أذكار | أذكار لطلب الرزق مع الإمام الخامنئي | سيّدة قمّ المقدّسة نور روح الله | الجهاد مذهب التشيّع‏* كيـف تولّى المهديّ عجل الله تعالى فرجه الإمامة صغيراً؟* أخلاقنا | الصلاة: ميعاد الذاكرين* مفاتيح الحياة | التسوّل طوق المذلَّة* الإمام الصادق عليه السلام يُبطل كيد الملحدين تسابيح جراح | بجراحي واسيتُ الأكبر عليه السلام  تربية | أطفال الحرب: صدمات وعلاج اعرف عدوك | ظاهرة الانتحار في الجيش الأميركيّ

أول الكلام: ثقافة الحياة..بقية الله خلاص الأرض المتعبة

الشيخ يوسف سرور

 



شديدة هي وطأة الأيام والسنين على أهل الأرض..يرزحُ الخلق تحت أثقال الغربة..تنساق اللحظات بطيئة بخُطى العثرة..لكأن الزمن أخذ يعاندُ انتظامه في السيرورة التي ألفها منذ كان.. لكأنَّ زوايا الآفاق تضيق على الحياة وعلى السَّواد الأعظم من أهلها..

يحتدم الاشتباكُ بين القيم..بين قواعد الحياة التي زرعها الخالق في نفوس البشر، منذ قذف البارئ فيها الإمكان وزرع فيها الرُّوح، وجُبلت عليها واعتادتها، بل اعتنقتها في أصل التَّكوين.. - يحتدم بين هذه القواعد – وبين قواعد القهر والغلبة والهيمنة والسَّيطرة، التي يجهد العُتاة في سبيل تكريسها، في مواجهةٍ شرسة مع منطق الحقِّ والعدالة والحريَّة.. بل، يجهدُ الطَّواغيت في سبيل الإمساك بزمام النُّفوس والقلوب، عبر عناوين الحقِّ والعدالة والحريَّة..مستعيرين من الخلق حقوقهم ليفرضوا عليهم إرادتهم وسطوتهم..وليكرِّسوا في شرايين حياتهم أعرافهم..فهمهم للحياة..أساليب العيش..مفاهيمها..مندفعين يُغلقون عليهم مصادر المعرفة الإنسانيَّة، في محاولةٍ لإلجائهم إلى مصادرهم هم والعمل على حصرها في هذه المصادر..ما يُسهِّل استلابهم، وصياغة منظومة حياة المستضعفين والمغلوبين على أمرهم..حتَّى المجتمعات المتوسَّطة القوى التي تجدُ نفسها غير مهيئةٍ لخوض غمار معارك استقلالٍ قيمي ومعرفي، انصاعت وانخرطت في انسياق لا تبرِّره شعارات السِّيادة والحريَّة والاستقلال.

ساحات الحريَّة في انحسارٍ متسارعٍ يجهدُ المستكبرون في سبيل إعدامها، ويجهدُ الأحرارُ في سبيل إيقاف انحسارها واستردادها.. معركةٌ لا تعرفُ السُّكون، وحربٌ لا تعرفُ المهادنة.. يبحثُ المظلومون عن يدٍ حانيةٍ شديدة البأس، تمتدُّ لتدفع عنهم أذى الظَّالمين، وترفع عن كواهلهم سياط الجلادين.. ويبحثّ الفقراء الَّذين استبدَّ بهم نهبُ المستكبرين لخيراتهم، في دأبٍ متواصلٍ لا يعرفُ الكلل ولا يُصيبه الملل..يبحثون عن اليد المبسوطة المعطاءة الًّتي لا يتوقَّفُ عطاؤها عند حدود، ولا يُصيبُ سخاءها أيَّ جمود..توقِفُ طغاة الأرض عند حدودهم، وتسلبُ منهم يد البطش، تستخرجُ دفائن الخير، وتستكمل فعل العطاء الإلهي، وتبعثُ الرَّفاه والرَّغد، لتسدَّ رمق الجوعى الَّذين ملأوا جهات الأرض..تدفعُ أمراض الفناء وترفعُ أعراض الوباء الفاتك بالخلق , الَّذين لا يملكون في مقابل جشع المستبدِّين حولاً ولا قوَّة.. يبحثُ الأيتام عن اليد الحانية الَّتي تمسحُ على رؤوسهم، وتُخرجهم من غربة اليُتم في حياتهم، إلى الفضاءات الرَّحبة الّّتي لا تعرفُ لليأس معنى.. يبحثُ أهل الثَّراء، النَّاهبون لخيرات الأرض..ويبحثُ الطُّغاة الغارقون في أزمات الحاضر..يبحثُ اليائسون من حلول أهل الأرض وإبداعاتهم..عن أجوبةٍ للأسئلة المحيِّرة..عن حلولٍ لمعضلات الفقر والظُّلم والأميَّة..عن قوَّةٍ , تفتحُ عليهم في كلِّ اتِّجاهٍ كوَّة.. لتفتحَ عليهم آفاق المستقبل مشرقةً..تُخلَّصهم من عبثٍ مستديم أغلق عليهم كلَّ الأبواب..تستنقذهم من فوضى "غير خلاقة" بعثرت أوراق النُّظم والمفاهيم، وسفَّهت قيم الحقِّ والعدالة والحريَّة.. تمتدُّ اليدُ البيضاءُ لأهل العطاء الَّذي ليس له حدود, تنبسطُ لتُمهِّد لتلك الآية الرَّبانيّة، باعثةً الرُّوح في الأجساد الواهنة.. ناشرةً الأمل في النُّفوس الَّتي أجهدها التَّعب..ناثرةً دمها في شرايين القلوب العطشى والأوردة الَّتي أجدبت حياتها....ممهِّدةً الأرض كلَّها للخطاب الرَّبَّاني الآتي من رحم الغيب.. ليدِ الرَّحمة والقهر الإلهيَّيْن..لتملأ الأرض..كلَّ الأرض..قسطاً وعدلاً، بعدما مُلئت ظلماً وجوراً.

بقيَّةُ الله..الرَّصاصة الأخيرة الَّتي تُصيبُ من مشروع الباطل مقتلاً..تملأ كلَّ جنبات الأرض وأهلها من رحمة السَّماء.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع