أذكار | أذكار لطلب الرزق مع الإمام الخامنئي | سيّدة قمّ المقدّسة نور روح الله | الجهاد مذهب التشيّع‏* كيـف تولّى المهديّ عجل الله تعالى فرجه الإمامة صغيراً؟* أخلاقنا | الصلاة: ميعاد الذاكرين* مفاتيح الحياة | التسوّل طوق المذلَّة* الإمام الصادق عليه السلام يُبطل كيد الملحدين تسابيح جراح | بجراحي واسيتُ الأكبر عليه السلام  تربية | أطفال الحرب: صدمات وعلاج اعرف عدوك | ظاهرة الانتحار في الجيش الأميركيّ

أول الكلام: لنا أعمالُنا ولكم أعمالُكم

السيد علي عباس الموسوي

 



يختلف النّاس في كثيرٍ من الصّفات والطّبائع والرّغبات والميول في هذه الدنيا. يتآلف منهم الذين يتَّفقون في هذه الأمور، فتجدهم يجتمعون ويلتقون ويَحيَون ضمن بيئةٍ يعملون على إيجادها بالنحو الذي يتّفق وما لديهم من صفات وغيرها. وهكذا وُجدت المجتمعات البشريّة أو الشعوب وشهدت تقاليد وأعرافاً وآداباً خاصّة، ترسم من خلالها نظام حياتها، تسير على أساسه وتردع من يخالف هذا النظام وتمنع من دخول الأغيار إلى محيطها وبيئتها.

ووقع الانحراف في هذه المجتمعات، وبشكل تدريجي، عمّا أراده الله عز وجل لهذا الإنسان وعمّا رسمه له من هدف عليه أن يسعى إليه في هذه الدنيا. فبدأت هذه الأعراف والتقاليد تحكم حياة الإنسان وإن ناقض حكمها حكم الله والغرض المنشود من خلقة الإنسان، فتحوّلت إلى أغلال وقيود تكبّل حركة الإنسان وتعيق من تقدّمه المعنوي ودنوّه من مقام الخلافة الإلهيّة في هذه الأرض.

ومن رحمة الله بعباده أنّه لم يدعهم في خطّ الانحراف، بل واتر إليهم أنبياءه ورسله، لكي يعيدهم إلى فطرة الإله الواحد، ولكي يخرجهم من الظلمات إلى النور، ولكي يرفع عنهم إصرهم والأغلال التي تحيط بهم. وبدأت المعاناة مع الأنبياء فيما قصّه الله عزّ وجل في كتابه الكريم بالتفصيل أحياناً وبالإجمال أخرى، وفي كلّ دعوة من رسل الله تجد صدوداً وإعراضاً من القوم لدعوة الحق، فهم مكبّلون ومغلولون ولا إرادة لديهم للخروج من تلك القيود والأغلال.

واستمر الحال على ذلك بعد الأنبياء، ومع الأئمّة عليهم السلام، فالقوم اختلفوا وتغيروا، فقد ذهب جيل وذهبت معه بعض الأغلال والقيود وجاء جيل آخر فورث بعض ما تركه له سلفه من أغلال وقيود، وجاء بالجديد منها، وأحاط نفسه بها. وكذلك مع المؤمنين الذين كانوا على خطى الأنبياء والأئمّة عليهم السلام يهتمون لأمر الناس ويسعون فعلاً لكسر تلك الأغلال والقيود، ولكنّهم لم يلقوا من الناس إلا الأذى والرفض والاستنكار والإنكار. ففي كلّ زمان وفي كلّ مكان تجد أنّ من هداه الله للإيمان يسعى جاهداً للقيام بواجبه في هداية الناس إلى الحق، يبذل في سبيل ذلك الكثير ولكنّه لا يلقى إلا الأذى. يتمّ اتّهامه بكلِّ شيء، يصبح لقمةً سائغةً لكلِّ لسان سليط، ومرمىً لأغراض ذوي النفوس المريضة، لا ترعى له حرمة ولا يُتّقى الله فيه بشيء.

ولكنّه لا بدّ له رغم كلِّ ذلك من أن يلجأ إلى الصبر وأن يعرض عن ذلك كله، وأن يتحمّله؛ لأنّ في تحمّله رضا الله، لأنّه يؤمن ويعتقد أنّ الإنسان في يوم القيامة حين يقف بين يدي الله عز وجل لن يكون معه سوى عمله، ولن ينفعه سوى عمله، ذخيرته التي ادخرها في هذه الدنيا ليوم حشره ونشره، ولذا يكون حاله حال الذين قال عنهم الله تعالى في القرآن الكريم : ﴿وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ لاَ نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ (القصص: 55).
وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين.
 

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع