عباس فتوني
طَأْطَأَ الأُفْقُ هامَهُ لِلصَّعِيدِ |
حِينمَا أَشْرَقَتْ جِراحُ الشَّهِيدِ |
أَنْشَدَ الْكَوْنُ يَوْمَ ذِكْراهُ لَحْناً |
أَيُّ عِيدٍ أَذْكَى الشَّذا، أَيُّ عِيدِ! |
يا لعُرْسِ الشَّهِيدِ يَخْتالُ عِزّاً |
أَنْ زَكَتْ نَفْسُهُ بِأَعْظَمِ جُودِ |
هَبَّ يُرْوِي الرَّوْضَ الْغَلِيلَ دِماءً |
فَاكْتَسَتْ نَضْرَةً كِمامُ الْوُرُودِ |
نَزْفُهُ كَالصَّباحِ يَطْفَحُ نُوراً |
ماحِياً عَتْمَةَ اللَّيالِي السُّودِ |
طَيْفُهُ يُلْهِبُ الطَّغامَ ارْتِياعاً |
لَيْسَ يَنْأَى عَنْ مَسْرَحِ التَّهْدِيدِ |
كَفُّهُ تَرْفِدُ الأُباةَ ابْتِهاجاً |
كَلَّلَتْ أَوْجُهَ الدُّنَى بِالْبُنُودِ |
ما تَوارَى عَنْ مُقْلَةِ الْخُلْدِ يَوْماً |
رَسْمُهُ سَرْمَدٌ، خَلِيلُ الْخُلُودِ |
هُوَ حَيٌّ فِي الْخافِقَيْنِ تَجَلَّى |
يَعْكِسُ الضَّوْءَ فِي سَماءِ الْوُجُودِ |
يا شَهِيداً ذِكْراهُ نُورٌ وَنارٌ |
بَزَغَتْ فَاسْتَشاطَ قَلْبُ الْحَقُودِ |
طَفِقَتْ أُمَّتِي تُغَنِّيكَ رَمْزاً |
تَرْجَمَتْ فِي النِّزالِ حِفْظَ الْعُهُودِ |
أَسْقَطَتْ فِي قَعْرِ الصَّغارِ فُلُولاً |
وَانْتَضَتْ فِي الْهَيْجاءِ سَيْفَ الصُّمُودِ |
آزَرَتْكَ الأَمْلاكُ، يَدْفَعُها شَوْ |
قٌ إِلَى النَّصْرِ وَالذِّمارِ التَّلِيدِ |
أَطْلَقَتْ مِنْ ثَغْرِ الْجِهادِ نِداءا |
تٍ تُدَوِّي عَبْرَ الْمَدَى كَالرُّعُودِ |
لَنْ تَذُوقَ الْهَوانَ أَرْضٌ، حِماها |
قَبَضاتٌ تَدُكُّ عَرْشَ الْيَهُودِ |
بُورِكَتْ صَفْوَةٌ تُثَبِّطُ عَزْمَ الْ |
جَوْرِ، لا تَرْعَوِي حِيالَ الْحُشُودِ |
وَجَدَتْ نَهْضَةَ «الْحُسَيْنِ» مَناراً |
وَلَظَى «كَرْبَلاءَ» أَقْوَى وَقُودِ |
فَانْثَنَتْ تَصْقِلُ الْقُلُوبَ ثَباتاً |
تَتَهادَى نَحْوَ الْوَغَى كَالأُسُودِ |
وَاغْتَدَتْ تَحْمِلُ الشَّهادَةَ مَجْداً |
وَانْتِصاراً عَلَى قَطِيعِ «يَزِيدِ» |
شُعْلَةَ الطُّهْرِ فِي هَزِيعِ الدَّياجِي |
حَطِّمِي بِالرَّصاصِ كُلَّ الْقُيُودِ |
وَازْرَعِي فِي ساحِ الْجَنُوبِ فَخاراً |
مِنْ نَدَى الرُّوحِ، مِنْ رَحِيقِ الزُّنُودِ |
كَبِّرِي فِي وَجْهِ الْعِدَى، وَارْفَعِي فَوْ |
قَ الرَّوابِي بَيارِقَ التَّوْحِيدِ |
حَسْبُكِ «صاحِبُ الزَّمانِ» إِماماً |
يَغْمُرُ الأَرْضَ عِزَّةً مِنْ جَدِيدِ |
يا شُعاعَ الْحَياةِ، هاكَ اعْتِذاراً |
كَيْفَ يُوفِي حَقَّ الدِّماءِ نَشِيدِي!؟ |
ما وَفاكَ الْمَدِيحُ لَكِنَّما فِي |
عُرْسِكَ الْيَوْمَ قَدْ مَدَحْتُ قَصِيدِي |
وَأَرانِي مُغْرَوْرَقاً خَجَلاً، ما |
لَمْ أَقِفْ حائِزاً وِسامَ الشَّهِيدِ |