أذكار | أذكار لطلب الرزق مع الإمام الخامنئي | سيّدة قمّ المقدّسة نور روح الله | الجهاد مذهب التشيّع‏* كيـف تولّى المهديّ عجل الله تعالى فرجه الإمامة صغيراً؟* أخلاقنا | الصلاة: ميعاد الذاكرين* مفاتيح الحياة | التسوّل طوق المذلَّة* الإمام الصادق عليه السلام يُبطل كيد الملحدين تسابيح جراح | بجراحي واسيتُ الأكبر عليه السلام  تربية | أطفال الحرب: صدمات وعلاج اعرف عدوك | ظاهرة الانتحار في الجيش الأميركيّ

أدب ولغة: بلاغة

نسرين سلمان


* خطبة الإمام علي عليه السلام في ذم صفة الدنيا:
"ما أصف من دارٍ أولُها عناءٌ، وأخرُها فناءٌ في حلالها حسابٌ، وفي حرامها عقاب، من استغنى فيها فُتن، ومن افتقر فيها حزن، ومن سَاعَاهَا فاتته، ومن قعد عنها واتتهُ، ومن أبصر بها بصرته، ومن أبصر إليها أعمته" (نهج البلاغة، الخطبة 82).
قال الشريف: أقول: وإذا تأمل المتأمل قوله عليه السلام: "من أبصر بها بصرته"وجد تحته من المعنى العجيب والغرض البعيد ما لا تبلغ غايته ولا يدرك غوره، ولا سيما إذا قرن إليه قوله: "ومن أبصر إليها أعمته" فإنه يجد الفرق بين "أبصر بها وأبصر إليها واضحاً نيراً وعجيباً باهراً صلوات اللَّه وسلامه عليه"(1).

فالفرق بين هاتين اللفظتين يتضح جلياً من خلال التفسير التالي الذي شرحه الشيخ "محمد عبده". أبصر بها أي جعلها مرآة نيرة: تجلو لقلبه آثار الجلد في عظائم الأعمال وتمثل له هياكل المجد الباقية مما رفعته أيدي الكاملين وتنكشف له عواقبٍ أهل الجهالة المترفين؛ فقد صارت الدنيا له بصراً وحوادثها عبراً. وأما من أبصر إليها واشتغل بها فإنه يعمى عن كل خير فيها ويلهو عن الباقيات بالزائلات وبئس ما اختار لنفسه. ففي خطبة الإمام عليه السلام نرى قيمة الحروف في اللغة العربية (بها، إليها) ومدى تأثيرها في تغير وجهة الكلام ومدى براعة الخطيب في وضع مثل هذه الحروف لتضفي على النص براعة في إنارة المعنى.

* حرف ومعنى:
الحرف قد يغير معنى كلمة كما هو الحال في كلمتي إعلام وإعلان، فانظروا ماذا حدث عندما بدلنا الميم نوناً. الإعلام يشمل الجريدة والتلفاز والفن وما إلى ذلك. ولكن الإعلان هو الإخبار عن شي‏ء عبر وسائل الإعلام. إذ نرى مدى أهمية حرفي "الميم والنون" بتغير معنى الكلمتين وكذلك الأمر في بقية الحروف.

* مواضع الكلام:
هناك الكثير من الكلمات في لغتنا العربية نستخدمها في غير موضعها أو لربما في موضع واحد جهلاً منا بمعناها الحقيقي. مثلاً كقولنا يجب كذا وينبغي كذا. إن قولك ينبغي كذا يقتضي أن يكون المبتغى حسناً سواء كان لازماً أو لا والواجب لا يكون إلا لازماً(2). وأيضاً لفظتي الغلط والخطأ: إن الغلط هو وضع الشي‏ء في غير موضعه ويجوز أن يكون صواباً في نفسه والخطأ لا يكون صواباً على وجه(3).

وكذلك الفرق بين اللحن والخطأ:
أن اللحن صرفك الكلام عن جهته ثم صار اسماً لازماً لمخالفة الإعراب، والخطأ إصابة خلاف ما يقصد وقد يكون في القول والفعل، واللحن لا يكون إلا في القول تقول لحن في كلامه ولا يقال لحن في فعله كما يقال أخطأ في فعله إلا على استعارة بعيدة، "ولنعرفنهم في لحن القول"(4) وقال ابن الأنباري: لحن القول معنى القول ومذهبه؛ واللحن أيضاً اللغة يقال هذا بلحن اليمن، واللحن بالتحريك الفطنة ومنه قوله عليه السلام: "فلعل بعضكم ألحن بحجته"(5). وكذا الضوء والنور الضوء هو ما يصدر عن الشمس لأنها مصدر للضوء، أما النور فهو الضوء المعكوس.

* أصول وفروع‏
إذا تعمقنا أكثر في مباحث اللغة نجد في كثير من الأحيان أنَّ العلاقة بين الأصل والفروع غامضة أو منقطعة، إلا أن تدقيق النظر فيها يعيد إلى الذهن ما غمض أو خفي منها، مثال ذلك مادة (ج ن ن) الدالة على الخفاء والاستتار وما يتفرع منها:
الجنة: الحديقة ذات الشجر، سميت بذلك لأنها تستر الأرض بظلالها.
الجنون: خفاء العقل واحتجاب لنوره.
الجن: كائنات مستترة محجوبة عن الأنظار.
المجن: الترس، سمي بذلك لأنه يستر صاحبه ويقيه من ضربات الخصم.
الجنين: الولد لاستتاره في الرحم.
الجنان: القلب لاستتاره في الصدر.
الجنن: القبر والكفن لأنه يواري جثة الميت ويسترها(6).

* كلمات ومعاني:
"الدعج: أن تكون العين شديدة السواد واسعة المقلة.
النجل: اتساع العين.
الكحل: سواد العيون من غير كحل.
الحَوَر: اتساع سواد العين كما هي الحال في عيون الظباء.
الوطن: استطالة الأهداب"(7).
فهذه المعاني كلها تنطوي تحت لفظة واحدة "العين" وتبيان محاسنها وهذا ما نسميه في لغتنا بالاشتقاق وهو من أكثر الوسائل نفعاً لأنه أداة طيعة مرنة تعمل على إغناء اللغة وازدهارها، وتُعين على سد حاجات الناطقين بها.


(1) نهج البلاغة، ص‏159 158.
(2) معجم الفروق اللغوية، ص‏580.
(3) المصدر نفسه، ص‏390.
(4) سورة محمد، الآيات 47-30.
(5) معجم الفروق اللغوية، ص‏462.
(6) المقتبس من الأدب العربي، ص‏14- 13.
(7) المصدر نفسه، ص‏15.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع