أذكار | أذكار لطلب الرزق مع الإمام الخامنئي | سيّدة قمّ المقدّسة نور روح الله | الجهاد مذهب التشيّع‏* كيـف تولّى المهديّ عجل الله تعالى فرجه الإمامة صغيراً؟* أخلاقنا | الصلاة: ميعاد الذاكرين* مفاتيح الحياة | التسوّل طوق المذلَّة* الإمام الصادق عليه السلام يُبطل كيد الملحدين تسابيح جراح | بجراحي واسيتُ الأكبر عليه السلام  تربية | أطفال الحرب: صدمات وعلاج اعرف عدوك | ظاهرة الانتحار في الجيش الأميركيّ

آخر الكلام: الدُّموع وحدها لا تـكفي

إيفا علويّة ناصر الدين


تنهض من سريرها بجسد متثاقل بركت همته، بعدما التهمتها أنياب العمر وفتكت بها مخالب المرض، ورمتها كعصا تتعكز على عصا. تمشي بأرجلها الثلاثة بخطوات مستميتة تشدّ العزم للوصول إلى ذلك المقعد المتربّع في ظلال شجرة الحور التي صارت جليستها الوحيدة، وأنيسة ضجرها، ورفيقة أوجاعها، وملجأ آهاتها في دار العجزة منذ سنوات.

ترمي بنفسها في حضن الذكريات التي تحكي قصة ثمانين عاماً تتوالى فيها مشاهد وصور لا تعدّ ولا تحصى، لكن نبض الذاكرة تتوقف دقاته دوماً على مشاهد متكررة تؤجج في أعماقها مشاعر تُغرق قلبها بغصة الألم والحسرة. ها هم أولادها، تمرّ أطيافهم أمام ناظريها أطفال صغار يدورون حولها، يتعلقون بأطرافها، ويملأون فضاء حياتها بضجيج بكائهم ورنة ضحكاتهم، ويعزفون على أوتار حياتها ألحاناً دافئة تنبض بالحب والحنان. ها هم أولادها يكبرون سوياً مع أحلامها التي ترافقهم في رحلة المستقبل الذي رسمت لوحاته بريشة قبلاتها ودعائها لهم بالتوفيق والنجاح.

ها هم يحزمون حقائبهم، وينطلقون إلى بيوتهم تحت مظلة رضاها على أمل أن تكبر شجرة أسرتها وتعبق بشذى زهور ندية تتضوع بأريج السعادة والهناء. ها هم يحزمون حقائبها، وينطلقون بها إلى مأوى الفراق بعدما ضاق بها ذرعهم، ولم تعد تقوى قدرتهم على احتمال همها ومرضها وعجزها، فعجزوا عن احتضانها !

يرحلون بوجوه شاحبة تتلوّن ببسمات هزيلة، ويعودون -إذا عادوا- مطلع كل قمر، لتكفكف دموعهم التي يصبّون حممها في لجج قلبها، فينفطر بحرقة الألم وصمت اللوم والعتاب، لكنه يأبى إلا أن يفيض عليهم بدفئه، ويدعو لهم بالرحمة والهداية، وهو يتمتم منادياً: الدموع وحدها لا تكفي.

 

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع