نور روح الله | يوم القدس: يوم الإسلام* إلى قرّاء القرآن: كيف تؤثّرون في المستمعين؟* أخلاقنا | ذكر الله: أن تراه يراك*  مفاتيح الحياة | الصدقات نظامٌ إسلاميٌّ فريد(2)* آداب وسنن| من آداب العيد  فقه الولي | من أحكام العدول في الصلاة مـن علامــات الظهــور: النفس الزكيّة واليمانيّ* تسابيح جراح | بالصلاة شفاء جراحي صحة وحياة | الرّبو والحساسيّة الصّدريّة تاريخ الشيعة| شيعة طرابلس في مواجهة الصَّليبيّين

شعر: مِشْكاةُ الهِدايَة(*)

  الشاعر عبَّاس علي فتوني


 

أَقامَ المَدَى أَزْكَى الصَّلاةِ وأَنْشَدا

مَتَى ذَكَرَ الشَّادِي النَّبِيَّ "مُحَمَّدا"

لَعَمْرُكَ لا تَحْيَا الرَّوائِعُ دُونَهُ

وَلا كُلُّ مَمْدُوحٍ سِواهُ لَهُ صَدَى(1)

تَجَدَّدَتِ الذِّكْرَى لأَكْرَمِ مُرْسَلٍ

فَحَقَّ لِطِيبِ الشِّعْرِ أَنْ يَتَجَدَّدا

أُجَدِّدُ حُبِّي كُلَّ عامٍ كَعادَتي

"لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْ دَهْرِهِ ما تَعَوَّدا"

هَلُمَّ نَصُوغُ الدُّرَّ مِنْ نَفَحاتِهِ

وَنَنْظِمُ أَبْياتاً تُضارِعُ عَسْجَدا(2)

هَلُمَّ نُغَذِّي الطِّرْسَ نُورًا فَإِنَّما

تَرَاءَى الرَّبِيعُ الطَّلْقُ يَحْمِلُ مَوْلِدا(3)

أَفاقَ الخُزَامَى بَعْدَ طُولِ رُقادِهِ

وَباتَ عَلَى مَرِّ الزَّمانِ مُسَهَّدا(4)

يُدَغْدِغُهُ حَبُّ الرَّذاذِ تَرَقْرُقاً

فَيَرْفُلُ نَشْوانًا، وَيَمْرَحُ مُزْبِدا

وَ"مَكَّةُ" تَرْنُو العَنْدَلِيبَ مُحَلِّقاً

يُرَفْرِفُ فِي رَوْضِ الْحُبُورِ مُغَرِّدا

تَجَمْهَرَتِ الأَحْداقُ فِي غَمْرَةِ السَّنا

تُعَانِقُ مِشْكَاةَ الْهِدايَةِ "أَحْمَدا"

تَبَدَّتْ لَدَى البَدْرِ البَهِيِّ خَوَارِقٌ

قُبالَتَها حُكْمُ الطَّغامَةِ أُرْعِدا

بَدَا رَعِشاً إِيوَانُ "كِسْرَى" كَناقَةٍ

تَمَايَدَ عِطْفَاهَا عَلَى نَغَمِ الحُدا

وَأُسْقِطَتِ الأَصْنامُ تِلْقا وُجُوهِها

وَمَا جَلْمَدٌ فِي الرَّوْعِ آزَرَ جَلْمَدا

وَغاضَتْ مِيَاهُ الفُرْسِ فِي فَلَوَاتِها

وَطَوْدٌ مِنَ النِّيرانِ رِيعَ فَأُخْمِدا

لِتَنْطَفِئِ الأَضْواءُ خَجْلَى كَلِيلَةً

فَنُورُ الهُدَى فِي الخافِقَيْنِ تَوَقَّدا

وَتَوْراةُ "مُوسَى" بِالبِشَارَةِ إنْتَشَتْ

وَإِنْجِيلُ "عيسَى" بِالوِلادَةِ أُسْعِدا

"مُحَمَّدُ" شَمْسُ الحَقِّ يَسْطَعُ نُورُها

بِطَلْعَتِهِ لَيْلُ الضَّلالِ تَبَدَّدا

"مُحَمَّدُ" خَيْرُ الأَنْبِيَاءِ سَجِيَّةً

حَبَاهُ إِلَهُ الكَوْنِ مَجْدًا وَسُؤْدُدا

تَأَبَّطَ شَأْوَ العِزِّ تَحْتَ جَنَاحِهِ

فَخَرَّتْ لِعَيْنَيْهِ المَلائِكُ سُجَّدا(5)

عَلَيْهِ أَمَارَاتُ النُّبُوَّةِ تَزْدَهِي

تَلَقَّفَهَا الْقَلْبُ الْمُتَيَّمُ مُنْشِدا

رَسُولٌ مِنَ الرَّحْمَنِ أَوْمَضَ نَجْمُهُ

بِغُرَّتِهِ طَيْفُ العَلاءِ تَجَسَّدا(6)

"قَضَى اللهُ لِلْعَلْياءِ أَنْ تَتَجَسَّدا

فَقَالَ لَها: كُونِي، فَكَانَتْ مُحَمَّدا"

وَأَقْرَأَهُ "جِبْرِيلُ" آيَةَ رَبِّهِ

فَرَتَّلَ آيَاتِ الكِتَابِ وَجَوَّدا

تُرَوِّي غَلِيلَ الرُّوحِ مِنْ بَسَماتِهِ

وَتَسْتَافُ مِنْ أَخْلاقِهِ عَبَقَ الهُدَى

أَبادَ عُرُوشَ القَاسِطِينَ حُسَامُهُ

وَشَقَّ طَرِيقاً بِالْفَلاحِ، وَعَبَّدا(7)

بِهِ بَيْرَقُ الإِسْلامِ رَفْرَفَ شَامِخًا

وَلَوْلاهُ مَا صَلَّى امْرُؤٌ وَتَشَهَّدا

لَكَمْ حاوَلَ الأَعْداءُ قَتْلَ مُحَمَّدٍ

فَكانَ عَلِيٌّ في الخُطُوبِ لَهُ الفِدا

عَلِيٌّ بِهِ رُوحُ النَّبِيِّ تَجَسَّدَتْ

فَطُوبَى لِمَنْ والَى عَلِيّاً وأَحْمَدا

أَيا سَيِّدَ الأَكْوانِ يا قِبْلَةَ الحِجَى

غَدَوْتَ عَلَى أُولِي السِّيادَةِ سَيِّدا

"مُحمَّدُ" أَنْتَ الطُّهْرُ وَالْحُبُّ وَالنَّقا

وَأَشْرَفُ خَلْقِ اللهِ خُلْقاً وَمَحْتِدا

أَتَيْتَ رَسُولَ اللهِ لِلْخَلْقِ رَحْمَةً

وَ"داعِشُ" تَفْري رَحْمَةَ اللهِ بِالمُدَى

شَريعَتُكَ السَّمْحاءُ شَوَّهَها الَّذي

أَبَى الدِّينَ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ مُعَقَّدا!

فَما بَعْدَ "تَكْفيرٍ" وَجَوْرِ "دَواعِشٍ"

سِوَى سِبْطِكَ "المَهْدِيِّ" يَظْهَرُ مُنْجِدا

أَيَا أُمَّةَ الإِسْلامِ حَسْبُكِ مَنْعَةً

فَوَحْدَتُكِ الغَرَّاءُ حَطَّمَتِ العِدَى

لَئِنْ مَزَّقُوا القُرْآنَ حِقْدًا فَإِنَّهُ

سَيَبْقَى بِأَعْمَاقِ القُلُوبِ مُخَلَّدا

وَيَبْقَى رَسُولُ اللهِ مَشْعَلَ وَحْدَةٍ

وَلِلْعَابِدِ الوَلْهَانِ مَهْوًى وَمَوْرِدا

وَإِنْ سَارَتِ الدُّنْيا عَلَى نَهْجِ "أَحْمَدٍ"

فَإِنَّ عَدُوَّ الحَقِّ يَهْوِي مُصَفَّدا

جِهادُ الأُباةِ الثَّائِرِينَ بِعامِلٍ

أَعادَ وَشِيكًا ذَا الفَقَارِ مُجَدَّدا

وَوَقْفَةُ شَعْبِي كَالْجِبالِ مُؤَازِرًا

أَقامَ صُراخَ الطَّائِراتِ وَأَقْعَدا

مُقاوَمَتِي رُوحُ البِلادِ وَنَبْضُها

جَعَلْتُ ثَرَاها لِلنَّواظِرِ أُثْمُدا(8)

لَنا قائِدٌ، بِالنَّصْرِ تَوَّجَ عَصْرَهُ

وَكانَ مِنَ الرَّبِّ الجَلِيلِ مُسَدَّدا

"مُحَمَّدُ" يا خَيْرَ الأَنامِ تَحِيَّةً

إِلَيْكَ، يُحاكِي عَذْبَ أَحْرُفِها النَّدَى

نَسَجْتُ عَلَى نَوْلِ الوَلاءِ مَدائِحاً

لَعَلَّ تُغَشِّينِي شَفاعَتُكُمْ غَدا

عَلَيْكَ سَلامُ اللهِ ما لاحَ كَوْكَبٌ

وَما سَبَّحَ الكَوْنُ الفَسِيحُ وَوَحَّدا

 


(*) نُظِمَتْ هَذِهِ الْقَصِيدَةُ فِي ذِكْرَى وِلادَةِ خاتَمِ الأَنْبِياءِ، مُحَمَّد بْنِ عَبْدِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم، وقد فازت بالجائزة الأُولى في مسابقة ولادةِ نبيِّ الرَّحمةِ والهُدى صلى الله عليه وآله وسلم الشِّعريَّة السَّنويَّة للعام 2016م، الَّتي أَجرتها جامعة المصطفَى صلى الله عليه وآله وسلم العالميَّة في لبنان.
1.الرَّوائع: مفردها الرَّائعة، وهي عمل بارز مجلٍّ في الأدب أو الفنِّ أو الصِّناعة اليدويَّة أَو نحوها.
2.تضارع: تشابه.
3.الطِّرْس: الصَّحيفة أو الكتاب الَّذي مُحي ثم كُتب.
4.الخُزامَى: زهر متعدِّد الألوان طيِّب الرَّائِحة.
5.الشَّأْو: الغاية.
6.بغرَّته: بوجهه.
7.القاسطين: الجائرِينَ المائِلِينَ عَنِ الحَقِّ.
8.الأُثمد: حجر يُكتحل به، وهو أسود إِلى الحمرة.

 

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع