نور روح الله | يوم القدس: يوم الإسلام* إلى قرّاء القرآن: كيف تؤثّرون في المستمعين؟* أخلاقنا | ذكر الله: أن تراه يراك*  مفاتيح الحياة | الصدقات نظامٌ إسلاميٌّ فريد(2)* آداب وسنن| من آداب العيد  فقه الولي | من أحكام العدول في الصلاة مـن علامــات الظهــور: النفس الزكيّة واليمانيّ* تسابيح جراح | بالصلاة شفاء جراحي صحة وحياة | الرّبو والحساسيّة الصّدريّة تاريخ الشيعة| شيعة طرابلس في مواجهة الصَّليبيّين

في رحاب بقية اللَّه‏: القائم من ولد الحسين عليه السلام

الشيخ نعيم قاسم‏

 



* نسب القائم عجل الله فرجه
المهدي عجل الله فرجه من ولد علي عليه السلام، ففي كتاب "كمال الدين وتمام النعمة" للشيخ الصدوق، عن ابن عباس رضي الله عنه عن الرسول صلى الله عليه وآله أنَّه قال: "إنَّ علي بن أبي طالب إمام أمتي، وخليفتي عليها من بعدي، ومن ولده القائم المنتظر، الذي يملأ الأرض عدلاً وقسطاً، كما ملئت جوراً وظلماً. والذي بعثني بالحق بشيراً، إنَّ الثابتين على القول به في زمان غيبته لأعز من الكبريت الأحمر. فقام إليه جابر الأنصاري، فقال: يا رسول الله، وللقائم من ولدك غيبة؟ فقال صلى الله عليه وآله: إي وربي، وليمحص الله الذين آمنوا ويمحق الكافرين. يا جابر، إن هذا الأمر من عند الله، وسرٌّ من سرِّ الله، مطويٌّ عن عباد الله، فإياك والشك فيه، فإنَّ الشك في أمر الله عزَّ وجل كفر"(1). إنَّه من ولد الإمام الحسين عليه السلام، إسمه إسم رسول الله محمد صلى الله عليه وآله، وظهوره حتمي، قال رسول الله صلى الله عليه وآله: "لو لم يبق من الدنيا إلاَّ يوم واحد، لطوَّل الله عزَّ وجل ذلك اليوم، حتى يبعث فيه رجلاً من ولدي، اسمه اسمي. فقام سلمان الفارسي فقال: يا رسول الله، من أي ولدك هو؟ قال صلى الله عليه وآله: من وَلَدي هذا، وضرب بيده على الحسين عليه السلام"(2). آل محمد عليهم السلام هم المقصودون بوراثة الأرض، ومهديهم منهم، فعن علي عليه السلام: في قوله تعالى: ﴿وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ(3)، قال: "هم آل محمد صلى الله عليه وآله، يبعث الله مهديهم بعد جهدهم، فيعزهم، ويذل عدوَّهم"(4).

وفي مسند أحمد، عن أبي سعيد الخدري، قال رسول الله صلى الله عليه وآله: "لا تقوم الساعة حتى تمتلئ الأرض ظلماً وعدواناً، ثم يخرج رجل من عترتي أو أهل بيتي، يملؤها قسطاً وعدلاً، كما مُلئت ظلماً وعدواناً"(5). وفي رواية أخرى: "لا تقوم الساعة حتى يلي رجل من أهل بيتي، يواطئ اسمه اسمي"(6). سُمي المهدي عجل الله فرجه بالقائم لأنَّه يقوم بالحق، والمنتظر لأنَّ الناس ينتظرون ظهوره بعد غيبته الطويلة عنهم. وعلى الرغم من كثرة الروايات التي تحدَّثت عن ظهوره لتهيئة المسلمين لذلك اليوم، فإنَّ الناس يختلفون عليه عند ظهوره، عن الإمام الجواد عليه السلام: "إنَّ الإمام من بعدي ابني علي، أمره أمري، وقوله قولي، وطاعته طاعتي، والإمام بعده ابنه الحسن، أمره أمر أبيه، وقوله قول أبيه، وطاعته طاعة أبيه، ثم سكت. فقلت له: يا ابن رسول الله، فمن الإمام بعد الحسن؟ فبكى عليه السلام بكاءً شديداً، ثم قال: إنَّ من بعد الحسن ابنه القائم بالحق المنتظر. فقلت له: يا ابن رسول الله، لم سمي بالقائم؟ قال: لأنَّه يقوم بعد موت ذكره، وارتداد أكثر القائلين بإمامته. فقلت له: ولم سُمي المنتظر؟ قال: لأنَّ له غيبة، يكثر أيامها، ويطول أمدها، فينتظر خروجه المخلصون، وينكره المرتابون، ويستهزئ بذكره الجاحدون، ويكذب فيها الوقَّاتون، ويهلك فيها المستعجلون، وينجو فيها المسلمون"(7).

* اصطفاه الله عزَّ وجل‏
المهدي أشبه الناس خلقاً وخُلقاً برسول الله صلى الله عليه وآله، تكون له غيبة وحيرة، أي إنَّه يكون مولوداً وغائباً، ثم يظهر مقبلاً كالشهاب الثاقب. عن رسول الله صلى الله عليه وآله: "المهدي من ولدي، اسمه اسمي، وكنيته كنيتي، أشبه الناس بي خَلقاً وخُلقاً، تكون له غيبةٌ وحيرة، تضل فيها الأمم، ثم يُقبل كالشهاب الثاقِب، يملؤها عدلاً وقسطاً، كما ملئت جوراً وظلماً"(8). يدعو إلى ملَّة وشريعة رسول الله صلى الله عليه وآله، بحيث لا يحتمل كلامه أو موقفه أي شك أو تأويل، فهو إمام معصوم، ولذا تكون طاعتُه طاعةً لله ورسوله، ومعصيتُه معصيةً لله ورسوله، فهنيئاً لمن آمن به واتبعه، وتعساً لمن خالفه وانقلب عليه. فعن الإمام الصادق عليه السلام، عن أبيه عن جده، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله: "القائم من ولدي، اسمه اسمي، وكنيته كنيتي، وشمائله شمائلي، وسنَّته سنَّتي، يُقيم الناسَ على ملتي وشريعتي، ويدعوهم إلى كتاب ربي عزَّ وجل، من أطاعه فقد أطاعني، ومن عصاه فقد عصاني، ومن أنكره في غيبته فقد أنكرني، ومن كذَّبه فقد كذَّبني، ومن صدَّقه فقد صدَّقني، إلى الله أشكو المكذبين لي في أمره، والجاحدين لقولي في شأنه، والمضلين لأمتي عن طريقته، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون"(9).

إنَّه قائمٌ بالحق، من أراد أن يكون معه، فليبايعه بسرعة ولو حبواً على الثلج، أمَّا منهج مخالفيه فهو مجانب للحق. قال رسول الله صلى الله عليه وآله: "لا تقوم الساعة حتى يقوم قائمٌ للحق منَّا، وذلك حين يأذن الله عزَّ وجل له، ومن تبعه نجا، ومن تخلف عنه هلك. الله الله عبادَ الله، فأتوه ولو حبواً على الثلج، فإنَّه خليفة الله عزَّ وجل وخليفتي"(10). يثبت معه المخلصون، مُظهراً للدين، وباسطاً للعدل، فعن أمير المؤمنين علي عليه السلام: "التاسع من ولدك يا حسين، هو القائم بالحق، المظهر للدين، والباسط للعدل. قال الحسين عليه السلام: فقلت له: يا أمير المؤمنين، وإنَّ ذلك لكائن؟ فقال علي عليه السلام: أي والذي بعث محمداً صلى الله عليه وآله بالنبوة، واصطفاه على جميع البرية، ولكنْ، بعد غيبةٍ وحيرة، فلا يثبت فيها على دينه إلاَّ المخلصون، المباشرون لروح اليقين، الذين أخذ الله عزَّ وجل ميثاقهم بولايتنا، وكتب في قلوبهم الإيمان، وأيَّدهم بروحٍ منه"(11).


(1) الشيخ الصدوق، كمال الدين وتمام النعمة، ص‏287.
(2) ابن أبي الفتح الأربلي، كشف الغمة، ج‏3، ص‏268.
(3) سورة القصص، الآية: 5.
(4) الشيخ الطوسي، الغيبة، ص‏184.
(5) الإمام أحمد بن حنبل، مسند أحمد، ج‏3، ص‏36.
(6) المصدر نفسه، ج‏1، ص‏376.
(7) الشيخ الصدوق، كمال الدين، ص‏378.
(8) المصدر نفسه، ص‏286.
(9) المصدر نفسه، ص‏411.
(10) الشيخ الصدوق، عيون أخبار الرضا عليه السلام، ج‏1، ص‏65.
(11) الشيخ الصدوق، كمال الدين، ص‏304.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع