نور روح الله | يوم القدس: يوم الإسلام* إلى قرّاء القرآن: كيف تؤثّرون في المستمعين؟* أخلاقنا | ذكر الله: أن تراه يراك*  مفاتيح الحياة | الصدقات نظامٌ إسلاميٌّ فريد(2)* آداب وسنن| من آداب العيد  فقه الولي | من أحكام العدول في الصلاة مـن علامــات الظهــور: النفس الزكيّة واليمانيّ* تسابيح جراح | بالصلاة شفاء جراحي صحة وحياة | الرّبو والحساسيّة الصّدريّة تاريخ الشيعة| شيعة طرابلس في مواجهة الصَّليبيّين

من المسؤول عن السعادة الزوجية: الرجل أو المرأة؟


نلا الزين‏


إنَّ الاستقرار الأسري، ونجاحَ الحياة الزوجية مسؤولية تقع على عاتق الزوجين، لذا فالعمل على تكوين حياة أسرية أساسها الحب والوفاق والاحترام ضروري منذ البداية. ففي ظل القلق الذي يحيط بحياة معظم الناس ويمزّق راحتهم وسعادتهم، ويتحول إلى ضيقٍ في داخل النفس الإنسانية، والأسباب كثيرة، ينبغي للذين يتواجدون بشكل دائم مع بعضهم البعض وتحت سقف واحد أن يدرسوا سبل الوصول إلى حالة الاستقرار والأمان والخروج عن طريق القلق والمعاناة والتعاسة. نستخلص من التجارب والنماذج التي نراها في واقعنا ومجتمعنا بعض شواهد وملاحظات:

الأب الذي يتعب في عمله تعباً شاقاً، ولا يجد أحياناً أو في كثير من الأحيان أيَّ تقدير من أسرته وأهله والمحيطين به لا سيما الزوجة والأبناء يشعر بالقلق وعدم الراحة فتارةً يظن أنَّ أسرته وزوجته غير مكتفين من جهده وعمله وتارةً أخرى يشعر أنَّ تعبه ليس بمكانه وهذه خطوة من خطوات التوتر وعدم الاستقرار الزوجي ولو قام الأب أو الزوج بما عليه وقام من حوله بتقديره لنال الجميع قسطاً من راحة البال والسعادة الأسرية. على مستوى الأم أو الزوجة التي تعمل ليل نهار من أجل بيت جميل ومستقر وحياة أسرية سعيدة، تنتظر أن يشعر الآخرون ولو قليلاً بتقدير عملها وجهدها. لكن على العكس من ذلك ترى زوجاً لا يسأل ولا يقدِّر وربما الأبناء كذلك، فهي ستبقى تعطي وتجهد في عطائها ولكنها ستفقد بعضاً من سرورها وسعادتها عندما لا تجد من يلاحظ ويثني عليها ويخفف عنها. هناك نماذج من الأزواج والزوجات وكذلك الأبناء يعيشون حالة فراغ تأخذ بهم إلى شاطى‏ء القلق ووادي التعاسة حتى لو كانوا يعيشون تحت سقفٍ واحد ويتواصلون يومياً ولكنهم لا يتواصلون بالاهتمامات والحكايات والمناقشة وتبادل الآراء وكأنَّ كلَّ واحدٍ في واد. وبالعودة إلى السؤال عن الزواج السعيد ومسؤولية الزوجين في تحقيقه أو في إفشاله، نجد الجواب كامناً في تحديد هذه النقاط: هل الطباع متقاربة أم متباعدة؟ فإذا كانت متقاربة فهذا يساعد على تحقيق نسبة أكبر من الوفاق والسعادة، وإذا لم تكن كذلك، فهذا يستلزم جهداً ومرونةً وتنازلاً من الطرفين حتى لا يلغي الواحد منهما الآخر. وحتى لا يفرض طبع على طبع فهذا يؤدي إلى انفجار أو مشاكل حاضراً أو مستقبلاً.

* القدرة على التكيف:
هل تتواجد في كل طرفٍ منهما ولو بنسبة معينة؟ وما هي حدود هذه النسبة؟ هناك الكثيرون من الناس قد يختلفون في طباعهم وعاداتهم وعقلياتهم ولكنهم قادرون على التكيف مع من حولهم بنسبة معينة حتى يصلوا إلى مرحلة التعايش ونبذِ الاختلاف الدائم إلا ما ندر، فهنا تتحقق السعادة غير الكاملة، والوفاق القائم على قدرة التكيف. التأني في تقديم اللوم والعتاب والتأنيب: هذا المبدأ، يوفر على الزوجين الكثير من المشاكل والقلق وردة الفعل غير المناسبة، فعندما يحدث أمر ما يشعر أحدُ الطرفين أنه غير لائق به أو بالطرف الآخر يباشر بالتأنيب واللوم، أو إذا لم يجد الزوج مثلاً طلبه يبادر إلى اللوم دون معرفة الأسباب، والزوجة كذلك إذا لم يحقق لها زوجها طلبها، في حين أنَّ التأني يوفر عليهما مشقة رمي الحجارة على طريق تحتاج إلى ورود وأزهار لتتعبد سعادة وراحة بال واطمئنان.

* الاهتمام بالمظهر والجوهر معاً:

المظهر الخارجي عنوان اهتمامنا بأنفسنا وبالآخر الذي نعيش معه ويهمه مظهرنا الخارجي هذا على مستوى الزوج والزوجة خصوصاً. فلا بد من أن يعتني كلٌّ منهما بشكله ولو بالحدِّ الأدنى والمستطاع لكي يريح شريكه ويفرحه ويرغبه فيه وهذا من شأنه أن يقرب الزوجين من بعضهما البعض وهناك ملاحظة أنَّ بعض الأزواج يهملون مظهرهم الخارجي لانغماسهم في جو العمل والجهد، أو الزوجات تهمل الحالة الخارجية نتيجة الانغماس في العمل المنزلي أو الخارجي أيضاً وهذا يؤثر على الشريك حتى لو لم يظهر ذلك ولم يتحدث عنه، فالأفضل أن يحافظ الزوجان على مظهرهما ولياقتهما ضمن الحدود الشرعية والمادية. وهذا لا يحتاج إلى كثير عناء أو تكلُّف. أما على صعيد الجوهر، فهذا يحتاج إلى صفاء قلب ونية سليمة وصافية وقدرة على المحبة والتغلب على مشاعر البغضاء والنقمة بين الأزواج فالعكس يدمر حياتهم ويحيلها جحيماً لا أساس للسعادة فيها، فمن أخطر الأشياء أن تحقد الزوجة على زوجها أو الزوج على زوجته أو أن يظهرا لبعضهما البعض نية سيئة، ويعمل الواحد على اصطياد عيوب الآخر. فطِيبُ القلب وصلاح النية والتسامح يوفر على الزوجين متاعب لا تحصى وتعاسة كبيرة. وكم من هموم تزول عندما يجلس الزوج مع زوجته ليحادثها ويبث إليها ما يجول في حياته وعمله وتكون هي على مستوى من الوعي والحنان لتواكبه في همومه وتخفف عنه وكذلك الزوجة عندما تجلس بعد عناءٍ وعمل سواء داخل المنزل أو خارجه لتتحدث إلى زوجها ويستمع بمحبةٍ وأناةٍ لبعض همومها، وهنا يتشاركا في حلها حتى لو لم يصلا إلى حل فهذه المحادثة تريح النفس وتخفف ثقل الوحدة أو التفرد في مشكلة وألم...

* استنفاد الوسائل:
القدرة على استنفاد الوسائل قبل الوصول إلى بث الأسرار والكوامن الأسرية والزوجية إلى الآخرين سواء كانوا من الأقارب أو الأصدقاء. فهذا من شأنه أن يريح الزوجين من التدخل الخارجي الذي قد يساهم في تفاقم المشكلة. فكما يقال بالمثل الشعبي (عندما يزيد عدد الطباخين تشيط الطبخة). قد نجد صديقاً أو قريباً أهلاً ليشاركنا بعض المشاكل ولكن هذا يحتاج إلى تأنٍ وهدوء وحسن اختيار وإذا بقيت الأمور داخل الأسرة وبين الزوجين قد تُحَلّ بشكلٍ أسرع مما لو تدخل آخرون. وهنا يبقى للصلح مكان وللسعادة أكثر من باب ونافذة لتطل على الحياة من جديد.

* المراعاة وفهم الحالة النفسية للآخر: هذا المبدأ في التعاطي بين الزوجين، يعمل على درء الخلافات الناتجة عن عدم مراعاة ظروف الزوج للزوجة والزوجة للزوج فعندما يكون الزوج غير مرتاح نفسياً أو جسدياً لا بدَّ من مراعاة ظروفه والتدخل عند الضرورة وليس بشكل جدِّي وغير لازم. وكذلك الزوجة قد تمر بظروف غير ملائمة نفسياً أو جسدياً، فعلى الزوج أن يراعيها ويتدخل عند الضرورة للتخفيف عنها أو تركها للحظات مع ظرفها الذي قد يزول بسرعة عندما لا ينضمُّ إليه ظرف آخر طارى‏ء كغضب الزوج أو عدم مراعاته. هذا يُبقي على السعادة التي عمَّرها الزوجان بأناة وجهد معاً.

* القدرة على الإقناع والاقتناع:
فتارة نحتاج إلى قدرة على إقناع الشريك بوجهة نظرنا وتارة أخرى نحتاج إلى قدرة على الاقتناع من الشريك عندما يكون معه الحق وهنا نكمل مشوار السعادة الزوجية التي من شأنها أن تطيل عمر الزواج. فالسعادة تُبنى وتعمر ولا تشترى ولا تباع.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع