أذكار | أذكار لطلب الرزق مع الإمام الخامنئي | سيّدة قمّ المقدّسة نور روح الله | الجهاد مذهب التشيّع‏* كيـف تولّى المهديّ عجل الله تعالى فرجه الإمامة صغيراً؟* أخلاقنا | الصلاة: ميعاد الذاكرين* مفاتيح الحياة | التسوّل طوق المذلَّة* الإمام الصادق عليه السلام يُبطل كيد الملحدين تسابيح جراح | بجراحي واسيتُ الأكبر عليه السلام  تربية | أطفال الحرب: صدمات وعلاج اعرف عدوك | ظاهرة الانتحار في الجيش الأميركيّ

إعرف عدوّك‏: المسألة اليهودية في مرآة الثقافة الغربية


أديب كريّم


إن محاولة تلمس الطريق إلى تأثير "المسألة اليهودية" في تاريخ أوروبا القديم والحديث، هي في واقع الأمر محاولة لمعاينة الأحداث الكبرى، والتحولات المصيرية، والبناءات المعرفية التي قامت عليها دعائم الحضارة الأوروبية. فأوروبا العصور الوسطى المظلمة، ومحاكم التفتيش، وأوروبا "البروتستانتية" و"النابليونية" و"الروتشيلدية" (نسبة إلى أباطرة المال اليهود من آل روتشيلد الذين ساهموا في فرض حقائق قوية في تاريخ أوروبا) و"البلشفية" و"النازية" والفاشية، فضلاً عن أوروبا الغارقة في أزماتها الاجتماعية والأخلاقية، كل هذا لم يكن بمنأى عن تأثير الثقافة اليهودية ونشاطات جماعات الضغط السرية والعلنية وما أشبه اليوم بالأمس. وإن كان من المستحيل الخوض في غمار هذه العناوين بالتفصيل، فإننا نكتفي بتقديم لمحة سريعة عن شخصية اليهودي كما عكستها مرآة الثقافة الغربية في نتاجها الفكري والأدبي، ومن خلال شخصيات هي في مصاف الأدب والفكر العالميين. نبدأ بالشاعر والمسرحي الإنكليزي وليم شكسبير (1564 - 1616) ومسرحيته الشهيرة "تاجر البندقية".

وليم شكسبير (تاجر البندقية): في هذه المسرحية التي كُتبت حوالي العام 1597م، يسلط المؤلف الضوء على الصفات الدنيئة لليهودي وما سببت من معاناة كبيرة للأوروبيين. والشخصية التي ترمز إلى اليهودية صفة وسلوكاً تتمثل في التاجر اليهودي "شيلوك" الذي جمع ثروته من عمله بالربا، بما يعني ذلك من استغلال لأوضاع المحتاجين أو المفلسين أو أولئك الطامحين عبر حرق المراحل إلى امتلاك الثروة. والربا كما هو معروف، نشاط ينطوي على إيهامات وإيحاءات مكثفة غالباً ما توقع بالكثيرين في حبائل الوهم، وتحيلهم ضحايا مرتهنين لإرادة المرابي. والمرابون المحترفون (واليهود هم أول من احترف الربا) تحركهم عادة نزعة إنتقام، ورغبة خفية في التحكم بمصائر الآخرين، وهم أيضاً أناس طماعون وشرهون وقساة القلوب. وشيلوك الذي تنغرس في نفسيته هذه الصفات، يجسدها من خلال فرضه للإيقاع برمز الضحية الأوروبية "أنطونيو" الذي جره سوء طالعه، وأوضاعه المادية الآخذة في التردي إلى الاقتراض من شيلوك ريثما تتحسن أحواله المالية. غير أن الرياح جرت بما لم تشتهِ سفنه، الأمر الذي دفع بشيلوك إلى مقاضاته طالباً اقتطاع قطعة من جسد أنطونيو العاجز عن تسديد الدين، كشرط لا بد منه للتنازل عن حقه. وعلى رغم دهشة واستغراب هيئة المحكمة من هذا الشرط التعسفي، والدعوات التي حاولت ثنيه عن مطلبه المجحف، إلا أن شيلوك أصر على موقفه دون أي اعتبار لمشاعر الرحمة والصفح والاعتدال. ولولا أن لمعت في عقل محامي الدفاع عن أنطونيو حيلة قانونية ذكية لبقي أنطونيو ضحية عناد شيلوك، واصراره على البقاء وفياً مخلصاً لما تربى عليه من مفاهيم الاستغلال والجشع وإذلال الآخرين.

والمسرحية بفصولها وأحداثها تثير زوبعة من الرموز التي بالإمكان تفكيك بعضها في حال وضع الأمور في سياقها التاريخي واللاهوتي، فهي من ناحية ترمز إلى الصراع اللاهوتي التاريخي بين الكنيسة المسيحية بتعاليمها المشددة على المحبة والصفح، والكنيس اليهودي الملتزم بحرفية النص التوراتي والتلمودي المحمل بروح العنصرية والقسوة، وهي من ناحية أخرى، ترمز إلى رغبة اليهودي وجموحه الأعمى القديم في السيطرة على مقدرات الشعوب في أبسط حاجاتها ومن خلال أحط الوسائل (الربا - تجارة البغاء - الاعلام الاباحي...). وإذا ما جعلنا المسرحية تتجاوز إطارها الزمني لمقاربتها مع ما يحدث اليوم في أوروبا، فإننا نلمس تحكماً يهودياً شيلوكياً إذا جاز لنا القول شبه مطلق بأهم مفاصل حياة الأوروبي وبحقه في أن يعبر عن استقلاليته في رأيه ونظرته للقضايا الداخلية والخارجية. وكأننا ب"شيلوك" اليوم بعد أن أحكم قبضته على عنق "أنطونيو" الأوروبي، يطالبه بإقتطاع "قطعة" من ذاكرته التاريخية - التي يزعم شيلوك - كذباً وزوراً - أن تلك الذاكرة مدينة له بإنجازاته الحضارية العلمية في وقت لم يلق فيه من أنطونيو سوى الأذى والظلم على يد محاكم التفتيش ومحارق النازيين... وما يطلبه شيلوك الحديث هو بطبيعة الحال أمر محال، وستبقى الأمور على ما هي عليه إلى أن يظهر محامي دفاع بارع يضع خاتمة لهذا الاجحاف اليهودي، والعناد المتسم بالقسوة والفظاظة. ويُذكر أن وليم شكسبير تعرض لانتقادات لاذعة من قبل اليهود بعد نشر مسرحيته، وما يزال حتى اليوم هدفاً لمجادلات اليهود لإسقاطه من موقعه الأدبي الريادي، وكانت آخر تلك المحاولات منذ حوالي السنة عندما عارض اليهود فكرة وضع صورة للأديب الإنكليزي على إحدى فئات العملة الأوروبية الموحدة كواحد من أهم رموز الأدب العالمي الذي تفاخر به أوروبا عامة وإنكلترا خاصة.

دوستويفسكي (يوميات كاتب): من يقرأ آراء ومواقف الكاتب والروائي الروسي "فيدور دوستويفسكي" (1793 - 1863) عن "المسألة اليهودية" لا يصدق - للوهلة الأولى - أنها كتبت وصدرت منذ قرن وربع القرن. لأن ما حملته وعبرت عنه يوحي وكأنه وليد هذه اللحظة من حيث استمرار المأزق العميق في العلاقة بين اليهودي والآخر. وما قاله وكتبه هذا الكاتب العالمي المرموق يتطرق إلى مختلف أوجه الأزمة الأخلاقية والإنسانية والاجتماعية المتولدة عن حال إصرار اليهود على التمسك بخيوط الخرافة. ولا يخف دوستويفسكي حَيْرته وعجزه عن تفسير ظاهرة مراوحة اليهود في عزلتهم الاختيارية، وعدم استعدادهم إلى تطهير أنفسهم من مشاعر الكراهية والحقد على رغم مضي أكثر من أربعين قرناً من تجربتهم مع الآخر، وعلى رغم تعرضهم لسلسلة من النكبات والفظائع التي تسبب بها سوء تصرفهم ودناءة مقصدهم، وفيما يلي بعض آراء الكاتب ومواقفه التي تضمنتها وثيقة تاريخية أدبية قيّمة عثر عليها في المكتبة المركزية الروسية وهي تحمل عنوان "المسألة اليهودية" وتمثل الفصل الثاني من مجموعة "يوميات كاتب" التي كتبها في العام 1877م. ويبدأ فيها الكاتب بالرد على منتقديه ممن يوصفون بالمثقفين اليهود الذين يزعمون من خلال ردودهم أنهم يدافعون عن الوجود اليهودي في روسيا دفاعاً موضوعياً ومن منطلق علماني بحت (انظر اليوم إلى ظاهرة "المؤرخون الجدد" من اليهود الذين يلبسون عباءة البحث الأكاديمي والجرأة على إعادة النظر فيما يعتبره اليهود حقائق تاريخية ثابتة).

فيقول في هذا الصدد: "يحاولون دائماً إعطاءنا تصوراً بأنهم مع تعلمهم قد أصبحوا منذ زمن بعيد لا يشاركون أمتهم أباطيلها، ولا يؤدون الطقوس الدينية مثل الآخرين من اليهود البسطاء، ويرون ذلك أدنى من مستوى ثقافتهم فضلاً عن زعمهم بأنهم لا يؤمنون بالرب... ففي الواقع إنه من الصعب إيجاد من هو أكثر تدقيقاً وتهيجاً وغضباً من اليهودي المثقف كيهودي،... إنني ما زلت أكرر أنه من المستحيل حتى تصور يهودي من دون إله، فضلاً عن أنني لا أثق حتى في المثقفين اليهود الملحدين، إنهم جميعاً ليسوا إلا جوهراً واحداً، ولا يعلم إلا اللّه ماذا ينتظر العالم من اليهود المثقفين!" وعن أكذوبة تظلم اليهود من تاريخهم الموسوم بالذل والعذاب منذ أربعين قرناً واستغلال هذا الاحساس الزائف لاستدرار عطف الآخرين، وللتوسع في السيطرة والتأثير والتملك يعلق الكاتب بقوله: "لنفترض أنه من الصعب تماماً معرفة تاريخ الأربعين قرناً لهذا الشعب كيهود، إلا أنني للوهلة الأولى أعرف شيئاً واحداً، وهو أنه ربما لا يوجد في العالم ككل ذلك الشعب الآخر الذي في كل دقيقة، وفي كل خطوة، وفي كل كلمة من كلماته قد تشكَّى وتظلم من مصيره، ومن ذله وعذاباته وآلامه، حتى أنك لا تتصور أنهم هم الذين يسودون في أوروبا، وهم الذين يتحكمون في البورصات هنا، الأمر الذي جعلهم يتحكمون في سياسة الدول وشؤونها الداخلية وقيمها..." وبعد أن يستعرض الكاتب في سياق رده على رسالة أحد المثقفين اليهود مجموعة من الوقائع التي تثبت ديدن اليهود على استغلال الآخرين ومحاولة إفراغ وجودهم من أي بعد معنوي أخلاقي، كما حصل في ولايات أميركا الجنوبية عندما انقض اليهود على ملايين الزنوج بعد تحررهم للتو، وامتلكوهم بأسلوب استعبادي بشع، وأيضاً عندما عملوا على إغراق الشعب الليتواني الأصلي بالفودكا حتى تحول إلى شعب سكير سلم أمر إنقياده إلى اليهود، بعد هذا الاستعراض النماذجي يكشف دوستويفسكي عما يعتبره أمراً غريباً وطريفاً في تاريخ هذه الجماعة: "فلو تم كتابة تاريخ هذه القبيلة العالمية، يمكن العثور في الحال على مئة ألف حقيقة مثل هذه، بل وأضخم منها، وبالتالي فحقيقة أو حقيقتان على سبيل الزيادة لا تضيفان أي شي‏ء جديد، إذ أنه ومع ذلك هناك طرافة في الأمر: الطريف أنك إذا أردت معلومات عن اليهودي وأعماله خلال النقاش أو في لحظة تقليبك الذاتي للأمور، فلا تذهب إلى المكتبة من أجل القراءة، ولا تتعب نفسك في تصفح الكتب القديمة، أو مراجعة ملاحظاتك الخاصة، ولا تجهد نفسك ولا تبحث أو تتوتر ولا تتحرك من مكانك، ولا تنهض حتى من مقعدك، ولكن مد يدك فقط إلى أول صحيفة بالقرب منك، ثم ابحث في الصفحة الثانية أو الثالثة ستجد في الحال شيئاً ما عن اليهود، وفي الحال سيكون هو بالذات ما يهمك وسيكون قطعاً مميزاً، وحتماً على المنوال نفسه، أي المآثر والحركات نفسها!"!! ولنا أن نقول مكررين في هذا الاطار، أن ما طرحه دوستويفسكي منذ قرن وربع القرن هو بحد ذاته أمر طريف لناحية تطابقه بالكامل مع ما يجري حالياً مع كل متتبع وراصد يومي لكل شأن من شؤون اليهود، في كل مكان وفي مختلف القضايا الحيوية.

ومن الأمور الجوهرية التي تطرق إليها الكاتب الروسي ومن موقعه الريادي كراصد وباحث ومستشرق، أمر الجيتوات أو الأحبار اليهودية المعزولة إختيارياً وما حملت من دلالات عميقة لجهة دورها في تكريس الثقافة اليهودية المعقدة التي أسهمت في إبقاء الجسور مقطوعة هذا إن كانت قد أقيمت أصلاً في التاريخ السحيق بين اليهودي والآخر، فضلاً عن ترسيخها لسياسة اللامعقول واللامفهوم في سلوك جماعة، دأبت على تشكيل كيانات عنصرية داخل الكيان الواسع، وفي هذا الصدد يقول دوستويفسكي: "إنني حينما أتحدث عن الجيتو لا أود إطلاقاً توجيه أي اتهام، إلا أن كل ما هنالك هو فيمَ يكمن مغزى الجيتو؟ وفيمَ تتمحور فكرته؟ وما هو جوهر هذه الفكرة؟ إن التعرض لهذا الموضوع كان على الدوام صعباً، ويستحيل ذلك في مقالة قصيرة على وجه الخصوص... ولكن دون التغلغل في جوهر الموضوع وعمقه، يمكن وصف ولو بعض ملامح هذا الجيتو أو على الأقل ما يظهر من هذه الملامح، الاحساس بالاغتراب والعزلة على مستوى التحجر الديني، وعدم القدرة على الاندماج، والإيمان بأنه لا يوجد في العالم سوى شخصية قومية واحدة ألا وهي الشخصية اليهودية، وحتى وإن كان الآخرون موجودين، فالأمر سيان، يجب النظر إليهم وكأنهم غير موجودين"(1).ونكتفي بهذا القدر من آراء ومواقف "فيدور دوستويفسكي" وتجربته الغنية مع اليهود في كافة أوجه واقعهم، وللتوسع يرجى العودة إلى مجلة "الثقافة العالمية" العدد (84) التي تضمنت الترجمة الكاملة لفصل "المسألة اليهودية" من وثيقة "يوميات كاتب".

روجيه غارودي (الأساطير المؤسسة للسياسة الإسرائيلية): المشهد نفسه يتكرر، والجلاد ذاته - روحاً وعقيدة وسلوكاً -والضحية أيضاً، مع فاصل زمني واسع وتبدل في الشخصية. والجلاد هو اليهودي المستبد والمنتهك لكل الأعراف والحريات والقيم. والضحية مفكر وأكاديمي، ذنبه أنه أراد كسر قيود الانصياع والاذعان، والتوقف عن لعب دور المتلقي السلبي، الموافق والمذعن والمحظور عليه قول كلمة "لا". كي لا يزعزع الأسس والقواعد التي بُنيت عليها أباطيل وأكاذيب المشروع اليهودي. فكما أن "وليام شكسبير" بنتاجه المسرحي الأدبي الضخم تعرض للتسفيه والتشويه والتضييق، وكما وجهت سهام الأذى من الطغمة اليهودية لأحد ألمع كتاب روسيا والعالم "فيدور دوستويفسكي"، كذلك الأمر بالنسبة للمفكر الفرنسي روجيه غارودي، عندما تجرأ على نشر كتابه الشهير "الأساطير المؤسسة للسياسة الإسرائيلية"، والذي توصل فيه من خلال دراساته العلمية الجادة والرصينة إلى أن الحديث عن ضحايا "الهولوكوست" يشوبه الكثير من المبالغة والتضخيم غير المبرر وفق مقاييس البحث العلمي والتاريخي الموضوعي، اللهم إلا من باب العمل على استغلال هذه الواقعة في الابتزاز النفعي. هذا ما أفضت إليه دراساته الحيادية، وماذا كانت النتيجة؟ عاصفة من ردود الأفعال والضغوط القاسية تخطت كل ما هو مألوف، وداست على منظومة القيم المدنية والاجتماعية التي لطالما تغنت بها فرنسا طيلة قرون عدة . في تصريح له لصحيفة خليجية نشر بتاريخ 6 - 5 - 1996 يقول المفكر روجيه غارودي تعليقاً على الهجمة الشرسة التي تعرض لها من قبل اليهود، وفي ظل صمت حكومي وإعلامي وجماهيري: "إن ما أتعرض له الآن أشبه بعمليات الشنق على الأشجار من دون محاكمة والتي كانت سائدة في أميركا في زمن رعاة البقر" وأضاف "إن المشكلة أنني لا أملك إمكانية الدفاع عن نفسي، لقد حاولت نشر ردود فعل في الصحف ووسائل الاعلام الفرنسية، ولكنها رفضت نشر حرف واحد مما أرسلته واكتفت بالهجوم الكاسح على شخصي". وفي تصريح له إلى جريدة الحياة نشر بتاريخ 13 - 5 - 1996 قال: "إن الضغوط التي أتعرض لها تجعلني أردد ما قاله الجنرال ديغول (لم أكن أعرف أن فرنسا أصبحت يهودية)!؟".

أدباء عالميون في فلسطين: نبقى في جوهر السياق ومع أهل الأدب والفكر ونظرتهم الشفافة إلى قضايا الإنسان في معاناته الإنسانية المتكررة، والتي أي النظرة تختلف أو حتى تتناقض أحياناً مع نظرة السياسي أو الاعلامي أو الاقتصادي. وكانت معاناة الشعب الفلسطيني الأعزل، من جراء الإرهاب اليهودي المنظم، محط إهتمام ثلة من أشهر الأدباء العالميين الذين زاروا فلسطين المحتلة في آذار الماضي بصفتهم الرسمية كأعضاء مؤسسين في "البرلمان العالمي للكتاب"، وبصفتهم الإنسانية كشهود على جرائم اليهود بحق الفلسطينيين. وكانت لهم مواقفهم - ككل أديب حر ورسالي - التي عبروا عنها بصراحة ومرارة فرضتها قسوة المعاناة ووطأتها. وقد ضم الوفد كلاً من الروائي الأمريكي "راسل بانكس"، ورئيس البرلمان العالمي للكتاب "وول سوينكا" الحائز على جائزة نوبل للآداب للعام 1988، ورئيس البرلمان السابق البرتغالي "خوسيه ساراماجو" الحائز أيضاً على جائزة نوبل للآداب للعام 1998، وآخرين من الصين وفرنسا وجنوب أفريقيا وإيطاليا وإسبانيا. ومن المواقف التي أطلقها الأدباء خلال معاينتهم لواقع المأساة الفلسطينية ما صدر عن الأديب "خوسيه ساراماجو" بقوله: "يجب قرع الأجراس في العالم للقول إن ما يحدث هنا جريمة يجب أن تتوقف... جريمة يجب أن نضعها إلى جانب "أوشفيتس" (إحدى معتقلات النازيين)، إذ أن رام اللّه بأسرها حوصرت والشعب الفلسطيني بأسره وضع في جيتوات" وأضاف: "ليس هناك أفران غاز هنا ولكن القتل لا يتم فقط من خلال أفران الغاز. هناك أشياء تم فعلها تحمل نفس روحية النازي في أوشفيتس، أمور لا تغتفر تحدث للشعب الفلسطيني".

وعن عملية التشويه لصورة الواقع، والتزييف الفظيع للحقائق، وقلب المعادلة بين الضحية والجلاد التي ينفذها الاعلام العالمي المتواطى‏ء مع إرهاب الجلاد اليهودي، يصرح الأديب الأسباني "خوان غوتيتسولو" بقوله: "لقد زرت ساراييفو ثلاث مرات وهي تحت الحصار وكذلك الشيشان، ورأيت كيف يتم تحييد الواقع من خلال الكلمات، كيف يُفسر حق الدفاع عن النفس بأنه إرهاب والإرهاب بأنه دفاع عن النفس. أستطيع أن أعدد دولاً تمارس الإرهاب "وإسرائيل" هي إحدى هذه الدول". وقد كان لجميع الأعضاء الزائرين مواقف مشابهة جديرة بالتوقف عندها لولا أن ضاقت بنا المساحة المخصصة، ونختم بالبيان الذي أصدره "البرلمان العالمي للكتاب" والذي أشار فيه إلى أن "حرباً قائمة في فلسطين، وهي ليست بين جيشين لدولتين عدوتين، وإنما يشنها جيش من أقوى جيوش العالم على شعب محتل، ليل نهار، ... هم يوطدون حرب الجميع ضد الجميع، مرة أخرى ينتصب سراب الدول نقية العرق ومنطق التمييز العنصري الأعوج على أرض منسوجة من الاختلافات".


(1) للتوسع يرجى العودة إلى مجلة الثقافة العالمية العدد 84.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع