أذكار | أذكار لطلب الرزق مع الإمام الخامنئي | سيّدة قمّ المقدّسة نور روح الله | الجهاد مذهب التشيّع‏* كيـف تولّى المهديّ عجل الله تعالى فرجه الإمامة صغيراً؟* أخلاقنا | الصلاة: ميعاد الذاكرين* مفاتيح الحياة | التسوّل طوق المذلَّة* الإمام الصادق عليه السلام يُبطل كيد الملحدين تسابيح جراح | بجراحي واسيتُ الأكبر عليه السلام  تربية | أطفال الحرب: صدمات وعلاج اعرف عدوك | ظاهرة الانتحار في الجيش الأميركيّ

أول الكلام : خيرُ الناس


السيّد علي عباس الموسوي


تتشارك المجتمعات الإنسانيَّة في مجموعةٍ من المسائل التي تشكِّل ضرورةً في حياتها. ومهما اختلفت الأديان والمذاهب والأعراف والتقاليد فإنَّ الاختلاف لا يُزيل تلك الضرورات التي لا بدَّ وأن يمتلكها المجتمع. نعم الاختلاف يقع في طريقة وأسلوب الاستجابة لتلك الضرورات.

وممَّا تَختلف فيه المجتمعات هو اختلافها في معايير التفاضل، فكلُّ جماعةٍ تنظر إلى بعض الأشخاص على أنَّهم خيرُ الناس على هذه الأرض، أو في دائرة المحيط الذي تَعيش فيه. ويَعتمد هذا التوصيف وهذا التقييم في الأساس على الرؤية التي تملكها هذه الجماعة في البُعد النظريّ عن الصفات التي ينبغي أن يتحلَّى بها خير الناس. فثمَّة مفاهيم حاكمة على أذهان هؤلاء ومهما كانت أسبابها فإنَّها تؤدِّي دوراً رئيساً في تحديد خير الناس. إذاً، اختيار خير الناس لدى الجماعة يرجع في الحقيقة إلى عمليّة تطبيق لفكرةٍ تتربَّع في أذهانهم.

وليس اختيار خير الناس مجرّد ترفٍ اجتماعيّ أو كمالٍ تنافسيٍّ مع الآخرين، بل ينعكس هذا الاختيار لخير الناس بوضوحٍ على سلوك الإنسان، فخير الناس هو قدوة يجب السير معه وخلفه، والاقتداء به، والتزام أمره، لأنَّه المصداق الأمثل لصورة الإنسان الأفضل. وخير الناس هذا يستحقُّ أن نُظهِرَ له كلَّ أشكال المودَّة والمحبّة، وأن نستضيء به في كلِّ ما نواجهه، وأن نكون له نِعم العَون ونِعْمَ النصير. وخير الناس هذا لا بدَّ وأن نوفّيه حقَّه، فنُري الناس المكانة التي له والمنزلة التي يستحقّها، وإلا كان تجاهله نوعاً من أنواع الظلم منّا. والمسلم الذي يعتنق هذا الدِّين اعتقاداً وسلوكاً، لا بدَّ وأن يتطابق اختياره لخير الناس مع تعاليم هذا الدِّين، ومع الأفكار والمفاهيم التي يدعو إليها هذا الدِّين. فما هي صفات خير الناس؟ وما هي الميزة التي يمتلكونها فتجعلهم خير الناس؟.

تتظافر العديد من الروايات على وصف خير الناس بأنّه أنفع الناس لعباد الله، فأفضل الناس من يكون نافعاً للناس. ونفع الناس لا ينحصر بما يتبادر إلى الأذهان من النفع الماديّ أو المعيشيّ، بل يشمل الكثير من الحاجات الإنسانيّة التي لا يقوم بها الإنسان إلا بالاستعانة بغيره من الناس، ويشمل أيضاً الصفات الأخلاقيّة والسلوكيّة في الحياة الاجتماعيّة. فخير الناس من تعلّم علماً ينفع به الناس، وخير الناس من يحلم عن الناس إنْ أساؤوا له، ويغفر ويتجاوز عن الناس إنْ ظلموه، والسخيُّ الشكور عند وفور النعمة لديه، والمؤثِرُ الصبور عند إمساك الرزق عنه، والمبادر للإساءة بالإحسان. وخيرُ الناس الذي عصى هواه وأطاع خالقه، وملك أمر نفسه فلم يدعها تبادر إلى الغضب، وبانت عليه علامات التقوى، فأصبح مجلسه يذكِّر الناس بالله عزّ وجل. 

وخيرُ الناس وأعظمهم وأشرفهم وأكبرهم وأجلّهم هو الذي حمل روحه على كفِّه باذلاً لها في سبيل الله عزّ وجل فكان مصداقاً لقول رسول الله صلى الله عليه وآله: "خيرُ الناس رجلٌ حبس نفسه في سبيل الله يُجاهد أعداءه يلتمس الموت أو القتل في مصافِّه" (1). وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.


(1) مستدرك الوسائل، المحدّث النوري، ج 11، ص 17.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع