أذكار | أذكار لطلب الرزق مع الإمام الخامنئي | سيّدة قمّ المقدّسة نور روح الله | الجهاد مذهب التشيّع‏* كيـف تولّى المهديّ عجل الله تعالى فرجه الإمامة صغيراً؟* أخلاقنا | الصلاة: ميعاد الذاكرين* مفاتيح الحياة | التسوّل طوق المذلَّة* الإمام الصادق عليه السلام يُبطل كيد الملحدين تسابيح جراح | بجراحي واسيتُ الأكبر عليه السلام  تربية | أطفال الحرب: صدمات وعلاج اعرف عدوك | ظاهرة الانتحار في الجيش الأميركيّ

نور روح الله‏: يوم المفخرة والمسؤوليَّة

إنني أهنئ وأبارك لجميع النساء الملتزمات يوم العشرين من جمادى الآخرة، يوم ميلاد المولود الأعظم السيدة فاطمة الزهراء، وأرجو أن تقتفي النساء المكرمات قاطبةً الطريق الذي اختطه اللَّه تبارك وتعالى للمرأة المسلمة، وأن يحققن الأهداف الإسلامية السامية.

* اليوم الأكثر فخراً
إذا كان لا بد من يوم للمرأة، فأيّ يوم أسمى وأكثر فخراً من يوم مولد فاطمة الزهراء السعيد؟ المرأة التي هي مفخرة بيت النبوة، وتسطع كالشمس على جبين الإسلام العزيز.. المرأة الإنسانة التي هي من معجزات التاريخ ومن مفاخر عالم الوجود.. المرأة التي ربّت، في حجرة صغيرة وبيت متواضع، أشخاصاً يشعّ نورهم من بسيطة التراب إلى عالم الأفلاك، ومن عالم الملك إلى الملكوت الأعلى.. صلوات اللَّه وسلامه على هذه الحجرة المتواضعة التي تبوأت مركز إشعاع نور العظمة الإلهية، ودار تربية خيرة ولد آدم.

لقد وقعت هذه الولادة السعيدة في عصر وبيئة لم يكن يُنظر فيهما إلى المرأة كإنسان، بل كان وجودها مدعاة لشعور أسرتها بالضعة أمام الأسر الأخرى في الجاهلية. في مثل هذه البيئة الفاسدة المنحطة المهولة، أخذ نبي الإسلام العظيم بيد المرأة وأنقذها من مستنقع العادات الجاهلية. ويشهد تاريخ الإسلام على الاحترام الكبير الذي كان يوليه رسول اللَّه صلى الله عليه وآله لهذا المولود الشريف، لكي يلفت الأنظار إلى عظمة المرأة ومكانتها في المجتمع. إذاً فمثل هذا اليوم هو يوم حياة المرأة، يوم ولادة فخرها وانطلاقة دورها العظيم في المجتمع.

إن دور النساء يحظى في العالم بسِمات خاصة. إن صلاح وفساد أي مجتمع نابع من صلاح وفساد النساء فيه؛ فالمرأة هي الكائن الوحيد الذي بمقدوره أن يصنع المجتمع من أحضانه أفراداً، يساق المجتمع بل المجتمعات، بلطف بركاتهم، إلى الاستقامة والقيم الإنسانية السامية، كما أنه من الممكن أن يكون العكس أيضاً. المرأة مبدأ جميع الخيرات. إن أحضان المرأة منطلق جميع السعادات. إن سعادة البلدان وشقاءها منوطان بوجود المرأة؛ فبتربيتها الصالحة تصنع الإنسان، وتعمّر البلاد.

* ظلموا المرأة مرتين‏
للأسف، كانت المرأة مظلومة في فترتين؛ ففي الجاهلية لحقها ظلم كثير قبل أن يمنّ الإسلام على الإنسان وينقذ المرأة من الظلم الذي كانت تعانيه، حيث كان التعامل معها لا يختلف عن التعامل مع الحيوانات، وربما أسوأ!
كانت المرأة مظلومة في الجاهلية، فجاء الإسلام وانتشلها من مستنقع الجاهلية. وظلمت المرأة ثانيةً تحت شعار المطالبة بتحريرها. لقد ألحقوا بالمرأة ظلماً فادحاً؛ جرّدوها من عزّها وشرفها.. حوّلوها إلى سلعة بعد تلك المكانة المعنوية التي كانت تنعم بها، كل ذلك باسم الحرية. عملوا على جرّها إلى التدني عن مقامها ومنزلتها وجعلها ألعوبة ودمية؛ في حين أن المرأة إنسانة، بل إنسان عظيم، وهي مربية للمجتمع. ومن أحضان المرأة يولد الرجال. الرجل والمرأة الصالحان يولدان أولاً في أحضان المرأة؛ فالمرأة مربية للرجال. إن الانحطاط الذي جُرّت إليه النساء في هذا القرن، لا يُدرى إن كان عصر الجاهلية قد شهد مثله. في كلتا الفترتين كانت النساء مظلومات؛ في الجاهلية الأولى جاء الإسلام وأنقذهن من الأسر، وفي عصرنا هذا آمل أن يأخذ الإسلام بأيديهن وينقذهن من مستنقع الذل والظلم أيضاً. أيتها النسوة المحترمات! كنّ على يقظة وحذر لئلاّ يضحكوا عليكن، ولا تنخدعن بأحابيل هؤلاء الشياطين الذين يريدون سوقكن إلى التدني والانحطاط، إنهم يخدعونكن، يريدون أن يجعلوا منكن ألعوبة فاتجهن إلى الإسلام، يوفر لكن السعادة.

* مفخرة ومسؤولية
إنه لمفخرة كبرى أن اختاروا يوم مولد الصديقة الزهراء يوماً للمرأة. انه لمفخرة ومسؤولية. يجب أن تفخرن بأن جعلوا من هذا اليوم يوماً للمرأة. ولا بد لكنّ من تحمل أعباء مسؤوليته.. فإذا ما اقتنعتن بأن يكون العشرون من جمادى الآخرة، يوم مولد الصديقة فاطمة الزهراء، يوماً للمرأة، فإن ذلك يلقي على عاتقكن مسؤوليات كثيرة. وعليه فإذا ما اقتنعتن انتن أيتها النساء وقبلتن بأن يكون يوم مولد الصديقة الزهراء، بما تتسم به من كمالات ومنزلة، يوماً للمرأة، فهذا يعني استعدادكن لتحمل أعباء المسؤولية العظيمة التي اضطلعت بها الصدّيقة الزهراء ولا بد لكنّ من الإقتداء بسيرتها لكي تترجمن إيمانكن بيوم مولدها يوماً للمرأة؛ أي يتجلى يوم مولد فاطمة الزهراء يوماً للمرأة حقاً.. ينبغي الإقتداء بزهدها وتقواها وعفافها وجميع الخصال التي اتصفت بها. يجب إتباع سيرتها إذا ما آمنتن بهذا اليوم. أما إذا تقاعستن عن إتباعها، فيجب أن تعلمن أنكن لم تعشن يوم المرأة، ولن تنالوا هذا الشرف.

أيتها النساء، اجتهدن في تهذيب أخلاقكن، وفي دفع من تلقين به إلى تهذيب أخلاقه. اجتهدن في الحفاظ على هذه المنزلة التي هي منزلة المرأة المتسامية، والإقتداء بالمرأة الفريدة السيدة فاطمة الزهراء. ينبغي للجميع الإقتداء بهذه المرأة القدوة. وينبغي لنا جميعاً استقاء أحكامنا الإسلامية من هذه الشخصية الفذة ومن أبنائها.. احرصن على أن تظهرن بالصورة التي كانت عليها الصديقة الزهراء، واجهدن في كسب العلم والتقوى. وأرجو أن تقتفي النساء المكرمات قاطبةً الطريق الذي اختطه الله تبارك وتعالى للمرأة المسلمة، وأن يحققن الأهداف الإسلامية السامية.

أسأل الله أن يوفقكن جميعاً لخدمة الإسلام، وان يحفظ لكنّ دينكن ودنياكن. وبطبيعة الحال ينبغي أن تلتفتن إلى أن الحجاب الذي سنّه الإسلام هو من اجل الحفاظ على مكانتكن ومنزلتكن. إن كل ما سنّه الله تبارك وتعالى وأمر به سواء للمرأة أو للرجل هو من أجل الإبقاء على القيم والمثل الحقيقية التي يتمتع بها كل منهما، والتي كان من الممكن أن تضيّع بوحي من الوساوس الشيطانية، أو بأيدي الاستعمار الفاسدة وعملائه وأذنابه. ما دمتن أنتن أيتها النساء محافظات على هذا الالتزام فان الله تبارك وتعالى ناصركن.

* مبارك يوم المرأة
اليوم وببركة النهضة الإسلامية، استعادت المرأة العضو المؤثر في المجتمع إلى حد ما مكانتها ومنزلتها. فإذا ما استثنينا العدة المعدودة ممن يرين مكانة المرأة في مظهرها وزينتها وحضورها مجالس اللهو والطرب، ولا يتوانين عن عرض أنفسهن كالسلع، وعن تنفيذ مخططات الأجانب.. إذا ما استثنينا هذه الفئة من النساء فإن بقية النساء الشجاعات الملتزمات، حرصن على بناء أنفسهن بالعلم والثقافة. ينبغي لنا اليوم، الذي هو يوم المرأة، أن نفاخر بنسائنا. فأية مفخرة أسمى من أن تقف حرائرنا في الصفوف الأمامية من النهضة، وأن يظهرن كل هذه المقاومة والصلابة في مواجهة القوى الكبرى وأذنابها! لم يسجل التاريخ مثل هذه المقاومة والشجاعة حتى من الرجال في أي عصر. إن مقاومة النساء المعظمات تبعث على الإعجاب والتقدير بنحو يعجز البيان عن وصفها.

تحية متواصلة للنسوة الملتزمات اللاتي يعملن اليوم، في مختلف أرجاء البلاد، على تربية الأطفال وتعليم الأميين، وتدريس العلوم الإنسانية والثقافية القرآنية الغنية، والسلام والتحية للأمهات اللاتي قدّمن أبناءهن بكل اعتزاز وفخر. مبارك يوم المرأة للنساء الملتزمات في البلدان الإسلامية، وكلّنا أمل في أن يستيقظ المجتمع النسوي من الغفلة والغفوة المصطنعة التي فرضت عليه من قبل الناهبين، وأن ينهض لنجدة المخدوعين والأخذ بيد المرأة على طريق تحقيق مكانتها السامية. وكلّنا أمل في أن تتعظ وتعتبر نساء العالم الإسلامي من التحول المعجز الذي تحقق لنساء إيران ببركة الثورة الإسلامية العظيمة، وأن يسعين إلى إصلاح مجتمعاتهن وقيادة بلدانهن إلى الحرية والاستقلال.


(*) هذه النصوص مقتطفة بتصرف من مجموعة خطابات للإمام الخميني بمناسبة يوم المرأة.
 

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع