نور روح الله | يوم القدس: يوم الإسلام* إلى قرّاء القرآن: كيف تؤثّرون في المستمعين؟* أخلاقنا | ذكر الله: أن تراه يراك*  مفاتيح الحياة | الصدقات نظامٌ إسلاميٌّ فريد(2)* آداب وسنن| من آداب العيد  فقه الولي | من أحكام العدول في الصلاة مـن علامــات الظهــور: النفس الزكيّة واليمانيّ* تسابيح جراح | بالصلاة شفاء جراحي صحة وحياة | الرّبو والحساسيّة الصّدريّة تاريخ الشيعة| شيعة طرابلس في مواجهة الصَّليبيّين

أول الكلام: طيب الكلام


السيد علي عباس الموسوي
 
 
هذا اللسان، النِّعمة الإلهيَّة التي وهبها الله لهذا الإنسان، يَصل بها إلى مآربه ويحقّق بها مقاصده، أراد الله عزّ وجل منه أن يَستعين به على ما يكون فيه رضاه، ورضاه لا يتحقَّق إلا بطيب الكلام. وأئمَّة الدِّين أيضاً واظبوا على حثِّ الناس على حسن الكلام، واستخدام هذا اللسان بما يُرضي الله عزّ وجل. ولم يَنطق حكيمٌ بحِكمَةٍ إلا وكان من حِكَمِه الحثّ على حسن الكلام وطيبه. فما هو طيب الكلام؟ طيب الكلام هو أن يَلهج هذا اللسان بما يقرِّب العبد إلى طاعة الله عزَّ وجل. والطاعات كثيرة، فطيب الكلام ذكر الله في الصلاة، والتسبيح وتلاوة القرآن، وأيُّ ذكرٍ أعظم من حديث يَنطق به هذا اللسان في محضر ربِّ العزَّة والجلال؟

طيب الكلام أن يَلهج هذا اللسان بالمحبّة للناس، فيُظهر لهم المودَّة والألفة، يَلقاهم بالتحيَّة والسلام، ويبسط لسانه بكلِّ ما يكون فيه سرورهم.
طيب الكلام أن يَلهج هذا اللسان بالعزاء للناس في مصابهم، يُشاركهم في آلامهم ولو كان ذلك بكلمةٍ بسيطةٍ تخرج عند لقياهم تسلّي نفوسهم، وتصبِّرهم على ما ألمّ بهم.
طيب الكلام أن يَلهج هذا اللسان بالأمر بالمعروف، فيَستعمل صاحبه لسانه هذا في حثّ الناس على تقوى الله، وأداء الفرائض، والطاعات، فيبدأ ذلك بأقرب الناس إليه، ثمَّ سائر الناس.
طيب الكلام أن يَلهج بالنهي عن المنكر، فإذا رأى الإنسان منكراً، سعى لتغييره، وإحدى وسائل التغيير أن يَستخدم لسانه في نهي مرتكب المنكر عن فعله.
طيب الكلام أن يَلهج بما فيه مصلحة المسلمين، فلا يرى ما فيه صلاحهم إلا وذكره على لسانه، مرشداً لهم إليه، منبِّهاً لهم من أيِّ خطرٍ داهم أو عدوٍ يريد بهم شرَّاً.
طيب الكلام أن يَلهج هذا اللسان بالنصيحة للمسلمين، لا سيما لمن طلب النصيحة، فيؤدِّي الأمانة بتمامها ويكون محلاً للثِّقة وموضعاً للاعتماد، فيُرشِد الناصح إلى ما فيه خيره وصلاحه.
طيب الكلام أن يَلهج هذا اللسان بما يحبِّب قلوب المسلمين بعضهم إلى بعض، فيجعلهم يداً واحدةً تسعى لرفع راية هذا الدِّين خفَّاقة في سماء هذه الدنيا.
طيب الكلام أن يَلهج هذا اللسان بالثناء على مَن يستحقُّ ذلك، فيوفّيه حقَّه في ذلك، مراعياً العدل والإنصاف في كلِّ كلمةٍ يقولها أو يَنطق بها.

وطيب الكلام بابٌ لمغفرة الذنوب وباب لصلاح عمل الإنسان في هذه الدنيا، وقد قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً  يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً  (الأحزاب: 71-70). ومتى طاب كلام الإنسان أمِنَ من ملامة الناس له؛ لأنّ الناس لا تلوم أحداً على كلامٍ طيِّبٍ يخرج منه، واللوم يكون على كلِّ كلام مؤذٍ للآخرين. فبالكلمة الطيَّبة تكون الثمار الطيَّبة، وقد قال تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَى كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ  تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (إبراهيم: 23-24). فإذا كنّا أتبَاع مسيرةِ الحق ونريد أن ندعو الناس إلى أن يكونوا منها، فإنَّ سبيل ذلك أن تكون كلمتنا كلمة حقٍّ وتصدر طيَّبةً عن أفواهنا لتُثمِرَ في نفوس الآخرين هدايةً وصلاحاً.
 

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع