نور روح الله | يوم القدس: يوم الإسلام* إلى قرّاء القرآن: كيف تؤثّرون في المستمعين؟* أخلاقنا | ذكر الله: أن تراه يراك*  مفاتيح الحياة | الصدقات نظامٌ إسلاميٌّ فريد(2)* آداب وسنن| من آداب العيد  فقه الولي | من أحكام العدول في الصلاة مـن علامــات الظهــور: النفس الزكيّة واليمانيّ* تسابيح جراح | بالصلاة شفاء جراحي صحة وحياة | الرّبو والحساسيّة الصّدريّة تاريخ الشيعة| شيعة طرابلس في مواجهة الصَّليبيّين

في رحاب بقية الله‏: دولة الإمام المهدي دولة الخيرات‏

الشيخ نعيم قاسم

 


قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ (الأنبياء: 105)، وهي إشارة إلى قيام دولة الإمام المهدي عجل الله فرجه، التي تحمل ميزة قيادة عباد الله الصالحين لشؤون العالم، ولهذه الدولة مع قياداتها مميزات الخير والعدالة والتقوى ورفع الظلم وغيرها ما يعمُّ البشرية، وينشر السعادة بين الناس، ويحقق الطمأنينة للعباد. إننا جميعاً بانتظار هذه الخيرات ومنها:

1- القسط: "التاسع من ولد الحسين بن علي عليه السلام وهو الشمس الطالعة من مغربها، يظهر عند الركن والمقام، فيطهر الأرض، ويضع الميزان بالقسط، فلا يظلم أحد أحداً"(1)، فإذا عمَّ العدل، وحصل كل فرد من الناس على حقه، وارتفع الظلم بين العباد، وأثبت الحاكم جدارته في أن يرعى دولة العدل، فإنَّ هذا النموذج ينسجم تماماً مع إنسانية الإنسان، ويحقق متطلبات فطرته، ويريح البشرية الظامئة إلى الحق. كما يساهم العدل في تعزيز عبادة الناس لربهم بسبب المناخات الإيجابية التي يظللها العدل، قال رسول الله صلى الله عليه وآله: "أبشروا بالمهدي قالها ثلاثاً يخرج على حين اختلاف من الناس ، وزلزالٍ شديد، يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً، يملأ قلوب عباده عبادة، ويسعهم عدله"(2).

2- العاقبة للمتقين: كل الروايات تؤكد على تعاظم الفساد والانحراف قبل ظهور الإمام المهدي عجل الله فرجه، وكذلك تحكم الدول بغير ما أنزل الله تعالى، وتحارب المؤمنين وتقهرهم وتقتلهم وتسجنهم، فإذا برزت دولة الحق في مرحلة زمنية معينة كما حصل مع النبي سليمان عليه السلام أو النبي محمد صلى الله عليه وآله، فإنَّ مرحلة قيادة الحق محدودة إذا ما قورنت بدول الباطل التي تصل إلى أوجها قبل الظهور، لكنْ مع الظهور فإن النهاية السعيدة والعظيمة ستسود بعد ذلك بشكل شامل على مستوى العالم. عن أبي جعفر عليه السلام: "أيها الناس، أين تذهبون، وأين يُراد بكم، بنا هدى الله أوَّلكم، وبنا يختم آخركم، فإن يكن لكم مُلكٌ معجَّل، فإنَّ لنا ملكاً مؤجلاً، وليس بعد ملكنا ملك، لأنَّا أهل العاقبة، يقول الله عزَّ وجل ﴿وَالْعَاقِبَةُ لِلمتقين"(3).

3- الأمر الجديد: عندما كان النبي صلى الله عليه وآله حاضراً، وكان الأئمة عليهم السلام حاضرين، كان يتعرَّف المؤمنون على أحكامهم الشرعية بطريقة قطعية لأنهم يأخذونها عن المعصوم، ولكن مع غياب الحجة المعصوم عجل الله فرجه، حلَّ المراجع والعلماء مكان المعصومين في تحديد التكاليف الشرعية للناس، وحيث يعتمدون في استنباطهم للأحكام الشرعية على علمهم وما يفهمونه من النصوص، فإنَّ بعض الأحكام ظنية وليست قطعية، وتكثر في بعض الحالات الاحتياطات خوفاً من عدم إحراز التكليف الشرعي، ومع هذا فالتكليف يسقط بالتزام المكلَّف بما قاله مرجع التقليد، وكذلك يُعتبر المرجع معذوراً ومأجوراً في ما وصل إليه اجتهاده لأنه بذل ما في وسعه لاستنباط الحكم الشرعي. لكن مع ظهور الإمام الحجة عجل الله فرجه فلا ظنٌّ ولا احتياط لإحراز التكليف، بل أحكامٌ قطعية واضحة في حدود الواجب والمحرم، من هنا سيجد المؤمنون أحكاماً لم يعملوا بها أو لم يتوقعوها، وهي بالتالي جديدة عليهم. عندما سئل الإمام الصادق عليه السلام عن سيرة الإمام المهدي عجل الله فرجه، قال: "يصنع كما صنع رسول الله صلى الله عليه وآله، يهدم ما كان قبله كما هدم رسول الله صلى الله عليه وآله أمر الجاهلية، ويستأنف الإسلام جديداً"(4). وعنه أيضاً: "إذا قام القائم عجل الله فرجه جاء بأمر جديد، كما دعا رسول الله صلى الله عليه وآله في بدو الإسلام إلى أمر جديد"(5)، وهنا الجديد في مقابل ما اعتاد الناس عليه من بعض الأحكام، التي تصدر قطعية عن المعصوم، وهي الإسلام بعينه كما جاء به رسول الله صلى الله عليه وآله.

4- الخيرات: موارد الخيرات متعددة، فهي من الإمام المهدي عجل الله فرجه هناء. قال رسول الله صلى الله عليه وآله: "يكون عند انقطاع من الزمان، وظهورٍ من الفتن، رجلٌ يُقال له: المهدي عجل الله فرجه، يكون عطاؤه هنيئاً"(6).
ومن عدله أمانٌ وعدل وحكمٌ بشرع الله، قال الإمام الكاظم عليه السلام: "إذا قام القائم حكم بالعدل، وارتفع في أيامه الجور، وأمنت به السبل، وأخرجت الأرض بركاتها، وردَّ كل حق إلى أهله"(7). ومن السماء والأرض بركاتٌ من الماء والنبات والكنوز والبر: قال أمير المؤمنين علي عليه السلام: "ولو قام قائمنا لأنزلت السماء قطرها، ولأخرجت الأرض نباتها، ولذهبت الشحناء من قلوب العباد، واصطلحت السباع والبهائم، حتى تمشي المرأة بين العراق والشام لا تضع قدميها إلا على النبات، وعلى رأسها زينتها، لا يهيجها سبعٌ تخافه (......) ولم يبق أهل دين حتى يُظهروا الإسلام ويعترفوا بالإيمان، أما سمعت الله تعالى يقول: ﴿وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ. وحكم بين الناس بحكم داود عليه السلام وحكم محمد صلى الله عليه وآله، فحينئذ تُظهر الأرض كنوزها وتبدي بركاتها، فلا يجد الرجل منكم يؤمئذ موضعاً لصدقته ولا لبرِّه"(8).


(1) الشيخ الصدوق، كمال الدين وتمام النعمة، ص:78.
(2) الشيخ الصافي، مجموعة الرسائل، ج‏2، ص:300.
(3) الشيخ الكليني، الكافي، ج‏1، ص‏471.
(4) النعماني، كتاب الغيبة، ص‏231.
(5) الشيخ المفيد، الإرشاد، ج‏2، ص‏384.
(6) العلامة المجلسي، بحار الأنوار، ج‏51، ص‏82.
(7) المصدر نفسه، ج‏10، ص‏104.
(8) الشيخ المفيد، الإرشاد، ج‏2، ص‏384.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع