أذكار | أذكار لطلب الرزق مع الإمام الخامنئي | سيّدة قمّ المقدّسة نور روح الله | الجهاد مذهب التشيّع‏* كيـف تولّى المهديّ عجل الله تعالى فرجه الإمامة صغيراً؟* أخلاقنا | الصلاة: ميعاد الذاكرين* مفاتيح الحياة | التسوّل طوق المذلَّة* الإمام الصادق عليه السلام يُبطل كيد الملحدين تسابيح جراح | بجراحي واسيتُ الأكبر عليه السلام  تربية | أطفال الحرب: صدمات وعلاج اعرف عدوك | ظاهرة الانتحار في الجيش الأميركيّ

مشاركات القراء: الشفاعة

 (ملخص من كتاب العدل الإلهي للشهيد مطهري)

عبد اللَّه عيسى‏


يشكل موضوع الشفاعة أحد أهم المعارف الإسلامية القرآنية التي اختص ببيانها المذهب الشيعي عن طريق الأئمة الأطهار عليهم السلام وتلامذتهم، لذا يعد من المفاخر. وفي هذا الإطار، أثيرت جملة من الإشكالات في وجهه:
1- تنافي الشفاعة التوحيد في العبادة.
2- تتناقض والتوحيد الذاتي (تصبح رأفة الشفيع أوسع من رحمة اللَّه).
3- تسهم في التشويق لارتكاب الذنوب.
4- تتعارض والآية الكريمة: ﴿لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ.
5- تنافي أصلاً قرآنياً يفيد أن سعادة الشخص مرهونة بعمله: (وأن ليس للإنسان إلا ما سعى).
6- قبول التغيير يناقض الوجوب الذاتي لذات اللَّه.
7- تقر باللاعدالة، وهذا الأمر لا يقتحم المجال الإلهي.

وفي سياق الإجابة والعرض للموضوع يقسم الشهيد مطهري الشفاعة إلى قسمين:
- قسم ظالم وغير صحيح: تحاول "الشفاعة" أن تعيق القانون عن طريق الوساطة لتحفظ المجرم من القانون وهنا القرآن الكريم يرفض هذا اللون، وهذا يعد في الدنيا ظلماً وهو في الآخرة مستحيل.
- قسم عادل وسليم: لا تستلزم الشفاعة قهر إرادة واضع القانون.

* الشفاعة الصحيحة بأي معنى؟
يوجد نوعان:

- شفاعة العمل: وتحقق (النجاة ورفع الدرجات) وهي على قاعدة: (يوم ندعو كل أناس بإمامهم)؛ إذ في الآخرة ليست الأعمال فقط تتجسم، إنما أيضاً "الروابط المعنوية" المقررة بين الناس. ويعكس هذا النوع عندما يكون الإنسان سبباً لهداية شخص معين وإضلاله. وهكذا يصبح الحسين عليه السلام شفيع الذين اتبعوا نهجه واهتدوا بسيرته وليس شفيع أولئك الذين اتخذوا مذهبه وسيلة للضلال، كما يقول القرآن الكريم ﴿يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ. وقد سميت بشفاعة العمل: لأن العامل الأساسي الذي يوجب النجاح أو الخيبة إنما هو العمل الصالح أو السيئ. وهكذا الشفاعة لا تتنافى على الإطلاق مع العدل الإلهي بل هي مؤيدة له (فتسقط الإشكالات).

- شفاعة المغفرة: من الضروري الالتفات إلى أن نيل السعادة لا يقتصر على الأعمال والخطوات التي يقطعها الإنسان إذ بالإضافة إلى ذلك يوجد دائماً "رحمة اللَّه السابغة". فالرحمة والسعادة هي الواقع الحقيقي في نظام الوجود، وما عداها من كفر وفسق وشرور فهي عارضة وغير أصيلة وما دامت عارضة فسوف تنزوي بسبب جاذبية الرحمة. وهكذا فالمغفرة ليست ظاهرة استثنائية، إنها قانون كلي مستنتج من غلبة الرحمة في نظام الوجود وهكذا فإنها تظلل جميع الموجودات في حدود قابلياتها وإمكاناتها.

* العلاقة بين المغفرة والشفاعة:
بمجرد موافقة الإنسان على وجود المغفرة فهو مضطر، لدوافع عقلية، للتسليم بكونها لا تتم دون وساطة عقل كلي أو نفس كلية (مقام الولاية الإلهية). ولا يمكن أن يصل الفيض الإلهي إلى الموجودات بصورة خارجة على القانون والحساب؛ إذ لا يمكن سلوك الرحمة سبيلاً لا نظام فيه. وما دامت رحمة اللَّه لا تتم بدون واسطة، وما دام الناس لا ينتدبون للنبوة جميعاً، وما دامت كل رحمة لا تقع إلا بواسطة فإن رحمة المغفرة لا تتحقق أيضاً بدون واسطة. وإذا ضممنا إلى الآيات الكريمة الروايات الصحيحة وصلنا إلى هذا المعنى... شروط الشفاعة: إذا لاحظنا كون الشفاعة هي المغفرة الإلهية: إن نسبت إلى اللَّه (منبع الخير والرحمة) سميت بالمغفرة. وإن نسبت إلى وسائط الرحمة سميت بالشفاعة. اتضح أن كل شرط يشمل المغفرة لا بد أن يشمل الشفاعة أيضاً. مثل: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ. فيما لا بد أن نشير إلى الفارق الأساسي بين الشفاعة الواقعية الحقيقية والشفاعة المنحرفة والساقطة عن الاعتبار، إذ أن الأولى تبدأ من اللَّه وتنتهي عند المذنب، أما الباطلة فتبدأ من عند المذنب (يقع الشفيع تحت تأثير المشفوع له (المذنب)، ويقع المشفوع عنده (صاحب القدرة) تحت تأثير الشفيع). ﴿قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا هذه الآية تعترف بصراحة بصحة الشفاعة وتجعلها جميعاً متعلقة باللَّه، وذلك لأن اللَّه هو الذي يجعل الشفيع شفيعاً.

أما قضية التوسلات وطلب الشفاعة من أولياء اللَّه... ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ فالتوسل بالوسائل وطلب الأشياء بأسبابها مع ملاحظة أن اللَّه تعالى هو الذي خلق تلك الأسباب وأمرنا بالاستفادة منها: إنما هو عين التوحيد. ومن هذه الناحية لا فرق بين الأسباب المادية والأسباب الروحية إلا أن الأولى تكون بواسطة التجربة العلمية، والثانية عن طريق الوحي. وثانياً في الوقت الذي يتوسل فيه الإنسان ويطلب الشفاعة لا بد أن يكون توجهه للَّه سبحانه، لكن بواسطة شفيع ليس أكثر ﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا. فلا يمكن الاعتماد على التقوى والعمل الصالح وحدهما، بل كما قال الرسول العظيم صلى الله عليه وآله في أواخر حياته: "والذي بعثني بالحق لا ينجي إلا عمل مع رحمة". وهكذا فالشفاعة لا تتنافى مع التوحيد في العبادة، ولا مع التوحيد الذاتي، لأن رحمة الشفيع من شعاع رحمة اللَّه. كما لا توجب التشويق بل تنقذ القلوب من شر اليأس والقنوط، وهي لا تتناقض مع العمل، وهي لا تخرج عن إرادة اللَّه ولا عن مؤثريته (عزَّ وجلَّ)، وهي شاملة والتفاوت ناجم عن القابليات ليس أكثر...

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع