 153.
(9) البحار، ج‏71، ص‏96.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع