أذكار | أذكار لطلب الرزق مع الإمام الخامنئي | سيّدة قمّ المقدّسة نور روح الله | الجهاد مذهب التشيّع‏* كيـف تولّى المهديّ عجل الله تعالى فرجه الإمامة صغيراً؟* أخلاقنا | الصلاة: ميعاد الذاكرين* مفاتيح الحياة | التسوّل طوق المذلَّة* الإمام الصادق عليه السلام يُبطل كيد الملحدين تسابيح جراح | بجراحي واسيتُ الأكبر عليه السلام  تربية | أطفال الحرب: صدمات وعلاج اعرف عدوك | ظاهرة الانتحار في الجيش الأميركيّ

أوّل الكلام‏: الغلبة لمن!؟

الشيخ يوسف سرور

 



خلف واجهة الأحداث السياسية التي تدور وقائعها في لبنان والمنطقة، يختفي لون آخر من الصراعات، وثمة ثقافتان تتنازلان في قعر الواقع الممتد عبر ساحات المنطقة العربية والإسلامية، في هذا الشرق الأوسط المحقون، بل المزدحم بثقافات تمتد عبر وجود الإنسان في هذا الكون. ولبنان واقع واسطة عقد هذا الشرق، لذلك تبرز أقوى تجليات هذا الصراع في ساحته... لا بل يشكل لبنان كساحة ميدانه المركزي، فإذا قدرت ثقافة ما على الانتصار في هذا الميدان الممتلئ حيوياً ونبضاً، كانت على الانتصار في الميادين الأخرى أقدر، وإذا عجزت كانت في تلك الميادين أعجز.

بمعنى آخر، إن الاضطرام المشهود والمحموم في الصراع الدائر اليوم، مردُّه إلى شعور الآخر، أن لبنان آخر ميادين بل هو أوحد الميادين التي تتحدد فيها هوية المنتصر في هذا الشرق العظيم.
الثقافة الأولى، وجهها الحداثة بما تعنيه من مفردات العلم والتطور والتكنولوجيا، واللحاق بركب "العالم الجديد"، وهو يريد للبنان والمنطقة أن يكون مرآة تعكس الحراك المدني الوافد من خلق البحار، ولا يتورع أصحابه عن استخدام المال والدعاية والإعلام، السياحة وبما تعنيه من خدمات منفلتةٍ من عقال عادات أبناء المنطقة وأعرافهم وتقاليدهم ودينهم وقيمهم، بل، إن ذلك من أدوات هذا التجديد المزعوم الذي تبدّت تعابيره في لبنان، والذي جعل لبنان مركزه ومنطلقه، ليصدر عبره كل ما أراد إلى الجوار، بل أبعد، ليصبح لبنان في عرف أهل الشرق وجهاً حداثياً يقدم الخدمات السياحية بكافة ألوانها وأشكالها لمن يريد، وكما يريد.

وبات لبنان في ذلك منافساً جدياً للكيان الغاصب في هذه الخدمات، التي سحبت نفسها على كافة شرايين الحياة، عند أهل المال والسلطة، وبذلك لم يعد يجد الكثير من هؤلاء ثمة فرقاً بين أيٍّ من الكيانات التي تؤمّن هذه الخدمات بشكل آمن.
ها هنا ثقافة أخرى، تقف بالمرصاد للمشاريع التي تسعى لجعل المنطقة مستلبة الإرادة مستلحقة، فاقدة لهويتها وقيمها وثقافتها، وبالتالي لإرادتها وسيادتها واستقلالها.

ثقافة يشكل الارتباط بمبدأ الوجود لبَّها وجوهرها، وفي آن معاً إطارها وسورها، وتستمد هذه الثقافة قوتها من القوي الحقيقي الوحيد في هذا الوجود: "إن اللَّه لقوي عزيز" وتجعل كل أدواتها ومفرداتها مستلّةً من هذا المبدأ، فهي تسعى إلى تجسيد مبادئ الارتباط عبر حركتها في ميدان الحياة بشكل يعبّر عن الانغماس الكلي في إرادة المبدأ... وفي العلاقات الاجتماعية، التصرفات الفردية، النظر إلى الأوطان، العلوم، القوة، الوحدة، العقلانية، الحيوية... بكلمة أخرى، في كل مفردات الحياة: "إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي للَّه ربِّ العالمين".

هي ثقافة جعلت من أفرادها جنوداً لإرادة أنفسهم، والشعور بالاستقلال والعزة والحرية: "العزة للَّه ولرسوله وللمؤمنين" و"إن العزة للَّه جميع".
لذلك فإن مفردات الثبات والاستقامة، الجود والعطاء، الرحمة والمحبة، القوة والاقتدار، اليقين ووضوح الرؤية، التضحية والشهادة، تشكّل عناوين السياسة والشخصية.
لا بل أصبح الجهاد والشهادة هوية لهذه الحركة والمسيرة، حتى اصطبغ وجهها أحمر قانياً بدم سادة قافلة الوجود.
ويمكن معرفة الغالب والمغلوب، من خلال قراءة سنة التاريخ والكون، من خلال ثقافة "إن تنصروا اللَّه ينصركم".
 

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع