صحة وحياة | الرّبو والحساسيّة الصّدريّة تاريخ الشيعة| شيعة طرابلس في مواجهة الصَّليبيّين آخر الكلام | الضيفُ السعيد الافتتاحية| الأمـومـــة... العمل الأرقى  الشيخ البهائيّ مهندسٌ مبدعٌ في العبادةِ... جمالٌ مع الخامنئي | نحو مجتمع قرآنيّ* اثنا عشر خليفة آخرهم المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف* أخلاقنا | اذكروا اللّه عند كلّ نعمة* مناسبة | الصيامُ تثبيتٌ للإخلاص

من القلب إلى كل القلوب: أعظم أيام زماننا(*)


سماحة السيد حسن نصر الله (حفظه الله)


أبارك لكم، ولكلّ محبّي أهل البيت عليهم السلام، والمسلمين، والمستضعفين في العالم، ذكرى ولادة إمامنا، وسيّدنا، ومولانا، وروحنا، وحاضرنا وماضينا ومستقبلنا، والحبل الممدود بين الأرض والسماء، بقيّة الله في الأرضين، صاحب الزمان، الحجّة ابن الحسن المهديّ (أرواحنا لتراب مقدمه الفداء)، صلوات الله عليه وعلى آبائه الطاهرين.

* تزايد الاهتمام بالقضيّة المهدويّة

من الواضح أنّنا سنةً بعد سنة نشهد اهتماماً متزايداً بالقضيّة المهدويّة، سلباً كان أو إيجاباً؛ وذلك عبر وسائل الإعلام، دراسات، منابر، ومواقع إنترنت، وقيادات سياسيّة تهتمّ بما يجري في العالم والمنطقة، وتتداول قضيّة الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف وعلامات الظهور. إنّ الحديث عن الإمام المهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريف، في حدّ ذاته -على ما ورد في بعض الروايات- من العلامات عندنا، وهذه إشارةٌ منيرةٌ إن شاء الله.

إنّ العلامات تأتي دوماً لتتحدّث عن أخبار آخر الزمان والمستقبل. والعالم اليوم يولي اهتماماً لقضايا المستقبل، وعموم الناس يحبّون أن يسمعوا عن المستقبل.
ومنذ مدّة كُشِف النقاب عن أنّ مراكز دراسات تابعة للبنتاغون و CIA، في الولايات المتحدة، متخصّصة بمتابعة ما له صلة بآخر الزمان، والجزء الأساسي منه عن الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف.
والمسلمون بطبيعة الحال، نتيجة عدد الروايات الضخمة عند السنّة والشيعة، عن أخبار آخر الزمان، تراهم مهتمّين بمعزلٍ عن التفاصيل التي يختلفون فيها.

* آل سعود أكثر من يطبّق العلامات
عندما يكون موضوع الإمام مطروحاً بقوّة، فمن الطبيعي أنْ يواجَه بالشكوك والنقد؛ لأنّ مسألة الإمام المهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريف هي أمل المستضعفين، وتشكّل خوفاً ورعباً لكلّ المستكبرين والطواغيت، أولئك الذين لا يحبّون أن يُقال أمامهم: سيأتي في يومٍ من الأيام شخصٌ يزيل دولة الظلم، ويقيم دولة العدل الإلهي. حتّى علماء الوهابيّة يعرفون أنّ "الإمام المهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريف" سيخرج في آخر الزمان، ومن مكّة، وسيقيم دولة العدل الإلهي التي لا مكان فيها لآل سعود. يعرفون أنّ القصّة مسألة وقت، وكلّ المعركة التي يخوضونها لأجل تأجيل هذا الاستحقاق.

* التشكيك بما يتعلّق بالإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف
هذا بطبيعة الحال، يدخلنا إلى معركة التشكيك في قضية الإمام الحجّة عجل الله تعالى فرجه الشريف، فنجد كتباً وتحقيقات ومؤلّفات ومقالاتٍ على الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي للتشكيك والنقاش حول الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف. وقد ورد في العديد من الروايات أنّه سيظهر أناسٌ يشكّكون في وجود الإمام أو يقولون إنّه مات، أو هلك، في أيّ واد سلك؟ هؤلاء موجودون، يكتبون مقالات، ويؤلّفون كتباً، ويستغلّونها.

موضوع التشكيك هذا ليس بجديد، واعلموا أنّ كلّ ما يُحكى اليوم عن التشكيك، حُكي من ألف سنةٍ، وقد وردت عن هذه الإشكاليّات أجوبةٌ وردود. من الإشكاليات، مثلاً: هل وُلد الإمام أم لم يولَد؟ هناك عشرات الثقات الذين شهدوا بأنّ الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف وُلد، وهذا يكفي لإثبات الولادة المباركة، فكيف إذا كان العشرات من كبار القوم شاهدوا الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف في زمن أبيه الإمام العسكري عليه السلام وجلسوا معه، وأخذوا منه أجوبةً؟ هذا النقاش كان موجوداً في أواخر الغيبة الصغرى وبدايات الغيبة الكبرى، والشيخ الصدوق قد كتب عن هذا الموضوع.

* إشكاليّات وردود
أ- إشكاليّة طول عمر الإمام
في ما يتعلّق بإشكاليّة طول عمره الشريف، فإنّ العلماء قد أجابوا عن هذه الإشكاليّة، فقالوا إنّ طول عمر النبي نوح عليه السلام يجيب عن ذلك؛ إذ ورد في القرآن أنّه قد بلّغ في قومه 950 سنة... السيد المسيح عليه السلام أيضاً ما زال على قيد الحياة، وقد رفعه الله بروحه وجسده، وما زال يعيش حياته الدنيويّة.

كذلك الخضر عليه السلام، أستاذ النبي موسى عليه السلام، تحدّث عنه القرآن وهو ما زال على قيد الحياة. إذاً، ما المانع من ذلك في حقّ الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف؟! النقاشات حول ذلك كلّها كانت منذ زمن الشيخ المفيد قدس سره والشيخ الطوسي قدس سره.

ب- إشكاليّة السرداب
من جملة الإشكاليات التي يُسلَّط الضوء عليها في الفضائيات، وتُقدّم من قبيل السخرية والاستهزاء في حقّ الإمام المهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريف أنّ الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف دخل في السرداب وغاب، أو أنّه يسكن في السرداب.

إنّ بيت الإمام العسكري عليه السلام في سامرّاء يوجد فيه سرداب، مثل باقي البيوت في العراق. والجواب: صحيح، ولكن بحسب التحقيق لا يوجد عالمٌ من علماء الشيعة، ولا رواية معتبرة تقول إنّ الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف غاب في السرداب. وهذه الرواية ليس لها أصلٌ بالنسبة إلينا. نحن نقول: إنّ آخر ظهورٍ علنيٍّ للإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف كان في جنازة أبيه عليه السلام، فهو صلّى عليه ثمّ غاب، وفي أول غيبته غادر سامرّاء، وهناك روايات تقول إنّ الحجّة عجل الله تعالى فرجه الشريف انتقل إلى المدينة المنوّرة.

ج- إشكاليّة الفائدة من وجود الإمام غائباً

من الأسئلة التي تثار في زمن الغيبة الكبرى أنّه: إذا كان إمامكم موجوداً، ما هي الفائدة منه؟ وما هي الغاية؟ هذا من الإشكالات الكبرى... ولكنّ الفكرة الأساسيّة في هذا الأمر، بالاستناد إلى الروايات، تشبّه فائدة وجود الإمام في زمن الغيبة الكبرى بفائدة الشمس التي يحجبها السحاب، ومع ذلك هل ينكر أحد فائدة وجود الشمس مع كوننا لا نراها؟ فكذلك عدم رؤيتنا للإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف لا يعني أن لا بركة وفائدة من وجود الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف.

د- مشكلة التطبيقات الخاطئة للعلامات
من جملة المحاولات التي بُذل جهد عليها طوال التاريخ فكرة أن ييأس الناس من الظهور. ومن مظاهره التطبيقات الخاطئة التي تزعزع فكرة وجود الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف وطول عمره، وهذه تؤثّر على الأجيال القادمة وتوصل إلى الشكّ في قضية الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف. وهذا ما وقع تحت تأثيره الكثير من السذّج، الذين حاولوا تطبيق العلامات وأخطأوا، ما شكّل لديهم صدمة، فقالوا إنّ الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف قد مات.

مع العلم أنّ أئمّتنا تحدّثوا عن العلامات بطريقةٍ واضحة. مثلاً من الشخصيّات المهمّة في زمن الظهور، ثلاث: السفياني، اليماني، الخراساني.

وعندما نستدلّ على اليمانيّ والخراسانيّ نستدلّ عليهما من السفيانيّ؛ لأنّ مسألة السفياني من العلامات القطعيّة الحتميّة التي لا نقاش فيها بين الشيعة، ولا بين السنّة. الخلاصة أنّ اليماني والخراساني لا يخرجان إلّا بعد ظهور السفيانيّ، وعندما يظهر السفياني سيظهر صاحب الزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف بعد أشهر عدّة.

بكلّ الأحوال، هذا الموضوع يحتاج إلى دقّةٍ ومواجهة، حتى لا يُخدع أحدٌ شبابنا وأخواتنا، وأساس العودة فيه تكون إلى العلماء المحقّقين، مثل الموضوع الفقهيّ، وعدم الاعتماد على الروايات التي لا سند لها، ولا ندري من هو ناقلها وراويها.

* من الذي أعاد القضيّة المهدويّة إلى الواجهة؟
أعاد الإمام الخميني قدس سره قضية المهدويّة إلى الواجهة وإلى قلوب المسلمين. في الستينات والسبعينات والثمانينات، لم يكن يوجد شيء، في لبنان، اسمه الثقافة المهدويّة، ولا زيارة آل ياسين، ولا دعاء العهد، ولا 15 شعبان. الذي أحيا هذا الموضوع هو الإمام الخميني قدس سره والثورة الإسلاميّة في إيران.

نحن، اليوم، نؤكّد على تمتين هذه العلاقة بين الأجيال والإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف من خلال كشافة الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف، وربط الفتية والفتيات وجدانيّاً بالإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف. وعندما نسمي مدارسنا مدارس "الإمام المهدي" عجل الله تعالى فرجه الشريف، نربط الأجيال أيضاً وجدانيّاً بالإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف وهو ما نحتاج إليه.

يجب أن يأتي يوم، يكون فيه اسم "مهدي" في كلّ عائلة وفي كلّ بيت، ليس بدافع العادات والتقاليد، بل بدافع تربية الطفل عليه وربط وجدانه به. وهو جزء من خطّة الأئمّة عليهم السلام عبر التاريخ، وجزءٌ من تكريس العلاقة مع الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف في الثقافة والوجدان.

* إحياء 15 شعبان كأعظم مناسبة
بالنسبة إلى مناسبة ولادة الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف في 15 شعبان، يجب أن يرقى إحياء هذه المناسبة إلى المستوى المطلوب، ويجب أن يكون هذا الموضوع هدفاً دائماً لنا، نحيي ذكرى 15 شعبان كأعظم وأبهج مناسبة. يجب أن يكون هذا الموضوع متقدّماً السنة إن شاء الله.


(*) في خطاب لسماحته، ألقاه بتاريخ: 19/5/2017م.
 

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع