أذكار | أذكار لطلب الرزق مع الإمام الخامنئي | سيّدة قمّ المقدّسة نور روح الله | الجهاد مذهب التشيّع‏* كيـف تولّى المهديّ عجل الله تعالى فرجه الإمامة صغيراً؟* أخلاقنا | الصلاة: ميعاد الذاكرين* مفاتيح الحياة | التسوّل طوق المذلَّة* الإمام الصادق عليه السلام يُبطل كيد الملحدين تسابيح جراح | بجراحي واسيتُ الأكبر عليه السلام  تربية | أطفال الحرب: صدمات وعلاج اعرف عدوك | ظاهرة الانتحار في الجيش الأميركيّ

لغة وأدب‏: أبو العتاهية الشاعر الزاهد

فيصل الأشمر

 



يعتبر الشاعر العباسي أبو العتاهية خير ممثل لحياة شاعر تقلبت به الحال من الفقر إلى الغنى ومن نظم الشعر في الغزل والمجون إلى نظمه في الزهد والانقطاع عن هذا العالم الفاني. وُلد أبو العتاهية، واسمه إسماعيل بن القاسم، بالقرب من الأنبار في العراق حوالي العام 747 للميلاد. وانتقل والده بالأسرة الفقيرة إلى الكوفة طلباً للرزق وهناك نشأ الشاعر وعمل مع أخيه في بيع جرار الخزف. وبعد أن اشتهر الشاعر بقول الشعر انتقل إلى بغداد حيث أصبح مقرباً من الخلفاء العباسيين المهدي والهادي والرشيد الذين أغدقوا عليه الهبات والجوائز الكثيرة. وظل الشاعر يحيا حياة اللهو والمجون حتى حوالي العام 797 حيث تحوَّل إلى حياة الزهد والعُزلة. ولما رفض أمر الرشيد له بالعودة إلى حياته العاديَّة أمر بضربه وحبسه ثم أطلقه بعد تكرار استعطافه له. وقد توفي شاعرنا في العام 826 للميلاد. ورغم أن بعض الباحثين اعتبر أن زهد أبي العتاهية كان زهداً ظاهرياً فقط دون أن يكون زهداً منطلقاً من داخل الشاعر، ورغم تشكيك البعض في هذا الزهد، فإن القصائد التي تركها الشاعر في هذا الباب تجعله على رأس قائمة الشعراء الذين نظموا في هذا النوع من الشعر في تاريخ الأدب العربي.

يقول أبو العتاهية في إحدى قصائده ذاكراً الموت:

فلم يبقَ ذو إلفٍ ولم يبقَ آلِفُ‏

أرى الموتَ قد أفنى القرونَ التي مضت‏

إذا عُصبَت(2) يوماً عليه اللفائفُ‏

كأن الفتى لم يغنَ(1) في الناس ساعةً

فمستعبرٌ(3) يبكي وآخرُ هاتفُ‏

وقامت عليه عصبةٌ يندبونه‏

وتُعقَد من لِبنٍ(4) عليه السقائف

وغُودرَ في لحدٍ كريه حلولُه‏



ويقول في قصيدة أخرى ذاكراً الموت ومرغباً بالقناعة في هذه الحياة:

ولكل موتٍ علةٌ لا تُدفعُ‏

الموت حقٌّ لا محالةَ(5) دونه‏

إمّا أتى ولكل جنبٍ مصرعُ‏

والموت داءٌ ليس يدفعه الدوا

ما للكبير بلذةٍ مُستَمْتَعُ‏

وإذا كبرت فهل لنفسك لذة؟

إن الفقيرَ لَكُلُّ من لا يقنع‏

وإذا قنعتَ فأنت أغنى مَن مشى‏

مَن ضاق عنك فرزق ربك أوسع‏

وإذا طلبتَ فلا إلى متضايقٍ‏


ويذكر الشاعر الدنيا فيرى أنها محطة يقطعها المرء إلى الآخرة وعليه أن لا يأمنها فيقول:

إنما الدنيا كفي‏ء الظِلالِ‏

أحمد الله على كل حالِ‏

نعشَه فوق رقاب الرجال

رُبَّ مغتَرٍّ بها قد رأينا

لم تكد تخطر منه ببال

مَن رأى الدنيا بعينَيْ بصيرٍ

مَن غدا يأمن صرفَ الليالي(6)

إنما المسكين حقاً يقيناً

مَن يبالي منك ما لا تبالي

يا مضيّعَ الجَدِّ بالهزل منه‏

لم تضقْ عنه وجوه الحلال‏

عجباً من راغبٍ في حرامٍ‏


ويعاتب أبو العتاهية الواعظ الذي يفعل أموراً ينهى الناس عن إتيانها:

إذ عِبْتَ منهم أموراً أنت تأتيها

يا واعظَ الناس قد أصبحتَ مُتَّهَماً

للناس باديةٌ ما إن يواريها

كالملبس الثوب من عُريٍ وعورته‏

في كل نفس عماها عن مساويها

وأعظم الإثم بعد الشرك نعلمه‏

منهم ولا تبصر العيب الذي فيها

وشغلها بعيوب الناس تبصرها


ويخاطب الشاعر نفسه واعظاً لها قائلاً:

وأظلك الخطبُ(8) الجليل‏

يا نفس قد أزف(7) الرحيلُ‏

يلعب بك الأمل الطويل‏

فتأهبي يا نفس لا

ينسى الخليلَ به الخليل‏

فلتنزلن بمنزل‏

من الثرى(9) ثقلٌ ثقيل‏

وليركبن عليك فيه‏

يبقى العزيز ولا الذليل‏

قُرن الفناء بنا فما

إلى البقاء بها سبيل‏

لا تعمرِ الدنيا فليس‏


كما يحث على السكوت قائلاً:

قد كان يعجب قبلك الأخيارا

إن كان يعجبك السكوت فإنه‏

فلقد ندمت على الكلام مرارا

ولئن ندمتَ على سكوتك مرةً

زرع الكلام عداوةً وضرارا(10)

إن السكوت سلامةٌ ولربما



* أخطاء شائعة
- إنسحب وتقهقر
يستعمل بعض الكتّاب الفعل "انسحب" استعمالاً خاطئاً، فيقول مثلاً: إنسحب الجيش من المعركة. والصحيح أن يقول: تراجع أو تقهقر، إذ أن الفعل "انسحب" يعني: انجرّ على وجه الأرض.

- حنى وأحنى‏
يستعمل بعض الكتّاب حين يقصد وصف حال الرجل الذي عطف رأسه إلى الأمام: أحنى فلان رأسه، والصحيح أن يقول: حنى بدلاً من أحنى، لأن الفعل أحنى يعني: عطف وأشفقَ على فلان.

- صَمّام وصِمام‏
يستعمل بعض الكتّاب كلمة صَمّام فيقول: صمّام الأمان والصحيح أن يقول صِمام الأمان بكسر الصاد وبدون تشديد الميم.

- شاهد عَيان وعِيان‏
يستعمل بعض الكتّاب عبارة شاهد عَيان بفتح حرف العين، والصحيح أن يقول: شاهد عِيان، بكسر العين.

- "بئر" بين التأنيث والتذكير
يستعمل بعض الكتاب كلمة "بئر" بالتذكير، فيقول: بئر عميق، والصواب أن يقول: بئر عميقة بالتأنيث، ونستشهد على ذلك بما جاء في الآية 45 من سورة الحج ﴿وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَشِيدٍ.


(1) لم يغنَ: لم يعش.
(2) عَصَبَ الشي‏ء: شَدَّهْ أو طواه.
(3) إستعبرَ: حَزِنَ أو جرت دمعته.
(4) اللِبنُ: القطع من الطين المعدة للبناء.
(5) لا محالة: لا بد ولا ريب.
(6) صرف الليالي: نوائب الليالي.
(7) أزف الشي‏ء: إقترب.
(8) الخَطْبُ: الشأن والأمر.
(9) الثرى: التراب.
(10) الضرار: الضر.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع