نور روح الله | يوم القدس: يوم الإسلام* إلى قرّاء القرآن: كيف تؤثّرون في المستمعين؟* أخلاقنا | ذكر الله: أن تراه يراك*  مفاتيح الحياة | الصدقات نظامٌ إسلاميٌّ فريد(2)* آداب وسنن| من آداب العيد  فقه الولي | من أحكام العدول في الصلاة مـن علامــات الظهــور: النفس الزكيّة واليمانيّ* تسابيح جراح | بالصلاة شفاء جراحي صحة وحياة | الرّبو والحساسيّة الصّدريّة تاريخ الشيعة| شيعة طرابلس في مواجهة الصَّليبيّين

نور روح الله: الإعلام شعاعُ وعي


إن التلفزيون هو الأكثر ارتباطاً – من بين وسائل الإعلام التي نملكها كالمطبوعات والمجلات والصحف والسينما والمسرح والراديو – بالجماهير وذلك لسببين:
الأول: إن المطبوعات ومهما بلغ عدد نسخها فإنها ليست عامة على مستوى البلاد جميعاً، والثاني: إنه لا يمكن لجميع الناس الاستفادة منها(1)، أما دور السينما فتستطيع أن تمارس عملها ضمن محيط محدود. فيما الإذاعة موجودة في كل مكان، ولكنها تؤثر عن طريق السمع فقط. أما التلفزيون فإنه يؤثر في كل أنحاء البلاد، ويتأثر به حتى ذلك القروي الذي يسكن المنطقة الحدودية وهو أمّي، ولكنه يملك عيناً وأذناً، أي إنه يستفيد من التلفزيون استفادة سمعية وبصرية، فيشاهد ذلك الشخص تلك الصور والرسوم، ويستمع إلى الصوت.


لذا فإن التلفزيون أهم من جميع وسائل الإعلام الأخرى. ويتمكن هذا الجهاز من إصلاح دولة بأكملها، أو إفسادها. وهذا ما لا تقدر عليه لا الصحافة ولا دور السينما ولا المسارح ولا الإعلام اللفظي الذي يُمارس على المنابر، إذ إنّ لجميع هذه الوسائل شعاعاً محدود النطاق.

* زرع الأمل يحقق الانتصار
يجب على كتّابنا وخطبائنا أن يزرعوا الأمل لدى هذا الشعب، فلا يجعلوه يشعر باليأس. يجب أن يردّدوا دائماً بأننا قادرون ولسنا عاجزين وهذا هو الواقع. إننا قادرون، ويجب أن نريد.
إن أفضل خدمة يقدّمها كتّابنا اليوم زرع الأمل في قلوب أبناء هذا الشعب الذي يقف بوجه الشرق والغرب، ولا يريد الخضوع لسلطة الشرق ولا الغرب، وأن يقولوا لهم إنكم قادرون على البقاء غير مرتبطين بالشرق ولا بالغرب حتى النهاية. فلو أوجد هؤلاء الكتّاب والخطباء الأمل لدى الشعب بدلاً من الاعتراض على بعضهم بعضاً ومحاربة بعضهم بعضاً، وجعلوا الشعب يشعر بالثقة بنفسه والاطمئنان، وأوجدوا الاستقلال الروحي لدى الشعب، إذا قامت وسائل الإعلام بهذه الخدمة وكذلك المطبوعات والكتّاب والخطباء، فأوجدوا هذا الاطمئنان في الشعب، فإننا سنبقى منتصرين حتى النهاية.
وإنه لأمر مؤسف أن لا ننتبه نحن الخطباء والكتّاب والإذاعة والتلفزيون وسائر المطبوعات لهذا المعنى، وهو ضرورة زرع الأمل والاطمئنان في قلوب هذا الشعب المضحّي الذي صمد وقدّم دماء شبانه وضحّى بكلّ غالٍ ونفيس من أجل الإسلام واستقلال البلاد.

* وسائل الإعلام سلاح ذو حدين
إن وسائل الإعلام – وخاصة الإذاعة والتلفزيون ومراكز التربية والتعليم العامة هذه – قادرة على أداء خدمات كبيرة للثقافة الإسلامية. وإن الأجهزة التي هي في تماسّ سمعي أو بصري يومي مع الناس في أنحاء البلاد، سواءً المطبوعات في مقالاتها وكتاباتها، أم الإذاعة والتلفزيون في البرامج والتمثيليات والأفلام والفنون المفيدة يجب أن تشدّ من همتها، وتعمل أكثر. ويطلب من القائمين عليها والفنانين الملتزمين الاهتمام بالتربية الصحيحة وتهذيب المجتمع، والأخذ بعين الاعتبار جميع فئات الشعب، وأن يعلّموا الجماهير الحياة الشريفة وليكونوا أحراراً وذلك من خلال الفنون والتمثيليات والامتناع عن تقديم الفنون السيئة والمبتذلة.

لقد ابتلي شعبنا العزيز خلال الخمسين سنة الأخيرة المظلمة بالمجلات والصحف المخربة والمفسدة لجيل الشبان، والأسوأ منها دور السينما والإذاعة والتلفزيون والتي دفعت شعبنا - من خلال برامجها - للارتماء أكثر فأكثر في أحضان الغربيين والمتغربين. وإن أضرار وسائل الإعلام تعدّ أكثر وأسوأ من الأضرار التي تحدثها المدافع والدبابات والأسلحة المخربة، فأضرار الأسلحة تزول، بينما الأضرار الثقافية تبقى وتنتقل إلى الأجيال القادمة. ولولا الألطاف الإلهية الخاصة ومنّه، والتغير السريع للناس في أنحاء البلاد لم نكن ندري ما هي العاقبة التي ستنتظر الإسلام والبلاد. لذا، يجب على المتدينين أن يبذلوا جهدهم، ويمنعوا الانحراف حتى ولو كان بسيطاً.

* الإعلام وخدمة الشعب
بشكل عام يجب أن تسير صحافة أيّ دولة وإذاعتها وتلفازها مع الشعب في طريق واحد، وتكون في خدمته. وينبغي للصحافة أن تهتم بما يريده الشعب، والطريق الذي يسير عليه وأن تبثّ الوعي من هذا الطريق وتهدي الناس.
ولو سارت الصحافة خلافاً لما يريده الشعب، وامتنعت عن كتابة المواضيع التي تخدم الناس، ولو كتبت مقالات منحرفة - لا سمح الله - فإن هذا العمل يعدّ مؤامرة، وليس من حرية الصحافة. فيجب أن تكون المجلات في خدمة البلاد، وخدمة البلاد هي القيام بالتربية، وتربية الشأن، وبناء الإنسان الشريف، وبناء الإنسان المتفكر حتى ينفع بلاده.

* دور ومسؤولية المثقفين
كلّنا يعلم أن مستقبل دولةٍ ما وشعبٍ ما ونظامٍ ما رهين بيد الطبقة المثقفة بعد عامة الناس. وإن الهدف الكبير للاستعمار الحديث هو السيطرة على مواقع هذه الشريحة. وإنّ ما ألحق ببلادنا خلال العقود الأخيرة من آلام وصدمات إنما هو بسبب الخونة في هذه الشريحة. وإنّ التبعية للشرق والغرب إنما قامت على أيدي المتشرقين والمتغربين ومن يسمّون أنفسهم بالمثقفين الذين تخرجوا من الجامعات، لكنّ إطار تفكيرهم كان قد تمّ إعداده في المدارس الابتدائية والمتوسطة. فهؤلاء قد ألحقوا أضراراً كبيرة بثقافتنا وديننا وبلادنا؛ لأنهم عملوا من أجل إكمال التبعية للشرق والغرب وعملوا ما بوسعهم لأجل أمريكا والغرب.


1.عند إلقاء الإمام الخميني قدس سره لهذه المحاضرة عام 1979م كانت نسبة الأميين في إيران تعادل 52 % لكن الإمام الراحل قدس سره أمر بتشكيل نهضة محو الأمية، فبذلت الجهود بعد انتصار الثورة الإسلامية حتى انخفضت هذه النسبة إلى 28 % عام 1991م.
 

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع