ديما جمعة فوّاز
حينما خلقك الله لم يجعلك خاضعاً لسلطة أحد..
خلق لك عينين تُبصران لتميّز ولتختار ما يناسبك.
حين خلقك الله أبدع في تصويرك وأودع فيك قلباً لتشعر وتكتشف الأحاسيس المختلفة..
أوجد فيك العقل لتقرّر مصيرك...أنت حاكم عليه ولا أحد يملك السلطة عليه..
حتّى رزقك أكّد لك أنّه بيده.. موتك وحياتك بإرادته.. وغدك ومصيرك هو الحاكم عليه..
حين خَلقك الله جعلك حراً بكلّ معنى الكلمة..
أتقن صُنعك لتكون كائناً مستقلاً عمّن حولك..
فكيف أصبحت رهينةً في أيدي الآخرين؟
لماذا حوّلت نقد الآخرين حُكماً عليك بالفشل، وعطاء الغنيّ لك مِنّة ودواء الطبيب
فضلاً، وعطف المحبّين حاجة بينما في الحقيقة الأمر كلّه لله؟
خلقك الله حرّاً لتحلّق في رحاب الحياة ولا تكون عبداً لأيّ قوّة خفيّة. تلك الشمس
التي تمنحك الدفء هو مَن أشعلها. وذاك الماء الذي يرويك هو مَن أمره بالهطول.
فكيف صرت عبداً للجاه والسلطة والمال؟ كيف صنعتً أصناماً من حاجاتك وسجدت لها
بإرادتك، فتناسَيت حريّتك، وأقفلت نوافذ الأمل، لتصير معتمداً على أجهزة تنفّس
صناعيّة؟ حفرتَ قبراً وتقوقعت فيه بينما الدروب أمامك واسعة؟
لا تسمح لربّ عملك أن يظلمك بحجّة أنّ الرزق بيده، ولا لرفيقك أن يؤذيك بحجّة أنّه
يعرفك أكثر من نفسك...
أنت بذرة، تملك إرادة النموّ والقدرة على بلوغ أعلى الدرجات، فقط عبر اعتماد سبيل
واحد وهو أن تكون عبداً لله ..
والأهمّ من كلّ ما سبق أنّ هذا الربّ المفوّض بكلّ تفاصيل حياتك يحبّك، ويسامحك
ويستر عليك.. يقبض روحك مساءً ويعيدها إليك صباحاً، فتستيقظ مأخوذاً ببريق الحياة
وتنسى أن تشكره... ينظر إليك برحمة وينتظرك أن تدعوه..
حطّم كلّ تلك الأوثان الماديّة ولا تكن عبدَ غيرك وقد جعلك الله حرّاً!