نور روح الله | يوم القدس: يوم الإسلام* إلى قرّاء القرآن: كيف تؤثّرون في المستمعين؟* أخلاقنا | ذكر الله: أن تراه يراك*  مفاتيح الحياة | الصدقات نظامٌ إسلاميٌّ فريد(2)* آداب وسنن| من آداب العيد  فقه الولي | من أحكام العدول في الصلاة مـن علامــات الظهــور: النفس الزكيّة واليمانيّ* تسابيح جراح | بالصلاة شفاء جراحي صحة وحياة | الرّبو والحساسيّة الصّدريّة تاريخ الشيعة| شيعة طرابلس في مواجهة الصَّليبيّين

تربية: أمي! أبي! عندي مشكلة الكلام البذيء كيف أصحّح؟!

سكنة حجازي


سمعتُ إحدى الأمهات تضحك جدّ مسرورة عندما سمعت كلمة نابية فيها فحش من ابنها. كلام قد اعتاده بعض أفراد المجتمع. عندما أوضحت لها أن هذا السلوك ليس سليماً أجابت بأنه طفل لا يعي ما يقول ولا ينبغي إسكاته. وبعد مدة وجيزة ما لبثت أن أصبحت الكلمة كلمات متداولة في البيت على سبيل الفكاهة مع الصغير من قبل الأولاد الكبار. وهنا بدأت المشكلة، بنظر الأم، وحاولت عبثاً إيقاف الكبار والطفل الصغير عن مثل هذه الألفاظ التي أصبحت إجابات للآخرين أيضاً. وجاءت طالبة الحل بعدما عجزت عنه بالتهديد حيناً والترغيب أحياناً أخرى.

* أصل المشكلة
الكلام أداة للتعبير عن الأفكار والحاجات الإنسانية بشكل عام، وهو بالنسبة للطفل أداة اكتشاف ولذة، لذا فهو في مرحلته الأولى مقلّداً أكثر منه مبدعاً أو مؤلّفاً لذا ترانا نبدي إعجاباً أمام أي حركة أو لفظة جديدة ينقلها بالابتسام حيناً وبالضحك أحياناً أخرى. ولمعالجة مشكلة الأم والأمهات الكريمات، مثيلاتها، لا بد من ملاحظة عدة أمور قبل وضع الحل المناسب.

أولاً: معرفة مرحلة الطفل العمرية الذي يتفوه بهذه الألفاظ:
أ طفولة أولى (2 7).
ب طفولة ثانية (8 11).
ج مرحلة ثالثة (12 16).

ثانياً: معرفة البيئة والمجتمع الذي يعيش فيه الطفل والأشخاص الذين يحتك بهم.
أ منزل (أهل أخوة أقارب..).
ب مجتمع (أصدقاء جيران).
ج مدرسة (زملاء أساتذة..).

ثالثاً: ملاحظة القدوة والمثل الأعلى عنده، إضافة إلى تفهم الكبار لهذا التصرف وعدم إصدار حكم الإعدام عليه.
من خلال هذه المعطيات نستطيع أن نصل إلى تحديد المشكلة وأسلوب معالجتها.
ـ سن الطفل يحدّد الأسلوب.

1 المرحلة الأولى:
الطفل في مرحلته الأولى وخصوصاً في السنة الأولى وحتى الثالثة وربما الرابعة لا يدرك ولا يفهم معاني الكلمات وأبعاد ما ينطق به فهو يسمع الكلمات ويردّدها وربما يركّب بعضها كمرحلة ثانية دون أن يقصد المعاني الخاصة بها. هنا، يُطلب إلى الأم أو المربين عدم المبالاة بما يسمعونه من الطفل عندما يتفوّه به من الكلام البذيء وعدم إظهار السرور أو حتى الزجر والردع عنه لأن ذلك سيجعله يكرر اللفظ إما تحدياً وإما عناداً ليلفت الأنظار ويشغل الآخرين به. والخطوة الثانية أن تعرف الأم أو المشرفة عليه مصدر هذه الكلمة إذا ما كان قد سمعها من المنزل. والطلب منهم عدم تكرارها أمامه وبذلك ينساها مع مرور الوقت.

2 المرحلة الثانية:
أما أطفال المرحلة الثانية وأواخر المرحلة الأولى وهم الذين يعون تصرفاتهم ومعاني ألفاظهم فمن المؤكد أن تلفظهم لهذا النوع من الكلمات سيكون نتيجة غضب أو حالة احتجاج عند مضايقة إزعاج الآخرين لهم، أخوة، أصدقاء.. بعد أن يكون قد سمعها من الآخرين، طبعاً، وهنا الطريقة الأنجح تعتمد خطوتين:

أ- أبعاده عن اللعب مع الآخرين أو العمل الذي يقوم به لمدة قصيرة، ليكون ذلك بمثابة عقاب له، ثم ليفرغ غضبه.
ب- بعد انتهاء مدة العقاب التي يجب أن لا تطول. على الأم أن تشرح له آداب اللعب مع الآخرين بالتصرف بلباقة معهم، حتى لا يقع الشجار، ثم بيان أهمية اللسان وبأنه أداة للتعبير أن الألفاظ الجميلة التي فيها ذكر اللَّه تعالى وتلاوة القرآن الكريم فلا يمكن أن نجمع ذلك مع الألفاظ النابية لأن فيها قذارة لا تجتمع مع طهارة الكلمات الأخرى ونقائها.

3 المرحلة الثالثة:
هي، كما نعلم، مرحلة المصاحبة فهي مرحلة الوعي والنضوج عند الأولاد والتي سبق أن ذكرنا حساسيتها، ودقتها لديهم فهي مرحلة تكوُّن شخصية الفتى أو الفتاة لذا لا بد من التعامل بحذر معها حتى لا تكون النتيجة عكسية وسلبية. فهم يتلفظون بكلمات نابية ليظهروا أنهم مثل الكبار لهم حديثهم وسلوكهم، وغير ذلك. هنا القدوة أولاً، فالأهل الذين يتفوّهون بمثل هذه الكلمات عليهم أن لا يتفاجأوا بسماعها من أولادهم وهذه في كل المراحل. ولا بد هنا من استغلال مسألة لمصاحبة لهم لإرشادهم كأصدقاء يفهمون مشاعرهم وميولهم ورغباتهم، ثم عليهم أن يبينوا أثر هذه الكلمات السلبي ونتائجه على سلوك الأولاد، ونضوجهم الفكري والإيماني، وأنها مخالفة لشرع اللَّه تعالى وتوجيهاته فهو القائل عز وجل، ﴿وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ... والرسول الأكرم صلى الله عليه وآله والأئمة الأطهار عليهم السلام أيضاً يقولن: "الكلمة الطيبة صدقة" وما إلى ذلك من التوصيات بهذا الشأن. البيئة مؤثرة أيضاً:

لا ننسَ أن المجتمع والبيئة التي يعيشها الطفل من أصدقاء وجيران وأقارب ومدرسة.. هم الذين يعلمونه بالدرجة الثانية بعد الأهل خصوصاً في تناقل الألفاظ والتي قد تتحول إلى سلوكيات منحرفة إذا لم يسارع الأهل إلى حلّها مباشرة. هنا لا بد من اختيار المكان والبيئة المناسبة للطفل أولاً، ثم مراقبة ذلك عن كثب دون معرفة الطفل بذلك. حتى إذا ما لاحظنا انحرافاً ما نسارع إلى معرفة السبب المؤثر ثم إخراج الطفل من هذا المكان وتبديله بآخر مناسب، على أن يكون ذلك بروية ورفق فلا يمكن أن نسلخ الطفل من بيئة اعتادها وألفها سلخاً إلا بعد تأمين البديل الذي ينسجم معه ورويداً رويداً. ولا نغفل هنا، عن مسألة مهمة وهي عدم لفت الطفل إلى السبب المرحلتين الأولى والثانية.فلا شك أن البيئة التي تتحلى بالأخلاق والإيمان والصلة مع اللَّه تعالى هي أفضل الأمكنة المناسبة والتي تجعلنا نطمئن إلى عدم انحراف الطفل عن الصراط السوي، سواء أكان ذلك مدرسة أم أصدقاء أم غير ذلك. وإذا لم نستطع ذلك فلا نهمل مراقبة ما يقوم به الأطفال دون إشعارهم بذلك حتى لا يشعروا بأن القيود مفروضة عليهم.

* الملاحظات المحرجة:
يجرنا الكلام، هنا، إلى الملاحظات المحرجة التي يبديها الأطفال أمام الآخرين من النقد والألفاظ التي تنم عن السخرية وغيرها. كأن يقول أحدهم "لماذا بطنك منفوخ كأنه سينفجر؟ أين شعر رأسك؟، انظري لقد اختفت عينه!... وأمي قالت إنك بخيل...!" وغير ذلك من الملاحظات أمام ذوي العاهات الجسدية والتي تحرج الأهل والأشخاص الذين ينتقدهم الطفل. كيف تتلافاها؟! أما الملاحظات الأخرى وانتقاد الآخرين لتصرف ما قاموا به، فيمكن حلها بإفهام الطفل بعض الآداب الاجتماعية: حرية الكلام بشرط أن لا يؤدي الآخرين، وأن هذا مؤذٍ لهم. والسماح له بالتعبير عن أفكاره من وقت لآخر بإبداء آرائه بعيداً عن الناس في المجتمع أمام والديه مثلاً. وبما أن الوالدين هما اللذان يشعران بالإرباك والحرج أمام الآخرين لأن ذلك، وفي نظر الآخرين بالتحديد، يظهر سوء تربية الأهل لأولادهم، فيمكن تلافي ذلك باتباع الخطوات الآتية.

* خطوات عملية:
ـ التحادث من وقت لآخر مع الطفل والاستماع إلى ملاحظاته وإظهار الإعجاب بها وبيان ذلك عندما يكون بعيداً عن الآخرين لعدم نقدهم على مسمعهم وتوجيه النقد إلى الإيجابي.
ـ عدم إبداء ملاحظات أو انتقاد الطفل أولاً وللآخرين ثانياً أمام المجتمع، لأنه بطبعه مقلّد، فيقلد ذلك.
ـ إذا أبدى الطفل ملاحظة محرجة للكبار يُؤخذ جانباً ويُشرح له أنه لو ذكر ذلك لوالدته على انفراد لكان أفضل. ويذكره بأنه لن يوبخه أمام الناس لأنه لا يريد أن يزعجه ويؤذيه أمامهم، فعليه أن لا يفعل ذلك للآخرين.
ـ التذكير ببعض الملاحظات التي كان قد أبداها أحدهم للطفل وما سببه ذلك من إزعاج وإحراج له مثلاً: أتذكرين ماذا قال مازن عن قصة شعرك بأنك مثل الصبي كيف حزنتِ وبكيتِ".

بعد ذلك سيبدأ الطفل بمراقبة ملاحظاته وألفاظه وتعديلها ولكن لا تنتظري ذلك بالسرعة القصوى، وحالما يقوم طفلك بتعليق إيجابي أثني عليه وعبِّري له عن سرورك وإعجابك به حتى يزيد في ذلك ويصل إلى ما ترغبين.
 

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع