نور روح الله | يوم القدس: يوم الإسلام* إلى قرّاء القرآن: كيف تؤثّرون في المستمعين؟* أخلاقنا | ذكر الله: أن تراه يراك*  مفاتيح الحياة | الصدقات نظامٌ إسلاميٌّ فريد(2)* آداب وسنن| من آداب العيد  فقه الولي | من أحكام العدول في الصلاة مـن علامــات الظهــور: النفس الزكيّة واليمانيّ* تسابيح جراح | بالصلاة شفاء جراحي صحة وحياة | الرّبو والحساسيّة الصّدريّة تاريخ الشيعة| شيعة طرابلس في مواجهة الصَّليبيّين

قرأت لك: الإسلام ومتطلبات العصر



* ما هو المقصود من متطلبات العصر؟
المقصود هو أنّ الزمان في تطور، وأنّ لكل مرحلة من مراحله متطلباتها الخاصّة بها، وبعبارة أخرى: (لو وضعنا كلمة "طلبات" بدل كلمة "متطلبات" لتيسّر فهم الموضوع أكثر) فلكل عصر طلباته المختلفة، وتطوراته المتنوعة، ونلاحظ هذا من خلال تماسنا المتواصل مع الحياة، حيث نحن الآن في أواخر النصف الثاني من القرن العشرين، ونرى أنّ لهذه الفترة طلباتها التي تختلف تماماً عن طلبات النصف الأول من هذا القرن، تعني بروز ظواهر جديدة في ذلك العصر، تتمخض عنها طلبات جديدة، لذلك ينبغي تكييف أنفسنا مع تلك الطلبات أو الظواهر الجديدة، والقبول بها، شئنا أم أبينا.

ومن نافل القول أن نذكر أنّ لكل زمان ذوقاً خاصاً به، وطبيعةً تسود وجوده، لأن الأمثلة على ذلك كثيرة، وما نشاهده من موضة الأزياء والأحذية لكل فترة دليل على ما نقول، وتبعاً لتغير الموضة تتغير رغبات الناس، وهذا يعني أنّ عليهم الانسجام مع متطلبات كل مرحلة، واتّباع رغبة الأكثرية والذوق العام السائد، وكما قالوا قديماً: (إذا لم ترد أن تفتضح فكن مع الجماعة) فإذا اختارت الجماعة أسلوباً معيّناً في الحياة فلا تشذ عليهم.

ويقفز هنا سؤال مفاده: هل أنّ كل ظاهرة جديدة صحيحة، وتصب في مصلحة البشرية وسعادتها؟ هل أنّ البشرية خُلقت بشكل يكون فيه كل شيء جديد في مصلحتها ولأجل تقدُّمها؟ هل المجتمع غير معرض للانحراف؟ ألا يمكن أن تؤدي تلك الظاهرة الجديدة إلى الانحراف والتردّي؟ ولم يمكن؟ فإنّ ظواهر كل زمان يمكن أن تكون في مصلحة البشرية، ويمكن أن لا تكون، ودليل ذلك وجود إنسان مصلح ينهض ضد عصره، وآخر رجعي ينهض ضد عصره أيضاً، مع وجود الفارق بينهما، وهو: أنّ الرجعي ينهض ضد تقدم عصره أمّا المصلح فهو ينهض ضد فساد عصره وانحرافه، فكلاهما ينهض ضد عصره.


ما معنى ظاهرة العصر؟ أن الهيرويين يُعَدّ من ظواهر العصر، إذ لم يكن موجوداً في الماضي، وقد ظهر على أثر التقدم العلمي الحاصل في الكيمياء، فهل هو شيء صحيح مقبول؟ فحذار إذاً من ظاهرة العصر التي تفرض على المجتمع فرضاً.. وأنها لمهزلة ـ حقاً ـ أن يعتبر الزي النسائي الذي يعلو على الركبة ظاهرة جديدة من ظواهر العصر! ولا أدري فأية ظاهرة هذه!؟ ما المقصود بهذه الظاهرة؟ ولعلّ هناك من يقول: يجب النزول عند رغبة الأغلبية، فهي التي تؤيّد هذا التوجه بالنسبة إلى الأزياء، وعالم اليوم غير عالم الأمس، إذ يرغب أن تكون الأزياء بشكلها الحالي، ولا تكون كما كانت عليه في عالم الأمس.

الإسلام في هذا المجال لا يقف أمام تقدم الإنسان وتطوره، ولا يدين إلا من يبقى متخلفاً عن ركب الحضارة والمدنية التي فيها خير البشرية ونفعها، من أمثال من يفضّل المحراث على الجرّار في حراثة الأرض مع أنّ الأخير أفضل بكثير من المحراث، ولا مانع ـ من وجهة نظر إسلامية ـ في استعمال تلك الآلة ما دامت هي الأفضل، ولا يدين إلا التهتك والخلاعة والميوعة والمجون والهوس والتعصرن اللامعقول، ويقف ـ بكل حزم ـ بوجه كل لون من ألوان الفساد الأخلاقي والاجتماعي، ويرفض بشدّة ارتداء الزي الذي يعلو على الركبة مثلاً، أو الأفلام المثيرة والهدّامة، فهذه ليست حاجات واقعية ضرورية، كما لا يمكن القبول بها كظاهرة جديدة صحيحة من ظواهر العصر.

هذا هو معنى متطلبات العصر التي يقبل بها الإسلام، فلا ينبغي الخلط بين متطلبات العصر المؤدية إلى الفساد والانحراف والمجون، وبين الحاجات الأولية للإنسان التي تعني التقدم والتطور والحضارة التي تعود بالخير لكل البشر على السواء.

 

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع