انتفض "علي" ابن الثمانية أعوام من فراشه هلعاً عندما علِم باغتيال الشيخ راغب
حرب.. ابن عمّه لأبيه.. فقد ترعرع "علي" في المنزل المجاور لبيت عائلة الشيخ الشهيد..
غادر البيت مسرعاً مصطحباً أخاه الأصغر "حسن" ابن الخمسة أعوام معه.. ومضيا معاً
ليجدا حشود الناس قد اجتمعت لتحمل جسد الشيخ النازف دماً من عروقه الحسينية..
هاتفين بعبارات الثورة والثأر والغضب. كان "علي" و"حسن" في جملة المشيّعين الغاضبين
والمندّدين بالاغتيال الجبان. وداسَتِ الحشود الأبية جبروت الصهاينة وكبرياءهم فظهر
ضعفهم وخوفهم للمرة الأولى حيث لم تجرؤ ملالاتهم على أن تواجه بحراً هائجاً من
الجماهير الغاضبة فتوارَوا خلف ترسانتهم العنكبوتية خوفاً من "راغب" حيث تبيّن لهم
أنّهم ما قتلوه لأنّه كان حاضراً في وجدان الناس. لم تغِبْ هذه الحادثة عن ذاكرة "علي"
و"حسن" مطلقاً بل أضحَتْ شعلةً تنير لهما دروب الثورة والثأر والجهاد فصارا
مجاهدَين في المقاومة. ولم تكن الترسانة الإسرائيلية لتخيفهم وتعيق تقدّمهم أو
تثنيهم عن الثأر.. فالتحق "حسن" (1) في ركب الشيخ الحبيب بعد الاغتيال بخمسة عشر
عاماً إثر عملية بطولية على موقع بئر كلاب الإسرائيلي حيث أوقع قتلى وجرحى في عداد
الجنود الصهاينة مظهراً بسالة نادرة قبيل استشهاده.. مربكاً كيان الجيش الجبان..
تبعه "علي"(2) بعد ثمانية أعوام خلال ملحمة البطولة والشرف في تموز من العام 2006
بعد أن سدّد للعدو الضربات الموجعة على فترة خمسة عشر عاماً... هذا مداد الشهداء
ومداد العلماء يصنع للأمّة عزّتها...
علياء حرب